من المعلوم ان العراق دولة تم السطو عليها ليلاً بقوة السلاح عام 1963 وانقلب المنكوس على المنكوس الاضعف او الاقل اجراما عام 1968؛ حيث جاءت عصابات البعث ورعيان تكريت و لقطاء العوجة بقطار امريكي الى السلطة ، وأصبح شعبها منذ تلك الليلة الحالكة من شباط ثم تموز الاسود رهينة لزمرة شرسة من قطاع الطرق وشذاذ الافاق وعديمي الاصل وفاقدي الشرف ، فلا يوجد شيء يردعهم أو يحمي المواطن من هذه العصابة الهجينة اللعينة التي استولت على مقاليد الأمور بالقوة، وأذاقت أهل البلاد الاصلاء جميع صنوف العذاب والتنكيل لأكثر من أربعين سنة .
في دولة ليس لها دستور، والحاكم فيها لا يسأل عما يفعل، وزبانيته ولقطاءه – (الويلاد) كما يعبر عنهم ابن صبحة - فوق القانون والمساءلة والعدالة ؛ يحاكمون الأبرياء الاصلاء خارج المحاكم في الهواء الطلق او في محاكم صورية للاستهزاء والاستخفاف بالشعب العراقي الاصيل ليس الا ، ويرقصون طرباً على جثثهم أمام اعين المعتقلين والسجناء والمسؤولين الصداميين الكبار – بل في بعض الاحيان يمارس هؤلاء التعذيب والقتل بأيديهم - بعد شنقهم او رميهم او تعذيبهم حتى الموت ، وتسمى هذه المجازر بحفلات التعذيب ..!!
ألم يكن باستطاعة ابناء الفئة الهجينة من منتسبي الجيش والاجهزة الامنية القمعية العديدة تخليص العراقيين الابرياء - او لا اقل بعضهم – من محارق سجن رقم (1) او مثرامة الشعبة الخامسة – مثرامة يثرم بها الاحياء – او من تعذيب السجون والمعتقلات الطائفية والصدامية الكثيرة او من المقابر الجماعية او الاعدامات بالجملة او او او .... ؟؟!
نعم كان باستطاعتهم فعل الكثير الا انهم لم ولن يفعلوا ؛ لانهم من نفس الطينة الشيطانية وذات السلالة الهجينة ؛ ولعل احداث الارهاب والاجرام التي حصلت بعد سقوط الصنم - جرذ الحفرة - عام 2003 اكبر دليل على ما ذهبنا اليه انفا .
هل يستطيع أحد من العراقيين الاصلاء وقتذاك أن يسألهم، فضلاً عن أن يحاكمهم إذا ما مات شخص بريء تحت التعذيب ، أو إذا نصبوا له مشنقة في أحد الميادين العامة ، أو اختفى إلى الأبد كما اختفى كثيرون قبله في المقابر الجماعية او في سجون السلطة الغاشمة المرعبة ؟
كان ابناء ولقطاء الفئة الهجينة الدخلاء يتعاملون باستعلاء وحقارة مع العراقيين الاصلاء بل وصل الامر بهم ان ينادوا العراقيين الاصلاء من سكان الوسط والجنوب باللفظة السوقية المبتذلة – ( الشرجية بالصيغة السوقية الاعجمية الركيكة ) - التي اطلاقها اسلافهم العملاء من رعايا الاتراك والانكليز في بدايات القرن العشرين على العراقيين الاصلاء لغاية في نفوسهم المريضة وذلك لغرض الاستنقاص والاستهزاء والتحقير والتصغير .
تجاوزت الفئة الهجينة كل الخطوط وتمادت في غيها وطغيانها وعلت في الارض بعدما كانت ذليلة حقيرة – فما هم الا سبايا وغلمان الاتراك الدخلاء و رعايا الاحتلال الانكليزي الغرباء والمرتزقة والمهاجرين الهجناء - ؛ وتصرفت بالعراق وكأنه ملك لآبائهم المرتزقة او أرث لأجدادهم الدخلاء .
لذلك غالباً ما يربط المواطنون العراقيون المثقفون الواعون الاصلاء بين الأنظمة الطائفية المتعاقبة – من عام 1920 والى عام 2003 - وبين الفئة الهجينة فهما وجهان لعملة واحدة , متلازمان يُكمِّل أحدُهما الآخرَ ؛ وقد تسببت الفئة الهجينة والسلطات الهجينة في موت أعداد لا تحصى من العراقيين الاصلاء ؛ ناهيك عن القمع وانتهاك حقوق الانسان والفقر والمرض والحرمان والبطالة والاضطرابات والحروب والازمات وتفشي الجهل والامية ... الخ .
نعم إن تاريخ شعوب وجماعات العالم حافل بالمذابح والمجازر وانتهاكات حقوق الانسان ؛ ولكن بعض الانظمة السياسية والشعوب الحية المتحضرة والجماعات البشرية التي راجعت حساباتها قد اعترفت بارتكابها المذابح واعتذرت عنها ؛ فاليابان اعتذرت للصين ولكوريا , وألمانيا اعتذرت وعوّضت لليهود ولإسرائيل الى حد الخضوع للابتزاز , واعترفت ألمانيا رسميا بأن الجرائم التي ارتكبها الاحتلال الألماني قبل أكثر من 100 عام بحق شعبي هيريرو وناما في ناميبيا هي جرائم إبادة جماعية ، وقررت تقديم اعتذار ودفع أموال لدعم الأجيال اللاحقة من الضحايا .
