قامت انظمة الفئة الهجينة الطائفية ولاسيما النظامان العارفي القومي والتكريتي البعثي بتجميل صورة الحكم الطائفي العميل وتبرير جرائمه واخفاقاته وفشله , وتزوير الحقائق وقلب الوقائع رأسا على عقب , بحيث هرعت فلول الفئة الهجينة و( لملوم العثمنة ) ورعايا الانكليز الغرباء والدخلاء والمرتزقة منذ عام 1921 للانخراط في مفاصل الدولة المهمة وخصوصا في المجالات التالية : الاعلام , التربية , التعليم , البعثات الخارجية , التجارة ... بالإضافة الى احكام قبضتهم على وزارتي الدفاع والداخلية وكافة الاجهزة والقوى الامنية ... الخ ؛ وقد دعموا الصحافة والاعلام واشتروا ذمم الكتاب والصحفيين والاعلاميين والفنانين الطائفيين و ( القومجية ) والبعثيين والحاقدين المنكوسين ومن لف لفهم من شذاذ الافاق وسقط المتاع , وانفقت تلك الحكومات الطائفية الهجينة المتعاقبة ملايين بل مليارات الدولارات على الانشطة الاعلامية والثقافية والفنية والفكرية المنكوسة , وصرفت الملايين على الدراسات السياسية والتاريخية والاجتماعية المنكوسة , من اجل تشويه سمعة العراق العريق والعراقيين الاصلاء والاشادة ب فلول بقايا الانكشاريين و( لملوم العثمنة ) ورعايا الاحتلال البريطاني الغرباء والدخلاء , واطلاق كافة الصفات الايجابية عليهم بل واعتبارهم من سكان العراق الاوائل والقدامى زورا وبهتانا ..؟!
وفي كل حقبة تركز تلك الحكومات جهودها على أمر معين من اجل تغيير قناعات جماهير الامة العراقية والمجتمع العربي والاسلامي والدولي ؛ وكل تلك الحملات الاعلامية والدعايات السياسية والشائعات الاجتماعية والتي كانت تنتشر بين اوساط المجتمع العراقي ؛ تمت بتمويل وتوجيه من رجالات حكومات الفئة الهجينة المتعاقبة .
وبما ان الخونة الدخلاء والحاقدين الغرباء قد انقطع عنهم الدعم الحكومي والتمويل الرسمي بعد سقوط نظام الصنم الطائفي الهجين عام 2003 ؛ بدأت تحركاتهم ونشاطاتهم الاعلامية والثقافية والفكرية والسياسية تأخذ منحى "مؤامراتيًّا" ضد العراق والامة العراقية الاصيلة ، حتى تحوّل "التمويل الأجنبي " إلى سمة ملاصقة لهؤلاء العملاء , بالإضافة الى سرقة الاموال المسروقة من خيرات الجنوب والتي احتفظ بها ازلام النظام البائد في البنوك والمصارف الاجنبية .
وقد اكملت تلك الفضائيات والاذاعات والصحف والمجلات ومواقع التواصل الاجتماعي والمملوكة من قبل رجال الفئة الهجينة وايتام وزبانية النظام البائد ... المسيرة الطائفية العنصرية الهجينة المنكوسة القديمة للحكومات الهالكة المتعاقبة , اذ عملوا على انشاء ماكنة كبيرة اعلامية وظيفتها تشويه الحقائق وارباك المشهد العراقي وبلبلة الاوضاع الداخلية , و خلق الأزمات، واثارة الفتن، وترويج الأفكار الهدامة، اساليبهم من نسج الخيال وتصوراتهم من الافك والزور والبهتان , و يعمل هذا الاعلام المنكوس على اشعال فتيل الفوضى ليلهبنا به، و يحاول أن يحرق الأخضر واليابس ،و يكسر ويهدم ويزيل ويقتلع ، انه إعلام معادي يختلق الأكاذيب، ويبررها بشتى الطرق والأساليب لتمرر على أهواء مختلقيها العملاء ، لقد لعب الإعلام العدائي المنكوس ذلك الدور الشيطاني بخبث مرسوم ، وهو يقبض الملايين لذلك الغرض المشين، ويجند المئات وربما الآلاف من الإعلاميين المرتزقة لتغير صورتنا الحقيقية وتبديل طباع ابناء الامة العراقية الاصيلة ، وواقعنا الصحيح ، مصوراً للعالم إننا نعيش بأصعب الظروف وأحلكها وأن واقعنا مؤلم للغاية ... الخ .
