لم أعرف في تاريخ الإنسانية الطويل فئة عشقت التزييف والتزوير والتحريف , وجماعة احترفت الكذب والنفاق والتمثيل والدجل وقلب الحقائق أكثر من الشخصيات الغريبة والفئة الهجينة من بقايا العثمنة والانكليز ومرتزقة المؤسسات الدينية التي ابتلى بها عراقنا العظيم؛ فكل ما يرونه مشكوك فيه وكل ما يستشهدون به كذب وبهتان ومجانب للحقيقة والواقع .
اذ ان اغلب الدراسات والابحاث التاريخية والاجتماعية و ما كتب بخصوص الانساب والعشائر في عهود الاحتلال العثماني التركي والاحتلال الانكليزي والحكومات الطائفية العميلة المتعاقبة , من قبل كتبة الخط المنكوس والفئة الهجينة مزورة ومسيسة ومفبركة من الألف إلى الياء ، اذ تم تقديمها وطرحها وفقا لما تهدف اليها الفئة الهجينة من تأصيل الوجود الطارئ والغريب لأبنائها واتباعها كحجة على عراقيتهم او عربيتهم , وعلى كونهم جزءا اصيلا ومكونا قديما من مكونات الامة العراقية العريقة , وفيها قلب دنيء للحقائق ، فهو يصور بقايا العثمنة الاجانب ورعايا الانكليز الغرباء دائما على أنهم عراقيون وعرب بل نخبة المجتمع العراقي ..!!
وهم لا يمتون إلى العراق بشيء، فبعضهم يهودي غريب وبعضهم مسيحي مهاجر او عثماني مرتزق انقطعت به السبل بعد افول نجم الامبراطورية العثمانية وقد تركهم الاتراك وتخلوا عنهم كالكلاب هائمين على وجوههم وكثير منهم ولدوا خارج بلاد الرافدين أو ولدوا فيها لكن من أصول غير عراقية او هاجروا الى العراق حديثا من بعض الدول العربية .
و بالتزامن مع هذه الاجراءات , جهدت الفئة الهجينة الى اتهام العراقيين الاصلاء بمختلف المثالب والتهم الباطلة بل السعي لإخراج اقوام وعشائر بلاد الرافدين القديمة والاصيلة من دائرة الهوية العراقية او العربية وارجاعها الى اصول اجنبية بعيدة .
وهم لا يخجلون من التناقض الواضح في كلامهم او التهافت في دراساتهم السطحية وابحاثهم القشرية ؛ وهاك مثالا واحدا على تخبطهم واضطرابهم الفكري: فتارة يدعون ان قبائل وعشائر الجنوب عربية سنية ..!! ؛ كما جاء في بحث ( الحقيقة الجلية في كون عشائر جنوب العراق عربية سنية ) للمدعو ( الدكتور مجيد الخليفة ) والمنشور في مواقع منكوسة عدة ؛ بينما يهرطق بعضهم بكون قبائل الجنوب من اصول عجمية او هندية ..!!
منذ عقود طويلة وهم يتلاعبون بتاريخ العراق والعراقيين زيادة ونقصانا حتى لم يعد لديهم من الحقيقة شيء ؟
وبما ان التاريخ المزيف، يخلق فكرا مزيفا ؛ لأن الفكر يستقي من ذلك التاريخ المزيف حقائق مزيفة ، مما يجعل من العقل المنتج للفكر، عقلا يملؤه الزيف , حتى أصبح ذلك العقل الهجين المضطرب المتناقض لا يفكر بمنهجية سليمة ، مما صيره يعيش صراعا دائما ومستمرا - وبشتى الاعذار التافهة والحجج الواهية - مع العقول العراقية الاصيلة الأخرى التي تجاوزت عقدة التاريخ المزيف او التي لا تعيش عقدة الاغتراب او ضياع الهوية او شعور عدم الانتماء للعراق .