حتى الفاتيكان اعتذر، أولا على لسان البابا الراحل يوحنا بولس الثاني، وثانيا على لسان البابا الحالي بنديكتوس السادس عشر عن المجازر التي ارتكبها المبشرون الكاثوليك في أمريكا اللاتينية وأفريقيا.
واعتذرت الولايات المتحدة للهنود الحمر وحاولت التعويض عليهم ؛ واعتذرت لمواطنيها من اليابانيين الذين اعتقلتهم جماعيا بعد العملية العسكرية اليابانية على بيرل هاربور، حيث فرضت عليهم الإقامة الجبرية في معسكرات اعتقال حتى نهاية الحرب العالمية الثانية..
ولعل تجربة جنوب إفريقيا في العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية والاعتراف بالجرائم والمجازر والاخطاء الفادحة من اكبر الشواهد في هذا السياق .
إلا أن بعض الشعوب والجماعات تكابر وترفض الاعتذار وكأنهم أولياء أو انبياء أو ابرياء لا يخطئون ولا يجرمون ولا يعلمون و من هذه الشعوب الأتراك الذين رفضوا الاعتراف حتى بمجزرة الارمن الشهيرة والرهيبة ، ومنها الفئة الهجينة في العراق .
ولعل تهرب الفئة الهجينة من الاعتراف بالمجازر والجرائم وانتهاكات حقوق الانسان المتكررة والمستمرة بحق العراقيين الاصلاء لاسيما سكان الوسط والجنوب العراقي ؛ قد يفتح الاعتذار عليها العديد الابواب المغلقة طيلة 83 عاما من حكم الفئة الهجينة في العراق ؛ والشيء بالشيء يذكر , فعندما بدأت عملية طي صفحة النظام العنصري ــ ( الأبارتيد ) ــ في جنوب أفريقيا، جرى استجواب عدد من القادة الأمنيين للنظام ، وكان رئيس الأساقفة ديزموند توتو أحد المستجوبين, وكان يقول لهؤلاء القادة : «دلونا فقط أين دفنتم أحباءنا وأولادنا .. لا نريد منكم شيئا آخر سوى أن تقولوا لعائلات الضحايا نحن آسفون» , ولقد رفض بعض هؤلاء القادة أن يعترفوا ... وحتى أن يقولوا عبارة «انى آسف» , وكان ذلك ذروة الغطرسة, وهى الغطرسة المتواصلة في العراق من قبل الفئة الهجينة ؛ فهم فقط يعرفون اماكن المقابر الجماعية واين تم دفن الاف الضحايا من المعدومين والمغدورين .
أليس عجيبا أن ترى الفئة الهجينة الان «القشة» في عين الحكومات الديمقراطية الحالية .. ولا ترى «الخشبة» في عينها ؟!
نعم ان الاعتراف قد يكلف الفئة الهجينة كثيرا ؛ اذ قد يؤدي الى مصادرة املاكهم المسروقة من الدولة العراقية ومن ثروات العراقيين الاصلاء , ناهيك عن المسالة القانونية التي قد يتعرضون لها لانتهاكاتهم المستمرة لحقوق الانسان وتواطؤهم مع الجهات الاجنبية والخارجية المشبوهة ضد ابناء الوسط والجنوب العراقي , ومطالبتهم بالتعريف بهوية واعداد المغيبين والمختطفين , وكشف قبور المعدومين والمغدورين والمقابر الجماعية , والاعتراف بكل الجرائم المرتكبة في عهودهم السوداء , وتقديم كشوفات تفصيلية بكل الاموال والاملاك والممتلكات التي تمت مصادرتها من العراقيين الاصلاء بحجج واهية ... ؛ لذلك خذلت الفئة الهجينة الذاكرة العراقية وتسترت على جرائم وفظائع يندى لها جبين الانسانية , بل منعوا العراقيين الاصلاء من توثيق تلك الاحداث الجسام والجرائم المقززة والمجازر الرهيبة ؛ اذ وضعوا العراقيل امام الكتابات والافلام الوثائقية التي تؤرشف لمراحل الظلم والجور بحجة اللحمة الوطنية ومحاربة الطائفية .
ومع كل هذه الاجراءات المنكوسة يبقى الارث الاجرامي والارهابي يلاحق ابناء الفئة الهجينة اينما حلوا وارتحلوا , ولابد من ان يأتي يوم وتدفع تلك الفئة القذرة الثمن والتعويضات لأبناء العراق الاصلاء .
الم يأن الاوان بعد لهؤلاء الاوباش الدخلاء والمجرمين الغرباء - من ذوي الاصول الاجنبية والغريبة وغير العراقية - أن يعودوا إلى رشدهم ويتخلوا عن عدائهم وحقدهم للعراقيين واتكالهم على أعداء العراق والإنسانية ويعترفوا ب اخطائهم وخطاياهم وجرائمهم ومصائبهم ؟؟!!
