Image title

في الثامن والعشرين من ديسبمر ٢٠١٤ عند شاطئ البحرالأحمر بينما كنتُ أتأمل هدوء البحر وصفاء السماء، حدثتُ نفسي كم يحمل البحر في داخله من كلمات؟ وأين يلقيها؟ ومن يحملُ عِبأَها سواه؟ 

كان أحمد يقف بجانبي، ولأول مرة لايحيط بنا سوى معالِم الكون الفسيح، لا أحد من المتسلطين ينتظر هفوة ولا أحد يجرّ أذنه كي يسترق السمعَ

تلاطمت الأمواج واحتدت، أعانتني حينئذٍ على الاحتدادِ، فوجدتني أتحدث بجرأة ما اعتدتها
تركتُ البحر يصارع وبدأ دوري نظرت إلى أحمد قائلة: "أستحلفك بالله ألا تتركني هزيلة، أنا لا أشكي لأحدٍ حتى لو بلغت أحزاني ملأ السماوات والأرض
فاسألني دونما تردّد، واسحب مني الكلام سحبًا، قد يخيلُ إليك أنّني أرقصُ فرحًا وقد تراني أنشُر هنا وهناك الأملَ، ولربما تُصدم بحديثي عن السعادة المنتظرة، لاتلفت نحو هواجسك المختلقة ولاتصدق ذلك، فتلك مهمتي بصفتي كاتبة، أخبرتني يومًا أنّني أفعل أشياء مخالفة للواقع، وأنّك سمعتني أقول كلامًا متواريًا خلف الحقيقة!
لكنّه يحرّك بداخلك شيئًا ما، ماكنتُ أسعى لاستعطافك ولهذه النبرة التي جئتني بها.
ولا أذكر أنّي طلبتُ منك أن تسمعني فالجميع هنا ولله الحمد لهم آذان ويسمعون!
افهمني فلا أحد يكلّف نفسه ويفعل ذلك، بحاجة ماسة لأن تفهمني؛ كي تتلاشى الضبابية التي حالت بيننا وتتمكن من رؤيتي الحقيقية، أنا لستُ عادية ولا أشبه الأنثى الشرقية ولا الغربية -مختلفة جدًّا- وذلك الاختلاف لمْ يكنْ معي دومًا، قد خانني في كثير من المواقف، فلا تكن كما الاختلاف يأتي بغتة ويغيّر كل شيء ثم يرحل بضميرٍ يشبه العدم.
هدأت الأمواج، وعادت الكلمات إلى السبات
أمعنتُ في ملامحه بحثتُ من خلالها عن إجابة تعيد إليّ اتزاني، بدا جليًّا أنّ حديثي هزّه بعنفٍ وغيّر تفاصيله إلى حدٍ كبير.
صمتَ حتى أصبح الصمت سيد المكان، وحتى اندثرتُ أنا شيئًا فشيء، كان يعلم أني أكره صمته، يتقنُ ببذاخة كيف يستهلك نقاط ضعفي ويجعلني فارغة بلا أدنى قوة أستطيع الوقوف بها على قدمي، وليته يعلم أنّ صوته ينساب إلى فؤادي، فيروي ماجفّ في أعماقي؛ كي أنمو وأتفرّع.
رمقني، كدتُ أسقط في بئر عينيه لولا أن تماسكت، دعوتُ في نفسي أن يهبه الله القدرة على كسر حاجز الصمت، قبل أن أُكسر وأُهزم.
يُدرك جيدًا بأنّني ولدتُ مع الكلمات وأنّها تمدني بالدفء، فحاول أن يجرّدني من دفئي ويكسوني زمهريرًا.
التفّ إلى الناحية الأخرى لم أعد أرى وجهه؛ كي أحلّل وأستنتج
سألته، إلى أين؟
توجه نحوي بابتسامة أخذتني من نفسي
قائلًا: إليكِ.. إلى حيثُ يميلُ قلبي.
أتاني مولّعًا بالوله وكأن شيئًا لمْ يحدث، لايهم فقد اعتدت الأمر.
في اليوم التالي أرسل لي برقية بطريقة تقليدية كتب فيها
(لقد تحدثتِ في الأمس حديثًا طويلًا، وكان عليّ أن أردّ ردًّا كذلك؛ إلّا أنّي لمْ أفعل، العلة ومافيها ياسيدتي أنّ السكون يتلبسني في رحاب عينيكِ
كما يقال: "الصمتُ في حرم الجمالِ جمالُ").
تخللت تلك الكلمات إلى رئتيّ وجعلتني أتنفس، جعلتني ألهثُ وراءها بلا تفكير أو ترتيب؛ فكلمات المحبّ كالريح حيثما تهوي نهوي معها.
كان حبّه يقينًا مغروسًا بداخلي، إلّا أنّ الحبّ وحده لايكفي كيْ يحيى الفؤاد بسكينة، كان حبنا أوهن الحبّ لأنه لمْ يُثبّت منذ البداية بركيزة التفاهم والثقة، مما جعلنا في دوامة لاضفاف لها ولامخرج.
الخامس من إبريل ٢٠١٥ أصبحنا نقعد مقاعد المخذولين، ونودّع الحبّ الذي جمعنا، ها نحنُ اليوم على حافة الانهيار ننتظر حتف قصتنا.


ولاء حسان الشيخ موسى