كل الشعارات التي تنادي بالقومية العربية والتي رفعت من قبل ( لملموم) وفلول الفئة الهجينة من بقايا العثمنة ورعايا الاحتلال الانكليزي ؛ تكشف لنا حالة الاغتراب التي كانت تعيشها تلك الفئة المسخ , اذ لأول مرة في التاريخ السياسي المعاصر نرى شلة تافهة وعصابة حقيرة وجماعة غريبة تتنكر لكل ما هو وطني اصيل وتغض الطرف عن كل ما يمت للوطن وسكانه الاصلاء بصلة , بينما تتشدق بهوية هلامية وهمية يشوبها الغموض والارباك الا وهي مفهوم العروبة وقبله مفهوم الخلافة الاسلامية , وليتهم كانوا عربا بل ليتهم كانوا مستعربة , فما هم الا مرتزقة اجانب دخلاء وسبايا كفار غرباء جاء بهم المحتل التركي ومن ثم الانكليزي من كل فج بعيد ؛ واليك هذا المثال الذي يكشف حقيقة الفئة الهجينة التي تتدعي العروبة كذبا ونفاقا وزورا , اذ ذكر الكاتب والاعلامي التكريتي هاتف الثلج في احدى لقاءاته – ( برنامج نيران في ذاكرة الثلج (5) / موقع اي نيوز ) – ان المجرم صدام بن صبحة قال بحق المدعو حاتم العزاوي رئيس الديوان وباللهجة التكريتية في احدى المرات : (( اربي نمس )) اي عربي وسخ , واستطرد المدعو هاتف التكريتي ان اهالي تكريت كانوا يطلقون هذه العبارة على القرويين ؛ بل وصل التبجح ببعض التكارتة الدخلاء بأن يفتخروا بالمدعو عبد السطيع الذي حارب المسلمين وفضل الانتحار على دخول الاسلام ..!! ؛
و هذه التصريحات العنصرية تكشف لنا حقد الفئة الهجينة الدفين ضد العرب والاسلام والعراقيين القدامى من ابناء القرى والارياف وتسلط الضوء على حقيقة الاصول الاجنبية و الجذور الغريبة لهذه الشرذمة اللعينة الاجرامية ... .
وللتوضيح الذي اكرره دائما ؛ انا لا اقصد هنا الاساءة الى مكانة تكريت التاريخية او الى رموزها من باقي الديانات بقدر ما احاول كشف تناقضات وادعاءات الفئة الهجينة ومن باب الزموهم بما الزموا به انفسهم .
وقد استحال هذا الفكر المنكوس فيما بعد هيكلا حكوميا مؤسساتيا يعني غالباً بالسلطة والسياسة أكثر من عنايته بموضوعات العرب الحقيقية و مفهوم الامة العربية الهلامي نفسه , وبحجة الحماسة للامة العربية وذريعة القضية الفلسطينية قدمت الفئة الهجينة الامة العراقية كقربان لهذه الشعارات المزيفة والمفاهيم المغلوطة والرؤى المنكوسة , اذ تم قتل ملايين الضحايا من العراقيين الاصلاء بسبب تلك الشعارات والدعوات والادعاءات ؛ فقد أطلقت شهوة القسوة الوحشية من مكامنها ,وظهر الاجرام نهارا جهارا وابتدأت عمليات الاقصاء والتهميش و التطهير العرقي والطائفي للسكان العراقيين الأصليين خلال عقود حكمهم الثمانية العجاف , فقد كانت من أكثر الأمثلة رعباً في تاريخ العراق ؛ نعم فتاريخ الفئة الهجينة التي حكمت من عام 1920 الى سقوط الصنم الطائفي والعنصري والاجنبي الهجين عام 2003 متخمّ في عمومه بالجثث والاشلاء الممزقة ,والغدر والفتك , والتمثيل بجثث الموتى وبتر الاطراف وقطع الاذان واللسان و وشم الجباه , واستيراد ابشع واحدث وسائل التعذيب والقتل في العالم .