لا يذهب ذهنك بعيدا وتتهمني بغض الطرف عن سلبيات المرحلة الراهنة وتعقيداتها , او مجاملة الساسة على حساب الحق والشعب ؛ بقدر ما احاول تسليط الاضواء على اكاذيب والاعيب هؤلاء الشياطين الذين يرقصون على جثة العراق العظيم و جراحات الاغلبية العراقية وباقي مكونات الامة العراقية النبيلة .
وطالما ردد هؤلاء الدجالون هذه الاسطوانة المخرومة في وسائل اعلامهم المسمومة بحق الاغلبية العراقية الاصيلة وفي جلساتهم واوكارهم المظلمة : (( رافضة – شعوبية – شيوعية – شروقية – معدان – عجم – ايرانيين – خونة – خمينية – رجعية – صفوية – جهلة – انصاف الرجال – مو مال حكم – مال دكتاتورية وقتل وبسط وذبح – مشركين – هنود – عتاكة – الكلاب السائبة – اولاد المتعة – الذروكيه – الفيليه – الالمان - ... والقائمة تطول فهم في كل مرحلة وفي كل عهد يخترعون كذبة سمجة لإلصاقها بالأغلبية العراقية الاصيلة )) .
ومن اخر اكاذيب هؤلاء الافاكون : كذبة الزمن الجميل ؛ وتارة يقصدون به الزمن الملكي واخرى الجمهوري وثالثة الصدامي ...!!
وقد اشار احد الكتاب الى هذه الظاهرة السلبية واسماها : ((إدانة الحاضر من خلال تجميل الماضي )) وهي ظاهرة يعتبرها الكاتب عصام الخفاجي مثيرة للقلق في حياتنا الفكرية وقد صدق فيما قال ؛ وها هو كتاب القران يؤيد فكرة الكاتب : ((يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا )) فها هو كتاب القران يأمر المسلمين بأن يعدلوا في احكامهم وتقييهم للأشخاص والوقائع والأحداث وان يتحلوا بالصدق و الأمانة والحيادية والموضوعية , أي لا يحملنكم بغض قوم على ترك العدل فيهم، بل استعملوا العدل في كل أحد، صديقا كان أو عدوا ؛ فمن غير المنطقي تبييض صفحة المجرم صدام بسبب استيائنا من سياسي فاشل معاصر او تبرئة المجرم حسين كامل من سرقة اكثر من ملياري دولار وفي زمن الحصار من عقد التسعينات في القرن المنصرم من اجل تذمرنا من سياسي فاسد سرق مليون دولار مثلا .
ولا بأس بأجراء بعض المقارنات بين عهود الزمن الاغبر والعهد الديمقراطي الجديد :
- على صعيد رواتب الشعب من الحكومة : في العهد الملكي كانت اعداد الموظفين قليلة جدا وعدد الذين يتقاضون رواتب او اعانات من الدولة اقل من القليل ولا ابالغ ان قلت لا توجد بتاتا , بينما كانت اعداد رجال الامن المنكوسين الحاقدين 21 الف رجل امن لسكان عددهم ستة ملايين ..؟!
- بل جاء بالتقرير الصادر عن برنامج المساعدة الأميركية في اذار(مارس) 1957، ي «من أكثر الدول بوليسية في العالم الحر، إذ ثمة خمسون الف رجل أمن لسكان عددهم ستة ملايين».
