منذ سنتين ، في صباح يوم من أيام أجازتي الصيفية ، كتب زميلٌ لنا عن خبر القبض علي زميل ٍ أخر ،،
بعيدا عن النقاشات البيزنطية التى لا تضر أو تفيد عن شخصه ، ثوريًا كان أم إخوانيا ، إلا أنه و أحسبه عند الله كان حسن الخلق ، بعيدا عن ما ابتلينا به من قتل و ترهيب .
تابعنا قضيته ، أضربنا من أجله ، كنّا على شفا ألا ندخل أول امتحان حضر دون حضوره ، و لكن غلبتنا شهوة الدرجات و التقدير فدخلنا امتحان الى امتحان ، سنة يتبعها سنة !
يوم جاء الخبر بالحكم عليه عشر سنوات أذكر أنني توقفت عن الفرحة منذ ذلك الحين !
يا الهي عشر سنوات لطالب كان الأول علي محافظته في الثانوية العامة ، عشر سنوات لإنسان بدأ أول خطوة من طريق حياته و ها هو ينهار أمامه !
أذكر خطابه لأهله يوما ، بأنه إن أطال الله في عمره ، و أنهى سنينه العشر ، فسوف يلتحق بإحدى جامعات التعليم المفتوح ليدرس القانون و المحاماة !
قلت لنفسي حينها ، أي قانون يدرسه و هو نفسه قد ظلم ظلما شنيعا بهذا القانون المجحف .
نهاية للمأساة هذه ، و بعد الاستئناف قد أفرج عنه بعد أن قضي عامين في سجنه !
هذا فردٌ من كُثُرٍ ، لم يكن فقط زميلنا من اعتقل ظلما ، بل جادت مدارسنا و جامعاتنا بنزلاء كثيرين لسجون جديدة تبنيها حكومتنا كل يوم !
قد يخرج جارك لشراء احتياجات منزله فلا يعود ، قد تسجن لأنك إماما بالمسجد ، قد تطرد من وطنك لأنك تعترض !
قد تقتل في اليوم مائة مرة ، قد تدفن روحك و جسدك يعاني في الأرض بلا مأوي ،،
كنت قد اتخذت قرارا صارما مع نفسي بألا أتابع أي حدث سياسي في بلدي ، و لكن لا تخلو لحظة في اليوم دون أن تتدخل السياسة فيه ، كما يقولون " اللي يخاف من العفريت يطلعله "
هكذا أنا و هكذا السياسة ، اخبار الاعتقالات ، القتل ، التعذيب ، الإنهيار العام للدولة ، الدولة الجميلة ، نسعي نحو التقدم بخطوات واسعة !
ما هذا المستنقع الذي أصبحنا نعيش فيه !