موسى والخضر، البشر والقدر.
من هو الخضر؟ هل هو نبي أم رجل صالح أم ولي؟
ولماذا كان أكثر رحمة وعلمًا وحكمة من موسى النبي عليه السلام؟!
ولماذا أصرَّ موسى على الوصل إليه ولقاءه؟
مع كل هذه الأسئلة التي تَلُّف قصة الخضر إلا أنها القصة الأكثر حكمة!
في هذه القصة نحن أمام عِلْم أُستدلت عليه الاستار
وهو "علم القدر"
وقد بدأت بالغموض، فلا نعلم مكان اللقاء وزمانه!
وحتى الرجل الصالح لم يُذكر اسمه
"فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا"
كان هذا اللقاء استثنائياً؛ لأنه يُجيب على أصعب سؤال يدور في النفس البشرية.
لماذا هذا الشر؟
كيف يعمل القدر؟!
الرجل الصالح لم يكن إلا تجسيداً للقدر المتكلم!
"آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا"
وأهم صفاته الرحمة والعلم، نعم الرحمة سبقت العلم!
وموسى هو النفس البشرية.
"هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا"
فيرد القدر:
"قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا، وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا"
ليخبرنا أن فهم أقدار الله فوق إمكانيات العقل البشري!
يرد موسى بطبيعة النفس البشرية "الفضولية"
"قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا"
فيكون شرط القدر
"قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّىٰ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا"
وهنا تبدأ أهم رحلة توضح لنا كيف يعمل القدر.
يَخْرِق الخضر قارب المساكين، ويجعلهم في ذُعر
فيتعجب موسى البشري
"أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا"
هنا حالنا مع عتاب القدر عند جهلنا به
ولكلٍّ منّا عتابه سرًّا كان أم جهرا!
القدر المتكلم
"قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا"
نعم أنت بشر أقل من أن تفهم القدر!
ثم يمضيا بعد تعهد موسى بالصبر.
يَقْتِلُ الخضرُ -الذي وُصِفَ بالرحمة- الغلامَ!!
فيغْضَب موسى
"قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُّكْرًا"
لكنه يكمل معه بعد تعهد آخر بالصبر.
يدخلان القرية ليردهما أهلها رداً غير جميل
ويبني الخضر جدارًا بها ليحمي كنز اليتامى
فيستنكر موسى ويجيبه القدر
"قَالَ هَٰذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ ۚ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا"
وهنا تظهر وتتجلى لنا حكمة الله ورحمته
والتي لن نفهم بعضها حتى يوم القيامة!
فهمنا للشر كبشرٍ قاصر لأننا لا نرى الصورة كاملة.
القدر أنواع ثلاثة
الأول: تراه فتحسبه شرًا فيكشفه الله لك أنه كان خيرا، ما بدا شرًّا لأصحاب المركب أتضح أنه خير لهم.
الثاني: تراه شرًّا لكنه في الحقيقة خير لكن لا يكشفه الله لك ما حييت
كقتل الغلام، أمه لم ولن تعرف لماذا قُتِل ابنها.
الثالث: الشر الذي يصرفه عنك دون أن تدري
"لطف الله الخفي"
والخير الذي يسوقه الله إليك ولم ولن تراه!
فلم يعرف اليتامى ولن يعرفوا أن الجدار كان سيسقط وأن الخضر أقامه.
الصورة أكبر من العقل البشري فلن يفهم أقدار الله!
ولهذا قال الخضر
"قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا، وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا"
ختامًا استعن بلطف الله الخفي لتصبر على مالم تحط به خبرا؛ فأقدار الله كلها خير.
منقول بتصرّف.