بدأت قصة العمة الظالمة (سعدية ) عندما توفى زوجها ( ناظم ) وقد انجبت منه طفلا واحدا ؛ اسمه ( محمد ) ... , فقد اراح الله الزوج  من زوجته سيئة الطباع  ... , وكان لها إخوة أربعة , وعاشت على معاش زوجها ( تقاعده ) وعانت من شظف العيش والعوز احيانا , وتربى محمد في احضان هذه الام المصابة بكل الامراض والعقد  النفسية , اذ دفعت به نحو الشوارع والاسواق لبيع  الاكياس ( العلاليك) منذ الصغر ... ,  نشأ محمد بين ابناء الشوارع  البؤساء وشب معهم  , وانتقل من عمل الى اخر ... ؛ وكلما مر الزمان وتقدمت بالعمر سعدية ازدادت قسوة وصلافة وحقارة ... ؛ وعندما يعود محمد الى البيت البائس  - ( نص قطعة , مساحته 70 متر ) – منهكا من التعب عند المساء كل يوم ؛ تقوم سعدية بإفراغ جيوبه من النقود ولا تسمح له بصرف دينار ... , وقررت سعدية وحسب مزاجها بتزويج ابنها ومن دون اخذ رأيه ... , وبدأت رحلة البحث عن  زوجة  او بالأحرى خادمة لها – ( اشبه بالوصيفة – العبدة – او الفصلية ) - ؛ و وقع الاختيار على الفتاة ( سعاد ) التي تسكن مدينة اخرى بعيدة , اذ تم هذا الزواج عن طريق  سؤال وتوصية المعارف والاصدقاء والاقرباء كما هو معتاد في المدن والقرى الشعبية ... , وكانت سعاد نسخة من سعدية فكلاتهما سيئتان وقحتان متنمرتان ... ؛ وتجرع محمد السم والحنظل من الام والزوجة معا ؛ اذ اتفق الاعداء عليه و بمعونة الدهر ... , ومرت الايام واحتدم الصراع بين سعاد وسعدية وعلا الصراخ , واصبحت اجواء المنزل لا تطاق بسبب الشجار المستمر – وان كانت اجواء المنزل منذ البدء تعيسة الا ان وتيرة التعاسة  بعد اقتران محمد بسعاد ارتفعت الى معدلات لا يطيقها الحمار - , ... وقد سرقت سعاد مبلغ ( 10 مليون دينار ) من عمتها سعدية وهربت الى اهلها ؛ ردا على ظلم وتجاوزات  سعدية , و وقع الطلاق بين الزوجين , ونجت سعاد من ( ضيم وقهر سعدية ) ... ؛ ولان زوجها محمد لا حول ولا قوة , ... تدرج محمد في العمل -  فهو كالثور للناعور مربوط – حتى اشترى سيارة حمل كبيرة الا ان وضعه لم يتحسن فكل ما يحصل عليه يذهب الى خزينة امه ... , وعادت سعدية مرة اخرى تبحث عن زوجة او بالأصح خادمة ذليلة تعمل في البيت , و وقع الاختيار هذه المرة على بنت اخيها صادق واسمها سعيدة  – ( وكانت : اسم على غير مسمى ) - ؛ اذ توفت امها ولم تنجب لها اخت تساعدها على جور الزمان كعادة الاخوات  (الحنينات ) ... ؛ نعم انجبت ستة اخوان الا انهم كإخوة يوسف ... ,و كانت طيبة القلب , بشوشة الوجه, حلوة اللسان – ( خوافة فقيرة تستحي من خيالها ... ) -    على خلاف طباع عمتها الحاقدة  , العبوسة, العصبية المزاج   , السليطة اللسان   ... ؛ وما ان وطئت قدماها جحر سعدية وقفص الزوجية ... ؛ حتى بدأت رحلة العذاب والالام الطويلة ... , فقد دخلت عالم العمة سعدية الرهيب  حيث المكان الضيق الوسخ ,  وقلة الطعام ورداءة ما هو موجود منه  , وطلبات واوامر سعدية التي لا تنتهي , بالإضافة الى الفقر والعوز والحرمان ؛  لان سعدية تصادر كل اموال ابنها محمد كالعادة   ... , ومرت الايام و وضعت سعيدة  طفلها الاول حسين  ثم بعده وضعت طفلة تدعي ريم  ثم بعدها انجبت ثلاثة اولاد وهم : كرار وغيث وفضل ...  وخلال هذه السنوات  الطويلة البائسة والمريرة تجرعت سعيدة من عمتها شتى صنوف العذاب والالم بل طالت دوامة العذاب ابناءها ايضا ؛ وزوجها محمد كالعادة ان حضر لا يعد وان غاب لا يفتقد , وهو مصداق للمثل الشعبي العراقي : ((   اسمك رجل يا هواي عن وحشة الليل    ))  ... فطالما  جلدت سعدية  سعيدة واطفالها بالسوط ( الصوندة ) وفي احدى المرات  جلبت سعدية حديدة وادخلتها في ( الصوندة ) واستخدمتها لتأديب وتعذيب سعيدة واطفالها , ناهيك عن جرها من شعرها وعضها كما تفعل الكلاب بالفريسة ...  .

