أن الأعداء الاجانب – كالإنكليز  وغيرهم -  يفرحون كثيراً بتلقي أبناء الامة العراقية  العلوم عندهم او هجرة العقول العراقية اليهم ، ولاسيما أبناء البعض – ممن يسمون انفسهم بالعوائل والزعامات والشخصيات او الاغنياء واصحاب الاموال  ... الخ - ممن هم مهيؤون لتولي المناصب المهمة إذا ما عادوا إلى بلادهم ؛ لأنها تعلم أنهم سيتأثرون –عرضاً أو قصداً- بثقافتها وحضارتها وسياساتها ...  .

بريطانيا وكر المنكوسين وجنة العملاء والمرتزقة ؛ فطالما كانت بريطانيا ملاذا امنا لكل الهاربين والفارين من بلدانهم بل الحرامية والسراق والفاسدين والسياسيين ورجال الدين ... وعندما تفتح ابوابها امام هؤلاء لا لاجل حقوق الانسان وحماية الضعفاء كما تتدعي ؛ بل لاجل الاستفادة الانية والمستقبلية من هؤلاء , فهي تستقبل الجواسيس والمنشقين والمخربين  والسياسيين والاعلاميين والمثقفين المنكوسين واقطاب الدين والمال ؛ لتحقيق اهدافها السياسية والاقتصادية والثقافية في الدول التي ينتمون اليها وفي العراق  .

وطالما استغل البريطانيون ورقة المنشقين السياسيين والمثقفين المعارضين كبطاقة ضغط ضد نظام ما او كوسيلة لإبرام الصفقات المشبوهة , وفي احيان اخرى يتم تدريب واعداد هؤلاء المهاجرين والمنشقين والمعارضين والسياسيين والمثقفين ... ؛ للاستيلاء على السلطة في الدول التي ينتمون اليها حينما تأتي اللحظة المناسبة وتحين الفرصة .

الامر نفسه ينطبق على جواسيس الداخل والقوى المنكوسة ولاسيما المؤسسة الدينية والشخصيات الاجتماعية والسياسية السابقة او التي ترتبط بجذور قديمة معهم , حيث تتم الاستفادة منهم ايضا من خلال المعلومات السرية الكثيرة والكبيرة التي جمعوها طوال سنوات عملهم الخفي في العراق ؛ اما بالنسبة لأقطاب المال وسراق المال العام فقد استقبلت بريطانيا اغلب عوائل الفئة الهجينة في العهد الملكي وكذلك الدخلاء والغرباء في العهد الجمهوري من الذين نهبوا خيرات العراق والعراقيين ؛ واستمر الامر الى يومنا هذا اذ تتكدس في بنوك بريطانيا ومؤسساتها اموال العراق المنهوبة ؛ فهؤلاء المنكوسون العملاء الاوباش قدموا خدمات جليلة للتاج البريطاني من خلال استثماراتهم الضخمة والارقام الطائلة للإيداعات المالية مما ساعد على انعاش الاقتصاد البريطاني .

والامر الذي دفع المهاجرون وطالبو اللجوء السياسي الى الاحتماء بالإنكليز والهجرة الى بريطانيا ؛ الخصوصية البريطانية لأنها دولة متعددة الاعراق وسمعتها كملاذ آمن ، و اللغة ، و مرونة قوانين طلب اللجوء وعدم وجود اتفاقيات لتبادل المطلوبين للعدالة بين بريطانيا و كثير من الدول .

وسياسة بريطانيا تقتضي الاستفادة من كافة المنشقين والمثقفين والمهاجرين عن اوطانهم ؛ فهي توفر ملاذا امنا للعراقيين اللذين يحاربون الاغلبية العراقية والامة العراقية العريقة وتعاملهم كأنهم مظلومون ؛ والانكليز مشهورون بالخبث والمكر , كما ان بريطانيا تكره العراق والامة العراقية ولاسيما الاغلبية العراقية الاصيلة , لذلك لا تندهش من ايواء بريطانيا لبعض المرتزقة  المحسوبين على الاغلبية العراقية او لأبناء الفئة الهجينة العملاء فهي تسعى دائما للكسب من تناقضات الشعوب واختلافات الامم والاقوام ؛ وان لم يكن بين القوم ما يفرقهم فأن الانكليزي الخبيث يخترع الف طريقة وطريقة لتفريقهم .

