يواجه الإنسان في حياته مشاكل جمة وصعوبات عدة وعقبات تحول بينه وبين ما يريد تحقيقه من أهداف وغايات , وتختلف درجة تعقيد هذه المشاكل وشدتها باختلاف الأفراد والظروف ؛ فقد تصل شدة بعضها إلى إصابة الفرد بالإحباط واليأس بحيث يستسلم لها , ويظن أن لا مفر منها
ويبقى مشدوها أمامها مكتوف اليدين .
علما ان المشكلة لا تكمن في الظروف الخارجية بقدر ما هي كامنة في ذات الإنسان نفسه –وهذا لا يعني التقليل من شأن الحوادث الخارجية بل التأكيد على القوى الباطنية – فإذا أراد الإنسان تغيير حاله وتطوير وضعه فعليه تطهير نفسه من الأفكار الهدامة والمشاعر السلبية أولا وقبل كل شيء ؛ إذ أكدت النصوص الدينية والفلسفات الإنسانية ذلك منذ القدم ومنها على سبيل المثال وليس الحصر : ما جاء في القران : ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) وقد ورد عن الإمام علي : إن النبي محمد بعث سرية فلما رجعوا قال : مرحبا بقوم قضوا الجهاد الأصغر وبقى عليهم الجهاد الأكبر , فقيل : يا رسول الله وما الجهاد الأكبر ؟ قال : جهاد النفس .
نستظهر من هذا النص التاريخي المنسوب للإمام علي والنبي محمد إن فتح النفوس أصعب من فتح البلاد ومقارعتها أشد من منازلة الأعداء , فمعرفة النفس من أهم المعارف بل هي أولاها لذا ينبغي علينا اكتشاف أنفسنا أولا قبل اكتشاف الأشياء ؛ إذ إن بعض المصائب والأخطاء مبعثها من الشخص ذاته وقد ورد في الأمثال الشعبية العراقية ما يؤكد ذلك كالمثل القائل : ( الصوج موصوج البايك صوج المبيوك , والصوج مو صوج القاتل صوج المقتول ) .
نعم للأحداث الخارجية والظروف الطبيعية تأثيراتها القوية لكن تأثيرها يقوى إذا وجدت لها استجابة من داخل الإنسان وتشتد إذا انبطح أمامها و لم يحرك ساكنا , لذا ورد عن الإمام علي انه قال : ( ما قاتلني أحد إلا وأعانني على نفسه ) ؛ وذلك من خلال الايحاء النفسي السلبي الذي يعتمل في نفسية المقاتل او المبارز , إذ إن من المفروض بالمقاتل المبارز أن يكون معتدا بنفسه و واثقا من قوته حتى يستطيع الانتصار على خصمه , والمعادلة هنا مقلوبة فالذي يتبارز مع الامام علي يعلم علم اليقين إن علي قاتله لا محالة لأنه جندل الأبطال وما بارزه أحد إلا وقتل , عندئذ ينشأ صراع داخلي مما يسبب له اضطراب و زعزعة ثقته بنفسه مما يؤدي إلى ضعف عزيمته ومن ثم خذلانه وهزيمته ؛ وهذا حصل نتيجة للإيحاء النفسي الداخلي , وسأنقل لكم قصة تبين أهمية الإيحاء النفسي في تغيير الظروف والأشياء : يروى في أحد الكتب إن امراة دخلت مصحة للأمراض العقلية والنفسية في ربيع عمرها و بقت فيه عقودا متوالية من الزمن , والمدهش في الأمر إن هذه المرأة بقت جميلة كقارورة العسل وبشرتها أنعم من الحرير ولم تتأثر بمرور الأيام وتوالي السنين ؛ والسبب في ذلك إن هذه المرأة منذ دخولها المصحة لم تتوقف قط عن ترديد هذه العبارة : انا جميلة انا حلوة انا فاتنة , يوميا وبصورة مستمرة مما أبقاها صبيحة الوجه جميلة القوام , وهذا كله حصل بفضل قوة الإيحاء النفسي وعظمة القوى الباطنية للإنسان التي أودعها فيه الصانع الحكيم , فالعامل الرئيسي في التغيير السلبي والايجابي هو الإيحاء النفسي والقوى الروحية التي يمتلكها بني البشر, والعوامل الخارجية وان قلنا انها قوية لكنها لا ترقى الى قوة الارادة البشرية والايحاء النفسي و النوازع النفسية ؛ وقد ورد ما يؤكد ذلك عن الإمام علي إذ قال ما معناه : ( من لم يكن له واعظٌٌمن نفسه لم ينفعه زجر الزاجرين ) اذا يتوجب علينا معرفة دواخلنا و اكتشاف أنفسنا وتشخيص صفاتها وعلاتها وأمراضها , ومن ثم تقويمها وتهذيبها وإصلاحها لان معرفة الداء نصف الدواء , اما الجاهل بنفسه كحاطب ليل يخبط خبط عشواء ما ان يخرج من ورطة الا ويقع في أتعس منها و قد ورد عن حكيم العراق الإمام علي ما يؤكد ذلك : (هلك أمروٌ لم يعرف قدره ) .
