أصبحت عرين الأسود مقاتلي المقاومة الجدد في فلسطين. هذه المقاومة الشجاعة تقف في وجه الاحتلال الإسرائيلي وتقاتل من أجل حرية شعوبها.
في تمام حوالي الساعة 3 صباحًا كان يوم الاحد، والموقع هو المنطقة التعاون على جبل جرزيم في نابلس – أحد أهم جبلين (جرزيم وعيبال) في المدينة الواقعة في شمال الضفة الغربية. هناك تم التخطط من قبل الشهيد سائد الكوني ورفاقه في عرين الأسود قبل ان يستشهد برصاص جنود الاحتلال الصهيوني.
وقاتل الكوني (22 عاما) ورفاقه جنود الاحتلال الصهيوني لفترة زمنية مما ادى الى استشهاد الكوني. واستولى الجنود على جثته وأصابوا ثلاثة من مرافقيه. وخرجوا من المنطقة بنفس الخطة الصارمة التي استخدموها من قبل في معارك ومواجهات أخرى مع جنود الاحتلال في الانسحاب.
وفي بيان قصير بدأت عرين الأسود بآية قرآنية وانتهت بالدعاء على الشهيد الكوني ووصفته بـ “المقاوم البطل” وأكدت الحدث واستشهاده بعد اشتباك مع جنود الاحتلال الصهيوني.
في الآونة الأخيرة، استيقظت مدينة نابلس عدة مرات على مثل هذه الأحداث. وفي هذه المناسبات، أعلنت مجموعات عرين الأسود مسؤوليتها عن العديد من عمليات إطلاق النار والاشتباكات التي استهدفت جيش الاحتلال والمستوطنين. وبعد أن استهدف مقاتلو المقاومة مستوطنة “براخا” جنوب نابلس برصاصات اخترقت نوافذ المنازل المستوطنين.
كان “عرين الأسود” جماعة مسلحة اشتهرت بعشرات المقاومين الذين اتخذوا البلدة القديمة في نابلس مقرا لهم. أصبحوا مكرسين لمقاومة الاحتلال الصهيوني بأي شكل من أشكال المقاومة، والهدف هو جنود الاحتلال والمستوطنين وغيرهم.
عادت خلايا المقاومة في نابلس للظهور بشكل أكبر هذا العام، وما يحدث في مدينة جنين ومخيمها أو “عش الدبابير” كما وصفها الاحتلال الإسرائيلي لنابلس أكثر من مدن الضفة الغربية الأخرى.، وعند أستشهاد المقاومين الثلاثة محمد الدخيل وأشرف مبسلط وأدهم مبروكة في فبراير الماضي لإشعال شرارة هذه المقاومة وتعزيزها أكثر.
وكان يشار إلى المجموعة آنذاك بـ “كتيبة نابلس” على غرار كتيبة جنين، بمرحلة الاشتباك والمواجهة مرة أخرى كان يقودها. الشهيد إبراهيم النابلسي ورفيقهم الرابع الذي اغتيل على يد الاحتلال في التاسع من آب من العام الماضي وكذلك رفيقه إسلام صبوح والطفل حسين طه في البلدة القديمة بنابلس.
تأسيس عرين الأسود
من أجل إبقاء علم المقاومة يلوح به، وتكريمًا للشهيدين محمد العزيزي (أبو صالح) وعبد الرحمن صبح، أقيمت مراسم تأبين صباح الثاني من أيلول (سبتمبر)، بعد أربعين يومًا من استشهادهما. وكان الهدف من الحفل الكشف عن الخفاء وإعلان أن “عرين الأسود” هي ظاهرة مقاومة مستمرة. المقاومة مشتقة من وحدتها على الأرض ومن جذور ثورتها. على الرغم من أنهم ظهروا قبل ذلك بشكل فردي،
في ذلك التاريخ، في شارع حطين وسط مدينة نابلس، ظهر مقاتلو عرين الأسود بكامل سلاحهم ومعداتهم. بدوا كمنظمة أبهرت وأثارت حماس الجماهير الفلسطينية التي حضرت المهرجان وما تبعه من خلال التغطيات الإعلامية. وأثار هذا التحول في الأحداث غضب الاحتلال الصهيوني الإسرائيلي الذي كان يحرض عليهم ويلاحقهم في نفس الوقت.
وأعلن ميثاق وإقامة عرين الأسود وبرنامج المقاومة الخاص به لأحد الملثمين الذي تلا بيان الإطلاق. وكشف عن أن دماء الشهيدان محمد العزيزي (23 عاما) مؤسس العرين و “المشتبك المخفي” ورفيقه عبد الرحمن صبح – “أسد الاشتباكات” – تطاولت في أزقة البلدة القديمة. والشرارة التي أحيت روح المقاومة المتجذرة أصلاً من هناك.
وشدد البيان على أن غطرسة الاحتلال الصهيوني بقتل وسفك دماء الفلسطينيين تفرض عليهم بصفتهم مقاومين “معارك متجددة” قد لا يتوقعها الاحتلال ولا يقرأها مسبقا بطبيعتها. لأن هذه المقاومة “المنظمة وذاتية الإدارة” قادرة كل يوم على تجديد الدم في عروق المقاومة بأشكال وأساليب عديدة.
