بعد الثورة التقنية الكبيرة التي أحدثتها صناعة الهواتف الذكية، أصبحت العديد من المنظمات والجهات الخدمية تسعى بشكل كبير لاستخدام تقنيات هذه الأجهزة في تقديم خدماتها الإلكترونية لمستفيديها. ومن هذه التقنيات "تطبيقات الهواتف الذكية" والتي يعرفها عدد من علماء تقنية المعلومات بأنها "تطبيقات برمجية متقدمة مخصصة للاستخدام على أجهزة الحوسبة اللاسلكية الصغيرة، مثل الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، بدلاً من أجهزة الكمبيوتر المكتبية أو المحمولة". ويعود تاريخ إنشائها إلى بداية إطلاق متاجر التطبيقات، ففي عام 2006م أطلقت شركة الإلكترونيات العملاقة "أبل" هاتفها المتنقل والذي يعتبر الأول في عالم الأجهزة الذكية وبعدها بعام واحد أطلقت متجرها على هذه الأجهزة والذي يعتبر أول متجر للتطبيقات ويحتوي في بداياته على حوالي 500 تطبيق ثم نمى العدد حتى وصل إلى حوالي 2.1 مليون تطبيق في العام الحالي. وتحتوي الأجهزة الذكية على ثلاث متاجر للتطبيقات كمتجر "أبل" للأجهزة الذكية التي تعمل بنظام الآي أو اس (ISO) ، ومتجر "جوجل بلاي" لنظام الأندرويد(Android)، ومتجر(windows store)لنظام ويندوز (windows). وفي الربع الأول من عام 2017م، نمت الإيرادات وعمليات الشراء داخل أشهر متجرين للتطبيقات وهم "أبل ستور" و "غوغل بلاي" إلى 10.5 مليار دولار أميركي. وفي إحصائية أخيرة نشرها موقع "بيسنس أوف أبس" أن عدد تطبيقات الأجهزة الذكية التي حملت من متاجر التطبيقات وصلت إلى 197 بليون تطبيق في عام 2017م بالمقابل 149 بليون تطبيق عام 2016م والذي يعتبر رقم مرتفع ودليل على الاستخدام الواسع لهذه الخدمة في وقتنا الحالي. وتتميز تطبيقات الأجهزة الذكية بأنها تتيح لأصحاب الأعمال المزيد من الوقت للتواجد على هاتف المستخدمين وهذا يساعد على بناء الولاء مع المستفيدين من خدمات المنشأة لأن المنتج يكون أمامهم في جميع الأوقات، والتطبيق يسمح بالاتصال بسلاسة والتفاعل مع العملاء والمستخدمين مما يجعلها أداة قيمة للخدمات المؤسساتية الحديثة، وتقلل التطبيقات من تكاليف الرسائل القصيرة (SMS) والنشرات الإخبارية الورقية حيث أنها تعمل على تبسيط الاتصال الفوري مع المستخدمين وإيصال الأخبار والمعلومات إليهم بشكل سريع. وذكر موقع صدى التقنية الإلكتروني المهتم بأخبار التقنية ومستجداتها أن هناك تسع فوائد من تطوير تطبيقات الأجهزة الذكية من ضمنها: تعزيز العلامة التجارية، وزيادة زيارات الموقع الخاص بالجهة، وتحسين التواصل مع المستفيدين، وزيادة التفاعل مع المستخدمين.