عزيزي القارئ المشاكل والصعاب والأحداث المؤلمة لم ولن تنتهي - ما دامت أرضٌ ذات فجاج وسماءٌ ذات أبراج – من حياة البشر , وقد أشار القرآن الى ذلك :( ولقد خلقنا الإنسان في كبد ) فطريق الحياة ليس سهلا دائما ولا معبدا بالورود دوما ولا خاليا من الاكدار والمنغصات فللحصول على الشهد لابد من وخز النحل , و قد نسب شعر للإمام علي :
يا طالب الصفو في الدنيا بلا كدر ... طلبت معدومةٌٌ فأيأس من الظفر
من أراد أن يحيا سعيدا و مستقرا نفسيا فليواجه المشاكل والعقبات ويتكيف معها لان الحياة طبيعتها هكذا ولن تجد لسنن الكون وقوانين الطبيعة تبديلا .
امام الإنسان طريقان للتعامل مع الأحداث و عاديات الزمن :
الاول : الشعور بالصدمة والإصابة بالإحباط وبالتالي الاستسلام لها .
الثاني: المواجهة والتحدي والتفكير في أيجاد الحلول وتجاوزها .
فبالإمكان الاستفادة من المشاكل وتحويلها الى فوائد وقد ورد في أحد الأمثال العالمية :( أستفد حتى من مصائبك ) فالمشاكل تجلب معها خبرات جديدة وتستبطن آفاق واسعة للحلول وتعلم الإنسان الشيء الكثير , لذا قال الإمام علي : ( في التجارب علمٌ مستأنف ) أي جديد لم يكن الإنسان يعرفه من قبل .
نعم ممكن للإنسان الاستفادة من المصائب وتحويلها الى محطات انطلاق للنهوض من جديد لتحقيق الأهداف وبلوغ الآمال ؛ فالنصر يبدأ من الهزيمة كما قيل .
إن لم ننظر للأشياء والأمور بصورة ايجابية لا أقل فلننظر اليها من كل نواحيها وبصورة حيادية ؛ عندئذ نكون قادرين على حل المشاكل وتجاوز المحن و عبور العقبات بأقل الخسائر وبطريقة أسرع وأسهل من أولئك المضطربين الهائجين الثائرين الذين لا يرون الا السلبيات ولا يبصرون الا الانتكاسات ولا يشعرون الا بالإحباطات ؛ فهناك فرق بين مواجهة العاجز الحائر المشدوه وبين مواجهة الفاعل العاقل المتأمل للأحداث والكوارث , لذا ورد في المأثور الاسلامي : ( المصيبة على الصابر واحدة وعلى الجازع مصيبتان ) ونحن نقول : إن المصيبة على الفاعل المفكر المستقر خفيفة وعلى الجازع الضجر أثقل من الجبال الرواسي , وقد ورد عن الإمام علي ما يفيد هذا المعنى اذ قال : ( من لم ينجه الصبر أهلكه الجزع ) .
التكيف مع الأحداث مطلوب لأنه يهيئ الأرضية المناسبة لإيجاد الحل , والتكيف لا يعني الخضوع للمشاكل والاستسلام لها مطلقا , بل هو استبدال المشاعر السلبية بالإيجابية وهذا هو معنى الصبر في النصوص الدينية الصحيحة ذات الجذور الثقافية العراقية العريقة وليس معناه الرضوخ للقدر والتسليم الأعمى لمجريات الحياة وسياسات البشر , فالصبر هنا يعني الاستعداد لمواجهة الحياة وعدم الخضوع المطلق لها , اما مواجهة المشاكل بالاضطراب والبكاء والعويل واليأس ... فلا يجدي شيئا بل على العكس لا يجلب سوى الإمراض والاندحار , وقد ورد عن الإمام علي ما يؤكد ذلك : ( الهم نصف الهرم ) فالكآبة و الإحباط ينتجان الشيخوخة والمرض والضعف .... .
