كتب الناطق الرسمي باسم الجيش الصهيوني "أفيخاي أدرعي" على صفحته في تويتر معلقا على العملية التي هزت قلب "تل أبيب" يوم أمس الأربعاء 09/06/2016 :"لطختم اسم الدين الحنيف بالإرهاب. منذ متى كان شهر رمضان مصحوبا بالقتل والإرهاب ؟ يدعون البطولة وهم يقتلون الأبرياء. مجرد إرهابيون سفلة"، أظن أن أدرعي يعي جيدا ماذا يعني شهر رمضان للمسلمين، وأظنه قد قرأ في تاريخهم (من باب دراسة تاريخ العدو) عن الإنتصارات التي كانت في هذا الشهر، بل لقد عاش قبل سنتين الحرب التي سميت عندهم بالجرف الصامد والتي خرجوا منها كالعصف المأكول، ما دام يعرف فليس من صالحهم حدوث أي شيء في رمضان.

إن العدو على دراية تامة بتاريخ المسلمين، وتاريخ الإنتصارات التي حققوها فهي مرتبطة ارتباطا وثيقا بشهر رمضان، فأبرز المحطات الجهادية التاريخية التي انتصر فيها المسلمون كانت في رمضان؛ غزوة بدر الكبرى في السنة الثانية للهجرة والتي كان خلالها المسلمون لا يتعدون الأربع مائة رجل واجهوا أزيد من ألف فانتصروا بإذن الله، معركة فتح مكة في السنة الثامنة للهجرة، وبعد صدر الإسلام لدينا ؛ فتح بيت المقدس "حطين" التي قادها القائد صلاح الدين الأيوبي سنة 1187 ميلادية، معركة عين جالوت بقيادة سيف الدين قطز سنة 1260 والتي انتصر فيها المسلمون على المغول، معركة فتح الأندلس بقيادة طارق بن زياد سنة 711، فتح القسطنطينية على يد محمد الفاتح.

ولنا في القرن الماضي نموذج أخر لإنتصارات المسلمين في شهر رمضان، وهي حرب أكتوبر أو حرب العاشر من رمضان سنة 1973 والتي خاضتها بعض الدول العربية على رأسها مصر وسوريا ضد العدو الصهيوني، هذا النموذج الذي جاء بعد سلسلة هزائم تحت راية القومية العربية، في حرب العاشر من رمضان غيرت الجيوش العربية -باعتبار أفرادها مسلمين-  من رايتها وبدأوا برفع التكبيرات في المعركة، فتأتى لهم النصر  وسقطت كلمة الجيش الذي لا يقهر التي كان يوسم بها الجيش الصهيوني، لكن وللأسف فهذا النصر تحول لهزيمة سياسية بعد خيانة القادة للقاعدة.

في سنة 2014 شن العدو الصهيوني حربا على قطاع غزة سماها "بالجرف الصامد"، فردت عليه المقاومة بعمليات متعددة، كانت  أبرزها معركة "العصف المأكول" التي ردت بها "كتائب القسام" الجناح العسكري لحركة حماس ومعركة "البنيان المرصوص" التي ردت بها "سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي،  وقد تصادفت هذه المعركة أيضا مع شهر الإنتصارات، فعم نصر الله على المجاهدين ولقنت المقاومة العدو الصهيوني درسا لن ينساه، وعمت رحمة الله تعالى على المسلمين، فحدثت ما تشبه المعجزات إن لم نقل معجزات، ولا زلنا نتدكرها جيدا لأن الفاصل بيننا سنتين فقط. لقد فاجأت المقاومة العدو بما لم يكن يتوقعه ولا يتخيله، فتم قتل وأسر وإرهاب الصهاينة الغاصبين. دامت المعركة أزيد من 50 يوما، صمدت المقاومة خلالها صمودا بطوليا لم يكن يتوقعه الصديق قبل العدو وأثبتت من خلاله جاهزيتها لأي معركة وقدرتها على التصدي للعدو والرد بل والانتصار عليه.

إستحضرت هذه المحطات التاريخية لتوضيح أن أي معركة أو حرب أو عملية في شهر رمضان لها تداعيات مضاعفة لما لها في غير هذا الشهر، لذلك فإن العملية الأخيرة التي قتل فيها أربع صهاينة وأصيب ستة أخرون من ضمنهم أربع حالات خطيرة سيكون لها تداعيات مختلفة في الجانبين الصهيوني والفلسطيني، وقد بدأت بالفعل بعدها مباشرة، فحسب الإعلام العبري فإن مجلس الوزراء المصغر (كابينت) سيعقد اجتماعا هذا اليوم لبحث تداعيات العملية، ومن ضمن تداعيات العملية كذلك كلام أفيخاي أدرعي الذي ذكرته في بداية هذا المقال فهو يحمل في طياته خوفا أكثر من أي شيء أخر.

هذا في الجانب الصهيوني أما في الجانب الفلسطيني فقد عمت الأفراح في شتى المدن فور سماعهم الخبر، كما صرح قادة في المقاومة بأن هذه العملية هي نتاج طبيعي للحصار المطبق على الشعب الفلسطيني، وقال القيادي في حركة حماس "حسام البدران": "عملية تل أبيب كسرت منظومة الأمن الإسرائيلية. وضربت الاحتلال في عقر داره". خصوصا وأن العملية نفذت قرب وزارة الحرب الصهيونية.

وأختم هذه السطور بكلام أخر "للبدران" قال فيه :"إن عملية تل أبيب التي جرت مساء الأربعاء، تعد أولى المفاجآت التي تنتظر الاحتلال خلال شهر رمضان".