ان المدعو جلال الحقير لم يترك مثلبة وشتيمة ومنقصة الا ولصقها بأهلنا الاصلاء في جنوب العظمة والاصالة ؛ وبأسلوب دنيء وطريقة تنم عن احقاد دفينة واوهام مرضية لا زالت تعتمل في صدورهم، وتدور في أذهانهم ؛ ابناء الفئة الهجينة من بقايا الاحتلالات الاجنبية وسبايا وغلمان العثمنة ورعايا الاحتلال الانكليزي الغرباء والمرتزقة المهاجرين والوافدين الى العراق حديثا .
وهذا السلوك الهجين والفكر المنكوس جاء متناغما مع مخططات اعداء العراق والعراقيين الاصلاء ؛ لدق اسفين الفتنة والعنصرية والطائفية بين ابناء الامة العراقية ؛ وكأنه استكمالا لحلقات تاريخية مترابطة من مسلسل قوى الخط المنكوس الظلامية التي تسعى دوما وابدا الى قضم اراضي الامبراطوريات العراقية التاريخية لصالح دول الجوار بل وتفتيت وتقسيم العراق العظيم وسرقة تراثه وتشويه تاريخه وتدمير مجتمعه وتخريب بيئته .
وهؤلاء المنكوسون يعلمون جيدا ان النصوص مهما كانت تافهة وكاذبة ستذكر فيما بعد ضمن الاحتمالات التاريخية ؛ وليكن في علمك عزيزي القارئ ان اغلب نصوص الفئة الهجينة والمرتزقة المنكوسين لا تقول الحقيقة بقدر ما تحجبها وتغيبها وتطمسها ؛ لذلك تراهم ينبحون كالكلاب اناء الليل واطراف النهار ؛ علهم يغيرون شيئا من حقائق التاريخ الدامغة بأكاذيبهم وافتراءاتهم ومسرحياتهم الفاشلة وادعاءاتهم السخيفة ؛ ولفهم ودورانهم المستمر لتمرير المؤامرات وتغييب الحقائق ودفن اسرار المجازر والجرائم والانتكاسات والخيانات .
بل إن هذا النمط من الكتابات المنكوسة يعتبر أخطر من كل اسلحة الدمار الشامل التي ضرب بها شعبنا المبتلى خلال حروب الوكالة والنيابة , وانكى من كل وسائل التعذيب والالم التي ذاق مرارتها احرار وشهداء الامة العراقية على يد جلادي ومجرمي الطغمة الهجينة ؛ لان سموم هذه المقالات الصفراء وتلك النصوص المنكوسة تسري في اروقة التاريخ و الثقافة ؛ وتجد طريقها أحيانا إلى ذاكرة العقل الجمعي للمواطن العراقي لاسيما في ظل اجواء التضليل الاعلامي والتدليس وخلط الاوراق و الاحتقان العنصري والطائفي والتهميش والإقصاء والمحاصصة التي عاشها مجتمعنا المنكوب ؛ ناهيك عن قلة الوعي وانعدام التفكير المنطقي والعلمي المحايد , وتفشي الأمية الفكرية والثقافية بل و الأبجدية , وتغييب العقل التحليلي .

وقد اطلقت الانتفاضة العراقية الشعبية العظيمة الخالدة عام 1991 قريحة الفئة الهجينة من رعيان تكريت ومنحرفي العوجة وبقايا العثمنة اذ تمادوا في وصف العراقيين الاصلاء والجنوبيين النبلاء بأوصاف تباينت من الاستهانة بهم إلى الشتيمة التي وصلت حد التحقير باستخدام أقذع الألفاظ - (( الشروقية او المعدان )) - و أبشعها بل والتشكيك بأصولهم القديمة وانسابهم العريقة – (( مرة هنود وثانية عجم وثالثة اتراك ؛ وكما قال المثل الشعبي : شي ما يشبه شي )) - لا لجرم اقترفوه سوى انهم طالبوا بتغيير النظام الدموي الاسود ؛ جراء الحروب العبثية الخاسرة والصدمة التي تعرضوا لها اثر الانسحاب المخزي لصدام وزبانيته وازلامه وجلاديه من الكويت مدحورين مهزومين مغلوبين تاركين الاف الجنود العراقيين من خلفهم ؛ يواجهوا مصيرهم المحتوم على ايدي قوات التحالف الدولي الغادر ؛ وعندها تساءل العراقيون الاصلاء : هل كان استمرار تلك الحروب طوال حكم الفئة الهجينة والطغمة الصدامية ضروريا ؟ وما الفوائد التي تحققت منها في مقابل خسارة مليارات الدولارات و ملايين الضحايا من الشهداء والمقتولين والمعاقين والمرضى والمعذبين و آلاف اللاجئين والمشردين في اصقاع الارض ؟!
