لمثلي عادة ، عادةً إذا مارستَها وكنتَ شخصاً مرموقاً قالوا  عنك ذو حكمة راجحة وعقل موزون ، أما إن كنت صعلوكاً نكرة بين الجموع ، ومارست هذه العادة فبالتأكيد أنت بينك  وبين الجنون خيط ، ووصفُ العته عليك قليل .

إن مراقبة السماء ليلاً والتفكر في اطرافها ، عادة لا يمكنني التخلي عنها ، جزءٌ من سعادتي أن اتابع سير النجوم ، ودقتها ،   وارقبها بتمعن محاولاً تحديد ملامحها الغامضة وطريقة جلوسها حول الشي الذي يسمى القمر ، وأعشق اليوم الذي يكون فيه هذا الشي بدراً ، لأني اوقن أن المنافقين وأصحاب الذوق الراقي، الذين يتصنعون الحب لمجرد الشهوة أو الشهرة مشغولين في تشبيه عرائسهم الشمعية فيه ، وبذلك يتركون لي المساحة الواسعة لمراقبة نجومي الصغيرات .

وفي ليلة من هذه الليالي  رأيت نجماً بطيء الحركة كأنه ولد منذ قليل بل أكاد أقسم أنه ولد الآن ، حتى أني سمعت صياحه، وهدرات أنفاسه ، وهممت أن أضع يدي على صدره أهدهده ، ظننت أنه جائعاً ، او خائفاً ، لكني اكتشفت بعد وقت ليس بالقصير ، أنه يعاني من الوحدة ، وحدة فرضتها عليه قسوة الناس ، وحدة كانت خياراً صعباً بعد انتهاك الثقة ، وفزع عدم الأمان ...

كان نجماً مختلفاً عن بقية النجوم ، أرى الثورة التى تغلفها ملامحه البريئة ، أرى ابداعه الذي يقتله طول الصمت ،،،،

 كبر واتسع حجمه واصبح من الممكن أن يشاهده الجميع ، أصابتني الغيرة ، كيف وانا من اكتشفه ، كيف وانا من ربيته أمام ناظريَّ يوما بعد يوم ، كيف وانا من قتلت وحدته ، واخذته من ظلمة الدنيا ، وغربة الأحباب ،إلى عز الخلان ، كيف وأنا من علمته كيف يكون الطموح ، كيف وقد سهرت عيوني حتى الصباح لأطمئن انه نام بسلام !!

كان مبهراً بجماله ، تراقبه العيون بشغف ، بدأت أحس بلذة انتصار روحه لمراقبة الناس له ، كنت أجد الحلاوة في كلامه عند سرده أحاديث المدح التى تلقى عليه ، وهذا طبيعي فروحه ستجد في هذا المدح لذة الانتقام لكل من آذاها ، حتى وان كان هذا المدح نفاقاً !!!

العيون تراقب وتمدح ، وقلبي يتحسر ، أما يكفي بعدك أيها النجم ، أما يكفي أني لا ارى صباحك الوردي ، اما يكفي أني لا أشم بقايا وسادتك ، أما يكفي !!! 

لكن قصر الأمل ، واستعجال الترف ، والشوق المزيف ، واللذة الخادعة ، والغرور المتقع ، والكبر المصنوع من رفات المحبين، جعله يسير بعيداً عن ناظري ، جعله يقرر ما ليس بيننا مقرر ، ويتفوه بما هو مشوه ، ويقول بأعلى صوته ، نظراتك تزعجني ، ومراقبتك لي غير مجدية ، اذهب عليك اللعنة انا استحق اكثر ، أنا استحق المزيد ، أنا استحق أن أكون كما خلقت قمراً ساطعاً منيراً يلهث لمرضاته الجميع ، أنت تراني نجماً يا هذا وأنا قمراً يا معتوه  ، الا ترى الناس ترقب العيد ، تباً لك من محب تحسبني  نجماً وانا في العيون قمراً ، إرجع  عليك البصر ياحسير، خسئت كيف ترى فيّا فطور ، ابحث عن نجم يليق بك يا هذا واحتفل معه بدونيتك  وغيرتك وحميتك الخشنة ، فأنا القمر ، إبحث عن نجم يا هذا يستطيع تحمل افكارك المعقدة ورجعيتك الكريهة ، فأنا القمر ، ٱبحث يا هذا عن نجم لك لوحدك مسجون بين اهتمامك وخوفك الفظيعين ، فأنا القمر ،  أبحث يا هذا عن نجم يليق بقصائدك الغبية التي لا تسمن ولا تغني ، وكلامك الغير مجدي ، فأنا القمر ،،،، ارقبني وانا ألوح بيدي مغادرً إلى الجموع ، فأنت أقل من أقف لك مودعاً ،،،  لكن انتظر  بالرغم من هذا فأنا أكن لك بعض الأحترام ، فانت تعبت قليلاً معي ، على الرغم أني أستحق ، فأنا القمر ، استأذنك الآن أنهي هذا النقاش ، 

فذكرى مولدي قد حان والمهتمين في القمر كُثر ، 

إن اردت أن تكون منهم ! فيكفي منك رسالة ، فأنا سأكون بالتأكيد  مشغولاً ، وأنت غبي لا تقدر الظروف، لكن ارسلها ، وأنا أعدك إن وجدت وقتاً سأرد عليك ،،،،

أراك بخير يا محب النجوم . 

***