○ صدقوني يا جماعة الخير!، كل أنواع الأنفلونزا كوم ، والأنفلونزا الاسترالية كوم آخر!!، حتى انفلونزا الخنازير وانفلونزا الطيور بل حتى انفلونزا القطط وانفلونزا الفيران بجوار هالمقصوفة الرقبة (الاسترالية) ولا حاجة وليست شيئًا مذكورا!! ، أنا طول عمري (متفلونز) في كل شتاء منذ ايام طفولتي حتى الشتاء الماضي لكن مثل هذه (الاسترالية) عمري ما شفت وعمري ما جربت!! ، فهي – وقاكم الله شرها - ما إن تقتنصك على حين غرة من خلال عطسة عابرة حدثتْ بجوارك - بحسن نية - في إحدى مشاويرك اليومية في المواصلات العامة حتى (توريك النجوم) في عز الظهر!، وتبهدلك وتكركرك من رجليك على الارض وتغرس أظافرها في حلقك، ثم وبعد عدة ايام حينما تكون حضرتك قد صرتَ في حالة يُرثى لها تتظاهر هذه الاسترالية بأنها على وشك الإنسحاب وتركك في حال سبيلك وتأخذ في لملمة حقائبها كأنها تريد العودة من حيث أتت أي استراليا ، فيفرحك ذلك كثيرًا فتستعيد حيويتك وتركض محاولًا استرداد نمط حياتك اليومية العادية، ولكن يا فرحة ما تمت!، فما إن تقصد سريرك عند حلول الليل حتى تكتشف في منتصف الليل أنها نائمة بجوارك في نفس الفراش بقرونها!!، وحين تهب مفزوعًا من شدة الصدمة تفتح عينيها وهي تبتسم لك ابتسامة (اسماعيل ياسين) في فيلم (مستشفى المجانين)!!، وتعود فتنبش أظافرها ومخالبها في حلقك وتبهدلك آخر بهدلة فتجد نفسك قد رجعت للمربع الأول مرة اخرى ، حرارة وسعال ورقبة مجرحة جروح عميقة تؤلمك بشدة حتى لمجرد شرب الماء!! ، وتظل هذه الاسترالية – سيئة الذكر – ترفسك برجليها وتلكمك بذراعيها كأنها حيوان (الكنغر) الاسترالي الهائج الذي يجيد فن الملاكمة بالفطرة !، فيما تظل أنت تتلقى كل هذه الرفسات والركلات واللكمات والعضات مُسلِّمًا امرك لله! ، ومع شدة وطول المعاناة تذهب للطبيب مع انقضاء الأسبوع الافتراضي للانفولونزا فيقول لك: (ليس لدي ما أقدمه لك سوى أن أنصحك بالتزام الدفء وتناول الحبوب المسكنة للألم والمضادة للحرارة كل 4 ساعات والغرغرة بالماء والملح!!) ، تنظر للطبيب بعينين زائغتين وأنفك يقطر ألمًا وأشياء أخرى!!، وتقول لنفسك في استغراب واستنكار: (هل هذه آخرتها!!؟؟، فهذه النصائح العامة حتى جدتي تعرفها (!!) ومش محتاجة لا شهادة دكتوراة ولا موعد طويل عريض في العيادة !!) ، فتشد الرحال للصيدالية وتشرح لسعادة الصيدلي ذي الملامح الهندية ظروفك الصحية ومعاناتك النهارية والليلية مع السيدة سيئة الذكر (الأسترالية) وعمايلها السودة معك خصوصًا قصة غرس انيابها في جسمك ونبش مخالبها في حلقك بتلك الطريقة الداعشية الارهابية العنيفة!!، فينظر إليك السيد (الصيدلي) من أعلى رأسك، متأملًا نوع قبعتك، إلى أخمص قدميك بنظرة تقيمية ويدقق النظر جيدًا في نوعية حذائك الذي تنتعله!!، ثم يفرك يديه في حماسة ويخبرك بأنه يوجد لديه (بخاخ) يفيد حالتك، ويستفيض في شرح فوائده السبعة لحالتك مؤكدًا لك بانه مسكن موضعي فعال لألام الحنجرة، ثم يفرقع بأصبعيه ويقول لك في ثقة مطلقة: (بخة واحدة وتجد كل الآلام طارت في الهواء!!) لينهي شرحه متظاهرًا أنه متعاطف معك لأقصى حد بعبارة: ((ولكنه غالي الثمن قليلًا يا سيدي)) !! فتشعر بحماسة منقطعة النظير لاقتناء هذا البخاخ السحري العجيب وتنظر إلى إلى ذلك الصيدلي وهو يحمله في يده اليك كما لو أنه (المهدي المنتظر) الذي سيزيل عنك مظالم هذه الاسترالية اللعينة ويملأ جسمك صحةً وعافيةً كما مُلئت مرضًا و رهقًا!!