ﺇﻥ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﺃﻭ ﻣﺎ ﻳﺼﻄﻠﺢ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎﻡ " ﺍﻟﻤﺨﺰﻧﻲ " ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻌﻮﺩ ﻧﺸﺄﺗﻪ ﺇﻟﻰ ﺃﻭﺍﺧﺮ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﺴﻌﺪﻳﺔ، ﺗﻌﺮﺽ ﻟﻌﺪﺓ ﺗﺤﺪﻳﺎﺕ ﻭﺻﺮﺍﻋﺎﺕ ﺩﺍﺧﻠﻴﺔ ﻭﺧﺎﺭﺟﻴﺔ، ﻭﻧﺠﻰ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﻔﻀﻞ ﺩﻫﺎﺋﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ، ﻭﺗﺠﺮﺑﺘﻪ ﻣﻊ ﻣﺜﻞ ﻫﻜﺬﺍ ﻣﺸﺎﻛﻞ، ﻭﺯﺍﺩﻩ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﻣﻜﺮﺍ ﻭﺧﺪﺍﻋﺎ، ﻭﺃﺿﺎﻑ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺃﺳﺎﻟﻴﺐ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﺟﻌﻠﺖ ﺍﻟﻤﺴﺘﻌﻤﺮ ﻳﺨﺮﺝ ﻣﺮﺗﺎﺡ ﺍﻟﺒﺎﻝ، ﻭﺻﺪﻕ ﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺍﻟﺨﻄﺎﺑﻲ ﺣﻴﻦ ﻭﺻﻒ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ " ﺑﺎﻻﺣﺘﻘﻼﻝ " ﻭﻫﻲ ﻛﻠﻤﺔ ﻣﺮﻛﺒﺔ ﺟﻤﻌﺖ ﺑﻴﻦ ﺍﻻﺣﺘﻼﻝ ﻭﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ، ﻭﻗﺪ ﻟﺨﺺ ﻟﻨﺎ ﺍﻟﻤﻔﻜﺮ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﻋﻠﻲ ﺷﺮﻳﻌﺘﻲ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﺑﻘﻮﻟﻪ ﻭﺍﺻﻔﺎ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺑﺄﻧﻪ " ﺍﺳﺘﺤﻤﺎﺭ " ﺃﻭ ﺍﻻﺳﺘﺤﻤﺎﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ، ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺍﺗﺨﺬ ﻋﺪﺓ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺑﻌﺪ ﺧﺮﻭﺝ ﺍﻟﻤﺴﺘﻌﻤﺮ .
ﺍﻻﺳﺘﺤﻤﺎﺭ ﺇﻥ ﺻﺢ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﺻﺎﺭ ﺑﻌﺪ " ﺍﻻﺣﺘﻘﻼﻝ " ﺍﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ﻹﻟﻬﺎﺀ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ، ﻓﺎﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻤﺨﺰﻧﻲ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﺃﻛﺪ ﻟﻨﺎ ﺃﻧﺎ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻄﺒﻖ " ﺩﻓﻌﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ " ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻄﺒﻴﻘﻪ " ﻋﺒﺮ ﺍﻟﺘﺪﺭﺝ " ، ﻓﻬﻮ ﻛﺎﻥ ﻭﻻ ﻳﺰﺍﻝ ﻳﺴﻴﺮ ﺑﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪ، ﻭﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﻣﻜﺎﻧﻪ، ﻭﻳﺮﺿﻲ ﺃﺳﻴﺎﺩﻩ ﻣﻦ ﺩﻭﻝ ﺍﻻﺳﺘﻜﺒﺎﺭ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ، ﻻ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪﻩ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ، ﻭﻻ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ .
ﻭﻟﻜﻲ ﻳﺤﺼﻞ ﻟﻪ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪ ﻻﺑﺪ ﻟﻪ ﻣﻦ ﻧﻬﺞ ﺃﺳﺎﻟﻴﺐ ﻣﺎﻛﺮﺓ ﻭﻣﺘﻌﺪﺩﺓ، ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺳﺎﻟﻴﺐ ﺃﺳﻠﻮﺏ ﺍﻟﺘﺪﺭﺝ، ﻭﻻ ﺷﻚ ﺃﻥ ﻛﻞ ﻣﻨﺎ ﻳﻌﺮﻑ ﺍﻟﺘﺪﺭﺝ، ﺭﺑﻤﺎ ﻧﻌﺮﻓﻪ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻧﺰﻭﻝ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺤﻤﻠﻬﺎ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺟﺎﺀﺕ ﻣﺘﺪﺭﺟﺔ .
ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺪﺭﺝ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻊ، ﻫﻲ ﺃﻥ ﺗﻌﺘﺎﺩ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺷﻴﺌﺎ ﻓﺸﻴﺌﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻊ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ، ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻳﺄﺗﻲ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﻢ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻗﺪ ﺍﻋﺘﺎﺩﺕ ﺫﻟﻚ ﻭﺻﺎﺭﺕ ﺗﻨﺘﻈﺮ ﺍﻟﺘﺤﺮﻳﻢ ﺑﻔﺎﺭﻍ ﺍﻟﺼﺒﺮ ( ﺗﺤﺮﻳﻢ ﺍﻟﺨﻤﺮ ) ﻣﺜﻼ .
ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻤﺨﺰﻧﻲ ﻳﻨﻬﺞ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﺘﺪﺭﺝ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻊ، ﻟﻜﻦ ﺑﺎﻻﺗﺠﺎﻩ ﺍﻟﻤﻌﺎﻛﺲ، ﺑﺎﻻﺗﺠﺎﻩ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﻣﻜﺎﻧﻪ ﻭﻳﻼﺋﻢ ﺭﻏﺒﺎﺕ ﺍﻟﻐﺮﺏ، ﻳﻨﻬﺞ ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﺘﺪﺭﺝ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻊ .
ﺫﻛﺮ ﺍﻟﻤﻔﻜﺮ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻧﻮﻋﻮﻡ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺃﻭ ﻫﺬﻩ ﺍﻻﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ( ﺍﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ﺍﻟﺘﺪﺭﺝ ) ﺿﻤﻦ ﺍﻻﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﺸﺮ ﻹﻟﻬﺎﺀ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ .
ﻳﻘﻮﻝ ﺗﺸﻮﻣﺴﻜﻲ : " ﻟﻜﻲ ﻳﺘﻢ ﻗﺒﻮﻝ ﺇﺟﺮﺍﺀ ﻏﻴﺮ ﻣﻘﺒﻮﻝ، ﻳﻜﻔﻲ ﺃﻥ ﻳﺘﻢ ﺗﻄﺒﻴﻘﻪ ﺑﺼﻔﺔ ﺗﺪﺭﻳﺠﻴﺔ، ﻣﺜﻞ ﺃﻃﻴﺎﻑ ﺍﻟﻠﻮﻥ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ( ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺎﺗﺢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻐﺎﻣﻖ ) ، ﻋﻠﻰ ﻓﺘﺮﺓ ﺗﺪﻭﻡ 10 ﺳﻨﻮﺍﺕ ". " ﻭ ﻗﺪ ﺗﻢ ﺍﻋﺘﻤﺎﺩ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻟﻔﺮﺽ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻟﺴﺴﻴﻮ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻨﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﺴﻌﻴﻨﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ : ﺑﻄﺎﻟﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ، ﻫﺸﺎﺷﺔ، ﻣﺮﻭﻧﺔ، ﺗﻌﺎﻗﺪ ﺧﺎﺭﺟﻲ، ﺭﻭﺍﺗﺐ ﻻ ﺗﻀﻤﻦ ﺍﻟﻌﻴﺶ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ، ﻭﻫﻲ ﺗﻐﻴﻴﺮﺍﺕ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺘﺆﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺛﻮﺭﺓ ﻟﻮ ﺗﻢ ﺗﻄﺒﻴﻘﻬﺎ ﺩﻓﻌﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ " ! ؟
ﺍﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ﻓﻌﺎﻟﺔ ! ﻷﻥ ﻣﻦ ﺗﻄﺒﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﻗﺪ ﻳﻐﻔﻞ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﻟﻤﻌﻤﻖ، ﻭﻳﻜﺘﻔﻲ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺑﻈﺎﻫﺮﻫﺎ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﻜﻔﻲ ﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩ ﻣﻨﻬﺎ ﻏﺎﻟﺒﺎ .
ﺃﺫﻧﺎﺏ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﻟﻬﻢ ﺩﻭﺭ ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻻﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ، ﻓﻠﻬﻢ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﺘﺮﻏﻴﺐ، ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺮﻫﻴﺐ " ﺍﻟﻤﺆﻗﺖ " ، ﻭﺃﻣﺜﻠﺔ ﺫﻟﻚ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ، ﻭﺧﺮﺟﺎﺗﻬﻢ ﺗﻜﻮﻥ ﺩﻭﺭﻳﺔ، ﺃﻱ ﻋﻨﺪ ﻛﻞ ﺣﺪﺙ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﺳﻮﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺪﻯ ﺍﻟﻘﺮﻳﺐ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺘﻮﺳﻂ .
ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ : ﺍﻟﺼﺮﺧﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻄﻌﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺗﺎﺭﺓ، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺜﻮﺍﺑﺖ ﻭﺍﻟﻘﻴﻢ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺘﻤﻴﺰ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻟﺪﺳﺘﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﺎ ﻓﺘﺌﺖ ﻫﺬﻩ " ﺍﻟﺼﺮﺧﺎﺕ " ﺗﻨﺎﺩﻱ ﺑﺘﻐﻴﻴﺮﺍﺕ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ .
ﻭﻳﺒﻘﻰ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻣﻨﺘﻈﺮ ﻣﻦ ﻧﻈﺎﻡ ﺣﻜﻢ ﺟﺒﺮﻱ ﺟﻤﻊ ﺻﻔﺔ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﻌﻀﻮﺽ، ﻭ ﻣﻦ ﻧﻈﺎﻡ ﺟﻤﻊ ﺳﻤﺎﺕ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﺍﻷﻋﻈﻢ، ﻭﺟﺴﺪ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﺍﻷﻋﺘﻢ .
ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺘﺎﻡ ﻳﺒﻘﻰ ﺍﻟﺘﺴﺎﺅﻝ ﻣﻔﺘﻮﺣﺎ ﻣﺎ ﺍﻟﻬﺪﻑ ﺍﻟﻘﺎﺩﻡ، ﻫﻞ ﻓﻲ ﺗﻄﺒﻴﻊ ﺍﻟﺨﺮﻭﻗﺎﺕ ﺍﻟﺤﻘﻮﻗﻴﺔ، ﻭﺍﻻﻋﺘﺪﺍﺀﺍﺕ ﺍﻟﻤﺘﻜﺮﺭﺓ ﻓﻲ ﺣﻖ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﻣﺜﻼ ؟ !