أستيقضت أم علي هذه المرة مرعوبة على غير عادتها ..
ابني علي أين أنت .. ؟
فاطمة : خرج يلعب مع مروان ابن الحاج أبو عمر ..
أم علي : بنتي فاطمة ,هل اعددتي الفطور لأخيك علي ؟
فاطمة : بقى الفطور على حاله .. لان مروان جاءه قبل ان يتناول الفطور .
أم علي : لهف قلبي عليك , خرجت بلا فطور ..!!
الوقت منتصف النهار , وعلي لم يدخل البيت بعد ..!!
جمعت أم علي بناتها الخمسة , وصارت تسألهن واحدة تلو الأخرى ,عن أخيهن ..
فلم تحصل على غير جواب فاطمة المزبور ..
خرجت كالمجنونة مسرعة نحو دار جيرانها بيت الحاج أبو عمر ..
أبو عمر : خير أم علي , ما بك ؟
أم علي : علي خرج يلعب مع مروان منذ الصباح الباكر , ولم يرجع ؟!
أبو عمر : مروان أين علي ؟
مروان : لعبنا سوية , ثم ذهب الى السوق ..
أجهشت أم علي بالبكاء والصراخ , وسالت الدموع من مقلتيها كالماء المنهمر..
أم علي : أبو عمر ان المرحوم أبا علي قد أوصاك خيرا بنا ولا سيما علي ابننا الوحيد , أبو عمر افعل شيء ..
أبو عمر : لا عليك سوف نبحث عنه في كل مكان ..!!
وفي هذه الأثناء خرج من بيت الحاج أبو عمر رجلٌ عربيٌ غريبٌ بمعية عمر, وركبا السيارة وانطلقا , أم علي عندما نظرت الى هذا السعودي ذو الملامح الكالحة والنظرات الإجرامية الصلفة واللحية الطويلة المقززة ؛ أنتابها شعورا خفيا لا تعرف ما هو ,الا أنها تذكرت الموت والضياع والوداع .. فكأن المشاعر السوداوية والأحاسيس الكئيبة قد أوحى بها وجه هذا السعودي الأغبر ..
مضى يومان وما من خبر , ولم ينقطع البكاء والعويل واللطم لحظة واحدة في بيت أم علي , فتشوا عنه في كل مكان فلم يجدوه ..
كلب بيت أبو عمر كان يأتي بين الفينة والأخرى يسترق النظر الى أم علي التي طالما أطعمته و سقته , ويبادلها نظرات ملؤها الألم والحيرة والاضطراب ..
الكلب لم يعد يتحمل أكثر ؛ هرع مهرولا الى بيت أم علي , وفي فمه قطعة من قميص المغدور علي ملطخة بالدماء الحارة الصبيانية البريئة ..
سقطت أم علي على الأرض , خارت قواها , انهارت أعصابها ..
ومشت نسوة الدار خلف الكلب الى موقع الجريمة ؛ فقد شاهدن أخاهن مذبوح من القفا و مدفون في بستان الحاج أبو عمر جار العمر ..!!!