ذهبت أنا وزوجتي برفقة أطفالنا إلى مكتبة جرير لشراء بعض الألعاب لهم بمناسبة العيد وكان مما أشترينا لعبة Sequence لأن زوجتي قد لعبت بها سابقاً في إحدى التجمعات العائلية و وجدتها ممتعة جداً.

Image title

في اليوم الثاني بعد شرائنا اللعبة دعونا أهلنا للعشاء عندنا بمناسبة العيد السعيد، تفاجأت أختي برؤية اللعبة لدينا فقد إشترتها هي قبل أيام قليلة سابقة ولكن ليس هذا سبب تفاجئها ما فاجأها هو سعر اللعبة فقد كان مرتفعاً أكثر من مئة ريال من السعر الذي أشترت هي به اللعبة من محل أخر!

سمعت أمي الحوار بين أختي و زوجتي وفرق السعر فأقترحت على زوجتي أن نقوم بإرجاع اللعبة إلى مكتبة جرير كوننا لم نفتحها بعد، ونشتريها من المحل الأخر وباقي المبلغ ممكن أن نشتري به لعبة أخرى.

جائتني زوجتي بعد إنتهاء المناسبة ومغادرة كل الحضور وقالت لي ماذكرته سابقاً وإقتراح أمي لها فجاوبتها على الفور مستحيل! وكانت إبنتي بجواري وتعمدت إشراكها في الحوار كي تستفيد وتعرف لماذا أصريت على إبقاء اللعبة رغم أنها أغلى بكثير من سعرها في المحل الأخر.

وسألت ابنتي، لماذا يجب علينا أن نشتري اللعبة الأصلية ولا نشتري المقلدة؟

للمعلومية قبل أيام من هذا الموقف وفي العيد أيضاً كانت تريد إبنتي وإبني أيضاً لعبة معينة من متجر أندرويد ولكنها ليست مجانية و قد أخبرتهم فتاة قريبة لهم عن طريقة لتحميل هذه اللعبة بالمجان دون دفع شيء - طريقة غير نظامية - بالطبع رفضت فعل تلك الطريقة وقمت بشرائها لهم بالطريقة الرسمية وأخبرتهم لماذا فعلت ذلك، لذلك عندما سألتها لماذا يجب علينا أن نشتري اللعبة الأصلية؟ لم يكن الأمر غريب بالنسبة لها وأجابت ولله الحمد بإجابة جميلة وصحيحة بنسبة عالية، وقد تعمدت إعادة الموقف معها مع منتج أخر غير إليكتروني لتعميق المبدأ لديها.

لنتخيل الخطوات التي مر بها المخترع الأصلي للعبة السابقة :

  1. خطرت في باله فكرة اللعبة بشكل عام
  2. أخذ مجموعة من الأوراق والأقلام لكتابة الفكرة بتفاصيلها
  3. ظهرت له بعض الإشكاليات في فكرة اللعبة فستمر لمدة أيام لمحاولة حل هذه الإشكاليات
  4. قام بإستشارة بعض المقربين له و شراء مجموعة من الألعاب المشهورة ليستقي منها الحلول
  5. بعدما أصبحت اللعبة جاهزة نظرياً لكي تلعب قام بأخذ مجموعة من الأوراق وألصقها ببعضها لتصبح كاللوح ورسم عليها شكل اللوح الذي تخيله للعبة
  6. جلب بعض أصدقاءه وزملاءه لتجربة اللعبة معهم وقياس مدى رضاهم و إستمتاعهم ومحاولة تطوير اللعبة في حالة عدم إستمتاعهم أو وجود مشكلة في طريقة اللعبة
  7. بعد أن أحس بأن اللعبة جاهزة بالشكل الذي سيسعد الناس ويرضيهم قام بتسجيل الفكرة لحفظ حقوقه القانونية
  8. بحث عن مصممين ليقوموا بتصميم شكل الأوراق واللوح والكرتون
  9. إتجه إلى مصنع أو معمل أو مطبعة لطباعة اللعبة وعمل الكرتون الخاص بها وتغليفها كنموذج أولي
  10. بعدها إنطلق إلى شركات اللألعاب لإقناعهم باللعبة لكي يشاركوه ويتولوا مسؤولية الإنتاج والتوزيع والتسويق والبيع
  11. وبعد إنتشار اللعبة وبدأ جني الأرباح بعد هذه الفترة الشاقة حصل أمر سيء ..
  12. قام أحد الشريرين بعد ما شعر بأن اللعبة عليها إقبال بأخذ نسخة من اللعبة وأتجه إلى أحد المصانع في دولة لاتهتم بالحقوق الفكرية وطلب منهم كمية كبيرة مشابهة لهذه اللعبة بجودة أقل لكي يصبح سعرها أقل و يستطيع جذب الزبائن للشراء منه ويشعر الناس بأن المحل الأصلي للبيع جشع ويبيع بمبالغ مبالغ بها
  13. ثم أخذ هذه الشحنة وأتجه بها إلى دولة لاتهتم كثيراً بموضوع الملكية الفكرية وقام ببيعها وأصبح الرابحون هم : المتجر الذي يبيع ألعاب مقلدة و هو كتاجر شرير و المصنع الذي يصنع ألعاب مقلدة ولايهتم بحقوق الملكية الفكرية
  14. لنفترض أن المبتكر صاحب اللعبة الأساسي بدأت أرباحه تقل ويرى بأن غيره يسرقه وهو لايستطيع فعل شيء فماذا سيفعل 
  15. قرر المبتكر صاحب اللعبة أن يتوقف عن تطوير اللعبة وحتى أيضاً محاولة التفكير في ألعاب جديدة كون جهده سيسرق ولايستطيع هو فعل شيء.
  16. وبهذا يكون العالم قد خسر مبتكراً وصانعاً لألعاب ممتعة ومفيدة ودعم الشريرين وساعد على تكثير عددهم كونهم يربحون بدون أي مشقة.

أخيراً، أتمنى أن تساعدني عزيزي القارئ بنشر هذه المفاهيم بأي طريقة تجدها فاعلة وتتمسك بها وتنقلها للأجيال القادمة ليصبح هذا العالم أجمل.

وأتقدم بالشكر الجزيل لمكتبة جرير ومثيلاتها على توفيرهم للألعاب الأصلية المفيدة وعدم إنجرافهم كالأخرين مع تيار التقليد والكسب المريح الذي يقتل الإبداع والمبدعين.

١٦ شوال ١٤٣٧هـ