- وفي عهد جمهوريات الأسلاك الشائكة الدموية تغير الحال قليلا الا ان الاعداد لم تكن بمستوى الطموح ابدا ؛ لك ان تتصور وضع المعلم العراقي الذي كان يتقاضى راتبا شهريا قدره 2 دولار فقط بينما كانت طبقة البيض سعرها 3 دولارات في عقد التسعينات او الجندي المكلف الذي يستجدي اجرة النقل في كراج النهضة ؛ اما الان وفي ظل الحكومات الديمقراطية – وبكل سلبياتها – بلغت اعداد الذين يتقاضون رواتب من الدولة بحدود ال 10 مليون مواطن اي ما يعادل 5 مليار دولار شهريا , وهذه النسبة تعتبر اعلى نسبة في العالم قياسا بعدد السكان وانا في هذا المقام للمقارنة فقط ولست بصدد النقد والتصويب الاقتصادي فتأمل , وقد وصلت بعض الرواتب الى مستويات عالية جدا بل ليس لها مثيل في العالم , اذ استطاع الموظف والمتقاعد العيش بكرامة , بل ان نسبة كبيرة منهم اشتروا بيوت وشقق وسيارات فارهة وجابوا دول العالم سفرا , ناهيك عن الاثاث الراقي واجهزة الموبايل العالمية ... الخ ؛ نعم هذه الرواتب الكثيرة والكبيرة والطائلة تحتاج الى تقنين لتوحيد سلم الرواتب بما يضمن العدل ويحقق العدالة الاجتماعية , والعجيب في الامر انه ولأول مرة في التاريخ السياسي العراقي : الكل تستلم رواتب القاتل البعثي والمجرم الصدامي والذباح الطائفي والقتيل الارهابي مع المقتول ظلما والشهيد والذي ذهب ضحية للانفجارات الارهابية والمذبوح , السنة والشيعة والاكراد وباقي الاقليات والفئة الهجينة كلهم يستلمون رواتب من حكومة الاغلبية العراقية بلا تفرقة وعلى الرغم من القسمة الضيزى والغبن ؛ هذا الامر لم يحصل قط الا في حكومة الامام علي وهذه الحكومات الديمقراطية .
- على صعيد الطعام والشراب والمواد الغذائية والفقر : في العهد الملكي كانت نسبة الفقر بين افراد الشعب العراقي في العهد الملكي تصل الى حوالي 56.8% من عدد السكان الذي بلغ في عام 1957 حوالي سبعة ملايين نسمة ؛ ففي ذاك العهد كل شيء كان صعب المنال حيث العوز والفقر والبؤس منتشر في اغلب ارجاء العراق لاسيما الوسط والجنوب العراقي باستثناء الفئة الهجينة الفاسدة العميلة , اذ كان الحصول على الشاي في غاية الصعوبة وكذلك الفواكه والتمن والمرق واغلب الناس كانوا يعتاشون على الخبز والماء والتمر احيانا .
- اما في عهد جمهوريات الاسلاك الشائكة فتغير الحال قليلا الا انه ليس بالمستوى المطلوب والذي يليق بالعراقي الابي الكريم , الا ان الامور ساءت جدا في عهد المجرم صدام في عقد التسعينات , اذ تساقط العراقيون كأوراق الخريف من شدة الجوع وامراض سوء التغذية ونقص الفيتامينات واعتاش البعض منهم على المزابل والنفايات وراح البعض الاخر ينتظر الولائم العامة – الاعراس والمآتم والثوابات الدينية – كي يشبع بطنه , ومات اكثر من نصف مليون طفل بسبب المجاعة وسوء التغذية , لك ان تتصور الوضع المأساوي وقتذاك بحيث اصبح الذي يسافر الى الاردن طلبا للرزق الشحيح عندما يرجع الى اهله يأتي ومعه هدية ثمينة جدا يقسمها بين اهله واصدقاءه بالتساوي الا وهي قنينة من البلاستك تحتوي على ببسي ..؟!!
