كان الليل ازرق ، و اصوات رنين البلور المتدلي من ثريات السقف الخشبي العالي ، و رائحة القهوة تعبق في المكان ، ضوء خافت ، يصدر من شمعات معلقة على الجدران ، شمعدان من النحاس ، مزركش بزخارف متنوعة ، و تقطر من عليه قطرات الشمع الساخن ، يقطع هذا المشهد المغري صوت رزع شباك ، قاوم الكثير من لكمات رياح غاضبة ، اطاحت به في النهاية مغشى عليه ، مطروحاً على حائط يخلفة ، يتأوه ألماً ، هل هناك من يمد له يد العون ، و يسنده للوقوف مرة اخرى في وجه الريح ..
كان دخولها شرساً ، أشهرت بأسلحتها ، و اطفئت لهيب الشمعات ، اثارت قلق الموقد ، ارتعشت من شدتها ، لسعتني انا الاخر ببرودة نصل سيفها ، و راحت تجول في الغرفة ، كأنها غجرية تبحث عن ثارها ،بدء الشباك بالصراخ ، و الارتطام مرات اخرى ، انظر اليه لأجده يعاني من صراع اخر ، لم يستسلم ، كان يضرب على الحائط ، متأملاً خروجها من الغرفة ، ارادها ان تكف عن ما تسببه من دمار في هذه الغرفة ، قمت انا من مكاني ، امسكت يد الشباك ، و حاولت ارجاعه الى موقعه ، ابحث عن هذه الغجرية الهائجة ، لا وجود لها الان ، اختفت لحظة وقوف الشباك في مكانه ، اسندته بكرسي كي لا يقع مرة اخرى ، و لا يقف لوحده في مصد الريح ..
ولاعتي راحت تقبل اطراف الشموع ، تتمنى منها ان تعود لأضائة هذه الغرفة ، عاد الهدوء كما كان ، و عادت الانوار على شكلها السابق ، و الموقد راح يدغدغ اطراف الوعاء المعلق فوقة بلا قلق ، و عدت انا الى مكاني ، لارتشف من فنجاني رشفة اخيرة ، اذهب بعدها الى فراشي ، قبل ان تختفي زرقة الليل ، و تبدأ اطراف الشمس بمداعبة الحقول ..
حيدر الجبير
9-11-2022