ومع تزايد الانتشار لهذه التقنية وزيادة الطلب عليها، بدأت عدة جهات ومنظمات العمل على توفير خدماتها عن طريق تطبيق يتم نشره على الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية. فالعديد من الجهات الحكومية في المملكة العربية السعودية أنشئت تطبيقاً لها على الأجهزة الذكية وذلك إيماناً منها بأهمية تقديم أفضل الخدمات للمواطن. ومن الأمثلة على هذه الجهات مركز المعلومات الوطني الذي دشن تطبيق "أبشر" كتطبيق رسمي لوزارة الداخلية ويضم العديد من الخدمات الإلكترونية التي تتيح الاستفادة من الخدمات المقدمة من مختلف قطاعات وزارة الداخلية التي تخدم الأفراد من مواطنين ومقيمين. ووزارة التجارة السعودية أيضاً التي لم تغفل عن هذه التقنية حيث قامت بإنشاء حزمة من التطبيقات على متاجر الأجهزة الذكية من ضمنها تطبيق "معروف" للمتاجر الإلكترونية والذي يسهم في تعريف أكثر من 5000 متجر إلكتروني سعودي بطريقة ذكية مما يساهم في دعم هذه المتاجر وتسويقها، وتطبيق "تخفيضات" والذي يهدف إلى تقديم جميع التخفيضات التجارية المرخصة من قبل والوزارة بشكل سهل وميسر للمستهلكين عبر الأجهزة الذكية. وتطبيق وزارة الخارجية، والذي يعنى بشؤون السعوديين بالخارج والتأشيرات والتصاديق وبعض الخدمات الأخرى. ووزارة الصحة التي دشنت تطبيقها للاستفادة من خدماتها الإلكترونية مثل المعاملات، اللقاحات، خدمة التنبيه بمواعيد تطعيمات الأطفال، وأيضاً يمكن من خلاله التعرف على معلومات الوزارة ومتابعة أخبارها وأيام الصحة العالمية والفعاليات الأخرى. وأمانة مدينة الرياض التي انضمت لباكورة مستخدمي هذه التقنية حيث دشنت تطبيق خاص لتقديم البلاغات مع إمكانية تصوير موقع البلاغ وكذلك إضافة إحداثيات موقع البلاغ وتفاصيل البلاغ.

        والمكتبات ومراكز المعلومات العالمية والعربية لم تئلوا جهداً لتوفير خدماتها لمستفيديها لتسهيل وسرعة الحصول على المعلومة المرادة، فكان لزاماً عليها بناء بيئة عمل متطورة لمستخدمي الأجهزة الذكية، فابتكرت تطبيقات يمكن تقديمها لعدد كبير من المستفيدين عبر هواتفهم وأجهزتهم الذكية. واختلفت نوعية الخدمات التي توفرها المؤسسات المعلوماتية على تطبيقات الأجهزة الذكية.

        فمكتبة الكونجرس فقد أطلقت عدد منالتطبيقات التي تشتمل على خدمات وأحداث متعددة تقدمها المكتبة لمستفيديها. فلقد أنشئت المكتبة تطبيق يختص بالأحداث التي تجري في رواقها ومنها مهرجان الكتاب الوطني التي ذكرت في الوصف الخاص به أنه عبارة عن دليل جيبيلما يحدث ومتى وأين في مكتبة الكونغرس خلال مهرجان الكتاب الوطني في العاصمة واشنطنويستخدم التطبيق للمساعدة في تخطيط زيارة المكتبة والتنقل في المهرجان. كما دشنت المكتبة في السنة الحالية تطبيقاً يتعلق بدستور الولايات المتحدة، والتطبيق هو النسخة المحمولة من "دستور الولايات المتحدة الأمريكية: تحليل وتفسير"، أطروحة قانونية تحليلية شاملة أعدها محامي دائرة أبحاث الكونغرس في مجلس الشيوخ بالولايات المتحدة الأمريكية. ويحتوي التطبيق على مناقشة كل بند على حدة من الدستور بأكمله، ومناقشة جميع قضايا المحكمة العليا ووثائق تاريخية مختارة ذات صلة بتفسير الدستور، وجدول بمحتويات الأطروحة. ومن التطبيقات الرائعة التي أنشأتها مكتبة الكونجرس تطبيق "بارد موبايل" (BARD MOBILE) وهو خدمة من المكتبة للمكفوفين والمعوقين جسدياً. يوفر التطبيق وسيلة سهلة للوصول إلى الكتب المتوفرة بالمكتبة بلغة بريل والمكتبة الصوتية الموجودة على موقع (NLS)"خدمات المكتبة الوطنية" وهي خدمة مجانية تقدمها المكتبة للأشخاص ذوي الرؤية المنخفضة أو الدائمة أو الإعاقة البدنية التي تمنعهم من قراءة الصفحة المطبوعة أو الاحتفاظ بها.تطبيق "بارد موبايل" يحتوي على ما يقرب من 80،000 من الكتب والمجلات، وعشرات الموسيقى في صيغ الصوت وبريل، مع إضافة اختيارات جديدة يومياً.

