ما عاد يناسبني المينا ... ما بات الشاطئ يشجيني

قد طال بقائي في عنتٍ ... أتوخى الغائب يأتيني

وحنين الذكرى لا يشفي ... وخواء كياني يضنيني  

ومللت وقوفي أتمنى  ... وسئمت الناس تعزيني 

وسأرحل حتماً، فلْأرحل ... قد حان الوقت ويكفيني

فنويت مغادرة المينا ... ما عاد المكث يُسليني

وكأن سرابا لجتهُ ... ودّعت الموج ويرجوني

أَن أبقى ثانيةً معه ... وبعودة خلّي يغريني

والغائب لم يرجع أبدا .. ما جاءت بشرى ترويني

أو عاد ولم تره عيني .. وتوارى حتى يعييني

يا بحر مياهك تظمئني ... ولهيب رمالك يكويني

أبدا لن أبقى في لججٍ ... وسئمت وعودك تعطيني 

أملا وتعود لتقتلني ... وبطعنة غدر تدميني

وبقاءي لن يجدي نفعا ... ونشيج فؤادي يشقيني 

روحي بثوائي ما برئت .. وهروبي سوف يعنيني

فحفرت على صخر عنائي ... تاريخ رحيلي المشحونِ

وسأرجو الموج وأنهاه ... أن يمحو الصخر فيمحوني 

فصفيي قد يأتي يوما ... فيبوح الصخر بمكنوني

وأَهَلتُ على ألَمِي رملا ... يذروه الموج فينسينى

وتركت الضفة في ظهري ...ورمال الشاطئ تُبطيني

وأدُبُّ عصَايَ أناشدها ... من أسر الشاطئ تنجيني

سفن الميناء غدت خلفي ... وهدير الموج يناديني 

وأداري العبرة في كفي ... ما جفت مذ ولى دوني 

ودعت الشاطئ والمينا ... وربوعا كانت تحييني 

وديارا كانت عامرة  ... ملئت بخواء محزون

ودعت دياري لا إلفي ... وكأن قطّعتُ شراييني

وتركت فؤادي من خلفي ... ودفنت بقلبي مكنوني

وطني ما كان هو المينا ... وطني من غاب ليسلوني

وطني بغياب قد أمعن ... وبقدر ولائي يقلوني

فمَضَيت بصحراء الدنيا ... وطناً أتحرى يؤويني

 فلربّ أعود إلى إلفى ... ويعود الألف لتوطيني


18-04-2017