شيء رهيب تلك السوناتا، و خصوصًا البريستو! والموسيقى بصفةٍ عامة شيءٌ رهيب، ما هي بالضبط؟ كيف تستطيع أن تُحدِث ما تُحدِث؟ يقولون أن الموسيقى تحرّك الروح. غباء! كذبة! إنها تعمل، إنها تعمل بشكلٍ مرعب (أنا أتكلم عن نفسي)، و لكن ليس بطريقةٍ نبيلة. إنها لا تعمل بطريقةٍ رافعة أو خافضة، و لكن بطريقةٍ مُهيّجة، مزعجة. كيف أستطيعُ أن أعبّر عما أقول؟ الموسيقى تجعلني أنسى حالتي الحقيقية. إنها تنقلني إلى حالةٍ ليست تخصّني. تحت تأثير الموسيقى أخالُ أنني أُحس ما لا أحسه حقيقةً، أنني أفهم مالا أفهمه، أنني أملك قوىً لا أستطيع أن أنالها. يظهر لي أن الموسيقى تشتغل كالتثاؤب أو الضحك، أنا لا أحس برغبةٍ بالنوم، ولكني أتثاءبُ عندما أشاهد أحدهم يتثاءب، أضحك بدون سبب عندما أسمع أحدهم يضحك. الموسيقى تنقلني مباشرةً إلى تلك الحالة الروحية التي وجد مؤلف الموسيقى نفسه فيها عندما كتبها. أصبحُ متداخلاً مع روحه، و معه أنتقل من حالةٍ إلى حالة. و لكن لماذا كل ذلك؟ لا أعرف شيئًا. فقط ذلك الشخص لذي كتب سوناتا كروتزر كان يعلم جيدًا لماذا وجد نفسه في تلك الحالة. تلك الحالة قادته إلى تصرفات معينة، ولذلك السبب هي تملك معنىً بالنسبة إليه، و لكن بالنسبة لي، لا شيء، لا شيء إطلاقًا! ولهذا السبب الموسيقى تعمل هياجًا و لا تسمح لذاك الهياج كي يصل خاتمته و تلاشيه. على سبيل المثال، الموسيقى العسكرية تُعزف، العسكري يخطو على نغم تلك الموسيقى، الموسيقى تنتهي. موسيقى رقصة تُعزف، أنتهي من الرقص، الموسيقى تنتهي. موسيقى القدّاس تغنى، أستقبل بركة الراهب، وتنتهي الموسيقى. ولكن كل أنواع الموسيقى الباقية تثير هياجًا، وذاك الهياج لا يرافقه الشيء الذي يحتاج أن يُفعل، و لهذا السبب الموسيقى خطرة، و بعض الأحيان تشتغل بطريقة مرعبة. في الصين، الموسيقى تحت إدارة الدولة، هكذا يجب أن تكون الأمور. هل من المعقول أن تسمح لمنوِّم مغناطيسي أن ينوم أحدهم ثم سواه، ثم يفعل بهم ما يحلو له؟ و خصوصًا إذا ما كان ذاك المنوّم أول الأشخاص ساقطي الأخلاق الذين وافق أن مروا على بابك؟ إنها قوىً رهيبة يُباح لأية يد أن تملكها، مهما كان ذلك الأحد؟ على سبيل المثال، هل من المعقول أن يسمح لهم بعزف سوناتة كروتزر -البريستو الأول تحديداً- في قاعاتٍ تمتلئ بالفتيات اللاتي يلبسن فساتين ذات فتحات عنقٍ منخفضة؟