منذ عهود طويلة والعراقي يئن تحت نير القسوة والعنف والاستبداد , ويعاني من سطوة جلاوزة الحكم والسلطة والنفوذ والشرطة والاجهزة القمعية البوليسية المختلفة ؛ فهؤلاء المنكوسون لا يؤمنون بالعلم والمعرفة والانسانية ولم تعرف الرحمة والغيرة الوطنية طريقا الى قلوبهم القاسية , فهم يعالجون الجريمة ب جريمة ابشع منها ويصححون الخطأ بما هو اشنع منه , ولا يعرفون غير العنف سبيلا لإصلاح المجتمع ؛ فكانت النتائج على العكس مما اراد هؤلاء الجهلة العملاء بل لعل البعض منها على علم بها الا انه عميل مأمور ومرتزق ليس الا ؛ فبعد كل هذه العقود المليئة بالإرهاب الحكومي والعنف المليشاوي الطائفي والعنصري والتي كانت تهدف الى تدجين واخضاع وتخويف المواطن العراقي ؛ بلغ التمرد العراقي اقصاه و وصل الانفراط الأمني أوجه ,اذ وصل الأمرالى قطع الطريق في الجنوب والشمال بل وفي قلب العاصمة بغداد في عقد التسعينات من القرن المنصرم وظهرت عصابات كثيرة وارتكبت جرائم تقشعرْ لها الأبدان، بل وصل الأمر الى مهاجمة المجرمين من اعضاء حزب البعث وسقط الكثير منهم صرعى , وانتشرت ظاهرة السطو على المنازل وتهديد أهلها وابتزازهم وسلب ثرواتهم، فبدأ الموقف الأمني مرعبًا مفزغاً , اذ غدت المناطق والمدن العراقية كغابة وحوش ضارية - الاهوار في الجنوب شبه منفصلة وشمال العراق انفصل واقعيا عن العراق - مما دفع النظام التكريتي الصدامي الفاشل الى اعلان الحملة الايمانية القشرية والتي زادت من معدلات الجريمة الدينية وصعدت من وتيرة التوترات الطائفية والمذهبية والفئوية ... بل الأدهى والأمر ان هناك بعض اللصوص والمجرمين يحملون أسلحة نارية ويرتدون زي القوات النظامية الصدامية واغلبهم ابناء مسؤولين في النظام الفاشل نفسه .
الى ان تطور الحال لما هو أسوء اذ واصلت عصابات الفئة الهجينة وايتام النظام التكريتي الصدامي البائد عملياتها الارهابية والاجرامية ضد ابناء الامة العراقية وبعد ان كان جهاز الشرطة قاسيا مجرما في عهود الحكومات الهجينة ؛ اصبح موقف الشرطة ضبابيًا سلبيًا حياديا كما لو أن الأمر لا يعنيها البتة بعد سقوط النظام البائد .
العنف يعالج بالحكمة والمعرفة والعلم لا بالسوط والبندقية فقط , فلو وفرت كل مستلزمات الحياة الكريمة للمواطن العراقي وتم مراعاة حقوق الانسان وفرضت دولة القانون على الجميع وبلا استثناء ؛ تناقصت معدلات الجريمة الى ادنى مستوياتها وتراجعت حالات العنف بشكل واضح وملموس ؛ فالإنسان ابن البيئة والجريمة وليدة المجتمع .
ومن الوسائل الناجعة في القضاء على ظواهر العنف والجريمة ؛ الاعمال الفنية الانسانية والنتاجات الثقافية الايجابية الوطنية , والفكر العلمي النير والحس الوطني والشعور الاخلاقي تجاه الوطن والمواطن ؛ ومن الامثلة الحية على ذلك : الفيلم المصري (جعلونى مجرما ) للفنان فريد شوقي , فبعد عرض الفيلم للجمهور وتفاعل الجمهور والنخب معه ؛ مباشرة ، شُرِّع قانون إلغاء السابقة الأولى للسجين ، اذ استطاع السجين المصري بعد خروجه الالتحاق بالأعمال الشريفة وخلو صفحته الشخصية من الادانات القانونية المخلة بالشرف ، بشرط إذا ارتكب الجريمة الثانية ، تظهر له السابقتين، وكذلك فيلمه الأخر ( كلمة شرف ) فبعد عرضه مباشرة شرع قانون الزيارة الاستثنائية للسجين المصري ، اذ يستطيع السجين أن يخرج من السجن لمدة ٤٨ ساعة لحضور حفل زفاف ابنته أو تلقي عزاء والده كل ذلك بسبب الدراما و السينما و الفن ... و يذكر ان ل فريد شوقي افلاما كثيرة تتحدث عن ثغرات في القانون الجنائي والمدني المصري.
واذكر هنا ايضا ان عدد كبير من الافلام المصرية تمت كتابتها من واقع قضايا كانت عبارة عن ملفات في المحاكم المصرية حولها الكتاب الى سيناريوهات ؛ فمثل هكذا فن وطني راقي يبني المجتمع ويرفع من شأن الوطن والمواطن وليس الذي يخرب العقول والنفوس والاذواق ويحرف التاريخ ويزور الحقائق ويقلب الوقائع رأسا على عقب ؛ والشيء بالشيء يذكر , في هذا الوقت كانت وسائل الاعلام البعثية والصدامية تمجد بالجرائم الحكومية ضد المواطنين المساكين والعراقيين العزل بل وتنقل وقائع قط اليد وصيوان الاذن نقلا مباشرا لترويع الاطفال والنساء والرجال ؛ ولعل من اغرب التشريعات القانونية التي سنها المجرم صدام ونفذتها جلاوزة الفئة الهجينة ضد الهارب من الخدمة العسكرية – علما ان العراق في وقتها لم يخض حربا خارجية مع اية دولة وراتب الجندي لا يكفي لإيصاله الى وحدته العسكرية فضلا عن تامين معاشه - تطبيق مجموعة من العقوبات المجتمعة بحق الهارب الا وهي : قطع صيوان الاذن ومن دون تخدير وايداعه السجن و وشم الجبين بعلامة ( - ) وقطع الحصة التموينية عن عائلته وتهجير عائلته وفي بعض الاحيان هدم داره وعدم تعيينه في دوائر الحكومة بعد انتهاء العقوبات بحقه ..!!
رسالة الفن الوطني الاصيل
هذه التدوينة كتبت باستخدام اكتب
منصة تدوين عربية تعتد مبدأ
البساطة
في التصميم و التدوين