وكما هي عادة المستعمر وكلابه وعملائه واتباعه ؛ الانتقاص من ابن البلد الأصلي , وجريا على طريقة اسيادهم الانكليز ومن قبلهم الاتراك اخذوا ( الغرباء المنكوسين و الهجناء المخلطين ) يسمون العراقيين الأصليين ب ( الشروقيين ) وبمرور الزمن الطائفي البغيض اصبح هذا الاسم انتقاصا من الاغلبية العراقية كلها بينما حصره بعضهم بأهل الجنوب فقط , الى ان اجتهد بعض الدجالين الخونة المنكوسين وخصه بأهل ميسان احفاد السومريين وابناء مملكة ميسان العظيمة , وجماجم العرب الاوائل ؛ ويكفي العماريين والجنوبيين عزا وفخرا ان الخليفة عمر بن الخطاب صاحب مقولة : ((ليس على عربي ملك )) اي انه منع سبي العرب ؛ عندما فتحت او غزت الجيوش العربية والاعرابية بلاد السواد وجاءت بالأسرى والسبايا الى الخليفة عمر بن الخطاب ؛ أمرهم برد سبي مناذر، وكل ما أصابوه منهم، على اعتبار : أنها من قرى السواد ؛ وردّ سبي ميسان ؛ على اعتبار كونهم من العرب , ومما يروي عنه : أنه لما ولي قال : إنه لقبيح بالعرب أن يملك بعضهم بعضاً ... ( راجع كتاب الاموال ص205 وفتوح البلدان ص 465) ؛ وتعد هذه النصوص التاريخية القديمة من الشواهد الحقيقية الدامغة التي تفند ادعاءات الفئة الهجينة الكاذبة ؛ اذ تثبت بأن سكان تلك المناطق الجنوبية ولاسيما ميسان هم من العرب الاوائل الاقحاح الذين قطنوا العراق قبل مجيء عرب الحجاز ونجد واليمن والاعراب الى العراق مع الفتح الاسلامي .
إنّ كيان الفئة الهجينة قائم كله على مجموعة من الافتراءات والادعاءات والشعارات التي ألبسها رموز الخط المنكوس برقع الدين تارة وثوب القومية العربية اخرى والبحث العلمي ثالثة .
بل ان منظومة ادعاء القومية العربية والتسنن هي التي شكّلت حجر الزاوية الأساسي في بناء هوية الفئة الهجينة ، التي ما زالت إلى اليوم تحفظ تجمعهم الهجين وبقاءهم المتزلزل وتجلب لهم عطف الشعوب العربية والاسلامية على الرغم من معرفة بعضهم بحقيقة تاريخهم وهويتهم غير العراقية بل وغير العربية, ولعل من القرائن التي تؤكد ما ذهبنا اليه , انه ما ان يتعرض العراق الى خطر داهم او يلي زمام الامور فيه اهله الاصلاء , او تندلع به ثورات شعبية اصيلة وجماهيرية عراقية نبيلة تطالب بالتصحيح والحق والعدل وازهاق الباطل حتى تهرب فلول الفئة الهجينة الى الخارج حيث الاصقاع البعيدة التي جاءوا منها او يتحول بعضهم منهم بقدرة قادر الى مذهب الاغلبية العراقية او يرتمي بأحضان القبائل الجنوبية والعشائر العراقية الاصيلة .
وخير ما اختم به مقالي هذا , قول شاعرنا العراقي الاصيل ابو الطيب المتنبي :
وَمِنَ البَليَّةِ عَذلُ مَن لا يَرعَوي .... عَن غَيِّهِ وَخِطابُ مَن لا يَفهَمُ
وَإِذا أَشارَ مُحَدِّثاً فَكَأَنَّهُ .... قِردٌ يُقَهقِهُ أَو عَجوزٌ تَلطِمُ
الاعلام المسعور للدخلاء ضد ابناء الجنوب العراقيين الاصلاء/ الحلقة الرابعة
هذه التدوينة كتبت باستخدام اكتب
منصة تدوين عربية تعتد مبدأ
البساطة
في التصميم و التدوين