خلال السنتين الماضيتين تقريباً، تسوّق الشركات لأجهزة عرض المحتوى على التلفاز مثل أجهزة روكو وأندرويد تي في وأمازون فاير على أنها "مستقبل التلفاز" وأنها الثورة في هذه الصناعة. رغم أنّها لم تمثّل مستقبل التلفاز ولا غير التلفاز. قبل أيام أطلقت أبل جهازها الجديد أبل تي في. لم تسلك أبل طريقاً مختلفاً تسويقياً. هي أيضاً استخدمت نفس الأسلوب للإعلان عن جهازها الجديد. لكن هل نجحت الشركة في ذلك؟

وقبل الإجابة، هل تستطيع إحدى شركات التقنية عمل ثورة تغيّر طريقة مشاهدتنا للتلفاز؟ مجال الأفلام - بكل ما يشمله من مسلسلات و برامج وغيرها - مختلف عن باقي المجالات التي اقتحمَتها - وفي أحيانٍ سيطرت عليها! - شركات التقنية. حتّى مجال الموسيقى القريب جداً من مجال الأفلام - والذي استطاعت شركات التقنية دخوله - لا يضاهيه في الصعوبة. مجالٌ تغرف منه أيادٍ كثيرة لا يمكن تغييره بسهولة. لن افصّل في ذلك فسيجرّنا الحديث إلى شرح كيف تعمل القنوات والشبكات والاستوديوهات في أمريكا ثمّ كيف قد تزيد أو تنقص عوائد الشبكات ومصنّعي المحتوى ومزودي الخدمة عند التعاون مع شركات التقنية (اسمّيه هنا تعاون. بعض الشبكات ومصنّعي المحتوى يقرؤونه "تسليم رقبة"!). لذا، لن اخوض في هذا الحديث. فقط أريد الإشارة أنّ الأمر لا يعود بالكامل لشركات التقنيّة عندما تنوي إحدى هذه الشركات عمل ثورة او حتّى "تغيير كبير" في هذا المجال. وهذا ما عانى منه ستيف جوبز في السابق حيث حاول مراراً اقناع الأستوديوهات والشبكات بالتعاون مع أبل في جهازها، لكنّها رفضت. فحتّى مع ظهور نتفلكس وارتفاع معدّل الهجرة من أجهزة الكيبل إلى نتفلكس ويوتيوب والأنترنت بشكل عام ما زالت الشبكات لها جمهورها ولم تصل لمرحلة التنازل لشركات التقنية. من هذا المنطلق، تظل الخواص والمميزات والأهم المحتوى محدودة في هذه الأجهزة (لا يعني ذلك أنّها قليلة طبعاً). وبذلك، لا تعدو جملة "مستقبل التلفاز" كونها جملة تسويقيّة فقط. روكو لن يغيّر من كيفية مشاهدتك للتلفاز. أندرويد تي في لن يزيد من نسبة جلوسك أمام التلفاز. أمازون فاير تي في لن يستطيع ربطك بخدماته بالشكل الذي تريده الشركة. أبل تي في كذلك. لن تجد جديداً في أبل تي في، لكنّك ستجد الأفضل.

كلّ هذه الشركات تقدّم تقريباً نفس الخواص والمميزات (قد تسقط ميزة هنا او هناك). مساعد صوتي، تطبيقات متشابهة لتقديم المحتوى (نتفلكس، هولو وغيرها)، إمكانيّة نقل المحتوى (Mirroring) وغيرها من الخدمات. كلّ الأجهزة تقدّم هذه الخواص، الفرق في أبل تي في أنّه يقدمها بشكل أفضل. المساعد الصوتي في أبل تي في "سيري" أذكى من أمثاله في الأجهزة الأخرى حيث يسمح لك بالبحث الدقيق المفصّل عن الأفلام (مثال: فيلم أكشن في التسعينات من بطولة آل باتشينو!).‬ كما يمكنك استخدام سيري للسؤال عن الطقس أو نتائج المباريات، كما تستطيع أيضاً الرجوع خمسة عشر ثانية من خلال قول "ماذا قال؟ - What did she say"(قوقل ناو في أندرويد تي في يقدم مميزات مشابهة لكن سيري أفضل على غير العادة). أيضاً، خاصية نقل المحتوى "آير بلاي" ممتازة ومستقرّة. تستطيع من خلالها نقل فيديو من الآيفون إلى التلفاز سواء من خلال نقل شاشة الآيفون نفسها إلى التلفاز أو نقل المقطع فقط. ومقارنةً بـ أندرويد تي في، تطبيقات أبل تي في أفضل وأكثر. حتّى جهاز التحكم - والذي يحتوي على "تراك باد" - يقدّم تجربة أفضل مقارنةً بالأجهزة الأخرى (رغم صعوبة الاستخدام في البداية). أغلب ما يقدّمه الجهاز، موجودٌ في الأجهزة المنافسة. أبل فقط قدّمتها هنا بشكل أفضل. وهذا ما يجعل النظام موعوداً وذو قيمة أكبر في المستقبل (المزيد بهذا الخصوص لاحقاً). الاستثناء هنا هو لوحة المفاتيح التي تظهر على الشاشة. قد تكون هذه هي أسوأ وسيلة كتابة في أي جهاز!. سطر واحد أو سطرين من الأحرف ويجب عليك التنقل بينهم باستخدام جهاز التحكم!. لا اعلم كيف فكّرت أبل في هذه الطريقة!. (رحم الله أجهزة قوقل تي في. كانت تأتي بلوحة مفاتيح في خلفية جهاز التحكم!).

المستخدم العربي