، فتخرج محفظتك، على عجل، وتضع جميع ما فيها أمام الصيدلي كما لو أنك تقول له : "خذ ما تشاء يا سيدي من النقود ولكن (أنا دخيلتك) خلصني من هذه الاسترالية الملعونة"!!، يخطف منك نقودك على عجل ويناولك البخاخ المذكور وهو يقول لك بلهجة وثوقية قاطعة : (بخ منه ثلاث مرات في فمك كل ثلاث ساعات وستجد نفسك مرتاح 100% و24 قراط) !! ، فتخطف بيدك قنينة البخاخ وتطير بها نحو البيت وأنت تكاد أن تطير من شدة الفرح معتقدًا بأن رحلة أوجاعك العربية وسط ديار الغربة - وبعد أسبوع كامل من العذاب المهين وأنت تتخبط في قبضة الاسترالية - على وشك الانتهاء وأنك ستخلد للنوم أخيرًا بلا لكمات ولا رفسات الكونغر الاسترالي ودون احساس بمشارط مخالبه على رقبتك من الداخل!، ولكن سرعان ما ينتهي شهر عسل أحلامك وأوهامك وتجد نفسك وجهًا لوجه مع الحقيقة المرة!، ( ويا فرحه ما تمت!)، فبالرغم من استعمال البخاخ بالبخ في داخل فمك نحو حلقك ثلاث مرات كل ثلاث ساعات كما أرشدك الصيدلي فإن شيئًا لم يكن ولم يتغير أي شيء!!، فالكونغر الاسترالي ظل يرفسك ويلكمك ويخنقك وهو يضحك ويُلعّب لك حواجبه ويقول لك بلهجة ساخرة مرددًا مرارًا وتكرارًا : (يا حبيبي!!، بخ أو لا تبخ !!، بخ لغاية صبح بكره أنا مش راح أسيبك!!) ... تنظر إليه في مزيج من الرعب والاحباط الشديد ورأسك يغلي كالمرجل ويرافق ذلك الغليان شيء من الدهشة التي اعترتك بسبب مخاطبته لك باللهجة المصرية لا بالانجليزية ذات اللكنة الاسترالية!!.. بل ومن شدة الحرارة تعتقد أنه أحيانًا وبدل أن يصفك ساخرًا بقول (يا حبيبي!) باللهجة المصرية يخاطبك باللهجة الشامية بقوله: (يا زلمي)!! .... تتعجب من ذلك وتقول في سرك: ("لك"!!.. منذ متى والكناغر الاسترالية تتحدث باللهجة الشامية "أولوه")!؟؟؟، وهكذا تجد نفسك وسط هلوسات حمى الحرارة تتحدث تارة بالمصري وتارة بالشامي !!.. وتستغرب من نفسك !، ولكنك سرعان ما تتذكر بأنك هذه الأيام وقد أصبحت قعيد الفراش بسبب ما فعلته بك هذه الاسترالية أخذت تتابع مسلسل (الخربة) الرائع لتمضية الوقت والبحث عن ما يسليك وينسيك همومك وهموم بلادك المحروقة وحالة العالم العربي المخجلة ويبدو أنك كنت قد اندمجت مع حلقات المسلسل حتى أصبحت كأنك من سكان تلك (الخربة) الطيبة الهادئة قبل أن تداهمها الإنفلونزا!، انفلونزا الخنازير!! ولعل وسط كل تلك (الهردميسه) بسبب ارتفاع الحرارة اختلطت خطوط شبكة الدماغ فاختلط الحابل بالنابل وبدل أن يخاطبك الكونغر الإسترالي بالإنجليزية حدثك تارة بالمصري وتارة بالشامي مرددًا "أولوه"!!..... فهو يعبث بك وببقايا قواك العقلية المتضعضعة وسط كل هذه النيران الحارقة!!... هكذا فسرت الأمر، وربما بطريقة نظرية المؤامرة بنسختها العربية المدهشة!! .. ومن يدري!؟؟ فقد لا يكون الأمر كذلك!.

