(١)من أعماق البِحار تتولد زمجراته، ومن ماءه تُصاغ أمواجه. (٢) بالضبط عند الحدّ الفاصل بين الأرض والسماء تتفجّرُ آلافُ العجائب من مناظر!. (٣)عند قمة الجبل يتضاءل كل مادونه. 

(١) هكذا نحن، نُولَد مِن رحِم، قد اجتمع فيه أصلان ليُزهِر في تسع أشهر فرعٌ يُصافِحُ الدنيا بالصَرخات. أمي الشمس، وأبي الأفق، وأنا مابينهما مما لاتعلمون!. أولُ صرخةٍ من فَرع، صاحت بوجه الدنيا فلتريني أنا حيّ. الأحمرُ الذي تفجّر من وجنتيّ تحدى زرقة الصفاء التي سادت أجواء أفقي وتركت أثراً على شمسي. هدوء وسكون أبويّ اخترقه ضجيج قُدومي. لم آتي إليهم في فجرٍ سعيد لأكسر الظلمة بالنور!. ولم آتي في ليلٍ بهيم لأُناجي قمرَ الشهرِ وأستقبِلُ شمس الهجير. بل وُلِدت في تزامُنٍ معَ تمركُز الشمس وسطوتها على مرأى العين، في الظَهيرةِ وُلِدت. في عزِّ الحرارة، من بين قطرات العرق التي تتصب من جبين أبي فاضت دماءُ الحياةِ في جبيني. 

(٢) لم تكن صرخةُ الميلاد هي الصرخة الأخيرة لي، على مايبدو أنها كانت الأخفَ حِدةً وشِدة!. جهرتُ بصوتٍ حمل حِدة أبي وإصرار أمي، لِأسمِع صمت الخيباتِ مِن حولي. ليتردد صدى صوتي، للاأمل رفعتُ رأسي، ياربّي أنت أعلمُ بضعفي، اخلُف لي سنداً من أهلي، رفيقةُ دربي وأختي اشدُد بها ظهري. ولأن الله جلّ اسمه قد وَعد " ادعوني استجب لكم "، استجابني وتقبلني بأحسنِ قبول، أنا ومَن معي!. وواجهنا الحياة، عاصرنا الغُربة، اتحدنا مع الفشل، تزامنّا مع ليلِ الكسل. ولأن الله وَعد، أشرقت شمسُ أمانينا مع طلعةِ غَد!. بين الهم والفَرج، لاح لنا المَخرج.

(٣) عِندما وصلنا لأعلى نُقطةٍ في طريقٍ وَعِر، صُمّمت أحجاره حجراً حجراً، ليحتك بأقدامِ من عبر، يُدمي الأرجل، ويُضعِفُ  النفس، عندما وصلنا ونظرنا لذلك الدرب الوعر، كأنّا لم نُقاسي منه يوماً ونتجرع الغَصص. كأنّا مررنا مِرار كرِاماً مامسهم ضرر. تضاءت الصعوبات ببلوغِ أول طريق للمُنى. تعاظمت الغايات، اندثرت المصاعِب. 

نحن في أعلى الجَبل، لانُشابهنا لمّا كنا في أسفله!. نحن في أسفله صِغارٌ ترانا نُفوسنا التي ارتقت. 

فَ سلامٌ عليّ يوم وُلدت، سلامٌ على صرختي التي لم تحمُل إلا نفساً من حياةٍ حينها والآن تحمِل موتَ صُعوباتٍ صرّعتها وصُعوباتٍ بحول الله ستذللها. 

هذا أنا يوم وُلِدت من رحم أمي، ويوم عادت إنجابي الحياة. فمن أنتم، كيف كنتم، وكيف أصبحتم؟. 

سلامٌ عليكم يوم وُلِدتم.