لا جدال في أن هناك حملات إعلامية مشبوهة شرسة ضد سكان الجنوب العراقي الاصلاء ؛ وقد ارتبطت هذه الحملات المسعورة دائما بالمحتل الغازي وكلابه العملاء والمأجورين , و قد ذهب بعض الباحثين والكتاب الى ان ظهور هذه الظاهرة السلبية تزامن مع مجيء عصابات ( القومجية ) والبعثية الطائفيين والعنصريين عام 1963 , بينما ذهب اخرون الى ابعد من ذلك , اذ قالوا : انها من المخلفات الخبيثة للاحتلال الانكليزي البغيض ؛ بعد ثورة العشرين عام 1920 ؛ الا ان الرأي الاقرب للواقع وللقرائن التاريخية يشير الى قدم هذه الظاهرة ؛ فهي قديمة تمتد جذورها إلى عدة قرون طويلة مضت منذ أفاقت بلاد النهرين من الصدمة النفسية التي أعقبت هزائمها المتكررة في حروبها المتعددة مع الاقوام الغازية الظالمة والهمجية الجاهلة ، اذ شنت تلك الاقوام الاجنبية والهمجية على العراق ودياره وشعوبه واقوامه حملات متواصلة تهدف الى تغييب الهوية العراقية الاصلية وطمس معالم الحضارات الوطنية وسرقة تراث بلاد النهرين فضلا عن نهب ثرواته واقصاء ابنائه ... وقد تعددت مخططات ومؤامرات واساليب تلك العصابات والجيوش الغازية وتنوعت راياتها القومية واتجاهاتها الفكرية والدينية إلا أنها كلها وبلا استثناء اتفقت على الاهداف المذكورة آنفا... ؛ نعم بعض مفردات التسقيط التي استهدفت عراقيي الجنوب والوسط قريبة العهد جدا .
وهذه الحملات الإعلامية المسعورة التي شنت على العراقيين من قبل خصومه الحاقدين والمنكوسين؛ لا تعرف الهوادة ولا التردد او مراجعة الحسابات او الاعتراف بالدجل والتدليس والترهات، كما يستعصى على هذه الشراذم الهجينة والفئات الغريبة والمرتبطة بالأجنبي التجرد من الهوى أو التنزه عن الاغراض السياسية المشبوهة أو التسامي على الحقد الطائفي والعنصري والمناطقي المقيت.
مما هو ليس في حاجة إلى دليل أن هذه الحملات الإعلامية المعادية للجنوبيين , بدأت في الآونة الأخيرة تأخذ طابع التطاول والاستهزاء والاستنقاص والقذف بمختلف المثالب ... من خلال وسائل التضليل الاعلامي وصناعة الكذب والتزوير والتزييف والدجل والافتراء؛ ولعل السبب في ذلك انكشاف احجامهم الطبيعية وادوارهم التخريبية بعد سقوط صنم العوجة عام 2003 الذي وفر لهم الحماية والحصانة والمال السحت ؛ مما عرضهم الى صدمات نفسية متوالية اسفرت عن هذا الكم الهائل من العفن الفكري والثقافة الهدامة والانحطاط الاخلاقي .. ؛ اذ انتشرت عشرات المواقع المنكوسة والصفحات المسعورة على شبكة الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي ؛ من أجل تشويه سمعة الجنوب العراقي والحاق الاذى بالعراقيين الاصلاء والطعن في اصولهم وعاداتهم وتقاليدهم وكل ما يمت بصلة اليهم والتقليل من شأن تراثهم المجيد وتاريخهم العريق, حتى وصل الانحدار الثقافي ببعضهم انهم بدأوا بنبز السومريين القدماء بغضا بالجنوبيين الاصلاء ...!!
هذه الحملات الشعواء قادها وخطط لها العملاء والغرباء - اليوم وبالأمس - لغاية في نفوسهم المريضة فهؤلاء يعرفون أكثر من غيرهم أن خير وسيلة للدفاع الهجوم - (( أو كما يقول المثل الشعبي المصري : اتغدى بيه قبل ما يتعشى بيك )) - فالدخيل عندما يهاجم الأصيل يضرب عصفورين بحجر واحد ؛ فهؤلاء الأقزام العملاء ينفذون مخططات أسيادهم المستعمرين في طحن المطحون وتجزئة المجزأ وشق الصف الوطني أولا ؛ وثانيا : إشغال الأصيل بالرد وإظهاره بمظهر المتهم كي يتفرغ هو لسلب ونهب مقدرات الاصلاء وممارسة سياسات الإفقار والتهميش بحقهم وهذا هو المطلوب وفقا للنهج المنكوس .

