في ليلة العشرين من يونيو
أجلس على كرسيّ خشبي للماره يتسع لأربعة افراد،كتابي وقهوتي الفرنسيه لم تستطيعا أن تملأ فراغ المكان بقدرما ملأ فراغ ذاتي،قلبي و وقتي .. تكون عيني في الكتاب تارة وتارة على القمر وعلى العابرين أمامي وأنا ارتشف قهوتي هوينا هوينا إذ بسيارة تقف في الشارع المواجه لي ،خرجت منها عائلة وهمو بأخراج بضعة اشياء يضعونها بجانبي،على بقيه الفراغ الذي لم تملأه قهوتي وكتابي ،حبوب الفستق ،الجوز ،الكاجو والكثير من المكسرات في ما يُسمى "البسطه".. على مايبدو ان بضعة الاشياء هذه هي كل الاشياء بنسبة لهم ! بقية العائله جلسوا في مكان قريب ، تقدمت نحوي فتاة لتستفتح الرزق و وقف صبيٌ في عمر العاشره على السياره يقلد الباعة في التلفاز بلغة عربية فُصحى بدأ ينادي "لدينا مكسرات لذيذه لدينا مكسرات لذيذه" ضحك هو وضحكت هيَ وضحكت أنا .جاء الزبون الأول ووضع مالاً إضافيا رفضتة ولم تقبل بإصراره .. تمهل أيها المُشتري لا تعطي أكثر مما طلبت فالفقراء لا يقبلون بغير حقهم !ولا يطلبون الصدقه إلا لو كانو في أمس حاجة لها . وعلى الرغم من أني لا أحبذ المكسرات كثيرًا إلا أني أبتعت أكثر من حاجتي حتى لا أكون مثل ذاك الزبون وفيما قيل "صدقة مغفله بالعِزه" .
لم يلزمني سوى وقت قصير حتى أُدرك طيبتهم وأنهم عائله سعيده جدًا برغم أنف الفقر . هممت بالمغادره لأرى على الرصيف الاخر رجًلا كبيرا في السن مع ولديهِ الصغيران بجانب بسطتهم ،أستطعت ان ارى تلك الفرحة في أعينهم وانا أتوجه نحوهم ، في الواقع لم يكن مقصدي شراء شيء بل أن أستأذن الرجل الكبير لأخذ صوره ! بكل صدر رحب اجابني "نعم يا أبنتي لا بأس بذلك" هل خجلت من نفسي أم لم اشاء أن أُخيب نظرات أطفاله التي توقعت مني الشراء ؟ والجدير بالذكر أني رأيت الطيبة في وجوههم قبل الفقر .والذي يجعلني أتساءل هو :هل كل العابرون طيبون أم كل الفقراء طيبون ؟
"ليس عيبًا أن تعمل في بسطة تكسب قوت يومك،تنثر من خلالها أحلامك وتغرد بها خارج حدود المجتمع" بل العيب أن تحتقر هؤلاء ، فالكل لم يولد محظوظًا متقطرسا مثلك ! العيب أن تجلس في مكانك تنتظر من الحياة أن تأتي إليك والذي لم تدركه حقًا بشأن الحياة أنها غير مكترثه لك ،ستستمر الحياة في التقدم ويستمرون الأذكياء الذين أدركو أن الحياة لا تنتظر أحدًا في التقدم وانت جالسٌ لم تتحرك ساكنا . ضع أحلامك أمام عينيك وأسلك كل الطرق المؤديه لها ،حارب الحياة في كل ما أوتيت من قوه فنحن الفقراء يا عزيزي خُلقنا لنحارب ، وتذكر حين يتحقق كل مارغبت به ستدرك أن لذة حصول الاشياء تكمن في التعب والعناء الذي واجهته في طريقك إليها .