في ظل هذه الأجواء الملبّدة بالطائفية والعنصرية والاجرام والارهاب والاغتراب والاحتلال الاجنبي والعمالة والخيانة وتغييب الهوية الوطنية العراقية العريقة ، والازمات المتتالية التي ولّدتها السلطات الهجينة المتعاقبة الحاكمة، بات من المسَلّم به ظهور الاصوات الغريبة النشاز , والاقلام الحقيرة الصفراء , ومنابر الفتنة , والكتابات الباطلة , والابحاث المسيسة , والصحافة التافهة الرخيصة الخاوية والفارغة من كل محتوى ايجابي او حقيقي ... الخ .
ومن هذه الاصوات النشاز وفضلات الفئة الهجينة الطارئة ومرتزقة الظلام , و احد الزواحف المغمورين المجهولين من نكرات الخط المنكوس المدعو زورا وكذبا : ( جلال الوزير ) اذ كتب هذا الوزغ كلمات ركيكة متناقضة متهافتة مليئة بالأخطاء اللغوية والتاريخية والاجتماعية وقد ادعى انها مقالة علمية او دراسة تحقيقية ... !! .
وقد نشرها بكل اسف على الشبكة العنكبوتية - بعد سقوط صنم التزييف والعمالة والدجل والتضليل - و تلاقفتها ايدي الزواحف الطارئين والشرذمة الطائفيين والغرباء العنصريين تلاقف الكرة وقاموا بتصريف فضلات هذه المقالة عبر مواقع التواصل الاجتماعي حتى زكمت انوف الشرفاء منها ؛ فكان لابد من ردم هذه البالوعة القذرة وتنظيف البيئة العراقية الجميلة منها ؛ من خلال الرد على هذا النكرة الخسيس الذي تنكر لاسمه وتبرا من اصله وانتحل اسما مزيفا واتخذ لقبا علميا وهميا ؛ اذ قال عن نفسه : انه هو الدكتور الاستاذ البروفسور جلال الوزير ...!! .
لأول مرة اشاهد معتوه يمدح نفسه ويضع لشخصه عناوين علمية بمزاجه وعلى هواه وهو نكرة مجهول كأسياده الغرباء العملاء ؛ وتقبل دعواه من قبل الطارئين والطائفيين والدخلاء والغرباء وايتام البعث و زبانية دوحي بن صبحة ومن في نفوسهم مرض , وهذا يذكرني بالمثل الشعبي العراقي : (( مداح روحه ذممامه – اي ذام لها - )) وليته كان معروفا حتى يمتدح نفسه ويشيد بقدراته العلمية .... , اذ كتب ذلك المدعو المجهول المسمى جلال الوزير كذبا ودجلا ؛ ما يمليه عليه قلبه الاسود وفكره النتن وما يأمره به اسياده العملاء ؛ مقالة تافهة بمعنى الكلمة تهدف الى التطاول على الجنوبيين ورموزهم و تاريخهم العتيد وهم : ابناء سومر واور واكد وبابل ومملكة ميسان سكان العراق القدامى وجماجم العرب والنبط الاشاوس , ابناء الحضارات الاولى والديانات القديمة ... .
واليك نص العنوان كما نشر في بعض المواقع لاسيما الفلسطينية منها – ك صحيفة دنيا الوطن الالكترونية - وهؤلاء القوم معروفون بحقارتهم وعمالتهم فهم واسلافهم الخونة باعوا ارضهم ثم جالوا في بلدان العالم يستجدون الدينار والدرهم ويتباكون على ارض هم اول من فرط بها ؛ ولكي لا يساء فهمي اني اقصد بهؤلاء خونة وشرذمة ومرتزقة الشعب الفلسطيني النبيل المقاوم ؛ ولا اقصد الشرفاء والاحرار منهم الذين لا يحشرون أنوفهم في الشؤون الداخلية لهذا البلد او ذاك , اذ ان المفروض بهم ان يهتموا لمأساة شعبهم لا غير ؛ :
(( تعرف على [ الشر...] حكام العراق الجدد وقادة فرق الموت والاكراد بقلم : برفسور جلال الوزير .
تعرف على (الشــر?) : ح ? ام العراق الجدد وقادة فرق الموت والاكراد – دراسة مهمة
بقلم : الباحث برفسور دكتور جلال الوزير ::
وجوه وأخلاق (شر? ية) متميزة )) .