- والطعام السائد بين الناس آنذاك الفلافل و( الطمامة ) والباذنجان والذي لقبه العراقيون ب (وحش الطاوه ) بل وصل الامر بالعراقيين ان يشربوا الشاي من دون سكر ويأكلوا خبز النخالة الرديئة ... الخ .
- اما في عهد الحكومات الديمقراطية الراهنة وصل سعر صندوق ( طماطة الذي يحتوي 12 كيلو ) 3 الاف دينار فقط وصندوق البرتقال 10 الاف وكذلك التفاح وكيس الطحين 5 الاف ... الخ , وانتشرت مختلف البضائع والحلويات والمواد الغذائية واكل الشعب ما طاب له من الطعام وبأسعار زهيدة قياسا بباقي الدول , وتم افتتاح الكثير من المطاعم الراقية والشعبية والشرقية والغريبة والمقاهي و(الكوفيات ) وكثرت الولائم العامة في المناسبات الاجتماعية بل حتى في الايام العادية حيث تذبح الذبائح وتقام الولائم والعزائم , بل وصل الامر بالعراقيين الى حد الاسراف والتبذير في المناسبات الدينية حيث يبعثر الطعام والشراب في الشوارع وتمتلئ الحارات و(الدرابين) والمحلات والازقة بما لذ وطاب من اصناف الطعام حتى سأم بعض العراقيين من كثرة الزاد والخير , وكل من يدعي ان عراقيا قد مات جوعا او تضرع جوعا في هذا العهد فهو كاذب افاك ؛ نعم يوجد فقر لكن لا توجد مجاعات في العراق في ظل الحكومات الراهنة .
- وبما ان اعداء العراق والامة العراقية ولاسيما الاغلبية العراقية لنا بالمرصاد ؛ تغيرت الاحوال ورجعت القهقرى في ظل الحكومات الاخيرة لاسيما حكومة الكاظمي فقد ارتفع سعر صرف الدولار وارتفعت اسعار المواد الغذائية وازدادت البطالة وانتشر الفقر بين العراقيين ولا زالت مؤشرات البؤس في تصاعد ؛ وذلك تنفيذا للمخطط البريطاني الخبيث الجديد في ارجاع عقارب الساعة الى الوراء والقضاء على كافة مكتسبات المرحلة الديمقراطية السابقة ومحاولة اقصاء وافقار وتهميش الاغلبية العراقية من جديد بواسطة العملاء الخونة .
- على صعيد التربية والتعليم : في العهد الملكي , ففي سنة 1921، بلغ عدد المدارس الابتدائية (151) مدرسة، في حين بلغ عدد المدارس في سنة 1932 (336) مدرسة ابتدائية توزعت على كافة أنحاء العراق ، وكان الجهل والتخلف والامية منتشرة بكل انحاء العراق بحيث بلغت نسبة الأمية 80% .. (جمهورية الخوف ص ١٤٠).
- وقد ذكر الباحث: سالم هاشم عباس أبو دلَّه في بحثه (التعليم والمعارف في العراق خلال الحقبة الزمنية (1534- 1933م) ) ما يلي : (( ... أما التربية والتعليم في مرحلته الثانية فكانت على عهد الاحتلال البريطاني للعراق، الذي ترك حالة التعليم تسير على قدم عرجاء، مفضلاً تحقيق المصالح السياسية والاقتصادية على مصالح شعب أنهكتهُ الحروب والمعارك والاحتلال دون تحقيق ما يصبو إليه من حقوق إنسانية على مستوى الطموح، في مقدمتها حقه المشروع في التربية والتعليم.
