ﺇﻥ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ " ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ " ﻳﻌﻮﺩ ﺑﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﻗﺮﻭﻥ ﺧﻠﺖ، ﻭﻳﻌﻮﺩ ﺑﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺇﺻﻼﺣﺎﺕ ﺟﺮﺕ، ﻓﺎﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ﺣﺴﺐ ﺗﻌﺮﻳﻔﻬﺎ ﺍﻟﻤﺘﺪﺍﻭﻝ ﻫﻲ ﺣﺮﻛﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻳﻬﻮﺩﻳﺔ ﺗﺴﻌﻰ ﻹﻧﺸﺎﺀ ﻭﻃﻨﻲ ﻗﻮﻣﻲ ﻟﻠﻴﻬﻮﺩ، ﺗﺄﺳﺴﺖ ﻓﻲ ﺃﻭﺍﺧﺮ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﺍﻟﺼﺤﻔﻲ ﺍﻟﻨﻤﺴﺎﻭﻱ ﺛﻴﻮﺩﻭﺭ ﻫﻴﺮﺗﺰﻝ، ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺧﻴﺮ ﺍﺭﺗﺒﻂ ﺍﺳﻤﻪ ﺑﺎﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ " ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﺔ " ، ﻭﻛﻠﻤﺔ " ﺣﺪﻳﺜﺔ " ﺗﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺣﺮﻛﺔ ﺻﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ﻗﺪﻳﻤﺔ ﺇﻥ ﺻﺢ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮ، ﺣﻴﺚ ﺗﻌﻮﺩ ﺟﺬﻭﺭﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻤﻘﺪﺱ ﺍﻟﻌﻬﺪ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ﺃﻱ ﺍﻟﺘﻮﺭﺍﺓ ﻣﻦ ﺑﺎﺏ ﺇﻃﻼﻕ ﺍﻟﺠﺰﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﻞ، ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﻳﺤﻤﻞ ﻓﻲ ﻃﻴﺎﺗﻪ ﺍﻟﻮﻋﺪ ﺑﺎﻷﺭﺽ، ﺇﻻ ﺃﻥ ﺗﺠﺴﻴﺪ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﺃﻭ ﺇﻳﻘﺎﻇﻬﺎ، ﻭﺍﻟﺘﻨﻈﻴﺮ ﻟﻬﺎ ﻟﻢ ﻳﻈﻬﺮ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻇﻬﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﻭﻥ ﺍﻟﻮﺳﻄﻰ، ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ﻣﻊ ﺍﻹﺻﻼﺡ ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ ﺑﻘﻴﺎﺩﺓ ﻣﺎﺭﺗﻦ ﻟﻮﺛﺮ، ﻭﻗﺪ ﻳﻄﺮﺡ ﺗﺴﺎﺅﻝ ﻭﺟﻴﻪ ﻫﻨﺎ ﻭﻫﻮ ﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ﺗﻌﻨﻰ ﺑﺈﻧﺸﺎﺀ ﻭﻃﻦ ﻗﻮﻣﻲ ﻟﻠﻴﻬﻮﺩ ﻓﻤﺎ ﻋﻼﻗﺘﻬﺎ ﺑﺎﻹﺻﻼﺡ ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﺲ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ؟
ﻟﻘﺪ ﺷﻬﺪ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻋﻼﻗﺔ ﻋﺪﺍﺀ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ ﻭﺍﻟﻴﻬﻮﺩ، ﻭﺍﻟﺴﺒﺐ ﻳﻌﻮﺩ ﻟﻤﻜﺮ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﻭﻟﺪﺳﺎﺋﺴﻬﻢ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺮﻓﻮﺍ ﺑﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺮ ﺍﻟﻌﺼﻮﺭ ﺇﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﺗﻬﺎﻣﻬﻢ ﺑﻘﺘﻞ " ﻳﺴﻮﻉ " ( ﺍﻟﻤﺴﻴﺢ ﺍﺑﻦ ﻣﺮﻳﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ) ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻟﻤﻮﻗﻔﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﻓﻘﺪ ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻷﺻﻮﻝ ﺍﻹﻧﺠﻴﻠﻴﺔ ﻟﻤﺤﻤﺪ ﺍﻟﺴﻤﺎﻙ ﺃﻥ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ " ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﺍﻟﺴﻌﻲ ﺍﻟﺪﺍﺋﻢ ﻟﻐﺶ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ " ﻭ " ﻣﻦ ﻳﻔﻌﻞ ﺧﻴﺮﺍ ﻟﻠﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ ﻓﻠﻦ ﻳﻘﻮﻡ ﻣﻦ ﻗﺒﺮﻩ ﻗﻂ " ، ﻭﻣﻮﻗﻒ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﻻ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻛﺜﻴﺮﺍ، ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ " ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﺧﻄﺮﺍ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻴﻊ ﺷﻌﻮﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ، ﻭﺧﺎﺻﺔ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ " ، ﻭ " ﻳﺘﻀﻤﻦ ﺍﻟﺘﻠﻤﻮﺩ ﻛﻞ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻭﺍﻹﻟﺤﺎﺩ ﻭﺍﻟﺨﺴﺔ " ، ﻭﻋﻠﻰ ﻣﺮ ﺍﻟﻌﺼﻮﺭ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﻮﻗﻒ ﺍﻟﺴﺎﺋﺪ ﻫﻮ ﺍﻟﻌﺪﺍﺀ ﻟﻶﺧﺮ ﺃﻱ ﻋﺪﺍﺀ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻳﺔ ﻟﻠﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻜﺲ ﺻﺤﻴﺢ، ﻭﻳﺒﻘﻰ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﻫﻮ ﺍﻟﺤﺎﺳﻢ، ﻭﺷﻬﺪ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻊ ﻗﻮﺓ ﻟﺬﻟﻚ ﺍﺭﺗﻜﺒﻮﺍ ﻣﺠﺎﺯﺭ ﻭﺣﻤﻼﺕ ﺗﻄﻬﻴﺮ ﻋﺮﻗﻲ ﻓﻲ ﺣﻖ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ .
ﻭﺟﺎﺀﺕ ﺍﻟﻘﺮﻭﻥ ﺍﻟﻮﺳﻄﻰ ﻟﻜﻲ ﺗﺤﻤﻞ ﻣﻨﻌﻄﻔﺎ ﻏﻴﺮ ﻣﺴﺎﺭ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ ﻭﺍﻟﻴﻬﻮﺩ، ﻓﺒﻌﺪ ﺃﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺼﻮﺭ ﺍﻟﻮﺳﻄﻰ ﻣﺘﺴﻠﻄﺔ ﻋﻠﻰ ﺭﻗﺎﺏ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ، ﻭﺗﻔﺮﺽ ﻣﺎ ﺗﺮﻯ ﺣﺘﻰ ﻭﻟﻮ ﺧﺎﻟﻒ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﻌﻘﻞ، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﺘﻞ ﻛﻞ ﻣﺨﺎﻟﻔﻴﻬﺎ، ﻭﺑﻠﻎ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﺘﺴﻠﻂ ﺇﻟﻰ ﺇﺻﺪﺍﺭ ﺻﻜﻮﻙ ﺍﻟﻐﻔﺮﺍﻥ ﻟﻠﻤﺬﻧﺒﻴﻦ، ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺍﺷﺘﺪﺕ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﺣﺮﻛﺔ ﺇﺻﻼﺣﻴﺔ ﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﻭﻛﺴﺮ ﻫﻴﻤﻨﺔ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ، ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺟﺎﺀﺕ ﺑﻘﺎﺩﺓ " ﻣﺎﺭﺗﻦ ﻟﻮﺛﺮ " ، ﻣﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺠﻌﻞ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻤﻘﺪﺱ ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﻟﻠﺘﺸﺮﻳﻊ ﻭﻟﻴﺲ " ﺍﻟﺒﺎﺑﻮﺍﺕ " ، ﻭﺃﻥ ﺗﻨﺰﻉ ﺳﻴﻄﺮﺗﻬﻢ ﻭﺍﺳﺘﺌﺜﺎﺭﻫﻢ ﺑﻘﺮﺍﺀﺓ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻤﻘﺪﺱ ﺑﺎﻟﺨﺼﻮﺹ " ﺍﻟﻌﻬﺪ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ " ﻟﻴﺴﻤﺢ ﻟﻜﺎﻓﺔ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ ﺑﻘﺮﺍﺀﺗﻪ، ﻫﺬﻩ ﺍﻹﺻﻼﺣﺎﺕ ﺳﻤﻴﺖ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺑـ " ﺍﻟﺒﺮﻭﺗﻴﺴﺘﺎﻧﺘﻴﺔ " ، ﻭﺑﻌﺪﻫﺎ ﺑﺪﺃﺕ ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺮﺍﺕ ﺗﺄﺧﺬ ﻣﻨﺤﻰ ﺁﺧﺮ، ﻓﺒﺪﻝ ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﻼﻫﻮﺗﻴﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻤﻘﺪﺱ، ﻇﻬﺮﺕ ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﺤﺮﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﺮﺩﻳﺔ، ﺇﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺇﻋﻄﺎﺀ ﻃﺎﺑﻊ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﻟﺘﺤﻘﻖ ﺍﻟﻨﺒﻮﺀﺓ، ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺘﺪﺧﻞ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ﻷﺟﻞ ﺗﺤﻘﻴﻘﻬﺎ، ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ " ﺍﻟﻨﺒﻮﺀﺓ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ " ﻟﻐﺮﻳﺲ ﻫﺎﻟﺴﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺮﺟﻤﻪ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﺴﺒﺎﻙ " ﺇﻥ ﺭﻳﺎﺡ ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻮﻗﻒ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻲ ﺗﺠﺎﻩ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﺑﺪﺃﺕ ﺗﻬﺐ ﻣﻨﺬ ﻇﻬﻮﺭ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻹﺻﻼﺣﻴﺔ ﺍﻟﺒﺮﻭﺗﻴﺴﺘﺎﻧﺘﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻋﺸﺮ، ﺣﻴﻦ ﺃﻃﺎﺣﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺑﺤﻖ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻓﻲ ﺍﺣﺘﻜﺎﺭ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻤﻘﺪﺱ ﻭﺗﺤﺪﻳﺪ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ، ﻭﺑﺬﻟﻚ ﺗﻢ ﺇﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻟﺘﻮﺭﺍﺗﻲ، ﻭﺑﺪﺃ ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ﺍﻟﺤﺮﻓﻲ ﻟﻠﻨﺼﻮﺹ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻴﻬﻮﺩ ﻳﺤﻞ ﻣﺤﻞ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻼﺕ ﻭﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺒﻨﺘﻬﺎ ﺍﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﺍﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴﺔ ﺍﻷﻡ، ﻭﺑﺪﺃﺕ ﺍﻟﻨﻈﺮﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﺗﺘﻐﻴﺮ ﺗﺪﺭﻳﺠﻴﺎ " ، ﻭﺫﻛﺮﺕ ﺭﻳﺠﻴﻨﺎ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻬﺎ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻳﺔ " ﺟﺎﺀﺕ ﺍﻟﺒﺮﻭﺗﻴﺴﺘﺎﻧﺘﻴﺔ ﺑﻔﻜﺮﺓ ﺇﻗﺎﻣﺔ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺍﻟﻔﻬﻢ ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﺩﻭﻥ ﻓﺮﺽ ﻗﻴﻮﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﺘﻮﺭﺍﺗﻴﺔ، ﻓﻜﺎﻥ ﻛﻞ ﺑﺮﻭﺗﻴﺴﺘﺎﻧﺘﻲ ﺣﺮﺍ ﻓﻲ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻤﻘﺪﺱ ﻭﺍﺳﺘﻨﺘﺎﺝ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﺍﻟﺘﻮﺭﺍﺗﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻓﺮﺩﻱ ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻓﺘﺢ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻟﻠﺒﺪﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﻼﻫﻮﺕ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻲ ﻭﺃﺻﺒﺢ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ ﺍﻟﺤﺮﻓﻲ ﺍﻟﺒﺴﻴﻂ ﻫﻮ ﺍﻷﺳﻠﻮﺏ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻫﺠﺮ ﺍﻟﻤﺼﻠﺤﻮﻥ ﺍﻟﺒﺮﻭﺗﻴﺴﺘﺎﻧﺖ ﺍﻷﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﺍﻟﺮﻣﺰﻳﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺎﺯﻳﺔ " ، ﻓﺒﻌﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻹﺻﻼﺣﺎﺕ ﺻﺎﺭ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻤﻘﺪﺱ ﺑﻌﻬﺪﻩ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﻤﻞ ﺍﻟﻮﻋﺪ ﺑﺎﻷﺭﺽ ﻟﻠﻴﻬﻮﺩ، ﻫﻮ ﺍﻟﻤﺮﺟﻊ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﻟﻔﻬﻢ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ، ﻭﺣﻈﻴﺖ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺒﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻧﺰﻝ ﺑﻬﺎ ﺑﻤﻜﺎﻧﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ، ﻭﺍﻧﺘﺸﺮﺕ ﻓﻲ ﺍﻷﻭﺳﺎﻁ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ، ﻭﻛﻠﻨﺎ ﻧﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﺗﺤﻤﻠﻪ ﺍﻟﻠﻐﺔ، ﻓﺒﺎﻧﺘﺸﺎﺭ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺗﻨﺘﺸﺮ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ، ﻭﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻧﺘﺸﺎﺭ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺗﻨﺘﺸﺮ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ، ﻭﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺻﺎﺭﺕ ﻋﻘﻴﺪﺓ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ، ﻭﺍﻟﻤﻘﻮﻟﺔ ﺍﻟﻘﺎﺋﻠﺔ ﺃﻥ " ﻛﻞ ﻣﺴﻴﺤﻲ ﻳﻬﻮﺩﻱ ﻋﻘﺪﻳﺎ ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻟﻌﻜﺲ " ﺻﺤﻴﺤﺔ ﺗﻤﺎﻣﺎ .
ﺑﻌﺪ ﻫﺬﺍ ﺑﺪﺃﺕ ﺗﺪﺧﻞ ﻟﻠﻌﻘﻴﺪﺓ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻣﻦ ﺿﻤﻨﻬﺎ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻟﻠﻴﻬﻮﺩ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻬﻢ ﺷﻌﺐ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻤﺨﺘﺎﺭ، ﻭﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻋﺪﻫﻢ ﺑﺄﺭﺽ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ، ﻭﺍﻷﺧﻄﺮ ﺭﺑﻄﻬﻢ ﻋﻮﺩﺓ ﺍﻟﻤﺴﻴﺢ " ﻳﺴﻮﻉ " ﺑﻘﻴﺎﻡ ﺩﻭﻟﺔ ﻳﻬﻮﺩﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺽ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ، ﻭﺑﻬﺬﺍ ﻓﻘﺪ ﺗﺴﺮﺏ ﺇﻟﻰ ﻋﻘﻴﺪﺗﻬﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺮﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ " ﺍﻟﺒﺮﻭﺗﻴﺴﺘﺎﻧﺘﻴﻴﻦ " ﺃﻥ ﻳﺴﺎﻋﺪﻭﺍ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﻋﻠﻰ ﺇﻧﺸﺎﺀ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﻃﻦ، ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻧﺸﺄﺕ " ﻗﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺮﺑﻂ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺑﺎﻟﻘﻮﻣﻴﺔ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﺨﺮ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻲ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻣﻜﺎﺳﺐ ﻳﻬﻮﺩﻳﺔ " ﺣﺴﺐ ﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﺔ ﺍﻹﻧﺠﻴﻠﻴﺔ .
ﻭﺑﺬﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ﻗﺪ ﻇﻬﺮﺕ ﻗﺒﻞ ﺛﻴﻮﺩﻭﺭ ﻫﻴﺮﺗﺰﻝ ﺑﺤﻮﺍﻟﻲ ﺛﻼﺙ ﻗﺮﻭﻥ، ﻭﺇﻥ ﻗﻠﻨﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻇﻬﺮﺕ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺧﻴﺮ، ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻋﺎﻣﺔ ﻇﻬﺮﺕ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﺍﻷﺻﻮﻟﻴﻴﻦ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ، ﻭﻗﺪ ﺻﺮﺡ ﺑﺬﻟﻚ ﺃﺣﺪ ﻛﺒﺎﺭ ﻗﺎﺩﺓ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻳﺔ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ( ﺧﻂ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﺍﻹﺳﺮﺍﺋﻴﻠﻲ ) ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻝ : " ﺇﻥ ﺃﻭﻝ ﻣﻦ ﺭﻓﻊ ﺷﻌﺎﺭ ( ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ﺃﺭﺽ ﺑﻼ ﺷﻌﺐ ﻟﺸﻌﺐ ﺑﻼ ﺃﺭﺽ ) ﻫﻢ ﺃﺻﻮﻟﻴﻮﻥ ﻣﺴﻴﺤﻴﻮﻥ، ﻭﺇﻥ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﺔ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻳﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﻬﺪﺕ ﻟﻈﻬﻮﺭ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻳﺔ ﻭﺩﻋﻤﺘﻬﺎ ﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﺍﻟﻤﺸﺮﻭﻉ ﺍﻻﺳﺘﻴﻄﺎﻧﻲ ﻓﻮﻕ ﺃﺭﺽ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ، ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺧﻠﻘﺖ ﺗﻴﺎﺭﺍ ﺷﻌﺒﻴﺎ ﻗﻮﻳﺎ ﻳﻨﺤﺎﺯ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ﻭﻳﻀﻐﻂ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺆﺳﺴﺎﺗﻪ ﺍﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ﻟﺘﻤﻨﺤﻬﺎ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﻭﺍﻟﻤﺴﺎﻧﺪﺓ ﻭﺗﺤﻘﻴﻘﺎ ﻷﻫﺪﺍﻓﻬﺎ ﺍﻟﻌﺪﻭﺍﻧﻴﺔ ﺍﻟﺘﻮﺳﻌﻴﺔ " .
ﻣﻤﺎ ﻳﻌﺘﻘﺪﻩ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ ﺍﻟﺠﺪﺩ ﺃﻥ ﺇﺷﺎﺭﺍﺕ ﻋﻮﺩﺓ " ﺍﻟﻤﺴﻴﺢ " ﻫﻲ :
-1 ﻋﻮﺩﺓ ﺷﻌﺐ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻤﺨﺘﺎﺭ ﺇﻟﻰ ﺃﺭﺿﻪ ﻭﺣﺪﺙ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺳﻨﺔ .1948
2 - ﺍﺣﺘﻼﻝ ﺍﻟﻘﺪﺱ ﻭﺣﺪﺙ ﻫﺬﺍ ﺳﻨﺔ .1967
-3 ﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﻬﻴﻜﻞ ...
ﻭﺑﻌﺪ ﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﻬﻴﻜﻞ ﺳﺘﻨﺪﻟﻊ ﻣﻌﺮﻛﺔ " ﻫﺮﻣﺠﻴﺪﻭﻥ " ﺃﻱ ﺍﻟﻤﻠﺤﻤﺔ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ ﺍﻟﺘﻲ ﺳﺘﻘﻊ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭﺑﻴﻦ ﺍﻟﺮﻭﻡ ( ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ ﻭﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ) .
ﻟﻬﺬﺍ ﻧﺠﺪ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﻼﻣﺸﺮﻭﻁ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ ﻟﻠﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ﻭﺑﺎﻟﺨﺼﻮﺹ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ ﺍﻟﺒﺮﻭﺗﻴﺴﺘﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﺃﻣﺮﻳﻜﺎ ﻭﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ ﻻ ﺍﻟﺤﺼﺮ .
ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻮﻥ ﺍﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻚ ﺃﻳﻀﺎ ﺃﺻﻠﺤﻮﺍ ﻋﻼﻗﺘﻬﻢ ﺑﺎﻟﻴﻬﻮﺩ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺗﻤﺖ ﺗﺒﺮﺋﺘﻬﻢ ﻣﻦ ﺩﻡ " ﺍﻟﻤﺴﻴﺢ ."
ﺑﺬﻟﻚ ﻧﻔﻬﻢ، ﻭﻧﻌﻠﻢ، ﻭﻧﺘﻴﻘﻦ ﺃﻥ ﺩﻋﻢ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﻑ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ " ﺃﻱ ﺍﻟﻐﺮﺏ " ﻫﻲ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻋﻘﺪﻳﺔ ﻭﻟﻴﺴﺖ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺗﻌﺎﻃﻒ ﺃﻭ ﻣﺎ ﺷﺎﺑﻪ ﺫﻟﻚ .