الفلوجة إغْتُصِبَتْ وأعادها أهلها....
رحيم الخالدي
يروى أن هنالك رجل يحب إبنة عمهِ حباً يفوق حب عنتر بن شداد لمحبوبتهِ، وفي غفلة من الدهر وافق أحد أخوة البنت بزواجها من أجنبي لا يُعْرَفْ له أصل ولا فصل، جعل حبيبها كالهائم لا يعرف له قرار كالمجنون، وذاع صيته بين أقربائه ومحبيه، جعل له صدىً كبيرا، فجمع ما يستطيع من رجال لثني أخو العروس بالرجوع عن أمره، لكن باءت خطواته بالفشل! وما بقي له شيء إلاّ أن يرفع سيفه ويدافع عن عرضه ومحبوبتهِ وشرف عشيرته، فأوجد له ذلك الهياج مناصرين، ومنهم كبير القوم، وكانت الصولة التي أفشلت كل الخطط، وإرجاع عروسه التي طالما كانت تأتيه في أحلامه الوردية .
كل العالم سمع بفتوى الجهاد الكفائي، وأمريكا والسعودية ومن لف لفيفهما أول المصدومين، وأمريكا التي كانت توعد القيادة العراقية بتحرير جرف النصر بسته أشهر على الأقل، وكانت صولة الحشد مدادها أسبوع واحد، تكللت بالنصر المؤزر، وتوالت الانتصارات واحداً بعد الآخر، وتكريت وبيجي وباقي المناطق من محافظة ديالى كانت شاهدة على الإنتصارات المتحققة، وآخرها معقل داعش "الفلوجة"، التي تعد من أقوى المرتكزات العسكرية لداعش، حيث إعتبرها المحللون العسكريون "قندهار العراق"، لكن السواعد السمر من أبناء العراق الغيارى كانت بصمتهم واضحة المعالم، وبفضل الباري تحقق الإنتصار .
الحشد الشعبي كان البروتين المغذي للجيش العراقي بعد إنكسارهِ في الموصل، وتركهِ الأسلحة والمعدات بأمر القيادة! ولحد الآن لم تظهر نتائج ذلك التحقيق الخفي، الذي لا نعلم متى نرى نتائجه، والذي لو ظهرت تلك النتائج، فمن المؤكد سيطيح برؤوس كبيرة قابعة على صدر العراق، وبفضل هذا الحشد العقائدي الذي أذهل العالم بشجاعته وتفانيه، وبذل أعز ما يملك فداءاً للعراق، وللفتوى المقدسة التي بفضلها نعيش حالة الإنتصار الكبير على الإرهاب العالمي، المتمثل بداعش وأذنابها من فلول البعث الكافر، يلحقهم بعض السياسيين الذين لا تعرف لهم قرار! فهل هؤلاء مع الإرهاب أم مع العراق ووحدته؟ .
كل التشكيلات التي شاركت في تحرير الفلوجة، من براثن الإرهاب هم فخرنا وعزنا ومستقبل أطفالنا، ونحن مدينون لهم بكل ما نملك، وأبسطها كلمة عرفان وشكر لما بذلوه في سبيل التحرير، سرايا العقيدة، والجهاد والبناء، والكتائب، وعصائب أهل الحق، وسرايا عاشوراء، والخراساني، وباقي التشكيلات، لهم منّا كل الحب والتقدير، والتحية والاحترام، ولكن على الحكومة أن تفي بتعهداتها أمام عوائل الشهداء وأبنائهم وزوجاتهم، وتكفل شفاء الجرحى في أي مستشفى حتى لو كان في أقصى الأرض، وهذا أبسط شيء تقدمه الحكومة لهم، لأنهم أبقوا العراق صامداً، ولولاهم لكانت داعش تسرح وتمرح في أزقة بغداد، كما يفعلون اليوم في الموصل .
الفلوجة اليوم وبفضل الفتوى المقدسة، التي أطلقها قائد الحشد ومؤسسه، وهمة الغيارى من العراقيين عادت، لكن بقيت الموصل، وهي المحطة الأخيرة من مسلسل الدم العراقي المراق، منذ ألفين وثلاثة ولحد يومنا هذا، وبما أن العروس قد عادت لحضن أهلها، فمن حقنا أن نفخر بأن لنا جنود عراقيون، وبمختلف أعمارهم، لبوا نداء المرجعية التي حفظت العراق من دنس الإرهاب، وبعدها لنلتفت لبناء العراق، والقضاء على الفاسدين والمتوغلين في كل الأروقة الحكومية، وفضحهم ومحاسبتهم فق القانون، ولتكن الأحكام قوية بحقهم، ليكون رادع لكل من تسول له نفسه اللعب بمقدرات هذا الشعب المسكين .