في خضم الحياة المزدحمة بالأعمال اليومية، و الارتباطات الملحة لتسيير مستلزمات الحياة المعقدة نوعا ما ، لم يتسنى لنا التفكير و التعمق في أمور كثيرة جدا، ليس لأننا لا نهتم بها، و لكن لا نعيشها في لحظتها، فلا نرى كثرة النعم إلا لما نفقد جزءا منها و لا نحس بالصحة إلا إذا مرضنا، و لا نقيّم الرخاء و إلا حين نذيق الشقاء.
و في مقامنا هذا نتحدث عن أمرين فقط و من وجهة نظري أنها من الأمور المهمة جدا، لا نعير الاهتمام الكافي و نعرف قيمتها إلا حيننفقدها أو نبتعد عنها، الأمرين هما: أشخاص في حياتنا و لا نهتم بهم و هو بجانبنا، و وطن نعيش فيه و لا نتذكره إلا حينما نغترب عنه.
المعايير لا تختلف كثيرا عن الأمور الأخرى بيد أننا لا نعير اهتمامنا لأننا نمتلكه، أو أنه موجود بالقرب عنا و في متناول الأيدي أو نعيش معا و نراه يوميا.
كنت خارج الوطن لبضعة أيام، و لكن الحنين و الشوق ولد في اليوم الثاني من مغادرتي لأرض الوطن، و بدأ ينمو في كل يوم،حتى عدت إلى أرض الوطن.
لست أنا فقط من يشتاق إلى الوطن حين يغادره، فهناك الكثير ممن يشتاق إلى وطنه، التقيت مع مواطنين فاض بهم الحنين حتى أنهم وجدوا فيني الوطن الذي اغتربوا عنه للعلاج أو للدراسة و دار بينا الحوار و كثرت التساؤلات عن كل زاوية من زوايا الطرق و المنازل، لامست فيهم حب الوطن و الشوق لكل كل شبر من أرض الإمارات.
الغربة شيء عظيم فلا يقدم عليه أحد إلا إن كان مضطرا أو مجبر أخاك لا بطل،ومن خلال الغربة فإنه يفقد الأرض و الأهل، فهما مرتبطان مع بعض حيث أن الوطن مقرون بالمكان و الأشخاص الذين يعيشون فيه،
فقد الأحبة يعتبر غربة، يقال: (من فقد أحبّتَه صار كالغريب بين الناس،وإن لم يفارق وطنَه) و البعد عن الوطن للهجرة أو للعمل أو النزوح يعتبر غربة فالغربة هي البعد عن كل ما هو عزيز.
نحن في بلد يعتبر قبلة لكل العرب و المسلمين و حتى الجاليات الصديقة لما فيها من أمن و مستقبل و رغد العيش (اللهم أدم علينا نعمة الأمن و الأمان) و لدينا من المغتربين عن بلادهم أكثر بكثير عن المواطنين، فتحية إجلال و احترام و تقدير، و رسالة محبة و سلام لمن اغترب عن وطنهو جاء إلى أرض السلام و المحبة، و أتمنى كما يتمنى كل المواطنين أن يعتبروا دولة الإمارات بلدهم الثاني و مستقبل أبنائهم، فنحن لا نستطيع أن ننسى من ساهم في رفعة هذا الوطن و ما بذلوه من جهد في بناء الدولة.