ومع ذلك لم ترغب الفئة الهجينة والطغمة التكريتية في عدم الاعتراف بالحقيقة فقط بل حاربوها حفاظا على استمرارية الفشل والحكم والنهج المنكوس ، تجنبا للاعتراف بهزيمتهم وأخطائهم التاريخية الفادحة .

ثم ما لبث أن تحول الامر إلى صراع معلن مع الشعب العراقي الاصيل في عقد التسعينات , اذ تعنتت الفئة الهجينة بعدم الاستماع إلى العراقيين الاصلاء بل والإغراق في الاستهزاء والسخرية منهم ومن مطالبهم الحقة والمشروعة حتى وصل الامر بالصحف الحكومية ان تصف الكسبة المتجولين في مناطق الفئة الهجينة بالكلاب السائبة , او تتهجم صحيفة بابل – مثلا - على عادات وطقوس عاشوراء وتسيء لمقدسات الاغلبية العراقية .
وهذه الظاهرة السلبية تتصف بها انظمة الحكم العربي الفاشلة والعميلة بصورة شبه عامة واليك بعض الامثلة على ذلك : فبعد انطلاق شرارة الثورة الشعبية في تونس وصف الرئيس السابق – والذي تربطه علاقات وثيقة بالمجرم صدام – زين العابدين بن علي الثوار ب : (( العصابات الملثمة ؛ والمناوئين المأجورين )) ؛ كما وصف العقيد الراحل معمر القذافي الشعب الليبي : (( بأنهم ليسوا إلا "جرذان" و"قطط وفئران التي تنقز من شارع إلى شارع في الظلام" ويتناولون حبوب الهلوسة لتخريب البلاد، وسيلاحقهم "بيت بيت وزنقة زنقة .. )) ؛ وفي اليمن لم يترك الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح فرصة إلا وهاجم شعبه فيها، فأطلق على الثورة منذ البداية : (( ثورة البلاطجة والتخلف ، وأصوات النشاز والإرهابيين ، وذهب إلى أبعد من ذلك عندما وصفهم في لقاءاته الصحافية بـ "الثعابين" ؛ وقال إن : "الحكم في اليمن كما يرقص الشخص على رؤوس الثعابين" .. )) ؛ والشيء بالشيء يذكر , فقد شبه المنحرف المعتوه والشاذ القذر عدي بن صدام بن ابيه : (( الشيعة بأنهم كالألغام ما ان ترفع قدمك عنها حتى تنفجر ... )) نعم ايها الابله المعتوه هم الغام لكنهم فوق رؤوس سلالتك الهجينة المجهولة ؛ ولم ولن يكونوا يوما تحت اقدامها النجسة , ويكفي الشيعة فخرا انها جعلت منك اعرجا معاقا في عملية جهادية بطولية على الرغم من كل الاجهزة القمعية والبوليسية والاستخباراتية والامنية التي تحميك وتحمي شراذم الفئة الهجينة والطغمة العفنة وفي قعر سطوتكم وسلطانكم البائس .
و في السودان، لم يكن الشعب السوداني أكثر حظاً من باقي أشقائه العرب بعد أن انطلقت مظاهرات تمت مواجهتها بعنف، وخرج الرئيس السوداني عمر البشير في خطاب مطلقاً على شعبه : (( شوية شُذّاذ آفاق وناس محرّشين )) .
