وعلى هذا، فليعلم القارئ الكريم أن المتابعة التامة بجميع عناصرها من زمان ومكان وترتيب وعدد وكيفية.. إنما تجب في التعبّديات المقيّدة، وأن صيغ الدعاء غير ما نصّ عليه الكتاب والسنة ليست بدعة إذا لم يكن فيها ما يخالف الشرع، وأن العرف محكم في الإحسان والصالحات، وأن الإجتماعات الدينية ليست بدعة والمجتمعين للدعاء في أوقات مخصوصة أو أيام مخصوصة (كآخر الأسبوع..) مسلمون وأهل السنة وليسوا بمبتدعين ما دامت مضمونات ما يقولون ويفعلون لا تخالف الشرع. وكل ما يجمع عليه المسلمون من أنواع البرامج تجاه امتثال أمر الله بتعزير النبي وتوقيره صلى الله عليه وسلم أو لإعلاء كلمة الإسلام، فلا يحتاج إلى السؤال "هل فعل النبي أو الصحابة مثل هذا؟" ما لم يخالف مضمونات المجالس شرع الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم. وما زاد مسلمو بلادنا على العقيقة والنكاح من تنظيم مجالس الوليمة على هيئة شائعة عندهم فلا بأس به إلا ما خالف الشرع مما يفعلون فيه. ومن ظنّ أن كل عبادة وتقرّب تجب فيه المتابعة التامة في الكيفية فلينظر في كيفية التعلّم والتعليم والجهاد (المعركة) ومأمورات دينية أخرى كثيرة في عهد الوحي والآن، فقد تغيّرت كيفيتها (لا أقول الآلات) إلى ما هو أقرب للنتيجة وأكثر فعالية، وحاش لله أن يجعل جميع المسلمين أو أكثرهم مبتدعين.
أما تبديع المسلمين من أجل كل ذلك وسلب لقب أهل السنة منهم.. ليس حرصا على السنة، إنما هو إفتان المسلمين وإزعاجهم وسلب شرف نسبتهم إلى أهل سنة حبيبهم والتضييق على المسلمين وتفريقهم وتعييب السنة بدعوى قلّة أهلها. وبالإضافة، نفي ما ليس حراما من تحسينيات الدين هو نوع من تنفير الناس من الدخول في الدين. ولا أظن أن المتشدّدين يعلمون ما يفعلون للدين! نسأل الله السلامة.
أرغّبك (زادك الله وإياي هداية) في قراءة كتاب "دراسة وتحقيق قاعدة الأصل في العبادات المنع" للشيخ محمد بن حسين الجيزاني (جزاه الله خيرا)، حتى لا يهمّك هجوم المتعالمين الذين يبدّعون المسلمين تكفيرا وتفسيقا، ويخرجون من دائرة أهل السنة (تعصّبا أو جهلا) كل من لا يهتمّ كثيرا ببعض ما اهتمّوا هم به من جوانب هذا الدين الواسع الرحيب الرحيم. ففي هذا الكتاب بيان لبعض القواعد الأصولية المهمة منها:
الأصل في العبادات المنع
الأصل في العبادات المقيّدة الإتيان بها مقيّدة
الأصل في العبادات المطلقة التوسعة
الأصل في العادات الإباحة.
ويمكن تحميل الكتاب على إنتارنت.
هذا وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.
مبارك أكومنكيو يوسف الإلوري.
١٨ جمادى الأولى ١٤٤٤ هجريا.