بالإضافة الى نشره من قبل بعض المواقع التركمانية ذات الجذور العثمانية , و بعض المجلات التي تتدعي الهوية البغدادية ذات الاصول الاجنبية ناهيك عن مواقع الفئة الهجينة الاخرى .
وكأننا بحاجة الى مهرج جديد في التاريخ كي يطل علينا المدعو جلال الوزير مجهول الاسم والاصل والهوية ؛ وكما قال المثل العربي : ((شنشنة أعرفها من أخزم )) فهؤلاء الدجالون المنافقون المجرمون معروفون واساليبهم العتيقة اضحت مكشوفة للقاصي والداني , لقد تصور هذا المختل النكرة المتخفي خلف الاسماء الوهمية بانه يستطيع ان يغير مجرى التاريخ من خلال تصريف فضلات بالوعته النتنة فيه , ولا يعلم هذا القزم ان المئات مثله قد حاولوا تلويث نهري دجلة والفرات الا ان مياهما دائما ترمي بالقاذورات في البحر ولا يبقى فيهما الا العذب الفرات .
اذ حاول هذا الوزغ مقتفيا اثر سيده جرذ الحفرة تشويه سمعة الجنوبيين والصاق مختلف التهم بهم وتزييف الحقائق وقلب الصور الواقعية , فأول من رمى الجنوبيين وبشكل صريح وسافر جرذ الحفرة - دوحي بن صبحة - الذي كتب مقالا او امر احد زبانيته بكتابته في احدى الصحف ( الثورة ) الرسمية عام 1991 ابان الانتفاضة العراقية الخالدة .
قبل أن أباشر في الرد على هذا المقال التافه ساورتني كما ساورت باقي احرار العراق شكوك حول درجة ( بروفسور ) التي وضعها الكاتب المجهول جلال الوزير أمام أسمه لأني تأكدت ومن خلال أسلوب المقال إنه يفتقر إلى الحد الأدنى للمنهجية العلمية ، اذ خبط خبط عشواء وربط بين سلسلة من الترهات والاكاذيب من دون ترتيب منهجي ولا سند علمي واصبح مصداقا جليا للمثل الشعبي : ((الجذب المصفط احسن من الصدك المخربط )) ؛ فهو جمع بين الرذيلتين الكذب و( الخرط والخربطه ) .. وقد اعتمد في بحثه المنكوس على اغنية للفنان كاظم الساهر : ( عبرت الشط على مودك ) لإثبات دعوى منكوسة – الا وهي هجرة الجنوبيون الاصلاء الى جنوب العراق عبر الشط ؟!! - و للتأكيد على ما ذهب إليه من سفسطات ، وهذا كما هو معروف أكاديميا يعد كفر بل واجرام بحق البحث العلمي والمقالة المنهجية التاريخية ،ناهيك عن المصادر التي لصقها من دون الترتيب العلمي المعهود كالإشارة الى رقم الصفحة وتاريخ الطبعة وغير ذلك ؛ والتي لا يمكن لباحث مبتدأ إغفالها فضلا عن دكتور او بروفيسور كما يدعي ويدعون ، و من خلال ما تقدم تعرف عزيزي القارئ ان مثل هذا الكاتب المجهول والذي ادعى انه (برفسور) وفي جامعة السوربون بفرنسا ؛ كاذب وافاك ودجال ... ، و قد بعث احرار العراق ومثقفوه برسائل عدة الى مثقفي فرنسا من العراقيين والعرب يسألوهم عن هوية وخلفية هذا الكاتب ، وأتضح عدم وجود مثل هذا الاسم أصلا كما لم أعثر له على دراسة واحدة عدا هذه المقالة اليتيمة المسمومة المنكوسة ، مما يسلط الضوء على هدف المقال وخلفية من يكتبه ... .