- أما التعليم والمعارف في مرحلته الثالثة وهي عهد الملك فيصل الأول، فقد أتصفت بكونها مرحلة لا يحسد عليها البلد، فرغم دعوات الملك فيصل المتفائلة بروحٍ عالية نحو الاهتمام بالتعليم والمعارف، إلا أن التعليم لم يبلغ مستوى الطموح لتحقيق الأهداف التربوية والتعليمية المتوخاة في العراق، ولعل ذلك يعود لعدة أسباب جوهرية يمكن حصرها بالآت:
- عدم استقرار الحكومات على عهد الملك فيصل الأول، فالوزارات العراقية، أتصفت بالتأرجح الزمني المضطرب، حيث تراوح تشكيل الوزارات بين الشهرين أو ثلاثة شهور أو ستة شهور، ولعل أطول فترة وزارية في الحكم هي السنة، وهذا التأرجح الزمني أنعكس سلباً على منهاج وزارات المعارف باعتبارها جزء من منهاج الحكومة، فتبدل الحكومات، يعني تبدل وزارة المعارف والموظفين ذوي الاختصاص وبالتالي أرتباك عمل الوزارة، لقد أشارت لجنة منرو في دراستها الإحصائية عام 1932م إلى تبديل مدراء المعارف العراقية قد بلغ ثمانية عشر مرّة، وهذا دليل على أرتباك المعارف.
- صراع الكتل السياسية العراقية منها والأجنبية، والتي تحاول جاهدةً السيطرة على التعليم والمعارف، ذلك لأن التعليم والمعارف يُعدان العمود الفقري لبناء المجتمعات، من خلال المؤسسات العلمية والتربية.
- عدم وجود خطط موضوعية لمعالجة المشاكل التربوية أمام تقلبات وتبدل وزارات الدولة المستمر.
- عدم وجود كفاءة مهنية واختصاص أكاديمي من قبل معظم وزراء المعارف العراقية.
- اختلاف آراء وأفكار وزراء المعارف حيال منهج الوزارة في التربية والتعليم، وظهور انفرادية الرأي الحاد من خلال مناقشات جلسات مجلس الوزراء، الأمر الذي يؤدي إلى بعث القلق وعدم الاستقرار في المناهج العلمية والتربوية.
- عدم رجوع معظم وزراء المعارف إلى أوليات الوزارة السابقة، واكتفاء الوزير الحديث بآرائه الفردية باعتبارها آراء صائبة وناجعة دون اعتماد آراء الآخرين.
- التدخل البريطاني في شؤون الدولة العراقية الحديثة، المتمثل بالمستشارين والموظفين البريطانيين ممن لهم أتخاذ القرار.
- استغلال ميزانية المعارف وصرف أموالها في غير موقعها من قبل المستشارين والموظفين البريطانيين، في دعم المدارس التبشيرية والأديرة والكنائس...))
فحتى ثلاثينيات القرن الماضي لم يكن في العراق أية جامعة.. أو كلية.. أو حتى معهد يعتد به.. إذا ما استثنينا كليتي الطب والحقوق.. وكانت كل من هاتين الكليتين تابعة الى إحدى الوزارات.. ولم تتأسس جامعة بغداد إلا العام ١٩٥٧.
ـ عدد المتعلمين بشكل عام لا يتجاوز أل 7 % من مجموع سكان العراق.. وعدد المدارس محدوداً.. وأبنيتها دور مستأجرة.. فيما عدا بعض المدارس.. التي بقيت من العهد العثماني.. وهي قليلة جداً.
ـ أما الموظفون.. فكان غالبيتهم لا يملك الشهادة الثانوية.. وقد يقرأ ويكتب فقط.
ـ حتى الأكثرية الساحقة من النواب في المجالس النيابية كانت من الأميين أو أشباه الأميين.. فعلى سبيل المثال: كانت نسبة الأميين في المجلس النيابي لدورته العام 1930 (73% ).
