Image title

د. علي بانافع      

       إن في العراق داء عضالاً ناشباً في قلبه نشوب مخالب البازي في أخيذته، وهو داء قديم قد نفثته أفواه بني فارس على الإسلام والعروبة، وقد ظهرت رايته السوداء يوم الجمل بيد ابن السوداء ذلك اليهودي الماكر عبد الله بن سبأ، الذي أسلم كيداً للإسلام وأهله، ولقد كانت باكورة مكايده مقتل ثلاثة من الخلفاء الراشدين غيلة وغدراً، والدولة الإسلامية في أوج عظمتها وقوتها وانتصاراتها، وأظنك -أيها القارىء الكريم- قد علمت أني لا أعني بالداء العضال إلا مذهب التشيُّع، نعم إن مذهب التشيُّع هو الداء العضال الناشب اليوم في قلب العراق اليوم، وهو الداء الذي كان من قبل ناشباً بجسم الدولة الإسلامية في عصورها الذهبية الوهاجة.

       من وجهة نظري أرى جازماً بأن مذهب التشيُّع إنما هو من وضع أبناء فارس؛ بِنِسّبَةٍ صحيحة واضحة لا غبار عليها، إذ أرادوا به قتل الإسلام بسلاح من جنسه انتقاماً لهم من جهة وإعادة لبناء مجدهم الذي قوضه العرب من جهة أخرى، وليس قولي بِجِزاف ولا حديثي بالمُرَجَمْ إذا قلت أن علاقة الشيعة في العراق بإيران هي علاقة مذهبية، وأن إيران كانت ولم تزل هي القبلة السياسية لشيعة العراق والعرب عموماً، كما أن العراق هو الهدف الأسمى الذي ترمي إليه إيران في سياستها الخارجية، وأُريد هنا أن أُقيم لك دليل على أن -الشيعة- عراقيتهم تتلاشى تجاه إيرانيتهم المُستحكمة في قلوبهم، خصوصاً بعد الغزو الأمريكي للعراق ٢٠٠٣م الذي انتبهت فيه الطائفة الشيعية من رُقادها كل الانتباه؛ وأخذوا ينزغون الأمريكان نزغاً سياسياً يحملهم على أن يسلكوا في سياسة البلاد طريق الطائفة الشيعية؟! أفلا يحق لنا بعد ذلك أن نسأل ناقمين متذمرين: أعراقيتهم أقوى أم إيرانيتهم؟! أم كانوا أداة لإيران في حكم العراق؟!

       إن حكومة المنطقة الخضراء التي تحكم العراق -حالياً- تُمارس العمل من منطق طائفي ومناطقي مقيت وبغيض، وقامت بأبشع الجرائم في حق الشعب العراقي الأبي، وهم في الحقيقية دواسات لأنظمة دولية وإقليمية، تسعى من وقت لآخر لاستغلال الانقسامات الداخلية العراقية من أجل كسب مصالح مادية واستراتيجية وتحقيقاً لأهدافها المريبة والمشبوهة، مما أدى إلى التدهور الكبير الذي أصاب العراق، والذي يُعد من أكبر الكوارث التي حدثت في تاريخ العراق الحديث، وقد ساهموا في تمزيق وحدة المجتمع والدولة العراقية.     

   نعم نجح شيعة العراق في رفع لواء الإسلام الشيعي وقدموه على دعوى القومية، فنصروا الاثنين وفي نفس الوقت جمدوا القومية العراقية العربية لصالح القومية الإيرانية الشيعية، واستطاعوا أن يقمعوا بها كل الحركات الوطنية في العراق، فتلك الحركات لم تعد مجرد متمردة على الوحدة الوطنية ولا حتى خائنة للوطن بل كافرة رافضة لحكم الإسلام تشاقق الله ورسوله وتسعى في الأرض فساداً؟! وحكم الله واضح في المفسدين في الأرض وقوات بدر وجيش المهدي والحشد الشعبي ينفذون حكم الله بلا تردد من قتل وذبح وحرق وسحل وقطع للرؤوس وزرف للإجساد بالدريل، فمن المفسد العربي السني الذي يدعو بدعوى الجاهلية من أحساب وأنساب وقوميات، أو يرفض حكم العراق باسم إيران؟! ولم يقتصر نجاح القومية الشيعية على الداخل بل سرعان ما جندت شيعة الخارج الذي اندفعوا بحماسة وطيب خاطر يستشهدون في العمل ضد حكوماتهم وأحياناً ضد التراب في سبيل نصرة دولة الإسلام -المُشوه والمُزيف- إيران؟!

       إن الرجال الذين حكموا العراق في العهد البعثي على عِلاتهم واختلاف انتمائتهم وتوجهاتهم ومناهجهم وصفاتهم، ليبدون بالقياس إلى من خَلَفَهُمْ في الحكم ناصعي الجبين ممتازين في أخلاقهم وإخلاصهم لبلادهم ومواطنيهم فيكيفهم شرفاً حفاظهم على وحدة العراق الإقليمية، وهوية الشعب العراقي العربية الإسلامية الأصيلة.

     وآخر ما أقوله هنا كلمة أرفع بها عَلم التعجب وأنشر بها راية التحيُّر على نشز من أنشاز العروبة المتشيعة فأقول: ليس من العجيب أن ترى أعجمياً يتمذهب بمذهب التشيُّع، ولكن  العجب كل العجب أن يتمذهب به من يدعي أنه عربي ولو بالاسم فقط؟! لأن بين التشيُّع وبين العروبة تناقضاً لا يخفى على أسخف العقول، فإن كان هذا الشيعي عربياً صريحاً كما يدعي فقد نسخه مذهب التشيُّع حتى صار بمنزلة الحيوان الأعجم الذي لا يدرك ما هو فيه من حالة من أين تبتدىء وإلى أين تنتهي؟! وإن لم يكن عربياً وإنما ادعى العربية تقِّية منه لخوف أو لمكيدة فهو معذور لأن مذهب التشيُّع يوجب عليه التقِّية وإن كانت التقِّية بمعناها الحقيقي النفاق.