ولو كانت الابحاث والمقالات تكتب بهذا الشكل السطحي الهابط وبهذا النفس المضطرب المريض ؛ لحكمنا على اهلنا العراقيين في بعض مناطق العراق بكونهم ليسوا عراقيين ؛ بناءا على اغنية (( جوبي كل الهلا بحبيبي ال جان زعلان )) للدكتور الفنان سعدي الحديثي , اذ جاء في احدى مقاطعها ما يلي : (( وجعان ما تبريني كل السادة الا اشمك عشيري بفي العراك – اي انا متوجع ولا يستطيع الحكماء و السادة ان يعالجوا هذا العاشق من علته , فهو لا يتعافى الا اذا شم عطر عشيقه وعشيره وحبيبه في فيء الاراضي العراقية ؛ فهذا العاشق هارب من حر الصحاري وامنيته من الدنيا ان يرى حبيبه ويشتم عطره لكن ليس في البراري القاحلة بل في فيء ارض السواد ( العراق ) )) وتعتبر كلمات هذه الأغنية من فلكور المنطقة الشعبي مما يدلل على حقيقة الحدث ؛ وهنالك اغنية : ( عالعين موليتين عالعين موليه ) وايضا للدكتور الفنان سعدي الحديثي والتي جاء باحدى مقاطعها : (( والله ال ما انطوني هلج لهيم وولي وانحر ديار الغرب وخاذ عراكيه – وهذه الاغنية صريحة بأن الشخص المتحدث يتمنى ان يطلب يد حبيبته من اهلها الا انه يستطرد ويقول في حال رفضه من قبل أهل حبيبته ؛ يسافر باتجاه ديار الغربة والغرباء الا وهي الديار العراقية ويتزوج أمراة عراقية مما يؤكد على كونه شخص غريب لا ينتمي للعراق والعراقيين الاصلاء القدامى - )) ؛ بخلاف اغنية ((عبرت الشط على مودك)) التي لا تربطها باهل الجنوب اي وشيجة ولا تجمعها بهم اي رابطة , بدءا من حقيقة قصة هذه القصيدة انتهاءا ب الفاظها التي لا تستخدم كثيرا آنذاك في الجنوب العراقي ؛ فاليكم قصة القصيدة كما جاء في مقالة الدكتور خالد اندريا عيسى في موقع ( خورنة مار توما الرسول الكلدانية في هولندا ) وبتاريخ : 25 مايو , 2021 :
(( أصل قصة الاغنية التراثيه عبرت الشط علمودك
غناها القيصر كاظم الساهر بروعه واصاله وتميز وطننا العراق الاصيل مملوء بالتراثيات المتميزه والفريده وتمس نياط القلب والوجدان وهذه احداها يقال ان امرأه كانت تعيش مع طفلها البالغ سبعة اشهر في بغداد في منطقه قرب نهر دجله في يوم كئيب ضرب النهر واجتاح هذا المكان فيضان هائل وجارف لذاك وجب على هذه المسكينه ان تجد لها ولوليدها مكان امن فلم تجد الا ان تعبر النهر للجهه الاخرى ففيها المكان الامن لها وللطفل.
فقررت ان تعبر النهر خلال هذا الفيضان الجارف والمميت وهي مجازفه ما بعدها من مخاطره لعدم مقدرتها على السباحه …. لكن كان هو الخيار الممكن والوحيد بنفس الوقت ولا خيار ثالث في الافق لذا جازفت وقررت عبور النهر بالرغم من الفيضان الموجود والجارف بغية الوصول لبر الامان.
فرفعت بكلتا يديها الطفل فوق رأسها واجلسته على رقبتها الضعيفه…وتوكلت على الله ونزلت الى الماء تصارع الامواج العاتيه والمتلاطمه من شدة الفيضان.
فتجد نفسها والطفل مرة قد نزلت اسفل النهر ومرة ثانيه تصعد فوق الماء لتلتقط انفاسها ظلت المسكينه تقاوم على هذا المنوال هذا التحدي الهائل الى ان وصلت للجهه المقابله وابنها الغالي جالس على العرش الوالدي الامين لا يدرك ولا يعي ما تكابده هذه المخلوقه الرائعه وما تعانيه في سبيل انقاذه عملت الوالده بكد وتعب لتوفر لهذا الولد حياة كريمه وتعليم مرموق لتخرجه ويعيش بسعاده .