○ الشاهد !
أنني رميت ذلك البخاخ اللعين عديم الجدوى في الكناسة من شدة قهرتي وانا أسب ذلك الصيدلي الذي ورطني فيه وابتلع نقودي على الفاضي!!، وتركتُ العقاقير والأدوية الكيمياوية وراء ظهري كلها وشتمت (سلسبيل) الذين خلفوها وشددتُ الرحيل لعالم الطب البديل في العالم الافتراضي العجيب!.. وابحرت بقاربي يحدوني الأمل في محيطات العلاج بالاعشاب وخلطات العسل والزنجبيل والكمون والكركم والليمون والبصل والثوم، والكرات ووووو....الخ .... وشاهدت مليون يوتيوب بالخصوص!!، وتناولت كمًا هائلًا من شتى أنواع الاعشاب الطبية وشربتُ ألوف الأكواب من خلطات البركة والطب الشعبي والطب البديل ولكن - والله صدقوني – كأن شيئًا لم يكن!، فأنا، في نهاية المطاف، حتى بخفي - طيب الذكر - السيد (حُنين) لم أعد !، فلم تؤثر كل هذه الاعشاب وخلطات البركة والوصفات الشعبية في السيدة سيئة الذكر (الاسترالية) ولو بملي جرام واحد ولم تزحزحها من فوق صدري وحنجرتي ولو ملي متر واحد بل ولا حتى (قيد أنملة)!!، بل والله العكس هو الذي حدث!!، فكأن الاعشاب المنقوعة في العسل والليمون زادتها قوة على قوة وعنفوانًا على عنفوان وحيوية على حيوية!، فصارت تشطح وتنطح!!، تخيل معي (كونغر استرالي) وقع في وليمة لذيذة من العشب والعسل!!، فماذا تتوقعون!؟؟، يا عيني والله!!، الحال كحال (بدوي جائع ووقع في عصيدة بالسمن والرب!!) وكأني بتلك الاسترالية اللعوب وهي في قمة الشماتة بي تغني مزهوة بلهجة ليبية صاخبة : (هذا وين تقاوت ناري!!.. هذا وين تقاوت ناري)!!.....وهكذا وبدلًا من أن يتغذى جنود جهاز مناعتي المكلف بحراستي وحفظ أمني الصحي على كل هذه الاعشاب وأنهار العسل والليمون والكركم تحولت كل هذه الأخيرة إلى ولائم تتغذى عليها فيروسات الانفلونزا الاسترالية اللعينة التي أخذت تلعق أصابعها في سرور وتلذذ وهي تصيح في شراهة ولهفة: (هل من مزيد!؟.. هل من مزيد!؟؟) .

○ الشاهد!...