ـ أما الذين يحسنون القراءة والكتابة في تلك الدورة فكانت (8 %).. وفي دورته العام 1935 كانت نسبة الأمية (60 %).. والذين يحسنون القراءة والكتابة (15 %).(1)
اما في عهد جمهوريات الاسلاك الشائكة : فقد ازداد عدد المدارس الابتدائية من (2084) مدرسة عام 1957-1958 الى (3469) مدرسة عام 1962-1963 وزيادة عدد التلاميذ من (430) الف تلميذ الى (991) الف تلميذ لنفس الفترة ، وبالرغم من ازدياد عدد المدارس ، الا ان نسبة الامية بقيت عالية تقدر ب 92،7% من مجموع السكان . وهناك تناسب طردي بين نسبة الامية وبين نسبة العاملين في الزراعة التقليدية . وكذلك وضع البنات حيث يشكلنّ نسبة ضئيلة بالنسبة لمجموع الطلاب . ان تخلف البنات عن الالتحاق بالتعليم الابتدائي يتجلى في القرى والارياف وهو يعكس واقع المرأة الاجتماعي المتخلف (آنذاك) .
وعلى صعيد متصل قامت وزارة المعارف بفتح دورات تربوية قصيرة الامد لخريجي الثانويات والمدارس البيتية في سبيل توفير عدد واسع من المعلمين لحاجة التعليم الابتدائي الى تلك المجموعة وقد زاد عددهم في عام 1960-1961 عما كان عليه بالأعوام السابقة اما بالنسبة لأعداد المعلمين في المدارس الابتدائية فقد زاد عام 1961-1962 بمعدل سنوي قدره 17،3% و16،1بالنسبة لتعليم الذكور و20،3% بالنسبة لتعليم الاناث .
ولكن هذه الزيادات تذبذبت بعد عام 1962 حتى انها لم تتجاوز 2،4% خلال المدة 1962-1963 و1965-1966 اذ يلاحظ انخفاض نسبة المسجلين في المدارس الابتدائية عما كانت عليه اوائل الثورة .
وعلى صعيد متصل جاء في افتتاحية مجلة (الثقافة) – بغداد ،1975،ص10 : فيما تؤكد عليه بخصوص مسالة التعليم الالزامي ما يأتي : " مرت سنوات سبع على الثورة (1968) ، والتعليم الالزامي لم يأخذ طريقه بعد الى التنفيذ بل ولا الى التشريع .. ولن نلوم احداً على هذا التأخير او نحلل اسبابه ...
كما شهد عقد السبعينيات صدور قرارين مهمين هما التعليم المجاني (القرار 102) لسنة 1974 والذي اصبح التعليم بموجبه مجاناً وقانون محو الامية عام 1978 وقد انسجمَ مع المجال الاجتماعي كالصحة والخدمات الاجتماعية الاخرى غير ان حجم تمويل (الانفاق) على التعليم بدأ بالتراجع مع استمرار الحرب العراقية الايرانية (1980-1988) ثم زاد الوضع سوءاً بعد عام 1991 (حرب الخليج الثانية رافقتها العقوبات الدولية – الحصار الاقتصادي ) (2) , و تدهور وضع التعليم في العراق ما بعد فترة حرب الخليج الأولى ، فقلة نسبة المشاركين في منظومة التعليم ، كذلك قلة نسبة الدعم الحكومي لهذا القطاع . ونظراً لتلك الأسباب توجه العديد من الأطفال العراقيين إلى مجال العمل .
وما من مواطن عاش تلك الفترات الا ويتذكر طريقة التلقين الفاشلة المتبعة في المدارس بالإضافة الى عصا المعلم التي كانت تؤلم الاجساد الطرية للأطفال ... .
وكانت الدراسات العليا من حصة ابناء الفئة الهجينة وازلام النظام وابناء الطائفة السنية الكريمة حتى سميت وزارة التعليم والبحث العلمي ب ( وزارة التعليم العاني والبحث الراوي ) نسبة الى عانة و راوة .
اما في عهد الحكومات الديمقراطية الراهنة فقد زادت رواتب المدرسين والمعلمين والمدربين المهمشين في فترة حكم الدكتاتور صدام ؛ وبما ان (15000 مدرسة) التي كانت في العهد البائد شبه بائسة بحاجة لإصلاح و دعم للمنشئات الصحية بها كذلك قلة المكتبات و المختبرات العلمية في هذه المدارس ؛ تم ترميمها واصلاح ما تضرر منها .