الاولاد كبروا وكبرت همومهم وازدادت معاناتهم وتعرضوا لنفس المأساة التي تعرض لها اباهم وامهم من قبل ... ؛ فقد اشترى حسين ( تك تك ) وامتهن سياقة ( ال تك تك ) , بينما اشتغل كرار  بمهنة ( العمالة – عامل بناء ) ؛ وجرى عليهما ما جرى على ابيهما , اذ يتم تجريدهما من كل الاموال التي يحصلوا عليها في العمل ... ؛ وفي احدى المرات تأثر حسين لحال امه واخته واخوته واساءه  حالهم ؛ فقرر ان يخيط ( جيب مخفي ) في لباسه الداخلي ؛ يدخر فيه بعض المال لشراء الاحتياجات الضرورية لامه واخوته كالحليب والملابس والدواء وبعض الغذاء ... الخ ؛ وبما ان سعدية خبيرة في التجسس والبحث في اشياءهم والتلصص على خصوصياتهم ؛ عرفت بالأمر , فقررت معاقبة حسين وطردته من البيت في اجواء باردة وممطرة ولمدة يومين ... ؛ بعدها سمحت له بالعودة بعد توسل الام واخوته بشرط الا يكرر ما فعله ... , على الرغم من تضحيات والام سعيدة وهمومها وعملها الجاد في تنظيف المنزل واعداد الطعام وتربية الاطفال وغسل الملابس ... ؛  لا زالت عمتها  تكن لها العداء وتتربص بهذه المسكينة المظلومة , وفي احدى الايام امرتها عمتها بالصعود الى السطح ونشر الغسيل , وصعدت خلفها عمتها وقالت لها : ( هذا المطيرجي  يباوع عليج ) ... فردت عليها سعيدة : انا صعدت انشر الغسيل ولم انظر الى سطوح الجيران ولم اشعر بوجود هذا ( المطيرجي  ... مالي وماله ؟ ) وما شأني به ؟ .

ظنت سعيدة ان الامر عابر , وان عمتها اشتبه عليها الامر او توهمت شرا وساءت الظن بها  , ولم تعلم ان سعدية قد دبرت امرا بليل ... ؛ ومرت ايام حتى احتدم الصراع بينهما وتشاجرا وتشابكت الايادي وضربت سعدية سعيدة ب ( بوري ) على رأسها  ؛  فخرجت  سعيدة  بسرعة الى الشارع- ( الفرع او الدربونه ) - تستنجد الجيران ... ؛ وفجأة سقطت  وارتطمت بحائط بيت الجيران وفقدت الوعي وسالت الدماء من رأسها ... ؛ عندها اسرع جارها الشاب عباس مع اخته فاطمة لنجدتها ؛ اذ حملوها الى المستشفى وعادوا بها بعد ان استقرت صحتها الى بيتهم الى  ان جاء اخوتها واخذوها الى بيت زوجها  وعمتها وكأن شيئا لم يكن , بل وبخوا اختهم واتهموها بالتقصير ازاء عمتهم وعمتها ...   .

واخيرا وجدت سعدية بغيتها في  جارهم عباس والان اكتملت فصول المسرحية بالنسبة لها ... ؛ لم تمض ايام حتى اتهمت العمة الشريرة سعدية زوجة ابنها ( المكرود محمد  ) سعيدة بأن لها علاقة بجارهم عباس وانها سمعتها تتصل به من خلال جهاز ( الموبايل ) ؛ علما ان سعيدة لا تمتلك جهاز ( موبايل ) ... ؛ نعم ابنها حسين يمتلك جهاز ( موبايل ) لا يفارق ( جيبه ) ؛ وقسمت سعدية على ذلك وشقت جيبها وصرخت بأعلى صوتها ... ؛ فأنقض اخوتها عليها وذهبوا بها الى مكان مهجور واراد الاول منهم خنقها الا انه لم يستطع فرجع ؛ ثم لحقه ابوه باكيا ... ؛ ثم تقدم اشقاهم واحقرهم فقام بخنقها ورميها بالقرب من القمامة ( الزبالة ) ... ؛ وعندما تركوها في العراء ورجعوا ؛ وعلم اولادها بالأمر ؛ ذهبوا من الصباح الباكر الى المكان علهم يجدونها حية -  ( بيه نفس اي على قيد الحياة ) – الا انهم لم يعثروا لها على اثر ؛ فقيل لهم ان الشرطة وجدوا امراة مخنوقة في ( بطانية ) وشعرها مكشوف وحجابها بالقرب منها ... رجعوا يبكون امهم الشريفة المظلومة المقهورة  ويندبون حظهم العاثر ... ؛ وعندما سأل بعض اطفال الجيران اخاهم الاصغر الطفل فضل عن امه ؛ فأجابهم : ( ماما بالزبالة شمروها ) ... !! 

شر المصائب ما جنته يد ** لم يثنها عن ظلمها رحم