من منّا لم يحلم بحفظ كتاب الله كاملًا، ومن لمْ يفكّر يومًا بذلك؟

كلنا نتطلع لحفظه، ولدينا الاستطاعة التامة مادام عقلنا سليمًا معافى لايصاحبه أي اختلال؛ لكن الإرادة تحول بيننا وبين هذا الحلم، فكلنا نستطيع لكن منا الذي يريد ومنا الذي لايريد.

الأغلبية لم يتمكنوا إلى اللحظة الراهنة من التفريق بين التمني والإرادة في الأمور الحياتية، فلو تمنيتَ حفظ القرآن ستبقى محض أمنية، أما إذا أردت ستصبح واقعًا -بإذن المولى- وشتان مابين الأمرين.

لحفظ القرآن عليك أولًا أن تخلِص نيتك لله عز وجل، وأن تبتغي بذلك أجرًا عظيمًا، وأن ترجو أن يأتيك يوم القيامة شفيعًا، وألا تغفل عن الدعاء اسأل الله بإلحاح أن يرزقك حفظ كتابه ثم ابدأ بتحفيز نفسك واملأها بالإرادة التي ستدفعك للبدء في العمل

وإن كنت ترى ذلك غاية في الصعوبة فلا تيأس، وتأمل قوله تعالى: (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ).

بعد فترة وجيزة من البدء بالحفظ ستكون قد تجاوزت المرحلة الأصعب وهي تمرين الذاكرة وتقويتها، فهناك دراسة أُجريت في المملكة العربية السعودية ذكرتها (مجلة البيان) تُثبت أنّ حفظ القرآن يقوي الذاكرة وخاصة في سن مبكرة، مما يؤدي لسهولة الحفظ لاحقًا، فلا تدع صعوبة البداية تعرقل سيرك.

حاول الإكثار من الاستماع للقرآن وأثناء قراءته اقرأ بقلبك وعقلك وتدبّر كل كلمة

ثم واصل بإصرار، فأنا حينما عجزت عن حفظ آية واحدة من القرآن أصبح مشروع حياتي الأول والأهم حفظه كاملًا.

إن عزمت على الحفظ بشكل حقيقي حدّد وقتًا ورتّب موعدًا، بإمكانك التسجيل في دور التحفيظ وإن لم تتاح لك الفرصة فبإمكانك الحفظ بمفردك مادمتُ تمتلك الإرادة الكافية والالتزام المستمر.

اعزم على ذلك فالقرآن يرتب حياتك، القرآن يزاحم الأخطاء ويبدأ بإلغائها شيئًا فشيء.

ستلاحظ مع بداية حفظك تطورًا واضحًا في أفعالك، وفصاحة لم تعهدها من قبل على لسانك، وفطنة لم تلحظها على عقلك، ستشعر بتصالح ذاتي واجتماعي وأهم مافي الأمر أنك ستغرس بفؤادك بذرة ستزهر ثمرتها في الدارين، ففي الدنيا طمأنينة الروح وفي الآخرة الأجر محفوظ، فنحنُ نحفظ في ذاكرتنا كم هائل من الأحداث والمعلومات والمؤسف أنّ معظم مانحفظه لأهداف دنيوية زائلة.

جرّب في هذه الدقيقة اتخاذ قرار مصيري يبث أمامك النور لتُبصر الطريقة، ولتؤمِن بأنّ حفظ القرآن حلمٌ ثم حقيقة.

ولاء حسان الشيخ موسى