فأنت إذا نظرت الى المشاكل والانتكاسات على أنها أحداث طبيعية لا تخلو منها حياة إنسان وممكن في نفس الوقت معالجتها او التملص منها , فأنك حينئذ تكون قادرا على تجاوزها والمرور عليها مرور الكرام , فمن أكبر الفوادح وقوف الإنسان على الأطلال يبكي وينوح ويستحضر المصائب والمشاكل وتداعياتها من الإحن والأحقاد والعداوات ... دائما أجعل التفاؤل نصب عينيك , وقد ورد عن الإمام علي الحث على التفاؤل وتبسيط الأمور , إذ قال :
هون الأمر تعش في راحة ..... كلما هونت الا سيهون .
لذا علينا أن نغير نظرتنا الى الأشياء والأمور والعقبات والمصائب ... وان نتعامل معها بصورة ايجابية فاعلة لا بصورة سلبية متخاذلة .
عند إصابتك بالإحباط والضغط النفسي بسبب مواجهة الأحداث ؛ عليك حينئذ التوقف قليلا ومراجعة حساباتك , لان هذا الأمر يدل على انك واقع في مشكلة نفسية خطرة ينبغي تداركها وعلاجها , فالإحباط يدل على انك بحاجة الى راحة و استجمام و أعادة ترتيب أوراقك و مشاريعك , فلا تشغلك كثرة الأعمال و توالي المسؤوليات عن تشخيص أهدافك و غاياتك في الحياة والتمييز بين المهم والاهم و عن تبيان وسائل لهوك و مرحك واستجمامك ... ؛ لذلك ورد في هذين الموضوعين – المحاسبة والترويح عن النفس – العديد من النصوص الدينية القديمة ؛ فقد حثت بعض النصوص على محاسبة النفس وتفقد أوضاعها وأحوالها ... , لذلك ينبغي عليك ان تقف و تنظر لحركتك في الحياة من الخارج , وان تتخذ وقتا كافيا لتقييم تحركاتك و تصرفاتك , وإعادة هيكلية نفسك من جديد إن وجد ما يسيء اليها , والتأكيد على أهدافك الرئيسية , والمراقبة المستمرة لسيرك وسلوكك حتى تعرف هل انك لا زلت في الطريق الصحيح المرسوم ؟
او انك انحرفت عن أهدافك او تصرفت خلاف أخلاقك .
فهذه التوقفات التأملية قد تكشف لك السلبيات والانحرافات التي لم تخطر على بالك وذهنك لولا هذه المراجعات والمحاسبات الواعية ؛ لذلك ورد في المأثور الاسلامي : ( ليس منا من لم يحاسب نفسه ).
بقت لدينا نقطة مهمة يجب الإشارة اليها ؛ إذا أردت التمتع بحياة سعيدة ونفسية مطمئنة فعليك بوضع أكثر من خطة لإنجاز أهدافك لا تعتمد على خطة واحدة , ولا تفكر بأسلوب واحد , ولا تعود نفسك على السير بدرب واحد , هذا قتل للإمكانيات المتاحة لك , أترك لنفسك حرية العيش بأكثر من نمط وصورة , عيش العصف الذهني فعندما يواجه الإنسان المشاكل يذهب ذهنه يمينا وشمالا وتخطر عليه أفكار مختلفة ومتناقضة مما يتيح له دراسة كافة الحلول والخيارات ؛ وقد جاء في المثل الشعبي العراقي : ما يشير الى هذا المعنى : (الخوف يعدل الشوف ) والمقصود من ( الشوف ) هنا البصيرة وليس البصر .
في خضم هذا العصف الذهني قد تستطيع اكتشاف طرق أكثر فاعلية و حلول أقرب للواقع من غيرها بقليل من التأمل التفكير, وقد ورد عن الإمام علي ما يؤكد ذلك : (من أستقبل وجوه الآراء عرف مواقع الخطأ ) .
