بسم الله الرحمن الرحيم

قد يخطأ البعض في أسماء بعض أمهات المعصومين ، لكن من النادر جداً أن نجد شيعي لا يعرف اسم أم الإمام المهدي ، و نجد الكثير من المؤمنين يعرفون لها أكثر من اسم (نرجس ،مليكة ،سوسن ،صقيل ..) ، و إن علّة تعدد أسمائها -صلوات الله عليها- هي الظروف الأمنية الخطرة التي كانت تعيشها.

على الرغم من هذه المعرفة ،إلا أننا نجهل تفاصيل حياة هذه السيدة الجليلة ، و سوف نستعرض في هذه المقالة بعض تفاصيل حياتها قبل ولادة الحجة ابن الحسن -عجل الله فرجه- و بعد استشهاد الامام العسكري -عليه السلام-.

السيّدة مليكة بنت يشوعا حفيدة قيصر الروم من جهة الأب و حفيدة شمعون و هو من حواري النبي عيسى من جهة الأم ، رأت السيدة نرجس في عالم الرؤيا السيدة فاطمة الزهراء و مريم بنت عمران ، و قالت لها مريم :(هذه سيدة النساء أم زوجك أبي محمد) ،فأسلمت على يد السيدة الزهراء و تركت الدين النصراني ، و كانت ترى الكثير من الرؤى لأبي محمد الإمام العسكري و أرشدها الإمام على كيفية اللقاء.

و كانت الطريقة الوحيدة هي دخولها في المعسكر الذاهب لقتال المسلمين بحجة أنها تعالج الجرحى ،و لقد تخفّت هذه الأميرة بملابس الخدم و أوقعت نفسها في الأسر حتى تلتقي بالإمام العسكري.

و بالطرف المقابل كان الإمام الهادي -عليه السلام- بإنتظار السيدة نرجس إذ أنه كتب رسالة باللغة الرومية و أرسلها مع أحد خواصه و كانت هذه علامة للسيدة نرجس فقد كانت ترفض أن تباع إلا لرجل مؤمن يصونها ،فلمّا قرأت تلك الرسالة أيقنت بأنها أدركت غايتها و أقترب تحقيق ذلك الحلم ،فقبلت أن تباع للإمام الهادي ، و لكن حتى تبقى بأمان قيل بأن اشتراها أحد الأشراف.

و عندما حان اللقاء الأول بينها و بين الإمام الهادي دار بينهما حديثاً يدل على عمق إيمانها فقد أختيرت من بين النساء و هي من الروم و من ثم أصبحت أسيرة و ثم بيعت مع الإماء ،و هذه من دروس أهل البيت -صلوات الله عليهم- حيث أنهم أشرف خلق الله و بعض زوجاتهم و هم الوعاء الحامل للمعصوم من الإماء فإن المقياس هو التقوى .

عندما حان اللقاء ،قال لها الإمام الهادي كيف أراك الله عز الإسلام و ذل النصرانية و شرف أهل بيت محمد؟ فقالت كيف أصف لك يا ابن رسول الله ما انت اعلم به مني.

و إن ذلك يدل على معرفتها بإمام زمانها فقد صرّحت بأنه أعلم منها بما رأت.

و قال لها: أريد أن أكرمك فأي شيءٍ أحب إليك عشرة ألاف دينار أم بشرى لك بشرف الأبد؟ فقالت: بل البشرى.

فقال لها أبشري بولد يملك الدنيا شرقاً و غرباً و يملؤها قسطاً و عدلا كما ملئت ظلماً و جوراً.

و إن ذلك يدل على معرفتها بالشرف العظيم فقد ضحّت بحياة الأميرة و القصور الرومانية و ألقت نفسها في الأسر فلا عجب بأن تختار هذه البشرى بمقابل عشرة ألاف دينار و هو مبلغ ضخم جداً.

و قالت فيما بعد أن رسول الله -صلى الله عليه و آله- قد خطبها لإبنه الإمام العسكري من النبي عيسى و وصيه شمعون.

و هنا نترك حقبة زمنية لا تقل عن ٥ سنوات من حياتها مع الإمام العسكري حتى لا يطول المقام و نتحدّث عن جانب من المصاعب التي تحملتها بعد استشهاد الإمام العسكري -زمن الغيبة الصغرى- ،حيث كانت الحكومة الجائرة في حالة استنفار و اضطراب ،فقد كانوا قد طوّقوا منزل الإمام بالجواسيس حتى يمنعوا ولادة الإمام الثاني عشر وقد فوجئوا باستشهاد الإمام العسكري و لم تصل لهم الأخبار عن الإمام من بعده ،فاشتدت الظروف قسوةً على الشيعة ، فكانوا يطاردون و يعتقلون و قد أمر الحاكم العباسي أن تقتحم بيوت الشيعة بحثاً عن الإمام المهدي ، و قد أرسل الى بيت الإمام جيشاً كاملاً لقتله لكن الإرادة الإلهية حالت دون ذلك ،و أرسل فيما بعد ٣ أشخاص لا يعرف أحدهم الآخر لبيت الإمام لقتله فلم يتمكنوا من ذلك ، و مع استمرار هذه الضغوط برز دور السيدة نرجس بحكمة و شجاعة و ذكاء لا نظير له لحماية إمام زمانها و حماية الشيعة ، فقد اعلنت فيما بعد أنها حامل فأعتقلت فوراً و وضعت تحت حراسة مشددة ، و كانت تلك خطة متقنة تعتبر غطاءً لحماية ولي الله الأعظم ، يا له من شرف عظيم! ،فقد ضللت السلطات لأكثر من عامين حتى تبين لهم بطلان الحمل و من ثم أفرج عنها.

هذا جانب من حياتها الشريفة و تضحياتها في سبيل إمام زمانها

لقد صدّقت الرؤيا فأصبحت

مليكة الدنيا و نرجس الزهراء.


الإسم: علي نوذري

العمر: ٢٢ سنة