ان مصطلح العصبية القبلية يدل على الموالاة بشكل تام للقبيلة ؛ واتباعها اتباع الاعمى للبصير , ونصرتها دائما وابدا بغض النظر عن كونها ظالمة باطلة او مظلومة وصاحبة حق .
والعصبية القبلية لا تقل خطرا وضررا عن باقي العصبيات المناطقية والقومية والعرقية والطائفية والدينية والحزبية والفئوية ؛ فلا يمكننا انكار التأثير السيئ لهذه العصبيات في السلم المجتمعي والامن الاجتماعي والتعايش السلمي .
وهذا البيت الشعري يمثل لسان حال المتعصب :
وما أنا إلا من غُزَيَّةَ إن غوَتْ ...... غويتُ وإن ترشُدْ غزيةُ أرشدِ
يعني أنا من ضمن قوم إن ضلوا فأنا ضال معهم و إن اهتدوا فأنا مهتد مثلهم .
والشخص المتعصب يرى اللحمة العشائرية أهم من قناعاته الفردية حتى وان كانت قناعاته حقة ومطابقة للواقع ..!!
وغالبا ما يرتكز سلوك المتعصب القبلي على ركيزتين هما :
• التباهي بحسبه والتفاخر بنسبه .
• الطعن بأنساب الاخرين وبيان مثالبهم .
وقد يشعر المتعصب بالنقص والاحتياج ؛ لذلك يسعى جاهدا لإكماله بالدعاوى العصبية ؛ وبطلب النصرة من ابناء القبيلة حتى ولو كان ذلك بالباطل , ولعل اشنع صور التعصب القبلي ما يصطلح عليه بالعامية العراقية ب : (( الوليه )) : ويعني تجمع افراد على اساس القبيلة والعشيرة ؛ للهجوم والانقضاض على الطرف الاخر حتى لو كان شخصا واحدا ؛ أو بتعبير أدق : هي أن يحيط جمع من الناس – قليل او كثير – بشخص ضعيف او اشخاص ضعفاء او عزل وينالوا منه او منهم بطرق مختلفة , وقد يتجمع مجموعة من الاشخاص او الغوغاء على اساس المذهب او القومية او المنطقة ... وينقضوا على الاخر المختلف معهم او الاخرين المغايرين لهم وينكلوا بهم , وقد يصل الامر بهم الى التمثيل بجثث الاموات المغدورين ؛ وهي فعل مذموم وغير مقبول على وفق اعراف وقيم الحضارة العراقية المجيدة ويشار اليها وكأنها منقصة وفعل قبيح وليست من الرجولة والمروءة بشيء حتى شاع هذا القول بين العراقيين الاصلاء : ( جا هي وليه ؟) للدلالة على هذا الخلق الذميم والفعل الشنيع , فلا يليق بأن يستقوى على ضعيف وان كان مدانا فضلا عن ان يكون مجرد متهم او بريء ؛ وهذه الصفة الذميمة جاءت الينا - وتأثر بها اسلافنا – من الاعراب الغزاة الطارئين الذين غزوا العراق ابان الفتح الاسلامي والذين واصلوا غزواتهم عليه طوال قرون لاحقة , بالإضافة الى الغزوات الاجنبية الاخرى ؛ مما رسخ هذه العادة الشنيعة وللأسف عند بعضهم, وسوف نتكلم عليها في البحوث والدراسات اللاحقة من هذه السلسلة , ومن ابرز مصاديق (( الوليه )) ما حدث للحسين في كربلاء على يد الشمر ومن لف لفه من جند واتباع الشام والحاكم يزيد الاموي , عندما انهال عليه حشد من السوقة الغوغاء وعتاة العرب ومجرمي الاعراب الطارئين بالضرب والطعن حد الموت , ولم يتوقف الامر عند هذا الحد بل مثلوا بجثته بعد وفاته ووطأته الخيل بحوافره حتى رض صدره ؛ وطالما تكررت هذه الظاهرة في حقب حكم المنكوسين من الطغاة لاسيما في عهد زياد بن ابيه والحجاج والامويين وحكم الاتراك العثمانيين وصدام وداعش ... .
والتعصب، هو سمة من سمات بعض الأَفْرَاد، الذين تغلب عليهم الحمية بالباطل لمجموعة أو فئة لمجرد قربهم منهم، أو معرفتهم لهم، دون النظر لعواقب تلك الأمور؛ لذلك عد خلقاً ذميماً يخرج الإِنْسَان من دائرة الاتزان إلى دوائر الغرائز المنفلتة والاتباع الاعمى .