ان الأعداء لن يعدموا أن يجدوا من العراقيين  أفراداً  حمقى مغفلين أو مرتزقة  طامحين   يخدمونهم من حيث لا يشعرون، فالبعض  عنده الوطن  يساوق المال والامتيازات  فاذا حرم منها اصبح مطية للأجانب والاعداء ... ؛  ممن يصدق فيهم قول الشاعر :

إذا لم يكن للمرء في دولة امرئ *** نصيب ولاحظٌ تمـنى زوالـها

ولو كان ذلك على حساب قوميتهم و دينهم وبلدهم وتاريخهم واهلهم  ومبادئهم وقيمهم الوطنية ... ؛ كما يفعل الان بعض مرتزقة الاعلام والمنكوسون من محاولات الاتصال بالسفارات والمخابرات الاجنبية والمعادية للتنسيق معها ... ؛ وبالطبع تعمل  تلك السفارات والمخابرات على الاهتمام بهذه الزمر و( الشلل ) والعصابات والمافيات والجماعات وتلبية مطالبهم وتوفير الدعم المادي واللوجستي لهم ؛  وتشجيعهم على المضي في معارضة الدولة العراقية  وتخريب البنى التحتية تحت مسمى الإصلاح او التظاهرات وحرية الرأي . 

وهدفهم من هذا كله ليس حباً في هؤلاء الإصلاحيين والمتظاهرين او العملاء والمرتزقة   – انما بغضهم للتجربة الديمقراطية والاغلبية العراقية - إنما ضربهم بالدولة العراقية ، لتفريق أهلها ، وزرع الفتن والشقاق بين قادتها وحكامها واحزابها وجماعاتها ... الخ ؛  حتى يلجأ كلٌ منهم –خاضعاً مطيعاً- إلى العدو لحمايته من الآخر!! .

وقد تقع البلاد بعدها –لا قدر الله- في احتلال أجنبي  مباشر بغيض  او تسليط حاكم مجرم سفاح هجين او تمكين الدخلاء والغرباء من رقاب العراقيين كما فعلوها عندما سلطوا علينا شذاذ حزب البعث من الفلسطينيين والسودانيين والمصريين والسوريين والافارقة  ... الخ ؛ او كما فتحوا ابواب العراق امام جحافل داعش الهمجية  ؛  بعد أن  يستغلوا  هذه النزاعات والصراعات العراقية لصالحهم  ... .

وقبل الوصول الى هذه النتائج المفجعة ؛ تجري عدة تحضيرات لتحقيق هذا الهدف ؛ ومنها : اشاعة الاخبار والبيانات الكاذبة  وافتعال الازمات واشعال حرائق الطائفية  والصراعات الحزبية والفئوية والتي من شأنها تكدير السلم الاجتماعي وبث حالة من الفوضى ، والتحريض على التظاهر دون إذن السلطات قاصدة الإضعاف والانتقاص من هيبة الدولة وتكدير السلم والأمن العام ، والتحريض على قلب نظام الحكم  وقتل رجال الشرطة والامن  , والترويج  للأفكار السوداوية الهدامة والسلوكيات الاجرامية المنحرفة و التي ترمي إلى تغيير مبادئ الدستور الأساسية وقيم المجتمع العراقي  الحضارية ، وإدارة واستخدام الحسابات والجيوش  الالكترونية والقنوات والفضائيات  بغرض الإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع للخطر والإضرار بالأمن الوطني العراقي ، وأخيرًا الترويج لارتكاب الجرائم الارهابية وتشجيع مظاهر العنف كالحرق والقتل وسحل الجثث والتمثيل بها ... .  

لذلك يجب توخي الحذر في ارسال الشخصيات والبعثات الى الخارج والعمل على جلب الكفاءات الاجنبية الى العراق وتدريس العراقيين في وطنهم ؛ وان كان ولابد فينبغي متابعة تلك الشخصيات والبعثات من قبل المخابرات العراقية الوطنية الاصيلة , ومراقبة الاشخاص الذين يترددون على السفارات والمنظمات الدولية المشبوهة والمنكوسة  ؛ فطالما تعاون العملاء والمرتزقة والخونة مع الاجانب الغزاة ومكنوا لهم من احتلال البلاد او التحكم بها من وراء الستار  بعرض من الدنيا قليل . 