اما الرئيس السابق حسني مبارك كان أكثر احتراماً لشعبه في مخاطبتهم مقارنة بمن سبقه ومن لحق به ، ولكن التسريبات التي سُربت بعد ذلك، كشفت أنه كان يطلق على المتظاهرين بأنهم : (( شوية عيال تجمعوا على فيسبوك )) .
وقد جاءت هذه المقالة المنكوسة متماشية مع نهج الاستعمار وعملاءه من الحكام الخونة ومنسجمة مع اهداف الخط المنكوس ؛ لتشكك بأصالة وعراقة وعروبة شعبنا الكريم في الجنوب العراقي ؛ بل ووصل الأمر إلى حد التشكيك بفنه وتراثه وفلكلوره وثقافته الأصيلة التي تمتد الى آلاف السنين .
واليك عزيزي القارئ جزء مقتطع من مقالة الكاتب المجهول الدجال الافاك الكذاب : (( أزمة (الشر.. ين ) :

ان الازمة التي يعاني منها ( الشر.. ي ) بعدم اندماجهم الكامل في المجتمع العراقي مردها معاناتهم من الاضطهاد على مر تلك العصور فاصبح لهم تجمعاتهم التي تحولت الى مجتمع خاص ذاب فيه ( الشر..ي ) من الاصل البلوشي مع الاخر من الاصل اللوري او الفارسي او الهندي , وجمعتهم ثقافة واحدة هي ثقافة المهاجر( الشر..ي ) . الا اننا نجد بعد اجراءات عبد الكريم قاسم بمنحهم الجنسية والاراضي الزراعية والبيوت السكنية والامتيازات الاخرى شجعت بعض هذه المجموعات كشرائحة اجتماعية لها خصوصيتها وثقافتها وعاداتها وتقاليدها , بالاندماج المحدود في المجتمع العراقي , فبسبب نظرة الناس لهم في سكان الجنوب من القبائل العربية (الشيعية) وخصوصا الفرات الوسط , على انهم شريحة هامشية من المهاجرين غير الشرعيين او المتسللين تميزت بفقرها وتخلفها وبعدها عن الحضارة وأنفلاتها على القانون على الرغم من انتمائها المتعصب للمذهب الشيعي.
ادت هذه النظرة الى تهميش هذه الشريحة وعدم تقبل اندماجها في المجتمع في الجنوب الا بعد عقود طويلة وبعد الانفجار السكاني للشروقيين بعد منحهم الجنسية والاراضي والدور السكنية فخرجت من الاهوار وتجمعاتها السكانية المعزولة نحو مراكز المدن , وبسبب النمو السكاني الكبير لهذه الشريحة احتلت او اجتاحت المدن الكبرى في العراق بالهجرة من الريف الى بغداد ومراكز المدن ... )) .
أبتدأ الهجين المجهول المقطع بعنوان : ( ازمة الجنوبيين وقد عبر عنهم باللفظ السوقي ) ؛ وليت شعري عن أي أزمة يتحدث هذا المعتوه الخرف ؟؟!!
لا توجد أزمة الا في المخيلة المريضة لرجالات ونساء الفئة الهجينة – غلمان وجواري وسبايا الاتراك سابقا - ؛ والعرف ببابك كما يقولون ؛ ابحث ودقق بالأمر وسترى انه لا وجود لأي أزمة أو خلاف على الإطلاق ، إلا في مخيلة من يزرعون الشقاق والفرقة والعنصرية بين ابناء الامة العراقية من ذوي الاصول الاجنبية والغير عراقية ، وفي وسائل إعلام الخط المنكوس والفئة الهجينة , اذ طالما تصاهرت عشائر وعوائل وشخصيات الجنوب العراقي العظيم بباقي العشائر والعوائل والشخصيات العراقية المختلفة بغض النظر عن المنطقة او اللون او اللهجة او القومية , وقد ارتبط هؤلاء العراقيون بعضهم ببعض ايضا عن طريق الزمالة في الدراسة والجيش والوظيفة والقطاعات العامة والخاصة والجوار ... الخ .
