أستيقظت مرعوبا ... انهم يبحثون عني في الطرقات والازقة وفي بيوت الجيران والاصدقاء والاقارب , ذهبوا الى المعهد ثم الى محل تجارتي البسيط ( الدكان ) فلم يجدوني ؛ الا ان الصدف السيئة وطالع النحس قد جمعني بهم عند ذهابي الى البيت كي انام فترة القيلولة لأني كنت متعب ذاك اليوم , فرأيتهم وأبصروني , أطلقت قدماي للريح وهم ركضوا ورائي ركض الوحوش المتعطشة للدماء خلف غزلان البراري الجميلة , وحال بيني وبينهم الشارع العام وأزدحام السيارات فيه والذي حسبته من نعم السماء وقتها ؛ فقد أنقذني من الضباع الكاسرة والغربان الجارحة , بعد ان بلغت الروح التراقي وتسارعت دقات قلبي وارتفعت حرارة جسمي وجحظت عيناي ؛ حتى من الله علي فأستقيظت من النوم وجلٌ اترقب , لا احد غيري في الغرفة , الوالد في العمل , وامي ذهبت الى السوق , واخوتي في المدرسة , والتيار الكهربائي منقطع كالعادة ؛ فأظلمت غرف وزوايا البيت في عيني , بدأ البيت وكأنه من دوائر الامن الصدامي الموحشة ... ياللهول : حلمٌ مزعج و واقع بائس وظلمٌ مقيم ... , أهرب من سجن كي اقع في سجن أتعس , فوطني كان عبارة عن مجموعة من دوائر الامن والمخابرات والحزب والجيش والعصابات الطائفية الهجينة ذات الجذور الاجنبية والغريبة ... ودهاليز التعذيب والقتل والتغييب والتهميش والاقصاء والتعسف الا ان هذه الدوائر تختلف فيما بينها سعة وضيقا , اذ ان سجن ابو غريب – سيء الصيت – يعتبر جنة قياسا بجحيم سجن الرضوانية المرعب!!!
قررت السفر على أثر هذا الحلم ,اذ أعتبرته نبؤة تحذير ونذير شؤم , فحزمت حقائبي الصغيرة وحاجياتي البسيطة , ويممت وجهي شطر .... كي تبدأ معاناة جديدة وارهاصات مغايرة ... .