رفيق الشرماني- مدون وباحث في علم النفس

في أقل من عقد من الزمان، زاد الاهتمام بعلم النفس الإيجابي والاهتمام ليس فقط من المجتمع الأكاديمي ولكن أيضا الجمهور العام..

قمت بكتابة علم النفس الايجابي في محرك البحث جوجل فوجدت من النتائج  .( 264,000) ، واضح ان هذا أمر مثير للإعجاب ، على الرغم من تاريخ  علماء النفس الإيجابي المتواضع، الا ان نتائج البحث والكتابة عنه تقول انه أمرٌ عظيم  ان المجتمع مهتم به بشكل يثير الدهشة، هذه النتيجة دفعتني للكتابة عنه هنا انه يستحق بدون شك.

بغض النظر، عن النتائج سأوضح و بشكل موجز ما هو علم النفس الإيجابي في الواقع وما نعرفه عنه  بالفعل.

تاريخياً ، استخدم علم النفس لحل المشكلات ودراسة وعلاج  الاضطرابات ، عندما بدائها فرويد بدراسات حول الهستيريا،وكانت معظم جهوده في دراسة الحالات السلبية للإنسان .

وتطور علم النفس فأصبح يهدف إلى فهم السلوك أو تفسيره، وضبطه وتوجيهه، بل والتنبؤ به، كان علم النفس التقليدي يركز على السلبيات في سبيل معالجتها والقليل جدا من الجهد ومن الدراسات كانت تتم على الناس في الحالة إيجابية.

يهدف علم النفس الإيجابي لفهم المفاهيم التي تعزز الايجابية  مثل "السعادة" ويسعى إلى الاهتمام بالقدرات الشخصية المتعددة،  كالصلابة النفسية والارتقاء بالإنسان  واستكشاف ما إذا كان من الممكن تطوير التدخلات التي تزيد من المشاعر الإيجابية ، وتساعد الإنسان على العيش في المستويات العالية من السعادة والإحساس أكثر بالعواطف الإيجابية.

يهتم علم النفس الإيجابي في الأساس بالدراسة العلمية لما يحقق السعادة للناس.والتخلص من الاحتراق النفسي، وإلى تحسين الرضا عن الحياة وجودتها، وإلى دراسة الظروف والعمليات التي تسهم في الوصول إلى أعلى أداء وظيفي للناس والجماعات والمؤسسات.

مثل:

الرضا عن الماضي ،العرفان والغفران.

السرور، والعواطف الإيجابية في الوقت الحاضر .

الأمل والتفاؤل بالمستقبل.


فهو الدراسة العلمية لما يجعل الحياة جديرة بأن تعاش أكثر ومعرفة مواضع القوة لدى الفرد، ويعمل على بناء السِّمات الإيجابية، التي تساعد الأفراد والمجتمعات، ليس على التحمل والبقاء فقط، بل وتساعدهم أيضاً على الازدهار. كما أن استخدام استراتيجيات علم النفس الإيجابي، تؤدي إلى نقل الشخص بعيداً عن التركيز ضيق الأفق، على معايشة المواقف السلبية والأمراض النفسية، إلى منهج جديد هو تنمية السمات الإيجابية والفضيلة والقوى الإيجابية على مدى الحياة، والاستفادة منها في الصحة والعلاقات والعمل.

فوائد العواطف الإيجابية ..

إن نتائج الدراسات العلمية الحديثة في مجال علم النفس الايجابي مشجِّعة.

بحسب دراسة علمية المتفائلون يعيشون في العمر أكثر من المتشائمين 8-9 سنوات.

 وفي دراسة أخرى فحص الباحثون في " كلية ميلز" البومات الصور الكتاب السنوي لطلبة بعد 25 عاما من تخرجهم ، فوجدت الدراسة بناء على تحليل المشاعر من الصور ان المبتسمون كانوا بعد 25 عام اكثر سعادة مع عائلتهم وفي مجتمعاتهم الوظيفية بلى ذهبت التحليلات الى أكثر من ذلك فوجد ان الأشخاص الذين تكررت ابتسامتهم في الصور كانوا اقل تجاعيد في الوجه  من غيرهم .

وقد سأل باحثون مجموعة من أكثر الناس سعادة ، عن أسباب سعادتهم، فوجد أنهم ليسوا الأكثر وجاهة أو جمالا أو مالا، وإنما هم الأكثر انغماسا في الحياة الاجتماعية، وتفاؤلا بالمستقبل.

يا لهي ماذا تصنع الايجابية والسعادة أنها جديرة  فعلا بالدراسة والاهتمام ...!

فالمشاعر الايجابية و التكيف قيم فريدة  تؤدي إلى المرونة السلوكية والنمو العاطفي.  مع مرور الوقت، تزيد من بناء الموارد  والقدرات الشخصية وزيادة الرفاه. وهكذا، فالعواطف الإيجابية ليست مجرد علامة من الرفاهة، ولكنها تنتج أيضا للمستقبل تأثير ايجابي هو واحد من أهم العناصر التي تساهم  في ازدهار الإنسان.

علم النفس الإيجابي وإن كان عمره قصيرا، لكنه يقدم وعود جميلة لِمن لا يحمل أمراضًا نفسية خطيرة أو آثار صدمات تحتاج إلى معالجة طبية جذرية وطويلة الأمد. وعود تُطبّق في الحياة اليومية على أفراد يبحثون عن تطورهم الدائم من خلال نقد ذاتي بناء ومستمر، بغية إرساء حياة أفضل. تسهم في ضبط الانفعالات وإشاعة أجواء من التفاؤل والتسامح والإيثار والتعاطف وتقدير النعم التي نعيش في كنفها ليلا ونهار..

وبين حالمي الطبع الهنيء وأصحاب المزاج السيئ، تتفاوت النظرة إلى السعادة، ويختلف السبيل إلى قطفها. ويبقى الإيمان بها هو الجامع المشترك الذي يؤدي إليها.