          والمكتبة البريطانية وهي المكتبة الوطنية للمملكة المتحدة لم تغفل عن هذه التقنية فطورت تطبيقاً لها ونشرته على متاجر الأجهزة الذكيةوأسمته "المكتبة البريطانية سبرينج لينك" (British Library SpringerLink). التطبيق هو عبارة عن تعاون بين قاعدة بيانات سبرينغر والمكتبة البريطانية.        سبرينجيرلينك هو قاعدة بياناتتحتوي على مقالات وفصول من المجلات والكتب التي تغطي كل مجال من مجالات العلم والتكنولوجيا والطب. ويوفر هذا التطبيق الوصول إلى قاعدة بيانات سبرينجيرلينك التي تحتوي على العديد من الكتب والمجلات الإلكترونية المتاحة للباحثين والباحثات. ويوفر هذا التطبيق الوصول إلى المصادر المنشورة على هذه القاعدةلمن لدي اشتراك في المكتبة البريطانية وتلك المصادر المتاحة عن طريق الوصول المفتوح.التطبيق متاح حالياً للتحميل والاستخدام على الأجهزة النقالة.

أما المكتبة الوطنية الأسترالية إحدى هذه الجهات التي أنشئت تطبيق خاص بالفهرس العام يحتويعلى عدة مميزات لمستخدميه من ضمنها البحث بسرعة في المجموعات العامة، وعرض تفاصيل المصادر المتوفرة، والتحقق من احتمالية توفر المصادر المختارة قبل القدوم للمكتبة. وقد ذكرت المكتبة الوطنية الأسترالية في وصف التطبيق على متجر "جوجل بلاي" أن الفهرس المحمول الخاص بها هو وسيلة سريعة وسهلة للبحث في المجموعة وإيجاد الموارد باستخدام الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية.

        ومن المكتبات العالمية الأخرى التي استغلت هذه التقنية في تقديم خدماتها للمستفيدين حيث يتيح التطبيق استعارة المصادر المكتبة عن طريق مسح الباركود، والبحث في الفهرس العام للمكتبة، وعرض الأحداث التي تحصل في المكتبة. وصدر نسخة جديدة من التطبيق تحتوي على العديد من الخدمات الأخرى التي توفرها المكتبة من ضمنها: دفع رسوم المكتبة، قراءة الكتب الإلكترونية من خلال التطبيق، وعرض الكتب المستعارة من قبل المستفيد وتاريخ إنتهاء حجزها.

        وفي وطننا العربي، قامت بعض من المؤسسات المعلوماتية استخدام تطبيقات الأجهزة الذكية لمساعدة مستفيديها للحصول على المصادر والمعلومات المتوفرة بها بسرعة وسهولة.

ومن هذه المكتبات مكتبة الملك فهد الوطنية التي دشنت تطبيقها على نظام أبل والأندرويد للأجهزة الذكية وذلك ضمن مسعاها لتمكين الجميع من الإستفادة من بعض الخدمات الإلكترونية المتوفرة على بوابتها الإلكترونية، بالإضافة إلى الإطلاع على المواد والمقتنيات التاريخية التي تحتويها المكتبة. ويتيح التطبيق في إصداره الأول إمكانية تقديم المستفيد على بعض الخدمات الإلكترونية مثل: خدمة تسجيل مادة مطبوعة، خدمة الإفادة عن موضوع بحث (ماجستير أو دكتوراه). ويسمح التطبيق المستفيدين الوصول السريع إلى الفهرس العام للمكتبة ونظام تلخيص الأعمال الفكرية السعودية، ويعرض واجهته الرئيسية بعض الصور التاريخية والمخطوطات النادرة التي تقتنيها المكتبة. ويحتوي التطبيق على أخبار المكتبة ونبذة عنها مثل: لمحة تاريخية عن المكتبة، وأهداف المكتبة، ومعلومات عامة عنها، ونظام المكتبة. ويمكن للمستفيدين من المكتبة التسجيل في البوابة الإلكترونية الذي يتيح لهم الإستفادة من بعض الخدمات المتوفرة عليها.