فقد اصبح قرة عين هذه السيده القدوه ناجحا وثريا جدا في حياته وتزوج لكن كانت الزوجه لا تطيق والدته فارسلوها الى بيت العجزه حسب اوامر الزوجه ولضعف شخصية الولد فكتبت الوالده في وحدتها البائسه هذه القصيده المؤلمه والتي انتشرت في العراق والوطن العربي وحاول العديد من الفنانين غنائها ولم ينجح بادائها الا القيصر كاظم الساهر تقول القصيده
عبرت الشط على مودك
وخليتك على راسي
كل غطه احس بالموت
وكوه اشهك انفاسي
كل هذا وكلت امرك
احلى من العسل مرك
وين تريد اروح وياك
بس لا تجرح احساسي
عبرت شاطئ احلامك بتضحيتي
وسهر ليلي ولا مره كلت ممنون
وانا المنهدم حيلي
كول شقصرت وياك وشتطلب بعد اكثر
علي صدري تنام الليل
واكول ارتاح وانا اسهر
عمر وعيوني بعيونك
وانت عيونك لغيري
فضلتك على روحي
وضاع وياك تقديري
مؤلمه حقا ))
بينما جاء في موقع صحيفة الرأي بتاريخ / الخميس 24/12/2020؛ مقالة بعنوان : ( حكاية.. «عبرت الشط على مودك ) , تحمل نفس المضامين السابقة والتي ذكرت في مقالة الدكتور خالد الا انها اضافت معلومات جديدة من قبيل ان الشاعر عزيز الرسام اضاف كلمات اخرى من وحي الحكاية لهذه القصيدة الغنائية ؛ وجاء في هذا الموقع ايضا مقالة للكاتب عبد الهادي راجي المجالي بعنوان : (عبرت الشط على مودك ) وبتاريخ الثلاثاء 23/ 10 / 2012؛ تؤكد مضامين المقالات السابقة أيضا .
وقد جاء موقع صحيفة الوطن مقالة للكاتب حمد حسن التميمي , بعنوان : (عبرت الشط على مودك ) وبتاريخ : 17/ 3 / 2021 ؛ ومما جاء فيها : (( ... وهو ما جعلني أستحضر قصة القصيدة المشهورة والتي شاعت في سائر أنحاء العراق والوطن العربي بأسره، وظل الناس يتداولونها حتى أيامنا هذه، حتى أن الكثير من الفنانين غنوها بأعذب الأصوات، وهزّت قلوبنا جميعاً بمعانيها العميقة وكلماتها المؤثرة، تقول القصيدة:
عبرت الشط على مودك وخليتك على راسي
كل غطه أحس بالموت وقوة أشهق أنفاسي
كل هذا وقلت أمرَك أحلى من العسل مُرَّك
وين تريد أروح وياك بس لا تجرح إحساسي
يحكى أن امرأة وطفلها البالغ من العمر سبعة أشهر، كانا يعيشان في قرية وسط مدينة بغداد تبعد مسافة قصيرة جدّاً عن شط نهر دجلة، الذي يعدّ ثاني أطول نهر في العراق، حيث يصل طوله إلى نحو 1800 كم.
وذات يوم مكفهر ملبد بالغيوم، اجتاح فيضان جارف شديد الخطورة قريتها الصغيرة، فاضطرت الأم جراء ذلك إلى محاولة عبور الشط باتجاه الضفة الآمنة لتنقذ طفلها الرضيع من موت محتم. فقامت برفع ابنها بكلتا يديها ووضعته فوق رأسها حتى تحميه من الغرق، وخاضت في المياه تصارع الأمواج المتلاطمة وتدفق الفيضان الجارف، حيناً تغرق بفعل الأمواج العاتية، وحيناً تتمكن بشق الأنفس من رفع رأسها والتقاط أنفاسها.
بقيت الأم تجاهد وابنها الرضيع على رأسها لا يعي ما تكابده والدته من أخطار تهدد حياتها في سبيل الوصول إلى بر الأمان وإنقاذ طفلها الذي أدخل النور إلى وجودها، فأشرقت الدنيا سعادة بقدومه.. حتى استطاعت في نهاية المطاف وبعد جهد جهيد وكفاح مستميت أن تصل إلى اليابسة، وتنقذ فلذة كبدها.
مرت السنين تباعاً بعد تلك الحادثة المؤلمة، والأم تعمل ليل نهار، لا غاية لها سوى توفير حياة هانئة سعيدة لابنها الغالي، وتأمين تعليم جيد له يؤهله لخوض الحياة العملية بثقة، متسلحاً بالمعرفة والمهارات المناسبة التي تمكنه من تحقيق أي شيء يرنو إليه.
