من هو التالي ؟

رغم انشغال وقتي و تركيزي على تحسين دخلي المادي و حتى العاطفي

و رغم نحسار ذلك الوقت الذي لا يكاد يأتي حتى يمضي

أفاجأ برنين هاتفي النقال

بخبر وفاة احدهم او ولادة أحدهم

تكاد نفسي ان تخرج حينما ألقى تلك الأخبار سواء بذهاب نفس ام قدوم اخرى من و الى هذه الدنيا

أغبط تلك النفس القادمة التي ستغمر بذلك الحب و الحنان و الدفء من ذوية عسى ان يكون ذلك المولود بارا ً بوالديه

محسنا معطاءً لدينه و وطنه ،،

فجعت قبل أيام معدودة بوفاة أب صديقي المقرب

لا أخفيكم اني لم ألتقي به الى بضع مرات حيث خادمه اما ذاهبا ً به الى المسجد او عائدا ً

فكان ظهوره مقصورا ً على حد علمي بذلك المكان

فجعت به حقا ً وهو لم يكون من المقربين

أخذت نفسي بالاهتزاز و التلفت يمينا ً و يسارا ً

مابالك يانفسي كل ذلك لأن أحد البشر قد فني ؟

مابالك خائفه مرتعدة ؟

.. دعني فما بي أكبر

تخبطات نفسي و كل ذلك الاحباط كأن خسرت ما كنت املك في ثواني !

استغرقت وقتا ً ليس باليسير و انا أقلب تلك الرسالة التي تحمل في طياتها خبر الوفاة

أدركت في نفسي سؤال جعلها تهتز كأنها جان

من هو التالي ؟

بالامس شاب لم يتجاوز العشرين

و اليوم عجوز تجاوز الثمانين

من هو التالي ؟

أخذت نفسي تردد مابالك ؟

أخيرا ً ادركت لما انا منكسره و مملوءه بالحزن

أعملت حقا ً لتلك اللحظه ؟ ام ستجعل هذا السؤال يراود من سيرثك ؟

أحقا ً تعمل للآخرة ؟ ام لهذه الدنيا ؟

لأجل أن احيطك علما ً لن يدفن معك أحد

و لن تأخذ من هذه الدنيا سوى افعالك أقوالك حسناتك و سيئاتك

!

وقفت عند مكتبي مترددا ً حائرا لم يقوى جسدي حتى على الاستمرار بالوقوف جلست على الأرض

أنظر الى تلك الجدر و ماتحمله من ضحكات أبنائي و ابتسامات زوجتي

انظر لذلك الكرسي الذي يدور و يدور و يدور

خيل الي أنه مثل قلبي يدور

فهل من مستقر ؟

ذهبت باليوم التالي لأزاحم المصلين و المعزين بوفاة من كان و لا زال غالي الأثمان عند صديقي العزيز

ذهبت و انا رابط على قلبي أجر نفسي جرا ً

أجبرها على القدوم كمن يجبر ابنه الصغير للذهاب للمدرسه في يوم ممطر و بارد

دخلت المسجد و رأيت جموع الناس و اكتضاضهم سألت من صاحبني أوندخل فعلا ً ؟

كأن نفسي بدأت بالانتصار !

احس صاحبي بخوفي من تلك اللحظه

أخذ بيدي و قام بسحبها الى الأمام متقدما ً

رأيت صديقي العزيز

دموع قد حبست بمضاجعها تريد الفرج

دموع قد شكلت في وجهه أودية من الحزن و الانكسار

سلمت و ملئ يدي ترتجف أكاد أخفيها و امد يدي سريعا لكي لا يلحظ احدهم سقم يدي و انتفاضها

أحدهم قد لبس النظارات الشمسيه في عقر المسجد

محاوله يائسه لحبس تلك الدموع التي ملئت لحيته

أحدهم لا يكاد ان يقف ليستقبل العزاء

احدهم لم يملك اي وقت لسد طوفان عينه من تلك الدموع المنهمرة

ذهبت منصرفا عنهم لجعل من خلفي يعزي

وقف الزمن لمده يسيره

اصبح الجميع لونهم بالأبيض و الأسود كأني دخلت الحقبه الماضيه من عصر التلفاز القديم

انظر خلفي و أمامي

توقفت لأجل ان استوعب قرصت يدي و صفعت خدي

وضعت يدي على قلبي أكاد اجزم ان قلبي ينبض بجيبي الايسر

ضربات قلبي مفزعه

نظرت الى امام الجموع وجدت لافتة كبيرة قد خيلت لي

كتب بها :

من هو التالي ؟

أسأل الله الكريم بمنه و فضله ان يرحم عبدة ( محمد بن فارس العصيمي )

و أن يلهم أهله الثبات و الصبر

اللهم اجهل من قبره روضه من رياض الجنة

اللهم ارحمه و اغفر له

تحياتي اخوكم /

عبدالعزيز المنصور