لذلك نرى الناجحين و بعض أهل الأديان كاليهود لا يعتمدون على طريق واحد للكسب والعمل ؛ بل يمارسون أكثر من عمل ويبحثون عن أكثر من فرصة للاستثمار , فإذا توقف عمل تحولوا الى الثاني وهكذا دواليك فالحياة عندهم لا تتوقف .
نعود الى الموضوع الثاني – الترويح عن النفس – الإحباط ناقوس خطر ينبغي الانتباه له , لأنه ينتج من الضغط النفسي وهذا ينتج من قلة الراحة او انعدامها ونفاذ احتياطي الطاقة العصبية , إذا أنت محتاج الى راحة وسكون وهدوء ... , فالضغط النفسي قد يصور الاشياء والأمور على غير حقيقتها مما يتعذر معه اكتشاف الحقائق والحلول ؛ فقد نبذل جهدا كثيرا ونعمل عملا شاقا في سبيل تحقيق أهدافنا وإنجاح مشاريعنا لكن بلا جدوى , فمع كل هذه الجهود نفشل ولا نحصل الا على الإخفاق , و أحيانا نتوجه الى عمل واحد ونذوب به ولا نبصر غيره ولا ندري لماذا هذا التشبث الأعمى به دون غيره ؟!
فهذه النقطة بالذات تجعل الكثيرين منا يقلعون عن مشاريعهم و يتركون أعمالهم التي شرعوا فيها في منتصف الطريق ولا يكملون المسير وهكذا يفعلون في كل مرة .
أتعلمون لماذا ؟؟
لأنهم فقدوا الراحة ولم يحصلوا على القسط الكافي من الاستجمام والاستمتاع بمباهج الحياة , فإعطاء النفس قسطا من الراحة أمرٌ ضروري للاستمرار في العمل و مواصلة الحياة , فالاستجمام والراحة كالوقود والصيانة بالنسبة للسيارة لا يمكن الاستغناء عنهما لديمومة العمل ؛ لذا ورد عن الإمام علي ما يفيد ذلك : (ان هذه القلوب تمل كما تمل الأبدان فابتغوا لها طرائف الحكم ) فكما ان الأبدان تنبسط بالراحة ومشاهدة المناظر الجميلة كذلك القلوب والنفوس تنبسط وتسعد بالأمور الطريفة والأشياء الجذابة التي تسر القلوب وتفرح النفوس .
ان انعدام الراحة يولد الضغط النفسي وهذا بدوره يولد الإحباط وتداعياته خطيرة قد تصل الى الانهيار العصبي .
أنظر الى المشاكل التي تواجهها في حياتك كفرص جديدة وخبرات قد اكتسبتها تساعدك في مواصلة مسيرتك و تساهم في تجاوز العقبات المستقبلية والمشاكل القادمة ؛ لأنك أصبحت ذو خبرة و مجرب , فلا توجد مصيبة مطلقة او فشل مطلق بل مع المصيبة والمشكلة هنالك خبرات ومعلومات وتجارب حصلت عليها , فغالب الشر ينطوي على شيء من الخير .
المشكلة كما قلنا سابقا تكمن في نظرتنا للأشياء والمشاكل ؛ فنظرتنا وطريقة تعاملنا مع الأمور مهمة جدا , فقل لي كيف تفكر أقول لك من أنت , وقد أكدت بعض النصوص الدينية ذلك اذ جاء في المأثور الاسلامي : ( لا تعادوا الأيام فتعاديكم ...) وعن الإمام علي قوله :( أحصد الشر من صدر غيرك بقلعه من صدرك ) ؛ فالعامل الذهني والنفسي مهم في تقرير مصيرنا , وقد قيل في هذا الموضوع : (يرى المتشائم العقبات في كل فرصة , ويرى المتفائل الفرصة في كل عقبة ) لذا أنظر الى عملك و ظرفك ومكانك و زمانك ... بدقة وتأمل ستجد على الأقل أمرا ايجابيا او أكثر وستصادف أمرا صحيحا ؛ وهذا رائع عندها أسال نفسك : كيف يمكن لي تطوير هذا الشيء القليل الايجابي والصحيح ؟
بوضعك هذا السؤال تخرج نفسك من الحالة السلبية المحبطة , وتركز في نفس الوقت في الجانب الايجابي , روي : إن أحد الأغنياء الكبار قد خسر ثروته الطائلة .
- فدخلوا عليه .
- وجدوه منبسط الأسارير هادئ الأعصاب يحتسي فنجان من القهوة .
