سأكتب هنا مما شاهدته بنفسي أو مما عرفته ممن هم حولي: 

إن الواقع المرّ ويجب أن تعلم بذلك وهو: أن المعروف في دول جنوب شرق آسيا عامة، وفي دولة إندونيسيا خاصة هي: أن المرأة هي من تعمل وتصرف على عائلتها حتى مخلفات المنزل والبيت هي من تقوم برميها في سلة المخلفات الكبيرة خارج المنزل والبيت، وكل هذه الأعمال حتى وإن كانت حامل وفي بطنها جنين، ولا أقصد التقليل من الرجل أبدًا، ولكن هذا منتشر ويدخل ضمن العادات والتقاليد فيها. وهذا واضح وبيّن وجليّ وسترى بذلك عيانًا لو سافرت إليها، ومما زاد على استمرار هذا الوضع هو: الثقافة الغربية، المطالبة دائمًا بحقوق المرأة، وأن لها الحق في العمل كمثل الرجل، فلذلك: فإن أكثر الوظائف الشاغرة فيها: هي للمرأة وبالتحديد: الفتاة وخاصة التي لم تتزوج بعد، فليس هناك مجال عمل إلا والمرأة قد دخلت وتمكنت فيه. فمثلًا: في السوق الشعبي لبيع الفواكه والخضروات والورقيات والبقوليات وغيرها سواء في المدينة أو المحافظة فإنك سترى أن المرأة هي من تبيع في المحلات، لا أقول لا يوجد فيه رجل، يوجد ولكن: نادر جدًا، والرجل الموجود هو: إما صاحب المحل أو صاحب التجارة وإما خلاف ذلك كالحمال الذي يحمل الأغراض الثقيلة أو: سائق عربة أو: عامل تنظيم السير ومواقف السيارات وهكذا، بل وصل الوضع إلى أن من في السوق ينظرون إليك باستغراب، بل قد تبادر البائعة التي تشتري من عندها البضاعة فتبادر هي بالمحادثة والسؤال: أين والدتك؟ وأين أختك؟ وأين زوجتك؟ وأين ابنتك؟ وأين ابنة عمك وعمتك؟ وأين ابنة خالك وخالتك؟ لأن هذا يعد غريبًا عندهم، وسترى أيضًا كذلك في محطات البنزين: فإن هذا المجال، المعروف فيها هو أن الرجل فقط من يعمل فيها، ولكني: رأيت العكس فهناك محطة من محطات البنزين فإن التقدير النسبي لمن يعمل فيها هو: 100% للمرأة، أما الرجل فيعمل في الدوام أو الوقت الليلي فقط وسترى أيضًا كذلك في محلات بيع المواد الغذائية الصغيرة أو ما يسمى بـ: (الميني ماركت)، فإن أغلب من يعمل في مكان الصندوق ومكان الحساب أو ما يسمى بـ: (الكاشير) هي: المرأة وبعض هذه المحلات التقدير النسبي من يعمل فيها هو: 100% للمرأة، وأما في محلات بيع المواد الغذائية الكبيرة أو ما يسمى بـ: (السوبر ماركت) فدخلت المرأة وتمكنت فيها تمكنًا عاليًا فإن أكثر من يعمل بترتيب البضائع والأغراض هي المرأة، أما مكان الصندوق ومكان الحساب أو ما يسمى ب: (الكاشير) فهي للمرأة بنسبة: 100%، وحتى المشرفات على هؤلاء الموظفات أيضًا: 100% للمرأة، ويتبادر إلى الذهن، ألا يوجد رجل؟! نعم يوجد، ولكن: فقط المشرف العام وأما الباقي إما: حراس أمن أو عمال تنظيم السير ومواقف السيارات وقليل منهم جدًا من يعمل في ترتيب البضائع والأغراض، وسترى أيضًا كذلك في محلات بيع القهوة أو المقهى أو ما يسمى بـ: (الكافيه)، فإن أكثر من يعمل فيها هي: المرأة، وسترى أيضًا كذلك في المطاعم فالتي تقدم الطلبات أو ما يسمى بـ: (النادل) هي المرأة، أما مكان الصندوق ومكان الحساب أو ما يسمى بـ: (الكاشير) فبالتأكيد هي المرأة، وهلم جرًّا في الصيدلية ومحلات بيع الذهب والمجوهرات ومحلات بيع الملابس والأقمشة ومحلات المواد البلاستيكية ومحلات بيع الأدوات المكتبية ومحلات التصوير الضوئي ومحلات بيع الجوالات وشركات الاتصالات فإنك ستجد نفس الوضع، وحتى في المجالات الشاقّة كالزراعة أو نظافة الشوارع والطرقات أو بناء البيوت والمباني والمنشآت فبعض من يعمل في هذه المجالات امرأة، بل حتى في مجال الدعوة والتبليغ والمحاضرات فإن بعض المرأة قد دخلت في هذا المجال واشتهرت وانتشرت مقاطعها في منصة اليوتيوب.

وللعلم هناك بعض المحلات يضع أصحابها إعلان عن وظائف شاغرة وشروطها كالتالي:-

  1. أن تكون فتاة.
  2. متخرجة من القسم الثانوي أو مايوازيه.
  3. لم تتزوج بعد.
  4. أعلى حد لعمرها: 22سنة.

ولما تسأل أصحاب العمل والتجارة، لماذا لا تسمح للرجل أن يعمل لديك؟!

فيرد عليك: بأن المرأة لطيفة في التعامل مع الزبائن، ورقيقة في كلامها، وتنبعث منهن الرائحة الفواحة الزكية، وترى منهن المنظر البهي والجمال الرائع.

إن الوظائف الشاغرة للرجل في جمهورية إندونيسيا ليست متوفرة بكثرة، بل قد تكاد نادرة، فأعمال الرجل في إندونيسيا إما: وظائف حكومية سواء كانت مدنية أو عسكرية وبالتأكيد كثير من يريد العمل في هذا المجال وكما هو المعروف دائمًا فإن نسبة القبول فيها ضئيلة وشروطها كثيرة، وإما وظائف أهلية أو خاصة فإن الوظائف فيها قليلة ورواتبها أقل، وربما الأعمال التي فيها شاقة كقيادة الحافلات والشاحنات أو كما ذكرت سابقًا. أما المجال الذي لم ولن تدخل إليه المرأة فيما أظن والله أعلم هو: الأذان وإمامة المصلين وخطبة الجمعة فقط.

إذن، كيف للرجل أن يعمل ولم تتاح الفرص له في العمل؟! وفي الأخير يتهمونه بأنهم أكثر الشعوب كسلًا.