ظلم النفس
أحيانًا كثيرة نجد انفسنا فقدنا المعنى النقي لذواتنا فنحاول عندها صياغة معنى آخر من خلال ذوات الاخرين، وبالطبع نفشل. لأن كل ذات لها معنى وقيمة خاصة بها لذا، رؤية انفسنا بقوالب تليق بالآخرين ولا تليق بنا هو المعنى الخالص لظلم النفس. تخيّل معي انك دائري الشكل ونسيت يومًا قيمتك كدائرة، فأصبحت تقلق كثيرًا حيال ماهية الشكل الذي انت عليه، وفي كل مرة تحاول ان تنتمي لشكل معين تراه في الاخرين من حولك، تجد ان شيئًا ما بداخلك يمنعك من ذلك، رفضٌ تام وعدم رضا بما انت عليه. فكيف لك كدائرة ان ترى مستطيلًا مثلا فتحاول ان تكون مثله لتنتمي لكل مستطيلات العالم! العالم بحاجة لجميع الاشكال والألوان والخطوط والمفاهيم ليصبح جميلًا. كل فردٍ يعطي قيمة مضافة للعالم، كل شخص ثمين، كل شخص قيّم باختلافه وبكل ما هو عليه. عند إعجابك بشخص معين لا تصبح مثله، إياك وإياك الذوبان بمن تحبه لدرجة ضياع مفهومك عن ذاتك. غالبًا من يحبك احبّك لاختلافك عنه لتميزك عنه بما لا يجيده، بينما تجد نفسك تحبّه لتميزه عنك بما لا تجيده انت، فيحاول كلًّا منكما ان يصبح الاخر. لماذا؟ لم لا يبقى كلًّا منكما بما هو عليه وان تكونا معًا لإكمال بعضكم البعض. هذه هي الحقيقة كلانا بحاجة للأخر و عند غياب الحاجة يغيب الشخص.

الحب
الحب، الحب؟ لا يمكن لي صياغة تعريف واضح للحب ابدًا اذ ان الحب بالنسبة لي يبقى لغز محيّر للغاية يتأرجح ما بين الانانية والإيثار في الآن ذاته. الا انني استطيع ان اجزم بشيء واحد الا وهو لا يمكن العيش بلا حب. وعيشٌ بلا حب ما هو الا عيش وعي آلي، لا وعي كائن حي. الحب يختلف دوافعه ويختلف أهدافه ويختلف اشخاصه، فحب الأهل ليس كحب الصديق وحب الصديق ليس كحب الحبيب وحب الحبيب ليس كحب النفس وحب النفس لي كحب خالقها. وفي كل فردٍ احببناه نجد قطعة مننا تفنى من أجله ولأجله. ولا نمانع بل نعطي ونعطي وندمن شعور هذا العطاء. كلما حاول الانسان تفسير شعور الحب نجد أنه يحاول ان يجسده بكلماتٍ وأبحاث وافرازات هرمونية كيميائية بالدماغ ولمسات ونظرات. الانسان يحب تفسير الأشياء بتحويلها لشيءٍ مادي يستطيع لمسه والشعور به ورؤيته. ولكن الحب والإيمان وغيره من المشاعر المعقدة مهما حاولنا تفسيرها بمادية وجدنا انفسنا نتوه اكثر واكثر. فأعتقد ان الحب يعبر فوق خط الزمكان بدون ان يتأثر به، ويتجلّى فوق فيزيائية هذا العالم وفوق محدودية العقل البشري. آهٍ ما أجهلنا.

الزوال
أشعر بالرعب عندما أتيقن أن طبيعة الكون الزوال، رغم أنه مبدأ مترسخ في داخلي إلا اني أجد انه من الصعب علي تخيل زوال شخص عزيز أو حالة أعيشها أو أي شيء له قيمة بالنسبة لي. أجدني أخاف جدًا عند التفكير أنه في يومٍ ما وهذا اليوم قادم لا محالة، سيتبدل حالي او حال عزيز علي مئة وثمانون درجة. ربما عندما فقدت أخي كنت صغيرة، ممّ ساعدني في التخفيف من حدّة الألم تبعًا لقلة معرفتي بالموت وخلافه... و لكن أجدني كلما أكبر وأعي فكرة الموت أحزن أكثر على فقدانه وكأنني فقدته للتو. أتقطع رعبًا من أن احتمالية فقد عزيز أخر هي احتمالية لا مفر منها! أحيانًا كثيرة أجدني أتحكم في خوفي هذا وأعيش الحياة بمشاعر متوازنة، بينما في أحيان أخرى تؤرقني الفكرة وأقف عاجزة تمامًا عن تهدئة نفسي. علي أن أرسخ فكرة ان دوام الحال من المحال ولكن، بمعنى أكثر إيجابية وهو أن كل ما كنا نعتقد دوامه سيزول وأيضًا شعور الألم لا يدوم.


تم نقل تدويناتي لمدونتي الخاصة دانة محمد – مدونة (danamohammed.blog) تسرني زيارتكم!