إنها حملة غريبة وظاهرة عجيبة ؛ أن يطعن الاصلاء في عقر دارهم , ويتم التشكيك حتى بعراقيتهم , من قبل المسعورين المشبوهين أصحاب الأقنعة المزيفة والأسماء والألقاب الوهمية القشرية والاصول الاجنبية والارتباطات المشبوهة , لقد شاهدنا كيف إن بعض المواقع الالكترونية والصحف والمجلات والمقاهي والمجالس أصبحت متنفسا لهؤلاء المسعورين لنفث سمومهم الطائفية والعنصرية فيها , فهذه الحملات تهدف كما قلنا آنفا إلى تشتيت الشمل المشتت , وتفريق الجمع المفرق , وتعميق الشق الغائر , فهم يخدمون مخططات اعداء العراق ويعملون على تنفيذ أجنداتهم التدميرية ... ومع شديد الاسف ان بعض الحمقى والمغفلين من العراقيين تماهوا - من حيث لا يشعرون ويعلمون - مع هذه الحملات الخسيسة المسعورة والتي تستهدف كيانهم و وجودهم ...!!
على الرغم من كل الامجاد الخالدة والتاريخ المملوء بالبطولات والثورات والانتفاضات لسكان الجنوب العراقي الشامخ ؛ اطلقت الاقلية المارقة عليهم مصطلحا جديدا للتحقير والاستنقاص – ( الشرقية او الشرجية )- ؛ مثل الالقاب التحقيرية التي سبقت وان اطلقت عليهم مثل : النبطية و الموالي والرافضة والخشبية والسبأية والترابية والخوارج ... الخ , كما لصق اليهود بالعرب القابا تحقيرية من قبيل : الإسماعيليين الذين ولدوا من ظهر اسماعيل بن الامة الخادمة , او السراسنة ... ؛ وقد سارت القبائل الهمجية التركية على نفس النهج اذ وصفت العرب بأسوأ الالقاب وشاعت بين البغداديين والموصليين وبعض المناطق الكثير من الامثال والمقولات التي تستنقص من العرب ولعل مقولة : ( عرب جول ) تعود الى الحقبة التركية والتركمانية البغيضة ؛ علما ان هذه الكلمة ( الشرقية ) ب لفظتها السوقية وحرفها الاعجمي ( ك) وصيغتها الصرفية الشاذة لم يتطرق اليها المؤرخون قط في كتب الانساب والتاريخ , ولم تذكر في الفلكور الشعبي الجنوبي بل والعراقي , ولا يوجد بيت شعر فصيح او شعبي يتضمنها ؛ ولم اسمع جنوبيا قد وصف نفسه او عشيرته او مدينته بها من خلال قصة او قصيدة او حادثة تاريخية ؛ والشواهد على ذلك كثيرة ؛ فسكان البصرة يطلقون عل انفسهم البصريين واهل ميسان يسمون انفسهم بالعماري او العمارتلي وقد لقب بعض الفنانين بهذا اللقب كمسعود العمارتلي وعبادي العماري وحسين البصري ... بل ان الفارق الجوهري بين اهل الجنوب الاصلاء وغيرهم انهم يلقبون انفسهم بأسماء عشائرهم وقبائلهم وعوائلهم المعروفة والقديمة قدم الدهر على خلاف الاخرين الذين يلقبون انفسهم بأسماء المدن كعادة العجم والاجانب او بأسماء المهن او اسماء ابائهم المغمورين واجدادهم المجهولين ؛ والحقيقة التي لا تقبل الدحض ان هذه الكلمة المقززة فرضت بقوة السلاح والسلطة والتدليس والعمالة والدجل والتضليل الاعلامي على الجنوبيين بعد تأسيس الدولة العراقية الحديثة عام 1920 وقد تم استخدامها بصورة شبه رسمية بعد مجيء القومجية الطائفيين الغرباء والبعثية المجرمين العملاء ولعل دلالة وسم معاملات الشعب العراقي في الدوائر الحكومية العراقية ب ( ش ش ش ) وبالقلم الاحمر ؛ اكبر شاهد على خسة ودجل وعمالة هؤلاء الغرباء الدخلاء ابناء الانكشارية والقرج والغجر الرحل ... وقد ازداد استعمال هذه اللفظة باستهجان اكثر خاصة بعض احداث الانتفاضة في عام 1991 بعد ان انتفضت جميع محافظات الجنوب بوجه النظام البعثي البائد؛ وبغض النظر عن كل التخريجات والتبريرات التي قيلت بشأن هذه الكلمة من حيث جذورها ودلالتها ومعناها ؛ والخروج من هذه المعمعمة بانها ذات دلالة ايجابية وجذر تاريخي عريق ؛ لا يصح من المثقفين العراقيين استعمالها في كتاباتهم والتماهي مع الاقلام الطائفية والعميلة المأجورة في اطلاقها على اهلنا العراقيين لأنها اطلقت عليهم منذ البدء بقصد سيئ ونية مبيتة من قبل اذناب الاستعمار الغرباء والدخلاء ؛ بل ان الاحرى بهذه النخب الثقافية والقانونية العمل الجاد على سن قانون يجرم كل من يتفوه بهذه الكلمة ومثيلاتها من الكلمات السوقية الهابطة العنصرية التي قد تستهدف هذا المكون او ذاك ...