من اروع ما قيل في الحب ؛ جملة الدكتور ابراهيم الفقي : (( لن تستطيع العطاء بدون الحب ، و لن تستطيع أن تحب بدون التسامح )) .
وكأنما جمعت مكارم الاخلاق والصفات الحميدة والطاقات الايجابية والشمائل النبيلة كلها في بيت ؛ وجُعِلَ مِفتاحُهُ الحب ؛ فالعطاء والكرم والجود والايثار فرع الحب ؛ كما ان الحب نتيجة التسامح ,اذ يعدّ التّسامح من المبادئ والأخلاق الإنسانية ، ويُراد به الرّفق بالمعاملة ومقابلة السّيئة بالحسنة وحسن الظن بالناس والصفح عنهم , وخلو النفس من اللؤم والبخل والحسد ... , والتسامح بذرة لا تنمو الا في ارض العلم والمعرفة والطيبة و الحلم وسعة الصدر والصبر وكظم الغيظ ؛ فالشخص المتسامح والسمح : انسان نبيل بمعنى الكلمة وعملة نادرة يجب الحفاظ عليها .
ولولا الحب ما تذوَّقَ الإنسانُ سعادة الوجودِ، ولا انتشى بخمرة الحياة ؛ و يقولون إن الحب أعمى , وذاك خطأ ... بل الحب مبصر , ولكنه يرى بعين الجمال فيرى كل شيء جميلاً ... لذاك كان الحب خلاصة الحياة .. فمتى أحب الناسُ الناسَ تقلصت عنهم كل ظلال الشناعة فرأوا كل ما فيهم جميلاً ... ومتى رأى الناس كل ما فيهم جميلاً عرفوا الحب .. ومتى عرفوا الحب عرفوا الحياة - كما قالها الاديب الكبير ميخائيل نعيمة - , ولولا الحب ما أشرقت الشمس وغمرت الأرض بنور موجدها ولا منحتها الدفء والحياة , و لولا الحب ما التف الغصن على الغصن في الغابة النائية، ولا عطفت الظبية على الطلا في الكناس البعيد، ولا حنا الجبل على الجبل في الوادي المعتزل، ولا أمد الينبوع الجدول الساعي نحو البحر ,و لولا الحب ما بكى الغمام لجدب الأرض، و لا ضحكت الأرض بزهر الربيع، ولا كانت الحياة ؛
ولولا الحب ما خلق البشر, و ما صفى وهاج البحر , و ما اختلفت ألوان الزهر و ما غرد الطير على أغصان الشجر ؛ و لولا الحب ما وجدت لذة للسهر على ضوء القمر , وما انشد العشاق ابيات الشعر , وما ابدع الفنانون في رسم اروع الصور ... .
تصور حياة الناس من دون حب ؟ ! ؛ لقلبت موازين الحياة , واشتدت على بني ادم هجمات الدهر واستسلم الناس للقدر , ودامت واتسعت مساحات آلام وآهات واوجاع البشر , و لعاش الناس في هم وبؤس و كدر ... .
فلا تستصغرن طرق الباب , او التلويح بيدك من النافذة , او الابتسامة بوجوه الاحبة , او القاء التحية على الاصحاب ... ؛ قد تكون هذه التصرفات والسلوكيات الايجابية تعني لمن يحيطون بك الكثير ؛ بل لعلك بالنسبة لهم العالم كله .
والحب في متناول الجميع وهو متاح لهم ؛ وحتى الاشخاص الذين تجد صعوبة في تقبلهم او الارتياح لهم ؛ لعلهم اولى الناس واحوجهم الى الحب ؛ وكما قال الكاتب موليير : من يحب الشجرة يحب الأغصان , وكل شيء يقل بالبذل وينقص بالعطاء الا الحب فأنه يشرق وينمو في قلبك ويشع نوره بمرور الايام وتوالي الاعوام , فلا تحرمن احدا من حبك ؛ كي لا تحرم نفسك من الهدوء والسكينة والسلام والطمأنينة ؛ اذ إن طريق الحياة وعرٌ وشاق والحياة قاسية ومتبعة من دون حب ؛ ولعل هذه الآية من كتاب القران تشير الى هذا المعنى : (( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا )) ؛ نعم قد افلح ونجح من زكى نفسه بالحب والتسامح ومكارم الاخلاق والطاقات الايجابية والفضائل , وقد خاب وخسر من لوث نفسه بالبغض والكراهية والعنصرية والحقد والطاقات السلبية والرذائل .