أن هذه الأنفولونزا الاسترالية حرنتْ ثم كنغرتْ وطاب لها المقام في جسمي وهاصت ولاصت وحاست وباست بل وأخذت ترقص رقصة استرالية على ايقاع ضربات قلبي المجنونة التي تشبه ضرب الطبول البدائية بينما صدى ايقاعها الصاخب المزلزل يتردد في دماغي بشكل رهيب!.. وظلت هذه الاسترالية اللعينة ترقص وسط بيتي في شماتة فيما أنا وبعينين محمرتين مغرورقتين بالدمع - وأنفي يقطر ألمًا وأشياء أخرى! - أنظر إليها في يأس واحباط !!!..... وعندها وأنا وسط هذه المحنة الحزينة اتصل بي أحد الأصدقاء القدامى وسألني عن أحوالي وأخبرته بالحال فشككني في الموضوع برمته قائلًا: (وما أدراك أنها استرالية!!؟؟) ثم أردف: (قد تكون الأسبانية أو الصينية أو حتى الإسرائيلية!!؟) فضحكت رغم مرضي - وشر البلية ما يضحك - حتى اختلط ضحكي بسعالي فلا تدري أضحك هذا؟ أم سعال ديكي!؟؟ ... فقلت له ممازحًا: (ولماذا لا تكون عربية!!؟؟) فصاح متحدثًا بكل جدية قائًلا : ( فال الله ولا فالك يا شيخ!!) ، فقلت له مستغربًا : (إلى هذه الدرجة!؟؟؟) ، فقال وكأنه يصيح من شدة الفزع : (وأكثر!!) ثم أردف : ( ألا تتابع الأخبار وما يجري في العالم العربي يا زوول!؟؟) ، واستغربتُ مخاطبته لي بعبارة (زوول) فهي عبارة من اللهجة السودانية وهو كما أعرفه عراقي من أصل كردي كما أنه يعرف جيدًا أنني ليبي ولست سودانيًا !!، فلماذا – إذن - خاطبني بعبارة (يا زووول) السودانية!؟؟، ولم يبق لي من تفسير إلا أن (مقصوفة الرقبة)، وأعني الحمى الاسترالية، عادت كعادتها السابقة لتعبث بخطوط ووصلات دماغي مرة أخرى فتقوم بخلط الأوراق بطريقة خبيثة متعمدة فتخلط (الشامي) على (المغربي) و(الحضري) على (البدوي) من باب تشتيت ذهني أو على طريقة (فرق تسد)!!، خصوصًا أنني تذكرت بأنني كنت قد تابعتُ وشاهدت الأيام الماضية خبرًا مصورًا في قناة BBC الناطقة بالعربية عن مشروع لمكتبة متنقلة تطوف الشوارع في الخرطوم!، ومن يدري!؟ ، فقد تكون الحمى الاسترالية خلطت الحابل بالنابل هنا كما فعلت هناك بعبارة (يا زلمي) الشامية!!؟...

○الشاهد هنا...
أنني ودعت صديقي العراقي وأغلقت سماعة الهاتف وأخذت أفكر في أمر هذه الانفلونزا التي أصابتني في عز الصيف وما جنسيتها وطبيعتها!؟ فهي من حيث كونها (انفولونزا) فهذا أمر واضح لا شك فيه ولا جدال فيه ولن يتناطح فيه عنزان أو حتى ثوران!!، لكن المعضلة هنا هي من أي أجناس الانفلونزا هي؟؟ هل هي أسبانية أم استرالية أم بريطانية أم أممية أم هي عربية!؟ ، وأنتهى بي الأمر إلى أنها لو كانت انفلونزا عربية فالدليل سيكون هو أنني سأرى (الفيل يطير!!) في الهواء مثل العصافير!!... فهذه أهم أعراض الانفلونزا العربية على المشهور!، فلو حصل هذا فهي بلا شك عربية 100% !، لهذا أحضرتُ صورة ضخمة لفيل يمشي على الأرض وعلقتها على الجدار الذي أمامي وأنا مستلق على السرير لعل وعسى استيقظ في اليوم التالي فأجد هذا الفيل وقد طار!! ، فتصبح الصورة أمامي واضحة كالشمس في رابعة النهار !، ولتنتهي كل هذه القصة وتعود المياه لمجاريها كما كانت قبل الخريف العربي............ ويا جبل ما تهزك ريح!!!.
******************
اخوكم العربي (الاسترالي) المحب : سليم نصر الرقعي
2018
(*) ملاحظة بالتاريخ الراهن: هذه القصة حصلت معي من قبل عصر الكورونا الصينية التي ارعبت العالم والتي كنت قد حاولت – بكل ما أملك - أن أتفادها واتفادى فخاخها الصينية الماكرة بكل الطرق ونجحت في ذلك بفضل الله إلى حد كبير ولكن ما إن أعلن العالم انهاء حالة الطوارئ وخروج الناس في الشوارع ابتهاجًا بنهاية الحرب العالمية الثالثة (!!؟؟) حتى وجدت ذات صباح هذه الصينية الماكرة ذات العينين الضيقتين وهي نائمة معي في فراشي بلحمها وشحمها!!.. وتلك قصة أخرى قد احكيها لكم ذات نهار آخر!