ويأتي الفهرس العربي الموحد وهو مشروع تعاوني غير ربحي يهدف لإيجاد بيئة تعاونية للمكتبات العربية خاصة وذلك من أجل تخفيض تكلفة فهرسة أوعية المعلومات العربية من خلال عملية الفهرسة المتقاسمة التي تتطلب توحيد ممارسات الفهرسة داخل المكتبات العربية واعتماد المعايير الدولية في الوصف الببليوجرافي الذي أنشأ تطبيقاً يتمثل في إتاحة خدمة البحث بقاعدة بيانات الفهرس العربي الموحد عبرالهواتف الذكية التي تعمل بنظام Android أو التي تعمل بنظام Apple IOS. ويُمكن هذا التطبيق من استخدام كل استراتيجيات البحث المتاحة على بوابة الفهرس العربي الموحد مثل: البحث العام، والبحث في الرسائل الجامعية، والكتب المترجمة، المخطوطات، والبحث بالدول. 

أما مكتبة الملك عبدالعزيز العامة فهي إحدى المكتبات العامة بالمملكة العربية السعودية التي طورت تطبيقاً لها على متاجر الأجهزة الذكية يحتوي على أخبار المكتبة، والتقويم الخاص بفعاليات المكتبة، والفهرس العام للبحث في المصادر المتوفرة في المكتبة، وخدمة طلب زيارة المكتبة، ونبذة عن المكتبة ومواعيد عملها.

وتطبيق "مكتبة حوار" الذي دشنه مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني بالمملكة العربية السعودية والذي يحتوي على إصدارات مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني. وذكر المركز في وصف التطبيق "أنه للبحوث العلمية والدراسات الاستطلاعية ومختلف إصدارات المركز التي أعدت من قبل نخبة من المواطنين والمواطنات ومن الباحثين والباحثات والأكاديميين المتعاونين مع المركز الذي نعدهم من أبرز طاقات المركز الإبداعية التي كانت – بعد عون الله وتوفيقه- السبب الرئيسي في خروج هذه الإصدارات". ويضم التطبيق بعض الأدلة والتقارير، ورسائل في الحوار، وبحوث وإصدارات المركز، وبعض قصص الأطفال، ودراسات استطلاعية، ومصادر الحوار الحضاري "جسور" الذي يهدف إلى تعزيز واحترام الأديان والحضارات المختلفة والقيم النبيلة بين الشعوب بوصفهم أبناء لكوكب واحد.  

وبعد البحث في متاجر التطبيقات المختلفة لوحظ أن عدد التطبيقات للمكتبات والمراكز المعلوماتية العربية قليل جداً مقارنةً بالمكتبات العالمية وذلك يعود لعدة أسباب من ضمنها: عدم وجود تدريب أو توعية للموظفين في هذه المنشآت بأهمية تطبيقات الأجهزة الذكية وكيفية التعامل معها. ولمعالجة هذه الأسباب يوصي علماء علم المكتبات والمعلومات بضرورة تقديم دورات تدريبية لموظفي المكتبات ومراكز المعلومات عن أهمية تطبيقات الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية وتخصيص مبلغ في ميزانياتها لتطوير تطبيقات وبرمجيات تساعد في تقديم خدمات المعلومات في المكتبات والمؤسسات المعلوماتية.

مجلة أخبار المكتبة، العدد 57، ربيع أول 1439هـ-ديسمبر 2017م، الناشر: مكتبة الملك فهد الوطنية