بقلم: محمد الصالح-مستشار و محكم في مجال حقوق الإنسان

التمكين الفعّال للمرأة والفتاة، مسألة جوهرية بالنسبة إلى حقوق الإنسان، إذ يعد تمكين المرأة في كافة المجالات أساسي لإستفادة المرأة من حقوقها وتحقيق المساواة بين الجنسين.

إن التمكين بشكل دقيق هي عملية تُتيح للمرأة القدرة على اتخاذ القرارات الاستراتيجية التي تُكسبها قوةً تُمكّنها من السيطرة على حياتها، من خلال إمتلاكها للموارد والقدرات، بحيث تستطيع توظيفها و إدارتها بهدف تحقيق مجموعة من الإنجازات.

وإذ تتنوع مجالات تمكين المرأة، حيث يعد أبرزها هو التمكين الإقتصادي، حيث يُتيح للمرأة القدرة على السيطرة على موارد الأسرة ومصدر دخلها، إضافةً إلى العديد من الأمور الاقتصادية؛ كالوصول إلى الأسواق وتوفير فرص عمل لها متكافئة مع الرجال في الوصول إلى المواقع الاقتصادية المهمة، ومشاركتها في صنع القرارات الاقتصادية، وتعزيز قدرتها على الاستقلالية المالية من خلال كسب المال ومشاركتها ضمن القوى العاملة.

أما على صعيد التمكين الإجتماعي الثقافي، والذي يُتيح للمرأة فرصة المشاركة الاجتماعية خارج نطاق الأسرة، وعلى نطاقٍ أوسع وهذا بدوره يُحسّن من صورتها وأدوارها وإنجازاتها في المجتمع، إذ يهتم التمكين الاجتماعي الثقافي بالمرأة من ناحية التعليم والحدّ من التمييز ضدّهن من خلال الحدّ من المعايير التقليدية التي تُركّز على تفضيل الذكور.

أما الشق الأبرز فهو التمكين القانوني والذي يُتيح للمرأة معرفة حقوقها القانونية والحصول على الدعم المجتمعي مما يُساعدها على ممارسة تلك الحقوق، وذلك من خلال عمل حملات للتوعية بحقوقها، وتجنيد المجتمع لدعمها، والتنفيذ الفعّال للحقوق القانونية، وعلى نطاقٍ واسع يُشجّع التمكين القانوني سنّ القوانين التي تدعم حقوق المرأة والدفاع عنها، وتصحيح أيّ انتهاك للحقوق من خلال الاستعانة بالقضاء.

ونأتي هنا على الجزء الأساسي وهو التمكين النفسي والذي يُحقّق الدعم النفسي اللازم للمرأة، ويعزز كفاءتها الذاتية، كما يزيد من الوعي الاجتماعي ضد الظلم الذي تعاني منه المرأة، وعلى نطاقٍ واسع يُشعر التمكين النفسي المرأة بالاندماج والاستحقاق والتقدم.

إن فرض مصطلح التمكين في جميع المجتمعات لا يتأتى إلا بانتشار مفهوم المساواة الجندري في العالم بأسْره، وتجاوز كل من القيم والمعتقدات السائدة حول دور المرأة، والتي تتحكم في حياة الملايين من الرجال والنساء.

 

إن القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة لا يمثل حقا أساسيا من حقوق الإنسان فحسب، بل هو أيضا عامل حاسم في إطلاق عجلة تحقيق التنمية المستدامة. وقد ثبت مرارا وتكرارا أن تمكين المرأة له أثر مضاعف ومميز، ويساعد على دفع النمو الاقتصادي والتنمية في جميع المجالات

لا بد لي أن أشير ألى أنه لا يمكن للمجتمع أن يحقق التنمية الشاملة وبناء مجتمع جديد إن لم يكن للمرأة دور فعال وأولوي في صياغة القرارات المتعلقة بحياتها الخاصة والعامة، وإذا لم تأخذ حصتها المتساوية مع الرجل من الأعمال المهنية والإدارية والسياسية والإجتماعية، وفي مؤسسات صنع القرار، لأن مشروع تمكين المرأة بات يشكل التحدي الأهم والأبرز لتحقيق التنمية على أساس المشاركة والفرص المتساوية.