نهج وبرنامج عرين الأسود
ومن بين الذين قاتلوا تحت راية “لا إله إلا الله ومحمد رسول الله” اتخذ شعار “عرين الأسود”. وقد تميز بتمجيد المقاومة وقادتها من كافة الفصائل، مثل الشهيد ياسر عرفات “مؤسس خلايا المقاومة” في حي الياسمينة بالبلدة القديمة. ومن بين القادة البارزين الآخرين: الشهيد أحمد ياسين، والشهيد أبو علي مصطفى، والشهيد فتحي الشقاقي، وغيرهم من الشهداء ممن ساهموا في النضال الفلسطيني.
تصريح عرين الأسود ينقل مقاربته للمقاومة من خلال التأكيد على أنه لن يتراجع أو يترك البندقية تحت أي ظرف من الظروف ؛ ويوجهها نحو الاحتلال والمستوطنينو العملاء ومن يساندهم ولم ينجو احد مهم. كما ذكر أن هذا السلاح لن يطلق رصاصة في الهواء. وكل من انحرف عن هذا الطريق يعتبر خرج عن الصف ولم يعد يمثل عرين الاسود. ويرفعون الغطاء ويدينون كل من يستخدم عرين الأسود لمطالبة التجار والشعب بدعم المقاومة في المال ويبتز التجار؛
وفي الختام، فإن بيان العرين الموجه إلى “الإخوة في الأجهزة الأمنية” يؤكد وحدة الشعب الفلسطيني وأن مقاومته موجهة فقط للاحتلال.
في الأسبوع الماضي، غضب “عرين الأسود”، مما دفعهم إلى مواجهة علنية استمرت يومين مع الأجهزة الأمنية. واعتقلت الأجهزة مصعب اشتية ابن عرين الأسود وهو العضو في كتائب القسام (الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس) و “المطارد الأكثر خطورة” وهو أيضا مطلوب الأول لدى الاحتلال الصهيوني.
عرين الأسود وآلية المقاومة وبوصلتها
كان لدى مقاتلي مقاومة “عرين الأسود” إحساس قوي بالوحدة وانعكس في هيكلهم التنظيمي وطريقة عملهم معًا. كانوا جميعًا شبابًا في مقتبل العمر، وقد قدموا جبهة موحدة بزيهم الأسود. كانوا مصممين على مقاومة العدو، ولفوا راس بنادقهم بقطعة قماش حمراء للدلالة على أن كل رصاصة ستحسب ولا تطلق هدرا.
كما اتبعت عمليات العرين نهجا موحدا. وقد استندت إلى المبادرة وعنصر المفاجئة للاحتلال الصهيوني وفي مواقع عسكرية مثل نقاط التفتيش وأطراف المدينة المحيطة بنابلس. أظهر ذلك أنهم لم يكونوا ينتظرون اقتحام الاحتلال للمدينة والاشتباك معهم، بل مهاجمتها بأنفسهم.
بالإضافة إلى السرية التامة في التنقل وعدم الظهور، اتخذ العرين الليل أيضًا كغطاء له ولعمله المقاوم والمنظم، مما أكسبه حضورًا جماهيريًا واسعًا في نابلس وغير مكانًا وحاضنة لمقاومتهم أيضًا.
قوة عرين الاسود بوحدتهم ووجهتهم
يقول مطلعون ومراقبون على قنوات ومواقع الاخبارية إن نهج “عرين الأسود” في المقاومة وتركيزها على الاحتلال لم يكن لهما سوى حشد جماهيري كبير حولها، وشجعوها على الاستمرار في المقاومة رغم كل القيود الشديدة والمشدادة.
وقد ازدادت وحدتهم في كل من مكان العمل وعلى الأرض، دون الانسحاب في ظل فصيل معين وعدم تعريض مصالح المواطنين للخطر. كل هذا بسبب حب الناس ودعمهم المستمر لهم.
وقال جمال حويل من أبرز قادة انتفاضة الأقصى ونجل جنين يؤكد أن معارك جنين ومخيمها ومدينة نابلس القديمة جاءت لتؤكد عمق علاقة المقاومة بين المدينتين. . ويؤكد أن هناك “وحدة روحية وأخلاقية وثقافية” أسست هذه المقاومة ومهدت الطريق لانتفاضات مستقبلية.
وتابع، في كلمة مسجلة، أن محمد العزيزي وشريكه عبد الرحمن صبح تقاتلوا باسم العرين وكل المقاومة تحت شعار “لا إله إلا الله” مع العلم الفلسطيني مرفوع. كرسالة “لمن يعتبرون أنفسهم قادة”.
وقال عبر الرحمن الصدر في صفحته على فيسبوك إن عرين الأسود أرقى ظاهرة عرفتها الثورة الفلسطينية المعاصرة. شباب تجاوزوا الحدود الفئوية البغيضة ويواجهون أبشع حالات الظلم ببندقية وقليل. من الرصاص وهو مسلح بإرادة ورغبة في النصر .. هؤلاء الشباب أرادهم الله أن يحققوا مشيئته “.
باستشهاد سائد الكوني الذي كان يوم الأحد سيكون الخامس من أبناء “عرين الأسود” بعد الشهداء محمد العزيزي وعبد الرحمن صبح وإسلام صبوح وإبراهيم النابلسي. . وسبقهم شهداء “كتيبة نابلس” (محمد الدخيل وأشرف مبسلط وأدهم مبروكة) وكأن رسالتهم “أننا مجهولون وأن عملنا هو الشاهد علينا وأننا لا. نخلع اللثام الا عند استشهادنا.
نتمنى أن تكون قد استمتعت بنشر هذه المقالة. نحن نقدر ملاحظاتك ونود أن نسمع رأيك حول المقاومين عرين الاسود الجدد في فلسطين.
يمكنك متابعة الموقع الرسمي على الفيسبوك من هنا