كبر الطفل الصغير تحت رعاية أمه الحنونة المكافحة، وغدا واحداً من الأثرياء المعروفين في بلده وخارجها، وكبرت الأم بدورها لتصبح عجوزاً أنهكتها مصاعب الدهر، ثم كانت الصدمة الكبرى حين أرسل الابن والدته - التي أنقذت حياته عندما كان طفلاً صغيراً، واعتنت به طوال تلك السنوات الطوال - إلى دار رعاية المسنين، بطلب من زوجته التي أقنعته بالفكرة بعد إصرار وإلحاح.
كان وقع الصدمة كبيراً للغاية على قلب الأم المسكينة، وهي التي بذلت كل ما تملكه في سبيل إنقاذ ابنها وإسعاده وتنشئته بأفضل صورة ممكنة، إلى أن صار رجلاً ناجحاً، ونسي فضلها، ليستمع إلى ما تقوله امرأته ويرسل والدته بعيداً عنه، بدلاً من أن يحتويها ويعتني بها بدوره بعد أن استبد بها العمر وأتعبها ضنك الحياة... ))
ومن خلال ما تقدم اتضح لك عزيزي القارئ بأن هذه القصيدة لا علاقة لها بتاريخ أهل الجنوب ومفرداتها لا تمثل لهجة أهل الجنوب آنذاك ؛ لان اللغة اشبه بالكائن الحي الذي يتطور ويتغير يوما بعد يوم تبعا للتطورات الثقافية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية .
ولابأس بتسليط الاضواء على مطلع القصيدة : (( عبرت الشط على مودك )) ؛ فقد جاء بخصوص كلمة ( مود ) ما يلي : اذ قيل انها من الكلمات التي تم ادخالها في اللغة العربية نتيجة التفاعل مع الحضارات الغربية بحيث تم ادخال بعض الكلمات المتنوعة في سياق الكلمات التي نتحدثها ، و التي قد تكون بشكل تلقائي، و هناك بعض الأشخاص الذين يتعمدون الحديث في هذه الكلمات التي يمكن أن يحاول من خلالها الشخص أن يبرز الثقافة الاجنبية التي يمتلكها، و في كلا الحالتين فإن هذا الأمر من الأمور الخطيرة التي تؤثر بشكل كبير على اللغة العربية و على الحضارة العراقية بشكل كبير.
وقيل بأن أصل الكلمة انكليزية (mood ) وتعني مزاج ؛ ومعناها في القصيدة عبرت الشط لأجلك , واستعملت هذه الكلمة في بعض اللهجات المحلية لاسيما البغدادية .
والى هذه اللحظة يحاول البعض استعراض ثقافته من خلال التشدق بالمصطلحات والكلمات الاجنبية , وفي الوقت نفسه يحاول الاستنقاص من اللهجات المحلية واللغة الوطنية لبلده .
الاعلام المسعور للدخلاء ضد ابناء الجنوب العراقيين الاصلاء الحلقة الثامنة / القسم الاول
تدوينات اخرى للكاتب
معتقل الرضوانية
احتل العراق مركز الصدارة في العقود الاخيرة من القرن المنصرم في تلاشي العدالة وغياب القانون وانتهاك حقوق الانسان وممارسة ابشع وسائل الت...
رياض سعد
ظاهرة المزارات الوهمية /حادثة القطارة /نموذجا
المقدمة(1)العيش مع الموتى , وفي ظلال الموت من خلال طقوس جنائزية وثقافة قبورية وسياسات شيطانية وعقائد سلبية , بل وطلب...
رياض سعد
جرائم صدامية مروعة / الحلقة التاسعة / مسوخ الاجرام و مسخ الانسان
أوجد -( ابو ناجي )- الخبيث الانكليزي والمحتل البريطاني في بلاد الرافدين حكومات هجينة وملعونة وقبيحة المنظر ومشوهة المضمون ؛ وسل...
رياض سعد
هذه التدوينة كتبت باستخدام اكتب
منصة تدوين عربية تعتد مبدأ
البساطة
في التصميم و التدوين