فعن أي أزمة وشقاق تتحدثون ؟؟ ايها المنكوسون المشوهون المهجنون .
وها هو الواقع بين يديك مليء بالكثير من القصص الحقيقية الواقعية التي تتحدث عن تلاحم العراقيين وتكاتفهم وتوادهم وتراحمهم فيما بينهم ؛ واليك قصة ام قصي : فقد سطرت هذه المواطنة العراقية الاصيلة علية خلف صالح – من أهالي تكريت - ؛ أروع فصول الشجاعة بعدما أقدمت على حماية عشرات الجنود الجنوبيين العراقيين من الموت المحتم والتصفية من قبل عناصر فلول الفئة الهجينة الاجرامية وحركة داعش المنكوسة الاجنبية الارهابية ؛ اذ أنقذت حوالي 58 جنديا عراقيا كانوا مطاردين من قبل فلول و( لملموم) تكريت الاوغاد الانذال عام 2014 بالاتفاق مع حركة داعش الارهابية الاجنبية ، في ما عرف لاحقاً بـ ( مجزرة سبايكر المرعبة ) - مجزرة العصر - التي راح ضحيتها الاف الجنود العراقيين الاصلاء الذين أريقت دماؤهم الطاهرة على أيدي مجرمي وجلادي الطغمة الهجينة من رعيان تكريت والعوجة والبوعجيل والبو ناصر والبيجات ومن لف لفهم من بقايا الاحتلالات الاجنبية وفضلات العثمنة واحفاد الانكشارية المأبونين والمرتزقة الرحل المنكوسين .
و بعد 7 سنوات اعتبرت الأمم المتحدة مجزرة سبايكر جريمة حرب و داعش – (( الحقيقة الدامغة ان من قام بالمجزرة هم سكان المنطقة )) - حرض على الإبادة الجماعية والتطهير العرقي , اذ أكد فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من داعش ، أنه توصل الى ان مجزرة سبايكر التي ارتكبتها عصابات داعش الإرهابية تمثل جريمة حرب .
وقال المستشار الخاص كريم خان في إحاطته لمجلس الأمن حول تطورات تحقيقات فريق( يونيتاد) في جرائم تنظيم داعش في العراق إن : (( هجمات تنظيم داعش على أفراد من الطائفة الشيعية من أكاديمية تكريت الجوية (سبايكر) تشكل جرائم حرب تتمثل في القتل والتعذيب والمعاملة القاسية والاعتداء على الكرامة الشخصية)) .
وأضاف خان، انه : (( خلصت التحقيقات أيضا أن داعش حرض على الابادة الجماعية ضد المسلمين الشيعة )) .
نعم ايها الافاك المجهول توجد أزمة وتوجد مشكلة معكم انتم فحسب لا غير , فأنتم مجرمون بالفطرة , وجلادون بالوراثة , وسفلة انذال اوغاد بالطبع والسليقة , لذلك نحن لا نستغرب من تأييدكم المطلق للمجرم صدام بن صبحة – حيا وميتا - وزبانيته وامثاله من الطغاة الجلادين والحكام المنكوسين ؛ فالمجرمون لا يؤيدون إلا المجرمين أمثالهم ؛ وشبيه الشيء منجذب اليه كما يقولون .
وذكر المجهول صاحب الزبالة او المقالة قائلا : (( ... معاناتهم من الاضطهاد على مر تلك العصور... )) ؛ ولا ادري ماذا يقصد هذا المنكوس من هذه العبارة الركيكة ؟؟
ان كان يقصد بالعصور ؛ القرون الطويلة المتمادية من تاريخ العراقيين الاصلاء ابناء سومر واكد وبابل واشور ومملكة ميسان .. الخ ؛
فأقول له : نعم صدقت في ذلك وانت الكذوب ؛ ولا غرو في ذلك فقد تعرض العراقيون الاوائل الى مختلف انواع المصاعب والمحن والمصائب والانتكاسات على ايدي الغزاة الاجانب والمحتلين الغرباء, بالإضافة الى الفيضانات المستمرة واثارها المدمرة ؛ وعلى الرغم من هذه الحقيقة التاريخية الدامغة حاول المنكوس المفتري الكذاب المدعو عبدالرزاق الحصان صاحب كتاب : (( العروبة في الميزان )) ارجاع نسب العراقيين الاصلاء الى الساسانيين ؛ وسأفند هذا الافتراء المضحك المبكي في حلقات لاحقة .