وعليه قد يوصف صاحب هذا الخلق، بـ ( بعديم الحكمة والعقل ) لأنه تنعدم لديه معايير الحق والعدل، فَضْلاً عن جره إلى الكذب والتدليس، والمبالغة والتهويل أو التهوين، إِضَافَة إلى السباب و التلاعن ، والتباغض والتهاجر، بل الحرب والقتال.
لذا نهى العقلاء وذوو الرأي ؛ بل والإسلام - بنسخته الروحانية و العراقية الحضارية - مُنْذُ صيرورته عن التفاخر بين الناس ، الذي يؤدي بهم إلى العصبية القبلية والتي تؤدي بدورها إلى الشقاق والخلاف والتصدع ، والتفريق بين المجتمع الواحد ، بل وتؤدي بهم إلى قطع أواصر الصلة الوطنية والمحبة الانسانية بينهم ؛ ومن خلال ما تقدم لا نستغرب من التفاف ابناء القبيلة الواحدة على الامر الباطل .
وهذه السلوكيات البغيضة قد الحقت ضررا كبيرا في بنية المجتمع الكوفي وعرضته لانتكاسات خطيرة ومدمرة في القرن الهجري الاول بل ما زلنا نعاني تداعياتها السلبية الى الان ؛ ولعل السبب الرئيس في نجاة معاوية بن ابي سفيان وجيش الشام من سيف الامام علي بن ابي طالب و من الجيش العراقي العرمرم في معركة صفين وانطلاء خدعة رفع المصاحف على بعض العراقيين هو التعصب القبلي , اذ اتبع هؤلاء الامعات شيوخ عشائرهم وتركوا اوامر الحكومة العلوية وحكماء العراق آنذاك ؛ مما أدى فيما بعد الى انتصار بني امية وهزيمة العراقيين , وليست هذه اول ولا اخر جريرة ترتكب باسم التعصب القبلي , فها هم بنو كلاب قادهم شمر بن ذي الجوشن في واقعة كربلاء ومثلهم امام يزيد بن معاوية عندما حملوا الرؤوس اليه ؛ ناهيك عن التفاف بني الضباب حوله ضد المختار الثقفي وقبله الحسين بن علي .
وقد سادت في قبائل المجتمع الكوفي الغازية والطارئة – انذاك- الروح القبلية فكانت كل قبيلة تنزل في حي معين لها لا يشاركها فيها الا حلفاؤها ، كما كان لكل قبيلة مسجدها الخاص، ومقبرتها الخاصة، ويرى ماسنيون ان جبانات الكوفة هي احدى الصفات المميزة لطبوغرافيتها , كما سميت شوارعها وسككها بالقبائل التي كانت تقطن فيها ؛ وغدت المدينة صورة تامة للحياة القبلية وبلغ الاحساس بالروح القبلية والتعصب لها الى درجة عالية، فكانت القبائل تتنافس فيما بينها على احراز النصر كما حدث في واقعة الجمل .
ومن هنا غلب على الحياة فيها طابع الحياة الجاهلية والاعرابية ، ويحدثنا ابن أبي الحديد عن الروح القبلية السائدة في الكوفة بقوله :
(( ان أهل الكوفة في آخر عهد علي كانوا قبائل فكان الرجل يخرج من منازل قبيلته فيمر بمنازل قبيلة أخرى، فينادي باسم قبيلته يا للنخع أو يا لكندة، فيتألب عليه فتيان القبيلة التي مر بها فينادون يا لتميم أو يا لربيعة، ويقبلون الى ذلك الصائح فيضربونه فيمضي إلى قبيلته فيسترخها فتسل السيوف وتثور الفتنة )) .