وهذه الخطوات الضرورية لسلامة الوطن والمواطن لا تقرها الحكومات الضعيفة ابدا ؛ فالأيادي المرتجفة لا تبني دولة ولا تقيم نهضة ولا تنهض بالمجتمع العراقي , والعراق العظيم يستحق حكومات قوية بحجم قوة حكومات الحضارة السومرية والبابلية والاشورية وممالك الحضر والحيرة وميسان العربية , وحكومة الامام علي وحكومات الفترة العباسية المزدهرة ... ؛ والعراقيون الاحرار  يحلمون ببناء دولة عظيمة لا تنكس راياتها ولا تسلب حقوقها ولا تصادر اراضيها ولا تكسر هامات رجالها ؛ واحرار العراق وشعبه الابي  من اكثر الشعوب  التواقة لبناء دولة متحضرة حصينة قوية,  منيعة على الاعداء ,  و يحسب لها الف حساب من قبل  الاعداء المتربصين والغزاة الحاقدين والعملاء  و انصار واتباع قوى الخط المنكوس . 

 وعليه يجب على الحكومات والمنظمات والشخصيات الوطنية  الضرب على أيدي هؤلاء  العملاء المعارضين و الطامحين  المنكوسين أو المغفلين  والحمقى من مدعي الإصلاح قبل أن يتعاظم شرهم فيوقعوا بلاد الرافدين  فيما لا تُحمد عقباه ؛ ويحل البلاء على الجميع وبلا استثناء ؛ وكما قال الشاعر : 

وجرمٌ جره سفـهاء قوم *** فحل بغير صاحبه العقاب

وقد حدثني الاخ الاستاذ محمد حسن وهو احد موظفي وزارة الخارجية العراقية وقد سافر الى لندن لأجل الدراسة والحصول على شهادة الدكتوراه ؛ وهناك تعرف بأحد الاساتذة البريطانيين وتعمقت العلاقة بينهما وعندما انهى السيد محمد حسن دراسته ؛ اراد ان يرجع الى وطنه و وظيفته ؛ فقال له الاستاذ البريطاني : الى اين ذاهب انت ؟ فقال له لوطني العراق , فرد البريطاني : وما تعمل هناك , فرد العراقي : هو بلدي كما ان بريطانيا بلدك , فرد البريطاني وهل تقارن العراق ب بريطانيا , ابقى في بريطانيا وعش هنا بسلام ؛ فأنتم من ضمن الدول التي ننظر لها على انها مجرد ارقام وليسوا بشرا مثلنا , فعندما نقرر ان يكون سكان العراق مثلا 30 مليون او موازنته السنوية 40 مليار ؛ نصل الى هدفنا بشتى الطرق , اما من خلال الحروب والثورات او السجون والاعدامات وانتهاكات حقوق الانسان او بسبب الازمات والجوع والحرمان والامراض ... المهم اننا نصل لهدفنا وغايتنا بغض النظر عن الوسائل ...!! .

وفي احدى اللقاءات ومن على منبر احدى الفضائيات نقل لنا الدكتور عبدالله النفيسي  ما يؤكد هذه النظرة الاستكبارية الغاشمة والاستعمارية الخبيثة  : ففي احدى المرات التقى الدكتور عبد الله النفيسي في لندن ب ( برلماني بريطاني ؛ لم يذكر اسمه ) ودار بينهما حوار سياسي حول احدى القضايا السياسية ... وقد طرح البرلماني البريطاني وجهة نظر الا ان الدكتور النفيسي قاطعه قائلا له : ان دولنا لا تقبل بذلك ... فنظر الي البرلماني البريطاني نظرة تعجب وسخرية قائلا : انتم  - ويقصد بذلك دول الخليج – بالنسبة لنا لستم دول وانما مجرد محطات بنزين عليها أعلام ... !! .

