كرة القدم بين الرياضة والسياسة

بقلم ثامر سباعنه – جنين – فلسطين


باتت كرة القدم عند الكثيرين الرياضة الاكثر متابعة وامتاع، بل لعلها من اكثر الالعاب جماهيريه وحضور على مستوى العالم، حتى ان الملايين يتابعون اخبارها ويتتبعون جداول المباريات ومواعيد البطولات الرياضية الكروية المختلفه على مستوى العالم، وتعدى ذلك لتصل المتابعه والاهتمام بلاعبي كرة القدم ومتابعتهم ومتابعه حتى ادق الاخبار والتفاصيل المتعلقة بهم.


كرة القدم البدايات التاريخية:

مرّ تاريخ كرة القدم بالعديد من المراحل، وكل مرحلة تتحدث عن كيفية بداية هذه اللعبة في كل دولة من دول العالم، ومن هذه الدول ما يلي: الصين تعود رياضة كرة القدم في أصولها للصينيين القدامى قبل 2500 سنة قبل الميلاد، حيث سموها تسوشو ومارسوها من خلال كرة جليدية مملؤة بالريش والشعر، وقد كانت تسدد هذه الكرة لقصبات طويلة مثبتة من الخيزران وبينها شباك، وعلى اللاعب الآخر أن يدافع عن الشبكة بجسده أمام الخصم. اليابان عرف اليابانيون كرة القدم منذ القدم وقد سموها كيرامي، وقد كانوا ينتظمون على شكل دائري ويمررون الكرة فيما بينهم بداخل مساحة صغيرة محددة دون أن تلمس الكرة الأرض. اليونان عرف أهل اليونان القدامى كرة القدم وسموها إييسكيروس، وقد كانت تُلعب بكرة صغيرة بين فريقين على ملعب مستطيل أخضر اللون يشبه الملاعب في وقتنا الحالي، ويفصل بين كل فريقين خطوط حدودية، وكان يهدف من اللعب إيصال الكرة المستخدمة إلى ما وراء خطوط القسم عن طريق التقاذف بين اللاعبين، مع السماح للفريقين باستخدام أية وسيلة وحيلة.[1]
بدأت كرة القدم تتطور في أوروبا الحديثة من فترة القرون الوسطىى فصاعدا. في مكان ما في جميع أنحاء القرن التاسع ، كانت المدن بكاملها في إنجلترا تطرح المثانة من معلم إلى آخر. كانت اللعبة تُعتبر في كثير من الأحيان مصدر إزعاج وتم حظرها حتى في بعض فترات تاريخ بريطانيا.تم لعب أشكال مختلفة من ما يعرف الآن باسم "كرة القدم الشعبية". بعض المباريات البريطانية وضعت فريقا شبيها بالأحاسيس ضد بعضهما البعض. يمكن أن تمتد هذه من نهاية واحدة من بلدة إلى أخرى ، مع كل من الفريقين يحاولون الحصول على الكرة في مرمى الخصم. في عام 1848 ، تم تأسيس "قواعد كامبردج" في جامعة كامبريدج. في حين أن هذا سمح للطلاب بالتقدم في الصفوف عندما تخرجوا وأصبحت أندية كرة القدم للكبار أكثر شيوعا ، يمكن للاعبين الاستمرار في التعامل مع الكرة. كان لا يزال هناك الكثير من الطرق في إنتاج لعبة كرة القدم الحديثة التي نراها اليوم.
[2]

 


 

كرة القدم واهداف اخرى:

 

تشير العديد من الدراسات إلى أهمية مبادئ العصر الفيكتوري البريطاني في انتشار الرياضة عامةً وكرة القدم على وجه الخصوص، كانت النظرة آنذاك أن المشاركة في الرياضة يمكن أن تُسهِم في تطوير الأخلاق المسيحية، وكان يُعتَقَد أن مبادئ الفرق الرياضية يمكن أن تُسهِم في «تنمية الرجل المثالي للمسيحية القوية».بدأ تطبيق هذه المبادئ أولًا على مستوى المدارس؛ حيث انتشرت كرة القدم انتشارًا سريعًا، ويشير مؤرخو التاريخ الاقتصادي البريطاني في القرن التاسع عشر إلى ظاهرة مهمة في هذا الصدد، إذ ازداد القلق مع تطور الثورة الصناعية في بريطانيا من تفشّي ظاهرة عمل الأطفال، حيث لعبت المصانع دورًا في جذب الأطفال، مما اعتُبِر تعديًا على طفولتهم، وعُدّ في الوقت نفسه بابًا خلفيًّا للتسرب من التعليم والمدارس، لذلك قرر البرلمان الإنجليزي في ذلك الوقت تطبيق التعليم الإلزامي للأطفال. كما تم التوسع في لعبة كرة القدم بالمدارس، في محاولةٍ لجذب هؤلاء الأطفال إلى التعليم، وعدم تسرّبهم من المدارس، حتى أصبحت ممارسة كرة القدم من الأمور الإلزامية بها، ونُظّمَت المسابقات المحلية لها.[3]