ولعل الروح القبلية كانت هي العنصر البارز في حياة المجتمع الكوفي ونقطة الضعف فيه ؛ وقد استغل زياد بن ابيه هذه الظاهرة في القاء القبض على حجر وجماعته واخماد ثورتهم الثقافية التصحيحية فضرب بعض الاسر ببعض، وكذلك استغل هذه الظاهرة ابنه عبيد الله للقضاء على حركة مسلم وهانئ، وعبد الله بن عفيف الازدي ؛ وفي هذه الاوضاع المزرية تم تغييب الثقافة العراقية الحضارية , وتقهقرت القيم الاسلامية المدنية التي كان يمثلها اشخاص هم من العراق او تربوا فيه وتأثروا به ؛ ومن الشواهد على ذلك ما قاله الشاعر :
أبي الإسلامُ لا أب لي سواه --- إذا افتخروا بقيس أو تميمِ
وفي رواية ثانية :
"أبي الإسْلامُ لا أَبَ لِي سِوَاهُ *** إِذَا هَتَفُوا بِبَكْرٍ أَو تَميمِ
بدعوى الجاهلية لم أجبهم *** ولا يدعو بها غير الأثيم"
ان العصبية القبلية المتشددة والحمية العشائرية العربية من أشد الأزمات والانتكاسات التي حلت في المجتمعات العراقية المتمدنة – وقتذاك - بعد دخول الفاتحين العرب الى العراق ؛ فقد اثرت تأثيرا سلبيا في مجمل جوانب الحياة لاسيما على الصعيد السياسي والاقتصادي والثقافي ؛ فتحول المجتمع تحولا مفاجئا وسريعا نحو التشبث بالقبلية والعشائرية وتبني قيمها البسيطة واعرافها السطحية بل واخطاءها وجرائرها ؛ وهجر القيم المدنية العتيدة والحضارية الراقية شيئا فشيئا .
اذ تعد الصراعات القبلية والولاءات العشائرية من اشد العوامل فتكا في بنية المجتمعات المدنية والتجمعات البشرية المتنوعة , والتي طالما اثرت سلبا في الاوضاع الاجتماعية , وغيرت مجرى الاحداث السياسية .
و ان الباحث التاريخي سيصل بعد الاستقراء والتتبع الى النتيجة التالية : كلما تأزمت الاوضاع السياسية لسبب او لآخر ؛ تطفو على سطح الاحداث العصبية القبلية والولاءات العشائرية ؛ وهذا ما لمسناه في التاريخ العراقي ولاسيما في الحقبة الاموية التي نحن بصدد الحديث عنها ؛ اذ تمثل هذه الحقبة الحجر الاساس للثقافة القبلية والعصبية العشائرية التي سادت اجزاء من العراق والى اليوم فيما بعد .
فمن سمات المجتمعات التي تحتوي على مجاميع متنوعة الا انها متعصبة ومنفلقة ومنكفئة على نفسها ؛ التناحر والتصارع والتشظي والانقسام وخرق القوانين , فكل شخص فيها يسفه اراء الشخص الاخر ويرفع من شأن رمزه , وكل قبيلة فيها تتامر على اخرى , وكل عشيرة تمكر بأختها ؛ وكل مجموعة تمكر بأخرى , وفي هكذا مجتمعات مأزومة الويل كل الويل للفئة او العشيرة او المدينة او الطائفة الطيبة والمسالمة اذ انها ستكون وقود المعارك وقربان المتصارعين , وليس السبب في ذلك التنوع والتعدد , اذ نادرا ما خلا مجتمع شرقي من تنوع الاعراق البشرية والفئات الاجتماعية وتعدد الاديان السماوية والوضعية والاحزاب السياسية والتجمعات القبلية والعشائرية ... الخ , فهذه الظاهرة تكاد تكون طبيعية بل صحية في بعض المجتمعات الراقية ؛ فكل هذه المجاميع في تلك المجتمعات الراقية تمارس دورها في رفد المجتمع بما هو مفيد وجيد , وتعمل لخدمة الدولة والصالح العام - على وفق رؤية وطنية واضحة وفلسفة سياسية رصينة وارضية ثقافية سليمة - من خلال تقديم كل ما هو ايجابي ونافع ويصب في مصلحة الوطن والمواطن , ورفض كل ما هو سيئ وسلبي ويؤدي الى تدمير الوطن والمواطن ... ؛ بل ان السبب كله يكمن في التعصب الاعمى الذي يشوه معالم المجتمع ويكدر صفوه .
ومع شديد الاسف طالما عانى المجتمع العراقي هذه العصبيات المقيتة والاصوات النشاز التي تدعو للفرقة والبغضاء والعنصرية والتعصب والتشرذم والتقوقع والانغلاق ... ؛ والمدعومة من اعداء العراق – قوى الخط المنكوس - الذين عملوا جاهدين على افشال مشاريع ترميم اللحمة الوطنية , و تخريب السلم والامان الاجتماعي في العراق , وعلى محاربة فكرة احياء الهوية الوطنية العراقية الجامعة , وما تنسى لهم ذلك لولا خيانة وضعف وخواء الانظمة السياسية التي حكمت العراق وجهل بعض العراقيين وانعدام الوعي السياسي لديهم .
