الحكيم: بشرطها وشروطها
حيدر حسين سويري
أية خطوة تأتي من أية شخصية، محلية او إقليميه او دولية، فتكون في مجالها الصحيح، يجب على الجميع مباركتها ودعمها، ذلك لمن يجعل الصالح العام نصب عينيه واهتمامه الأكبر.
تأتي زيارة السيد الحكيم الى المملكة السعودية، خطوة رائعة جداً وفي توقيتها الصحيح، ذلك انها تحمل عدة رسائل مطمئنة للشعبين الشقيقين (العراقي والسعودي) بالإضافة الى باقي شعوب الشرق الأوسط من جيران وغيرهم، ويأتي السؤال: لماذا تأخرت هذه الزيارة واخذت وقتا طويلا؟
قد نعلم ان هذه الدعوة قُبلتْ بعد رفض اخواتٍ لها ثمان سبقتها، ذلك ان السيد الحكيم كان يشترط ان يكون له لقاءات مع الشيعة في الأحساء والقطيف، أو على الاقل بعدد من وجهائهم ورجال الدين، خاصة ممثلي المرجعية الدينية الشيعية، قبل لقاء الملك وولي العهد، لنقل مطالبهم ومحاولة رفع الحيف عنهم، كذلك اشترطه عليهم مناقشة الوضع في اليمن مع القيادة السعودية والتطرق الى قضية شيعة البحرين.
نستنتج من هذا ان القيادات السعودية وافقت على شروط السيد الحكيم حتى وافق الأخير على قبول الدعوة (بشرطها وشروطها). ويأتي السؤال الثاني: لماذا كانت السعودية ترفض شروط السيد الحكيم؟
كان الجانب السعودي يرفض شروط السيد الحكيم بحجة أنهم قد حجَّموا من صلاحيات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الوقت الحالي، ومجيئ السيد وزيارته للقطيف سوف ترسل رسالة تخويف وتهديد للوهابية هناك، فالانفتاح الكبير للمملكة على أفعال كانت محظورة سابقاً، من حفلات وغناء وغيرها، آثار قلق وحفيظة الوهابية (المذهب السائد للسعوديين) بأن هذا الانفتاح سيشمل الشيعة ومنحهم حرية إقامة الشعائر الخاصة بهم، وأن وصول سيد عمار الحكيم قد يكون أكبر دليل لديهم على تحقق هذه الهواجس.
هنا يأتي السؤال الثالث: لماذا وافقت السعودية على شروط السيد الان؟
الان هم من أرسل مبعوث خاص للسيد وباتصال مباشر من ولي العهد، وذلك بحسب ما نرى لحاجتهم الى عمامة معتدلة، مثل عمامة الحكيم تلتقي بالطيف السني قبل موعد تطبيع علاقتهم مع الجمهورية الإسلامية في إيران.
سؤال رابع لا بُد ان يتبادر الى ذهن القارئ الكريم: هل زيارة السيد الحكيم زيارة دينية بحته أم تحمل بين طياتها بعداً سياسياً لما يحصل في العراق الأن؟
أرى أن السيد الحكيم سينقل للسعودية رسالة تطمين باسم الإطار التنسيقي بشكل خاص، وباسم الشعب العراقي بشكل عام، وحرص العراق على إقامة علاقات متزنة ومتوازنة مع السعودية في المستقبل القريب، وأن ما يحصل في العراق ظاهرة طبيعية لكل نظام ديمقراطي، وأن المسار الصحيح للعملية السياسية لابد ان يسير وفق الأطر الدستورية والبنود القانونية.
بقي شيء...
تعتبر زيارة السيد الحكيم لمدينتي القطيف الاحساء تاريخية، فهي أول عمامة شيعية تزور القطيف بعد آخر زيارة قام بها السيد محمد باقر الحكيم (قدس) قبل ٣٠ سنة تقريباً.