• ﷽ 

Image title

صاحبنا رجل على الطراز القديم ودائما يحكي قصص آباءه وأجداده وتاريخهم العظيم من وجهة نظره ونظر مجتمعه الذي يعيش فيه.

وكلما شاهد إحدى أبناءه صاح به مادحاً أمام الجميع ،، هذا حفيد  فلان الفلاني الذي توفي في غابر الزمان ،وهو يسترسل في المديح ،ويقول أنه يشبهه خلقاً وخٌلقاً حسب الأوصاف التي سمعها من أبيه وأعمامه الذين توفوا كذلك !!

لكن صاحبنا الذي يجلس متكئٌ في مجلسه وهو يتبجح أمام الجميع بأجداده وماضيهم الذي قد يكون ماضي سئ ومزيف في كثيراً من جوانبه، ويشرع ويذرع في مدح إبنه الذي أخذ الجانب الآخر من المتكأ، وهو في كامل إناقة الرجل الخليجي بالثوب المطرز والشماغ البسام، ربما لم يشاهد صور إبنه على صفحات 'الفيس بوك ' وقصة شعره التي تشبه عُرف الديك شكلاً ومضموناً ، وهي تذكر الناس بالمصارع والممثل 'مستر تي' وقصة شعره الغريبة والمضحكة ،والتي تخفيها الطاقية البيضاء وشماغ البسام، صور تدل على تأثره بالهيبيين وعباد الشيطان الذين نشاهدهم في الأفلام الأمريكية.

كذلك لم يشاهد صور إبنه وملابسه المبتذلة وهوفي وضعيات لاتليق حتى بربع رجل وهو يؤشر بأصابعه ويخرج طرف لسانه ،ما يؤيد أنه من أتباع إبليس اللعين! حتى وإن لم يكن فعلاً كذلك.

وهذه وإن كانت في نظر البعض شئ غير مهم وربما يعتقد أن الأمر مؤقت ولكنه في نظر بعض علماء النفس إنفصام في الشخصية يعيشها هذا الإبن الذي تجاوز الثانيةوالعشرين من العمر . 

مسكين صاحبنا الذي يعيش في الماضي بكل تفاصيله ولكنه يجهل الواقع، أو ربما هو يتجاهل الواقع الذي يعيشه أبناءه وكثيرا من أبناء المسلمين في عصرنا الحاضر وهو ليس وحده في هذا الأمر ولكن معه أناس كثير يعيشون في حيرة الحاضر ويهربون بأنفسهم للماضي لعل فيه شئ من العزاء لهم.

علينا أن لا نخدع أنفسنا في قضية تغريب أبناءنا وبناتنا من خلال القنوات التلفزيونية التي تدار بأيدي عربية خبيثة هدفها تغريب المجتمع والقضاء على قيمه وعاداته الأصيلة والزج به في حالة إنفصام للشخصية لكي يكون تابعاً ذليلاً من غير هوية ولا تراث حقيقي يستند إليه.

وكذلك يساهم في تغريب هؤلاء الأبناء إبتعاثهم للخارج وهم غير محصنين ضد الثقافات الغربية ،مما يجعلهم صيداً سهلاً والتي يتأثرون بها سريعاً نتيجة عدم معرفتهم معرفة كافية بتراثهم العربي والإسلامي الأصيل والذي شوهته المسلسلات الخليجية في القنوات الخليجية الماجنة وبأموال خليجية، فلم يعد يعتز ذلك المسكين بتراثه وعاداته الطيبة ،وأصبح يبحث عن تراث جديد يقلده ولو على حساب دينه وقيمه.

وللأجهزة الذكية دور كبير وخطير في تجاوز الحدود والدخول إلى متاهات الشبكة العنكبوتية من غير حماية فعالة للنشء من مخاطر الثقافات الغربية الغريبة والمنحرفة.

أبناءنا وبناتنا، فلذات أكبادنا، بحاجة إلى تربية شاملة ترسخ فيهم القيم الأصيلة والعادات الحميدة والإعتزاز بماضيهم التليد والتطلع نحو مستقبل مشرق واعد، وليس تركهم عرضة للضياع في دهاليز الظلام والأنترنت وقنوات الفحش.

وهذا الأمر لم يعد مسئولية الأب والأم وحدهم حيث إنفرط العقد من أيديهم،

بل هذه مسئولية الدول الخليجية خاصة التي مازال في ولاة أمرها رجاء ،، بحيث تتبنى مشروعاً إعلامياً تربوياً تقوم من خلاله بتوجيه المجتمع للمسار الصحيح، ومخاطبة الأسرة كاملة وبوسائل خاصة كإعلانات ولوحات إرشادية في جميع الطرق وأمام الأسواق والمدارس والحدائق العامة تستهدفهم وتخاطبهم مباشرة ،وإبراز القدوات الصالحة وإعطاءها المكانة التي تليق بها ، فعلى عاتقها تقع المسئولية والحكومات هي من يملك الإمكانات والوسائل التي ستساعد هؤلاء الأجيال على تلمس طريقهم نحو المستقبل حتى لا يضلوا سواء السبيل. 

أكتفي بهذا ودمتم

حامل المسك1