ام ان كنت تقصد بتلك العصور ؛ عصور الفتح الاسلامي او الغزو الاعرابي وما تلاه من الحكم الاموي البغيض .. .
فأقول لك : نعم ان اسلافنا الاشاوس واجدادنا الكرام قد تعرضوا لبعض المضايقات والجرائم والانتهاكات من قبل القبائل العربية النجدية والحجازية واليمنية المتخلفة آنذاك والاعراب الهمج , ناهيك عن ما فعلته الطغمة الاموية في العراق فسجلهم حافل بالعار والشنار والجرائم والموبقات وانتهاكات حقوق الانسان ؛ ومع كل ما تقدم وعلى الرغم من تنوع الاعداء و من كثرة عدتهم وعددهم ؛ قاوم العراقيون الاشاوس الاعداء وتحدوا السلطات الاجنبية وقاتلوا الغرباء ؛ واسفرت ملامحهم البطولية عن قتل بعض الحكام الغرباء واهلاك الكثير من الجيوش الغازية والقوات الغريبة الطارئة والشخصيات المنكوسة ؛ ناهيك عن استمرارية نهجهم الثوري المقاوم اذ لم تهدأ ثوراتهم وانتفاضاتهم لحظة .
فأقول لهذا المنكوس ولأمثاله من اعداء الامة العراقية ؛ ان العراقيين اباة الضيم ؛ لم ولن يسكتوا عن الظلم والجور قط , وكلما حاول المجرمون والطغاة والمحتلون والاعداء استضعافهم زادوا قوة وثباتا كالحديد يتمدد بالطرق وحرارة النار , فهم كالنار تحت الرماد , و كلما حاول الظالم العميل والمحتل الخسيس والمنكوس الذليل اخضاع العراقيين بالقوة والسيف باءت محاولاتهم بالفشل الذريع .
واذا كان يقصد المجهول الافاك بالعصور العهد العباسي ؛ فهذا العصر بمجمله لصالح العراقيين الاصلاء بل يعتبر ثمرة ثوراتهم وجهودهم النضالية المستمرة ضد الحكم الاعرابي والاموي , نعم حصلت بعض المفارقات والانتهاكات هنا وهناك الا انه أفضل بألف مرة من العهود التي سبقته , وقد ثار فيه العراقيون ضد الاتراك الاجانب عندما دخلوا بغداد وحاولوا العبث فيها , بالإضافة الى تذمرهم من مضايقات بعض الحكام المنكوسين النواصب ضد شيعة العراق كالمتوكل وغيره .
وللعلم في كل هذه العصور المنصرمة كانت حصة الجنوب العراقي من الويلات والاضطهاد وانتهاكات العسكر والجيوش والجنود أقل بكثير من باقي مناطق العراق والعالم الاسلامي آنذاك ؛ فاذا ما تم مقارنة ما تعرضت له باقي الدول والمناطق والمدن على ايدي تلك السلطات والحكومات والاحتلالات بالجنوب العراقي ؛ فأنه لا محالة سيكون الجنوب العراقي أفضل حالا من غيره , لذلك كان الجنوب ولا زال معقلا للمعارضة والثوار والاحرار ؛ نعم قد تعرض الجنوب العراقي للفيضانات المستمرة , والاقتتال والصراع الداخلي في بعض الاحيان وهذا ارث ورثه من المدن السومرية المتناحرة فيما بينها سابقا .