- تفاجأوا وأندهشوا , وقالوا له : لماذا لم تنتحر كباقي أقرانك من الاغنياء المفلسين ؟
- قال : هذا عمل العاجزين , اما انا الان أفكر كيف أبدأ الطريق من جديد وأعوض خسارتي!!
بهذه الطريقة الواقعية الرصينة نتغلب على مشاكلنا وهمومنا , فقد مر عليك آنفا إن المكوث على حالة واحدة , والإدمان على الروتين الممل , وعدم التغيير والتبديل , كأننا صخور لا تتزحزح من مكانها ؛ يسبب الضغط النفسي والإحباط لنا .
خاطئ من يعتقد إن هذه المشاكل والمصائب والظروف قدره الأزلي وحظه السرمدي الذي لا يتغير!!
وبناء على هذه العقلية المنكوسة والنفسية السلبية يرضخ بعض السذج للواقع البائس ويستسلم له ؛ لأنه يظن ان هذا التصرف السلبي والرضوخ من الفضائل ؛ لأنه من الرضا بالقدر والتسليم لأمر الله !!
فتراه يتكيف ويتعايش مع ظروف مزرية لا تقبل بها حتى الحيوانات , وهذا في واقع الأمر تكبيل لطاقات الإنسان وسلب لكافة قدراته وتحطيم لطموحاته بل إنسانيته , فالإنسان بلا أرادة شبه إنسان .
وقد عملت القوى المنكوسة والاستعمارية والحكومات الهجينة على ترسيخ بعض المفاهيم السلبية والعقائد المنكوسة والتي تهدف الى ابقاء العراقيين في حلقة مفرغة و دوامة اهتلاكية مستمرة من خلال اشاعة بعض المقولات المنكوسة وسأذكر بعضها : (( العراق مغضوب عليه , الصالحون دعوا على العراق والعراقيين بالهلاك والعذاب , ما تصير النه اي جارة , ما ينصلح حال العراق الا بظهور المهدي, احن مو مال حكم ... الخ ))
عندما يضعنا القدر في ظرف غير مناسب علينا أن نكافح ونجاهد ونعمل ؛ كي نغيره ونبدله , ونتقدم نحو الأحسن والافضل , فأن حاول الإنسان البائس التغيير ولم يفلح لا يخسر شيء فعلام يخاف من التغيير الذي وصى الله به عباده في القران : ( ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) المهم ان يثبت إنسانيته فالحياة فرص ولن تنال الفرص إلا بالسعي والعمل والكفاح وقد جاء عن الإمام علي ما يؤكد ذلك : ( اغتنموا الفرص فأنها تمر كمر السحاب ) وحتما إن الذي يفوز بالفرص هو الشخص الايجابي , اما الشخصية السلبية الخانعة تبقى خارج اللعبة .
وقد قال الشاعر:
اذا الشعب يوما أراد الحياة...فلا بد ان يستجيب القدر.
واما المرء المتكاسل السلبي صاحب المشاعر المريضة فينطبق عليه قول الشاعر:
ومن يتهيب صعود الجبال يعش... أبد الدهر بين الحفر .
فعندما يكون الانسان مهزوما ومحطما من الداخل, ويعيش صراعات نفسية وفكرية حادة, ويعاني من الاضطراب والازدواج والتناقض السلوكي والثقافي , والقلق النفسي والتشوهات الاخلاقية ؛ لا يمكن له ان يرى الواقع كما هو عليه فضلا عن رؤية الاشياء والامور الجميلة والايجابية ؛ لان منظار الرؤية الواقعية والايجابية لديه معطل , لذلك يقرأ العالم والاحداث من حوله بشكل مشوه ومقلوب ويترجم الامور ترجمة ذهنية خاطئة .
وأخيرا صدق من قال : ان دوام الحال من المحال ,لا تيأس فأن المشاكل لن تدوم , وقاوم مشاعرك السلبية وأستبدلها بما هو خير منها , ولا تنس : ( ان مع العسر يسرا...) ؛ ولكي لا تفهم المقالة فهما خاطئا ؛ يجب علي الاشارة الى أمر في غاية الاهمية الا وهو عدم الرضوخ لمجريات الواقع البائس او القبول بالواقع المفروض من قبل الظالمين والمنكوسين , بل يجب السعي الحثيث للتغيير والاصلاح والنهوض بالوطن والمواطن معا ؛ فهذا أمر وذاك أمر اخر.