العراقيون يستبشرون خيرا عند تشكيل الحكومات العراقية وتبوء الوزراء والمدراء مناصبهم الجديدة واقرار الموازنة واعلان البرنامج الحكومي ... ؛ ولاسيما مع الاحداث الاخيرة والمخاضات الصعبة التي مرت بها العملية السياسية بين الفرقاء السياسيين العراقيين بل حتى بين ابناء المكون الشيعي نفسه ؛ وبعد انجلاء الخوف من وقوع الصدامات والاشتباكات المسلحة وانحدار الاوضاع نحو مستنقع الحرب الاهلية ... ؛ والركون الى طاولة المفاوضات السياسية و التي اسفرت عن تبوء العراقي الاصيل والجنوبي النبيل السيد محمد شياع السوداني منصب رئاسة الوزراء .
وها هو الشعب العراقي ينتظر بفارغ الصبر وعلى احر من الجمر ولاسيما الاغلبية العراقية المغبونة ؛ اصدار حزمة من القوانين والقرارات الحكومية التي تنصف المواطن وتحمي ثروات الوطن من النهب والسلب والسرقات والفساد ... ؛ وفي أول جلسة لمجلس الوزراء العراقي الجديد، الجمعة الماضي، أصدر السوداني عدة توجيهات، أبرزها اختيار مديري مكاتب الوزراء من كوادر الوزارة حصراً , وعدم الاستعانة بمدير مكتب من أي جهة سياسية ، فالوزارات تزخر بالموظفين من ذوي الخبرة والنزاهة، المؤهلين لتولي هذه المهام ؛ ونأمل ان يتبع هذا الاصلاح النظري اصلاح تطبيقي وعملي ؛ لان الشيطان يكمن في التفاصيل كما يقول المثل الانكليزي ... فالقوانين والقرارات من دون تطبيق صارم ؛ حبر على ورق , ومن أجل درء غضب الشعب العراقي وطمأنة الامة العراقية قام وزراء حكومة السوداني الشيعة ؛ بإجراء جولات ميدانية واتخاذ قرارات مهمة تصب في مصلحة المواطن والوطن – حسب الظاهر - ؛ ناهيك عن اصدار العديد من قرارات ملاحقة الفاسدين والقاء القبض عليهم ومصادرة اموالهم وارجاعها الى خزينة الدولة ... ؛ الا ان الامر الملفت للنظر سكوت وصمت وجمود الساسة والوزراء - من المحسوبين على الكرد والسنة- في حكومة السوداني ؛ فكأن العراق لا يعنيهم وكأنهم اسرى لدى هذه الحكومة وليسوا وزراء وشركاء في العملية السياسية ؛ اذ لم يصدر منهم شيء الى هذه اللحظة لا تصريحات اعلامية جوفاء ولا شعارات سياسية فارغة كما عودونا في كل حكومة ... ؛ فوضعهم اشبه بالذي يقف على التل ينتظر نتائج الحرب ولا يريد ان يضرب بسيف او يرمي برمح ... ؛ وهذا الامر ان دل على شيء فإنما يدل على احتمالين لا ثالث لهما : اما ان يسعوا كالعادة الى افشال هذه الحكومة باعتبار هذه الحكومة ليست حكومتهم كما قال المنكوس الهجين سعد البزاز او كما يصرح بذلك الاكراد الانفصاليين دائما ؛ او ان قواعدهم الجماهيرية سعيدة وامنة ومدنهم عامرة ولا توجد عندهم اية مشاكل ؛ وعليه فلا داعي للتحركات الميدانية او التصريحات السياسية الايجابية او اصدار القرارات التي تخص وزارتهم والتي تصب بخدمة العراق والعراقيين .