وقد نجت المدن والقرى الجنوبية العراقية من ويلات الاحتلال المغولي بفضل مساعي البعض من ساسة و رجال الدين الشيعة وقتذاك ؛ بينما تعرضت باقي مناطق العراق الى الخراب والقتل والتصفيات الجسدية الجماعية والتدمير نتيجة خيانة وتقاعس الحكام السنة الاجانب في بغداد ... .
حتى في عصر الاحتلال العثماني ؛ لم يتمكن الاتراك من فرض سيطرتهم الكاملة والمطلقة على الجنوب العراقي الا في بعض الفترات وبشق الانفس ؛ الا انهم مارسوا فيها الجور والظلم كعادتهم المعروفة في باقي الدول العربية ولعل ابشع ما ارتكبوه ارساء مفهوم الاقطاعيات وترسيخ الاقطاع في بعض المناطق وقد سار على نهجهم الانكليز فيما بعد , ولكن عشائر الجنوب كانت لهم بالمرصاد .
وعندما احتل الانكليز العراق بالتواطؤ مع بقايا العثمنة من الفئة الهجينة والعملاء المحسوبين على العراقيين والعراق ؛ شرعوا بأخذ الثأر من الاغلبية العراقية التي وقفت مع الاتراك المسلمين ضدهم , ومن ثم اعلنوا الثورة الكبرى ضد الاحتلال الانكليزي عام 1920 , وبعد الانتكاسة رسخ الاحتلال الانكليزي وجوده في العراق وقضى على كل امال وتطلعات الاغلبية العراقية ونفى بعض زعماء الجنوب من المقاومين الابطال كالشيخ غضبان البنيه شيخ قبيلة بني لام , وحاصر الباقين في العراق وضيق عليهم الخناق بواسطة العملاء من بقايا العثمنة , ورعاياهم الغرباء الوافدين الى العراق مع مجيئهم واحتلالهم الاسود وجواسيسهم القدامى .
ومنذ ذلك الوقت دارت عقارب الساعة الى الوراء وبدأت معركة تسقيط الاغلبية العراقية وتشويه سمعة الجنوبيين وشاع استخدام المفردة السوقية الهجينة والغريبة ( الشرجية او الشروقية ) بين ابناء واحفاد بقايا العثمنة , وشخصيات وعوائل ورعايا الاحتلال الانكليزي المدللين والعوائل العجمية .
ومنذ عام 1920 وحتى سقوط صنم الفئة الهجينة دوحي ( صديم بن صبحة ) عام 2003 لم يكن للأغلبية العراقية ولاسيما الجنوبيين منهم أي حكم فعلي او امتيازات تتناسب مع حجمهم الكبير بل لم يحصلوا على ابسط حقوق المواطنة ..!! .
نعم ايها الهجين ان كنت تقصد بالمعاناة والاضطهاد صراع وكفاح الاغلبية العراقية والجنوبيون منهم على وجه الخصوص ضد الغزوات والاحتلالات الاجنبية ومقارعتهم لأنظمة الفئة الهجينة ومحاربتهم للغرباء والدخلاء والاجانب الذين دنسوا ارض الرافدين ؛ فهذا الامر صحيح , ومراجعة بسيطة للتراث العراقي العريق نتعرف من خلالها على كثرة الآهات السومرية والحسرات البابلية والدموع الاكدية والاحزان الاشورية وابيات الشجن العربية والنبطية التي عبر بها اسلافنا الكرام عن الامهم واحزانهم المستمرة بسبب الاحتلالات الاجنبية والكوارث الطبيعية ؛ فهذا الامر الذي اردت من خلاله قذف الجنوبيين واعتبرته مثلبة عليهم هو في حقيقة الامر منقبة تحسب لهم , لانهم اهل الدار وصاحب الدار يحزن عليها ان اصابها مكروه بخلاف الدخيل والغريب والطارئ الذي لا تربطه وشيجة بهذه الارض العظيمة المباركة ؛ ولعل المقولة الشعبية الشهيرة : (( احزن عليك حزن معدان )) تؤكد لنا استمرار التواصل الثقافي والوجداني بين اقوام بلاد الرافدين العريقة .