 

 أدت الثورة الصناعية إلى توحُّش الرأسمالية، وبالتالي ظهور نضال الطبقة العاملة في محاولة لتهذيب هذه الرأسمالية، والكفاح من أجل حقوق العمال. ومن هنا لجأت الرأسمالية البريطانية إلى لعبة كرة القدم لمواجهة تذمّر العمال وظاهرة الإضرابات العمالية. ويشرح ميشيل فوكو جيدًا كيف استُخدِمَت اللعبة الجماعية وسيلة لإخضاع «الجسم المنفلت» وتحوّله إلى «جسم منضبط»؛ إذ خفضت المصانع ساعات العمل يوم السبت إلى نصف يوم، على أن يمارس العمال كرة القدم في النصف الآخر من اليوم بالملاعب الملحقة بمصانعهم، وهكذا ظهرت الأندية العمالية التي ستلعب دورًا مهمًا في تاريخ كرة القدم، مثل فريق مصنع ولتش أرسنال للأسلحة، وهو أقدم نادٍ مهنيّ في العالم، وما زال يلعب حتى الآن باسم مانشستر يونايتد، وسيتم تنظيم دوري المصانع، وستنتشر هذه الظاهرة في شتى أنحاء المعمورة.[4]

 


 

كرة القدم والسياسة:

 

لم تقف كرة القدم عند حدود كونها رياضة أو ترفيه أو حتى لاهداف تربوية ودينية عند بعض الشعوب والامم، الا ان دورها تعدى ذلك بكثير حتى باتت سلاح سياسي واداة يستخدمها السياسيين في العديد من المناطق وفي مفاصل تاريخية مهمه.

 

بدأت قصة الارتباط بين الكرة والسياسة مبكرا نتيجة لعدة ظروف ساعدت على ذلك، ففي أوروبا مهده الأول منذ عقد الثلاثينيات شكلت انتصارات المنتخب الإيطالي وفوزه بكأس العالم سنتي 1934 و1938 تجليات الحقبة الزاهرة للدوتشي موسولويني الذي أعاد أمجاد الرومان الغابرة، وهو الخطاب الذي سوقه جهازه الإعلامي الفاشي للجماهير الإيطالية حتى تتناسى مناخ القمع والقهر المخيم على الحياة العامة، كما شكلت العلاقة العشق بين الديكتاتور فرانكو وريال مدريد أبرز قصص تسييس كرة القدم، إذ سخٌر الجنرال الإسباني كل سبل الدعم المادي والمعنوي لتيسير اكتساح ناديه لأوروبا إذ احتكر مسابقة دوري الأبطال في نسخته القديمة لعدة مواسم متتالية خلال حقبة الخمسينات، وساهم ذلك في كسر طوق العزلة المفروضة على نظامه السياسي الذي كان ممقوتا من قبل جيرانه الأوروبيين بفعل سوابقه وعلاقاته مع النازية والفاشية إبان الحرب العالمية الثانية.[5]
تعتبر تجربة كرة القدم في الهند من أهم الأمثلة على ذلك؛ إذ دخلت هذه الرياضة على يد الاستعمار البريطاني عام 1889، لكن سرعان ما تفوّق الهنود على مستعمريهم. ويعتبر عام 1911 من اللحظات المهمة في تاريخ نمو الوعي القومي الهندي، إذ فاز فريق موهين باجان الهندي على فريق شرق يوركشاير التابع للجيش البريطاني، وحصل على درع اتحاد الهند لكرة القدم، وكانت هذه المباراة مدعومة بالنزعة القومية، إذ حضرها حوالي مئة ألف متفرج، وفي صبيحة اليوم التالي على هذا الانتصار كتبت صحيفة بنجال - وهي واحدة من أشهر الصحف الهندية آنذاك - «يجب أن يملأ كل هندي الفخر والفرح، ويجب أن نعرف أن آكلي الأرز ومرضى الملاريا البنجاليين (الهنود) حققوا نصرًا مميزًا على الرياضة الإنجليزية، فقد كانوا أفضل من آكلي اللحوم الهيراكليين مرتدي حذاء جون بيل، (تقصد البريطانيين)».
[6]

 

