نستطيع أن نفرق بين ثلاث مناهج فقهية معاصرة لتتضح الصورة جليا:
١) المنهج الذي نرتضيه وندين الله به وهو الاستفادة من كل التراث الفقهي للمذاهب الإسلامية وأقوال الفقهاء الأفراد، ونستطيع تسمية هذا المنهج بمنهج الحركة الإسلامية أو منهج علماء النهضة ويمثل هذا المنهج الكثير من الأئمة ومنهم:
أولهم الأستاذ الإمام محمد عبده، أبوزهرة، الزرقا، مصطفى شلبي، مصطفى زيد، القرضاوي، الغزالي، ابنا عاشور، السنهوري، الشاوي، عبدالقادر عودة، مصطفى الزلمي، عبدالكريم زيدان، السباعي، وغيرهم.
تتميز هذه المدرسة بالاستفادة من التراث ثم البناء عليه لذلك تراها تكلمت في المصلحة وجددت في التأليف، ثم قارنت بين المذاهب جميعا، ودمجت بين الفقه والقانون وفرقت بين الأخلاق والأحكام أو الدعوي والإلزامي.
ومنهجهم في ذلك يلخصه الأصل الذي وضعه الإمام الشهيد حسن البنا فقال:
( ولكل مسلم لم يبلغ درجة النظر في أدلة الأحكام الفرعية أن يتبع إماما من أئمة الدين، ويحسن به مع هذا الاتباع أن يجتهد ما استطاع في تعرف أدلته، وأن يتقبل كل إرشاد مصحوب بالدليل متى صح عنده صلاح من أرشده وكفايته، وأن يستكمل نقصه العلمي إن كان من أهل العلم حتى يبلغ درجة النظر).
٢) مدرسة الجمود والتخلف: وهو الذي يجعل كتب متأخرة المذاهب هي ذات الإسلام فمن خالف قولا فيها فقد خالف الدين، ولا يجوز تجاوزها بحال من الأحوال ولذلك فلم يؤلفوا تأليفا جديدا كفقه الموازنات والأولويات ونحوها، فعقلهم الفقهي وقف وجمد منذ أيام تدوين المذاهب لذلك لا تجد عندهم اجتهادات للشؤون المعاصرة المستجدة.
٣) مدرسة الجهل أو التأسلف: وهذه المدرسة تتسم بالجهل لأنها لا تعتمد على الأصول الفقهية وإنما فقط على تصحيح وتضعيف الحديث وكأن فقه الحديث مبني على هذا الأمر، لذلك تراهم مولعين بالتصحيح والتضعيف في الأحاديث وهذا لا ينبت فقها البتة، فالفقه ليس هو الكتاب والسنة وإنما ما بعد الكتاب والسنة من المصلحة والقياس والاستنباط والاستحسان و....، فمن حصر نفسه بالكتاب والسنة لم يكن لينشئ فقها فالنصوص متناهية ولكن مسائل الفقه ليست كذلك.
مع الأسف بسبب ظهور المدرسة الأخيرة وانتشارها في النت صار للناس عودة للمدرسة المضادة وهي مدرسة التخلف والجمود ولذلك صرنا نرى الدعوة للرجوع للمذاهب الإسلامية والجمود عليها.