فكل الذين بيدهم زمام السلطة السياسية والدينية في العراق – الا ما شذ وندر – ساندوا وناصروا ظاهرة القبلية والعشائرية ؛ وان ادعوا زورا ونفاقا محاربتهم للروح القبيلة ومجانبتهم للتقاليد العشائرية , وادعائهم المدنية والتحضر واحترام القوانين , فهذه ادوار لهم ضمن مخطط الهدم المنكوس , او هربا من تأنيب الضمير امام العراقيين الاصلاء المتحضرين , الا انهم في حقيقة امرهم وطبيعة أدوارهم قد ابقوا على الروح القبيلة والنزعة العشائرية مستعرة في نفوس العراقيين , فهؤلاء وان اظهروا بعض التصنع المدني في الشكل المظهري للمجتمع ؛ الا ان هذا اجراء شكلي دون المساس بالروح القبلية المتقدة والتي زادوها اتقادا , باعتبار أن المدنية موقظة للشعب من الخضوع للاستعمار وقوى الاستحمار والاستدمار المنكوسة ونافثة فيه الهمة للانتفاض والثورة والبناء والنهضة ؛ عكس الروح القبلية التي تدخل المجتمع في دوامة اهتلاكية مدمرة , والروح القبلية هذه هي طبيعتها وفطرتها وصبغتها يستحيل التخلص منها أو تغييرها الا بعمل متواصل عبر الأجيال .
ولعل من ابرز الشواهد المعاصرة على التعصب الطائفي والمناطقي والقبلي في الوقت الراهن ,ما قام به نظام صدام من اجراءات عنصرية متعصبة , اذ قرب بعض العشائر العراقية وسلمها مناصب حساسة ومهمة في الدولة , وتبوأ بعض منهم مسؤوليات حكومية واسعة وكبيرة بالرغم من عدم امتلاكهم للكفاءة والتخصص وذلك – طبعا – على حساب الاغلبية العراقية المهشمة والمبعدة عن ادارة شؤون الدولة , وليت الامر اقتصر على هذا الحد فحسب , فقد افسد النظام الصدامي الجائر النفوس والاخلاق وامات الروح الوطنية واحيا العنصرية القومية والطائفية والمناطقية في نفوس البعض من العراقيين , وقد اسفرت هذه التربية الصدامية المنكوسة عن ويلات عشنا بعضها وشاهدنها بأم العين ومنها على سبيل المثال ما قامت به عشيرة البو عجيل ومن تبعهم – ( البعض منهم طبعا ) - في مجزرة سبايكر , اذ قام هؤلاء الاوباش المنكوسون بإغراء الاف الشباب العزل , من خلال اعطاءهم العهود والمواثيق بعدم التعرض لهم واكرامهم وإيوائهم وحمايتهم من بطش داعش المنكوسة ؛ فصدق أولئك المساكين بهم , واذا بهم يكشفون عن وجههم القبيح وسريرتهم الخبيثة , فقد قتل هؤلاء المنكوسون الشباب الابرياء الذين هم بعمر الورود شر قتلة , وسلموا بعضهم للدواعش المجرمين ليذبحوهم صبرا وغدرا ** ؛

إن الكريم إذا تمكن من أذى * جاءته أخلاق الكرام فأقـــلعا
وترى اللئيم إذا تمكن من أذى * يطغى فلا يبقي لصلح موضعا
ان الامة التي لا تقرأ تاريخها تعد امة ميتة او مريضة , فالحاضر مرتبط ارتباطا وثيقا بالماضي بل هو نتيجة لمقدمات ماضوية وهكذا هو المستقبل , اذ إن الحاضر الآن سيصبح بعد مدة من الزمن ماضياً ، وأن المستقبل سيكون هو الحاضر؛ وإدراك هذه الحقيقة الواضحة يجب أن يكون المنطلق للتعامل مع الحاضر برؤية ثاقبة تقدمية والماضي برؤية نقدية تصحيحية ؛ لذا تراني دائم الاستطراد في مقالاتي وابحاثي التاريخية , ولكي نُكَوِّن رؤية عن المستقبل علينا أن ندرس الماضي، ونستفيد من دروسه، كما ينبغي فهم الحاضر ومكوناته؛ كما أنه من المهم ربط المستقبل بما يحدث في الحاضر، واستيعاب دروس الماضي بما فيها من نقاط قوة أو ضعف، فغالباً إن لم يكن دائماً ما يكون تطور المجتمعات الإنسانية ناتجاً من عملية تراكمية.