وبعد الإطاحة بالنظام الصدامي الهجين ، أصبح النظام التعليمي في العراق يضم ما يقارب الـ 6 ملايين تلميذ ما بين فترة الحضانة حتى الدرجة الـ 12 ، بالإضافة إلى ما يقارب الـ 300,000 معلم و إداري , و التعليم في العراقي إجباري حتى إكمال المرحلة الابتدائية ؛ وصرح مسؤول في وزارة التربية بأن عدد المعلمين 370 الف , وعدد الطلبة ستة ملايين و450 الفا و220 طالبا وطالبة.
وقد ارتفع وبشكل ملحوظ خلال السنوات القليلة الماضية عدد المدارس والمعاهد الخاصة والكليات والجامعات الاهلية في العراق، حيث أصبح منظر الإعلانات التنافسية المروجة لهذه المدارس تنتشر في الطرقات العامة حتى باتت شيئاً مألوفاً لدى العراقيين ؛ نظرا لازدياد الإقبال على نظام التعليم الخاص في العراق , بالإضافة الى اقبال الالاف من العراقيين على الدراسات العليا .
ومن المعلوم ان المدارس الطينية كانت منتشرة في وسط وجنوب العراق في ظل الحكومات الطائفية الهجينة البائدة ؛ وقبل اشهر احتفلت محافظة العمارة بالتخلص من اخر مدرسة طينية فيها ؛ هذا غيض من فيض , لان المقارنات تطول وتطول فما بالكم بالدكتاتورية وتكميم الافواه والسجون والمعتقلات والمقابر الجماعية والحروب والاعدامات وقمع الاحتجاجات والمظاهرات ... الخ .
وقلنا مرارا وتكرارا ان هذه المقارنات لا تعني القبول بالأوضاع الراهنة بقدر ما تسلط الضوء على بؤس الزمن الاغبر .
فالحذر كل الحذر من هذا الإعلام المعادي المنكوس الرخيص الذي يحاول أن يؤثر علينا ويجرنا إلى متاهات وضياع وقلق وخوف وتغييب للعقل والوعي ... ، انه إعلام مأجور مرتزق عميل لا يحب ترسيخ مفاهيم الامة العراقية العظيمة ، بل يؤطر لثقافة الطائفية والعنصرية و العنف والاقتتال و الاحتراب والجهل والتخلف والانحطاط الفكري والثقافي والخط المنكوس والارهاب والفساد ، ومن الخزي والعار ان يكون اعلام الامة العراقية والاغلبية ضعيفا وخجولا ومهزوزا في مواجهة الحملات الإعلامية المنكوسة المغرضة التي تتعرض للأغلبية العراقية الاصيلة وباقي مكونات الامة العراقية النبيلة .
نأسف بأن إعلامنا العراقي الوطني الاصيل لا يزال يتعامل على استحياء مع قضايانا المصيرية بدون آلية ورؤية إعلامية واضحة وممنهجة ، وبدون استراتيجية عملية واضحة ، وهذا ما فتح الطريق لكي تتحرك الآلة الإعلامية المعادية المنكوسة في الساحة العراقية بل والعربية بدون مواجهة فاعلة ومؤثرة من إعلامنا العراقي الوطني ، مما سمح أيضاً أن يتكون لدى الرأي العام في الأوساط الاجتماعية الداخلية و الخارجية بل ودوائر القرار الحكومي قناعات مغلوطة تجاه العراق وتاريخه وقضاياه وهموم وامال وتطلعات الامة العراقية نتيجة غياب المهنية والحرفية الإعلامية من قبل هذه الماكنة الاعلامية المعادية المنكوسة .
..........................................................................
- الوجه الآخر للحكم الملكي في العراق / هادي حسن عليوي
- شَيءٌ من تاريخ التعليم في العراق / حيدر زكي عبدالكريم