و محاولات الإنجليز الماكرة ومؤامراتهم الدنيئة معروفة ؛ حيث يتحايلون على العقول والعلماء واصحاب الكفاءات بالبقاء  بين ظهرانيهم  للاستفادة منهم  ؛ وقيل ان من شروط بريطانيا على الامريكان عندما قرروا غزو العراق معا ؛ ابقاء الكفاءات والعقول العراقية في لندن وعدم الاستفادة منها في العراق او السماح لهم بالرجوع والعودة ؛ وان كان هذا الامر تحصيل حاصل  بسبب الوضع الامني والمعيشي والبنى التحتية ... .  

واعلم أن طرائق مكر الأعداء –على اختلاف دولهم- متشابهة ؛ يبني اللاحق منهم على خطط السابق، وينسج على منواله، كما هو واضحٌ جداً الآن في العراق ؛ حيث استفاد الأمريكيون كثيراً من الملف الإنجليزي القديم للإيقاع من جديد بالعراق والعراقيين ؛ وليت الامر اقتصر على الامريكان بل تم تسليم الملف العراقي الى بريطانيا الخبيثة الحاقدة  كما تواترت الاخبار  الحالية  كما ذكرنا ذلك سابقا ؛ وفي هذه الحالة لابد من افشال المخطط البريطاني بشتى الطرق ,  والرضا والقبول بالأمريكان  ؛ وكما يقول المثل : (( ان بعض الشر اهون )) و ((اللي يشوف الموت يرضى بالسخونة )) ؛ ولأننا لا نعيش عالما مثاليا خاليا من المظالم والنكبات والازمات ؛ لابد لنا من مجاراة الامر الواقع واستعمال السياسة مع الامريكان لدفع شر البريطانيين و من ثم اقناع الامريكان بإعمار وتنمية العراق  , كما اقنعهم المرحوم الدكتور احمد الجلبي بالإطاحة بالنظام الصدامي الارهابي الهجين  ؛ وهذا لا يعني اننا نفضل التعامل مع الغرب ولا نولي اهمية للمعسكر الشرقي الصيني والروسي , ولا يعني اننا نبارك الاحتلال الامريكي او النفوذ الامريكي او نغض الطرف عن العملاء والسراق والخونة  من المسؤولين ؛ بقدر ما يعني مجاراة الامور الى  وقت معلوم ؛ والسياسة فن الممكن كما يقولون ؛ ونحن لا نقول كما قال المثل الشعبي العراقي : ((ايد ال ما تكدر تلويه بوسه )) ؛ نعم اليد التي لا تستطيع هزيمتها الان صافحها ؛  ثم هيء الظروف الموضوعية وعد العدة للانقضاض عليها وتحطيمها وقطعها .

وعليه ان اقتنع الامريكان وسحبوا يد بريطانيا من العراق ؛ وعملوا على تطوير التجربة الديمقراطية والعملية السياسية ودعم العراق في القضاء على  الفساد والارهاب والتدخلات الخارجية , ومساعدة العراقيين في الاعمار والتنمية والازدهار والتطور ؛ فبها ونعمت ؛ اما اذا غدر الامريكان والبريطانيون بالامة والاغلبية العراقية وحاولوا ارجاع الامور الى الوراء ودعموا الجماعات الاجرامية والارهابية كالبعثية والقومجية وجماعات الفئة الهجينة  ؛ حينها على الجماهير العراقية وابناء الاغلبية الاصيلة الغيارى اعلان التظاهرات والعصيان المدني لدفع القادة والشخصيات والساسة للذهاب والاتفاق مع الصين وروسيا  ضد المصالح الامريكية والبريطانية ؛ ومن ثم تشكيل حكومة وطنية مستقلة وذات سيادة كاملة ؛ وان تعذر الامر فيجب عندها الهجوم على كافة المصالح الغربية وضربها في العراق , فأن تعذر الامر ايضا ؛ فلا يبقى امام الاغلبية العراقية وغيارى الامة سوى احراق كافة ابار النفط وتعطيل الحياة بالكامل , وكما قال الشاعر : 

ســأحمل روحــي عـلى راحـتي .. وألقــي بهـا فـي مهـاوي الـردى

فإمــا حيــاة تســر الصــديق .. وإمــا ممــات يغيــظ العــدى

ونفس الشـــريف لهــا غايتــان ..ورود المنايـــا ونيـــل المنــى

ومـا العيش? لا عشـت إن لـم أكـن .. مخــوف الجنــاب حـرام الحـمى