لا نريد من الفئة الهجينة الاعتراف ب ويلات العهد الملكي ولا الجمهوري الان ؛ فقط اعترفوا بمخازي وجرائم العار جرذ الحفرة بن صبحة وحسب – ( جزنه من العنب ونريد سلتنه ) – لا نريد منكم سوى ذكر مثالب وفضائح الفطيس دوحي بن ابيه مولاكم وكبيركم الذي علمكم الاجرام والارهاب والحقد الاعمى .
الفئة الهجينة تعيش حالة غريبة ؛ تختلف عن جماعات وفئات الكرة الارضية قاطبة فهي الوحيدة التي تكثر الترحم على – بشكل هستيري مبالغ فيه - القتلة والمجرمين والسفاحين والتعاطف معهم بغض النظر عن مجازرهم وإباداتهم الجماعية، ودون مراعاة لمشاعر العائلات التي قضى أهاليها في مجازر الطغاة ، فالمسألة معقدة جداً اذ ان الفئة الهجينة لا تعرف معنى الإنسانية ، ولا تراعي مشاعر من تعرضوا للتعذيب والتنكيل والاقصاء والتهميش والابعاد بل القتل والابادة والتطهير العرقي والطائفي ، وقبل ذلك ، لا تقيم لوطنها اعتبارا وقيمة ، تمجد قاتلا سفاحا أو مجرما ذباحا – كصدام - استهدف مقدسات بلدهم بالصواريخ، وقتل مئات الآلاف دون ذنب ، أباد الأطفال والنساء والشيوخ ، بل ويعتبرونه بطلاً عربياً – على الرغم من كونه لقيطا مجهول الاصل – ورمزا وطنيا ..!! .
هؤلاء أنفسهم، لو سألتهم ما رأيكم ببشار الأسد، سيكيلون الشتائم له والدعوات عليه ، لكن في نفس الوقت يقيمون التمجيد لصدام حسين ؛ كيف يمكن إقناعهم بأن صدام حسين ، ينتمي لنفس المعسكر، معسكر البعث، ومعسكر الدم والعمالة والخيانة أيضاً بل لعله الابرز من بين كل العملاء المرتزقة .
كيف يمكن الحديث معهم ومحاورتهم بذلك، والطلب منهم أن يتخلوا عن النزعة الطائفية والعرقية والمناطقية والفئوية ، والنظر للمسألة بواقعية ؟!
لا يمكن ؛ فنسبة كبيرة من الممجدين له ، وتحديداً على شبكات التواصل الاجتماعي، هم ممن ولدوا بعد حرب الخليج ، لكنهم تربوا على ذات الطريقة المنكوسة لآبائهم واجدادهم واسلافهم الدخلاء ؛ فهؤلاء الاراذل السفهاء لا يعيرون اي رقة او اهتمام بمئات الآلاف بل الملايين من الذين خسروا ذويهم في حروب ومعتقلات صدام ، فجرذ الحفرة ابن صبحة لم يكن يوما بطلاً، بل مجرم حرب وجلاد معتقلات سرية مظلمة وعميل ذليل .
متى يعترف اقزام واشباه الرجال من ابناء الفئة الهجينة بجريمة قمع الانتفاضة الجماهيرية العراقية الخالدة عام 1991 ؟
او جريمة ضرب حلبجة بالكيماوي عام 1988 ؟
او الاعدامات الجماعية في عقد الثمانينات التي طالت سكان الوسط والجنوب العراقي ؟
او عميلة الانفال او تجفيف الاهوار ؟
او جرائم المقابر الجماعية والمعتقلات الرهيبة ؟
متى تراجع الفئة الهجينة حساباتها وتذكر مخازي وجرائم مولاها ابن صبحة ؟
متى يخطوا خطوة واحدة باتجاه تصحيح مسارهم المنكوس وتنوير تلك الفترة الصدامية المظلمة التي اختاروا ان يعيشوا ظلامها كالخفافيش ؟
الفئة الهجينة معروفة بنفاقها وصلفها واجرامها الا ان المصيبة تكمن في ( غمان وثولان ) الاغلبية العراقية التي تغض الطرف عن تاريخ صديم ابن صبحة الأسود في العمالة والخيانة والغدر والجور والظلم والإذلال والطعن في الظهر لأكثر من أربعين سنة ، فلا يزال هذا المجرم الفطيس يجد من الحمقى والمغفلين والمخصيين من يحسنون الظن به وبنظامه الباغي ..!! .
في بلادنا ما عادت المقارنات والمراجعات مع الفئة الهجينة تفيد، ولا تحرك فيهم ساكنا، فقد اسمعت لو ناديت حيا لكن لا حياة لمن تنادي .
................................................................................................
(1) فَطيس : من (ف ط س) نسبة إلى الفَطِيس بمعنى من انخفضت قصبة أنفه، والفطيس في بعض العاميات وصف لمن مات من الحيوان قبل أن يذبح ذبحا شرعيا .