أما مجرد التغني بأمجاد الماضي كهروب من مواجهة الحاضر والاستعداد للمستقبل فهو لا يعدو أن يكون خداعاً للنفس؛ كما أنه يشكل أكبر خطورة على مستقبلنا وحاضرنا؛ إذ إن ذلك يعني أننا نعيش في الحاضر على إيقاع الماضي وبطولاته، فيما لا نبذل أي جهد من أجل صناعة الحاضر والمستقبل.

والمطلوب دراسة الماضي لنستفيد من دروسه وعبره؛ فالتاريخ يعيد نفسه في غالب الأحيان؛ كما أن من الضروري فهم الحاضر بكل جوانبه وأبعاده ومكوناته لكي نفهم كيف نتعامل معه ونستثمر نقاط القوة المتوافرة فيه.
وإذا استطعنا استيعاب دروس الماضي واستثمارها من أجل العمل في الحاضر، وفهم الحاضر بكل جوانبه , فإن هذا سيكون خير معين لنا لنفهم آفاق المستقبل وأبعاده ومعالمه .
..............................................................
المصادر
1- مقالة الوعي بالمستقبل / الشيخ عبدالله احمد اليوسف / مجلة النبأ / / العدد 62 / 2001.
2- حياة الإمام الحسين (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ٢ - الصفحة ٤٣٦ نقلا عن خطط الكوفة (ص 18).
3- كتاب شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد .
** دهش العراقيون الاصلاء وصدم الوطنيون الاحرار بالمجزرة المروعة والجريمة الرهيبة التي تعرض لها شباب عراقيين ابرياء بعمر الورود في معسكر سبايكر في تكريت ؛ بعضهم كانوا طلبة في القوة الجوية واخرون تطوعوا للجيش قبل ايام معدودة وكانوا عزلا ليس لديهم سلاح يدافعون به عن انفسهم , واغلبهم من ابناء الجنوب العراقي ومن الشيعة , ولصغر سنهم وانعدام خبرتهم انقادوا للكلام المعسول الذي تفوه به ابناء تكريت من قرية البو عجيل ومن لف لفهم وصدقوا بهم – لم يخنك الامين انما ائتمنت الخائن - , وهذه سذاجة طالما اطاحت بالعراقيين الاصلاء , اذ ان بين الطيبة والسذاجة خيطا رفيعا ؛ فهؤلاء العراقيون الاصلاء الطيبون لا يتصورن ان هنالك عراقيا او شخصا يسكن فيه ويشرب من مائه ويأكل من خيراته يحمل كل هذا الكم الهائل من الاجرام والحقد والضغينة على ابناء الوطن , فالطيب يرى الناس على شاكلته , وهذا خطأ فادح ... , فاتباع الخط المنكوس مجرمون بالفطرة ويكرهون العراقيين الأصلاء كرها منقطع النظير , وان ادعوا حب العراق , فهذه مجرد ادعاءات كاذبة وشعارات مزيفة للتمويه على حقيقتهم البشعة ,فالذي يحب الوطن لابد له من حب المواطن , والذي يعشق العراق لابد له من عشق العراقي , انتبه لي ايها القارئ العراقي اللبيب , اذ جاءك شخص وقال لك اني احبك واحترمك الا انني اكره وابغض ولا احترم ابنك وزوجتك واباك وامك واهلك وقومك وفكرك ومعتقدك ودينك ولونك ومدينتك ولهجتك ... الخ ؛ فهل كنت تصدقه وتطمئن لقوله ؟؟!!
هذه هي حقيقة الخط المنكوس يخلطون العسل بالسم الزعاف , وقد قالها حاكم العراق الامام علي قديما : (( كلمة حق يراد بها باطل )) ؛ احذروا اعداءكم المنكوسين العلنيين مرة واحذروا هؤلاء المنكوسين المندسين الف مرة . ولنا عودة مع هذا الموضوع الشائك في دراسات اخرى .