أنا بحاجة للنوم !

الكثير من النوم الهادئ ، كأن أضع رأسي باستسلام على وسادتي الجميلة الودودة ، و أدس أنفي فيها لأشم رائحة مسحوق الغسيل و شيئا من رائحتي ، و أطمئن مجددا أنها آمنة من كل الاختراقات المحتملة ، ثم سألتصق بالجدار .. 

نعم الجدار ، لقد اعتادت أختي الكبرى المتنمرة و المغرورة " آنذاك " على حشري بالقرب من الحائط ، لتنام هي من الجهة الخارجية للسرير ، طبعا كل محاولاتي لتبادل الأماكن معها كانت تبوء بالفشل ، 

في ذلك الوقت ، كرهتها و كرهت وقت النوم تلك المعركة اليومية الذي تفضي الى هزيمتي الحزينة في كل ليلة ...

أما لماذا أصبحت متيمة بحب الحائط مؤخرا لا أدري بالتحديد ، 

لكني أعتقد أننا مخلوقات مرنة قابلة للتدجين و البرمجة حتى في ما يتعلق بمشاعرنا المفترضة ! 

المهم في الأمر .. أن الجدران كثيرة هنا في هذا المنزل و لا مشكلة على الاطلاق في اختيار جدار التصق به و أسكن إليه ، و أعتقد أني لن أقوم بالكتابة عليه بالحبر الأزرق انتقاما من كل شيء كما كنت أفعل و أنا صغيرة ، مع أني "و أقسم على ذلك " أرغب بذلك بشدة .. لكن يبدو لي أن إخفاء علامات الجنون و التوحد واجب حاليا .. 

ثم سأرخي جسدي على فراش من النوع الفاخر جدا لكنه محمول على الأرض ! 

نعم على الأرض ، هل جربتم قبلا وضع مرتبة فخمة على البلاط و النوم عليها ! 

إنها من أجمل التجارب و أكثرها غنى بالراحة و الاسترخاء .. لقد جربت ذلك طويلا لمدة شهور عندما مكثنا في فندق بعد نزوحنا الثاني ، كان الفندق مكتظا بالنازحين و العائلة التي تحصل على غرفة بسريرين محظوظة للغاية ، لذلك كان لا بد من استغلال المرتبة الوثيرة 

ثم استغلال القالب الخشبي المغلف بالاسفنج و الذي كان يحملها كفراش ثاني ، 

كنت أشغل حيزا صغيرا من تلك المرتبة ملتصقة بجداري الغالي الودود متوسدة وسادتي الرقيقة التي دونت على كيسها الداخلي اسمي .. فلا يجرؤ أحد على الاعتداء على أملاكي .. 

المهم ؛ أني بعد كل هذا العناء سأغفو ... ... لأستيقظ بعد قليل مضطربة ، 

أتجول في المنزل ، أتأكد من خلوه من البشر ، أحكم إغلاق الأبواب ، لا بد من إحكام اغلاق الابواب.. هذا المكان مخيف كما يقولون و أنا أصدقهم ، كما أني أكره الغرباء و أكره الموت الذي لم أخطط له بعناية و ترتيب . 

ثم سأعود للنوم مجددا .. ساعة ، ساعتين و ثلاث ، أستيقظ متورمة الجفنين لكني لا أبالي ، 

أحاول التناوم من جديد .. أشعر بوجع و تيبس في جسدي بعد عشرين ساعة من النوم 

فأعود للنوم حتى يزول التيبس .. و هكذا ، 

حتى تتصلب فوق ظهري قوقعة سلحفاة ، و تغطي الأحلام الخضراء جسدي ، 

و عندما يعودون لاستعمالي مجددا .. أقصد لمناداتي مجددا سوف لن آبه ! 

أنا ؛ لست أنا .. و بمرور الوقت سيفهمون أني تغيرت كما تغيرت كل الأشياء من حولي 

و أني لن ألتهم المسافات الشائكة مجددا لأكون بجوار قلوبهم ، 

لن أخاف من البرد مجددا ، ثم أني ميتة مؤقتا حتى يحين الربيع ، 

لن يوكزني اسمي بعد اليوم و لن تتمكن أمي من إيقاظ سلحفاتها بطرق الباب بعكازها 

لن يقتات الحزن على نداوة أمنياتي و لن أسمع نشرة الثامنة المكسوة برماد قلوب الثكالى ، 

و رائحة الدماء ، و لن أحمل ذاكرتي في حقيبة و في كل مطار يسقطون من حملها بضع سنوات ، 

لن أسمح لهم باختصار ذاكرتي من أبي !؟ 

لن أبوح بكلمة واحدة لصديقي الصامت الذي يفصل بيني و بينه سور المصحة العقلية ، و ستنمو عوالق الوحدة على قلبه و جفنيه الجميلين ، أتمنى أن تلتهم بلؤم فمه ..

لن أحبكم .. و لن أكرهكم سأكون مشغولة بالبحث عن عشب ندي أخضر و زاوية آمنة 

أتيبس فيها .. لما تبقى لي من العمر .