هناك خيط رفيع بين الطيبة والسذاجة ؛ والطيبة الزائدة والضعف – في نظري القاصر – هما وجهان لعملة واحدة ؛ وكما ان : (المال السايب يعلم الناس السرقة ) , كذلك الطيبة الزائدة - ( الفطارية )- تدفع اصحاب القلوب القاسية والضمائر الميتة الى الاستحواذ على مقاليد الامور ؛ وقد اشار الى هذه الحقيقة الفيلسوف و الاقتصادي الفرنسي ( برتراند دي جوفنيل ) بقوله : (( مجتمع من الخراف لابد أن تحكمه عاجلا أو آجلا حكومة من الذئاب )) ؛اذ كان مجتمعنا وقتذاك مجتمع سلبي بل وسلبي بامتياز .... , فمجتمع لا يستطيع إلا الشتم والاتهام والكلام الفارغ وافشاء الاسرار والطيبة الزائدة عن حدها والثرثرة والتخبط والثقة العمياء بكل من هب ودب ... دون أن يعمل او يحرك ساكنا ؛ لن يحكمه إلا مرتزقة وذئاب وعملاء واشباه الرجال ؛ وقد رأينا ما حل بنا طيلة 83 من حكم الفئة الهجينة بسبب تلك الصفات الذميمة ؛ وصدق فرانسيس بيكون عندما قال : (( إن مجتمعا من الخراف يخلق دائما حكاما من الذئاب )) .
وبما ان الضعيف هو ذلك الغبي او الجاهل الذي لا يعرف سر قوته – كما قالها الكاتب نجيب محفوظ - ؛ حرص الاستعمار وعملاءه على ابقاء الاغلبية العراقية جاهلة متخلفة ضعيفة بل ومارسوا مختلف انواع واشكال وصور التجهيل والتغييب والتسطيح بحقها ؛ ومراجعة بسيطة لمذكرات و وثائق رجال الفئة الهجينة في العهد الملكي تكشف لنا مدى التآمر الخطير على الاغلبية العراقية لاسيما في مجالي التربية والتعليم , وكلنا عايشنا ايام اخر طاغية لقيط من بقاياهم ؛ اذ سقط صدام عام 2003 - اي في بداية القرن الحادي والعشرين- ؛ و محافظات الوسط والجنوب تملأها المدارس الطينية بل وكان الطريق اليها عبارة عن اوحال و اوساخ تشمئز منها النفوس ... .
واضعف الناس من عجز عن كتمان سره ... وهذه صفة اخرى من السلبيات التي تضاف الى سجل الاغلبية العراقية ؛ لذلك اجتمعت في العراقي الاصيل اغلب نقاط الضعف , وبما ان العدو يقوى بمقدار ضعفك , فكلما زادت نقاط ضعفك زادت قوة عدوك ؛ سيطر الطارئ الدخيل على العراقي الاصيل .
طوال عقود متمادية من الزمن الاغبر في التاريخ العراقي الحديث ؛ تحكم بنا الانذال واصبحت مقاليد الامور بيد الاوغاد , وتلقفت ايدي السفهاء و ذراري الغلمان والمماليك والشواذ والمرضى والعملاء كرة السلطة و المسؤولية والحكم يلعبون بها كما تلعب الاطفال بالدمى .
وما استمر وجود هؤلاء الاوباش في الحياة العراقية الا بوجود الاطايب والكرام من ابناء الاغلبية العراقية وباقي مكونات الامة العراقية الاصيلة ؛ فهؤلاء كالكائنات الطفيلية التي تعتاش على الاجساد الحية او كمصاصي الدماء يعيشون بدماء الضحايا , فالنذالة مرهونة بالشهامة والاستجداء بالكرم ... مثل القطب السالب و القطب الموجب في الفيزياء , فأن لم يكن هناك ناس طيبون ما وجد أوغاد خبثاء ؛ فلولا ( فطارية ) العراقيين وطيبة قلوبهم ما عبث هؤلاء المنكوسون الغرباء الدخلاء بأرواح الناس وكراماتهم وثرواتهم وقيمهم وحقوقهم .
هذه الطيبة التي جعلت من العراق ملاذا لكل الغرباء حتى سمي ب ( بلد الغرباء) الا انه في الوقت نفسه كان قاسيا على ابناءه الاصلاء وبشدة ..!! .
ومما تقدم يتضح لك ان اغلب رجال الفئة الهجينة كانوا يظنون أنفسهم أقوياء وأذكياء، إلا أنهم من الناحية العلمية والنفسية والواقعية هم أضعف وأجبن وأجهل البشر، ولكى يغطون على ضعفهم وجبنهم وجهلهم يلجؤون دائما إلى النفاق والتلون والكذب والعمالة والجريمة والاحتماء بالأجنبي وعدم المواجهة ؛ ومن اكبر الشواهد على ذلك تخبطهم وتشرذمهم بعد هلاك لقيطهم الهجين صدام المشنوق .
فهؤلاء الحاقدون المنكوسون يعانون من جميع الأمراض النفسية والعصبية التي أصيب بها اسلافهم - من قبل - ؛ نتيجة لإحساسهم بالاغتراب والقلة وفقدانهم لأوطانهم الاصلية وانعدام الهوية الوطنية الحقيقية .
ولعل من اوضح الادلة والبراهين على كرههم للعراق وحقدهم على العراقيين ؛ تمجيدهم الدائم والمستمر لكل القتلة والسفاحين والمجرمين من الذين اذاقوا العراقيين الموت والعذاب والذل ... وكما قال ( دنيس ديدرو) : ((الراعي الذي يفتخر بالذئب لا يحب الخراف )) .
طيبة الاغلبية العراقية وخبث الفئة الهجينة
هذه التدوينة كتبت باستخدام اكتب
منصة تدوين عربية تعتد مبدأ
البساطة
في التصميم و التدوين