على المنوال نفسه صار الجنرال بينو تشي في التشيلي الذي جاء إلى السلطة عبر انقلاب دموي راح ضحيته آلاف من التشيليين، فلقد استثمر مشاركة بلاده في كأس العالم 1974 كنوع من مساحيق التجميل لإخفاء الصورة القبيحة عن الوضع الحقوقي والإنساني المتردي، وتكرر نفس الوضع مع الأنظمة العسكرية في الأرجنتين في كأس العالم 1978 والبرازيل خلال الثمانينات مرورا بالديكتوريات في أفريقيا والأنظمة السلطوية بالعالم العربي، تكرار حالات تسييس كرة القدم يكشف طبيعة المقاصد السلطوية فهي تُوظف إما لإستمالة كتل الجماهير الرياضية وكسب ودها في المعارك الانتخابية وإما لإظهار إنجازات السلطة السياسية واستعراض نزعتها الوطنية.وفي حالات أخرى وُظفت كإحدى أدوات الصراع السياسي بين الدول، ولا تزال الأحداث التي صاحبت مباراة الجزائر ومصر إبان تصفيات كأس العالم سنة 2010 ماثلة أمام الأعين، والتي بلغت ذروتها بعد خطاب الرئيس المخلوع حسني مبارك بأنه لن يقبل إهانة وإذلال المصريين، والواقع أن ذلك كان نتاج لتراكمات سياسية أججها الصراع بين البلدين لتأكيد مكانتهم كقوى مؤثرة، فما كان إلا أن تحولت كرة القدم إلى ميدان لتصريفها.[7]

 

كرة القدم والازمة الخليجية:

 

في العصر الحديث وفي منطقتنا العربية كانت الازمة الخليجية بين قطر وكل من الامارات والسعودية والبحرين عام 2017 أحد الامثلة الواضحه على تسييس كرة القدم، حيث سعت دول الحصار لسحب ملف تنظيم كاس العالم 2022 في قطر، و وجهت دول الحصار العديد من التهم لقطر لاعاقة تنظيم كأس العالم ووصل الامر لطرح ابو ظبي فكرة مشاركة الدوحه في تنظيم كاس العالم.

 


 

كرة القدم والحرب الروسية – الاوكرانية:

 

أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) عن إقصاء روسيا من المشاركة في كأس العالم المقررة في قطر، وإيقاف كل المنتخبات الروسية الوطنية وأنديتها "حتى إشعار آخر"، ردا على الحرب التي تشنها موسكو ضد  اوكرانيا ، كما قرر الاتحاد الأوروبي لكرة القدم حرمان جميع الأندية الروسية للرجال والسيدات ولجميع الفئات العمرية من المشاركة في المسابقات الأوروبية في الموسم الكروي.

 


 

القضية الفلسطينية وكرة القدم:

 

لم تغب فلسطين وقضيتها عن ملاعب كرة القدم بشكل خاص وعن الرياضة بشكل عام، اذ باتت ملاعب كرة القدم مسرحا للتضامن مع القضية الفلسطينية والفلسطينيين، وباتت هتافات الجماهير في ملاعب الكرة احد مقاييس التضامن والتفاعل مع فلسطين، وسارع عشرات اللاعبين بالتعبير عن موقفهم من القضيه الفلسطينية من خلال ملابسهم او حركاتهم في الملاعب.

 

يعتبر الاتحاد الفلسطيني الذي تأسس عام 1928، من أوائل الاتحادات العربية والآسيوية التي شاركت، لمرتين متتاليتين، في تصفيات كأس العالم عام 1934 و1938، وهو أكثر الاتحادات نشاطاً وحيوية، ونجح رغم الصعوبات الكبيرة التي ما زالت تعترض طريقه، في تنظيم ست مسابقات لبطولتي الدوري والكأس لأندية الضفة الغربية وقطاع غزة.وانضمت فلسطين رسمياً، للاتحاد الدولي لكرة القدم عام 1929، وشاركت في تصفيات كأس العالم، الذي أقيم في إيطاليا سنة 1934، وكانت نتيجة مباراتي فلسطين أمام مصر، هما الفاصلتان في الوصول إلى نهائيات مونديال إيطاليا 1934. وقد خسرت فلسطين مباراتيها أمام مصر في القدس والقاهرة، وتأهلت مصر إلى النهائيات. وشاركت فلسطين في تصفيات كأس العالم 1938، وفي ضوء ذلك كان المنتخب الوطني الفلسطيني لكرة القدم، أول منتخب عربي آسيوي يشارك في تصفيات كأس العالم.

 

أدركت الحركة الصهيونية منذ تأسيسها، أن عليها العمل مع القطاعات كافة، بما فيها الشباب. فأسس في ألمانيا أول نادٍ يهودي للألعاب البدنية عام 1898، تحت اسم «بار كوخبا». وفي عام 1903، أقامت الحركة الصهيونية حركة النوادي الرياضية البدنية.ومع بداية الهجرات الكبرى في أواسط العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي، بدأت تتأسس النوادي والاتحادات المصبوغة آيديولوجيّاً. ويعود إلى سنة 1928 تأسيس الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم، الذي نشط ضمن إطار ألعاب «فيفا». في سنة 1929 حاول ممثلو الاتحاد الإسرائيلي إقامة منتخب وطني من أجل المشاركة في ألعاب المونديال الأولى، التي أُقيمت في الأوروغواي سنة 1930، لكن سلطات الانتداب البريطاني، التي سيطرت على البلاد، قاطعت، في ذلك الوقت، منظمة «فيفا» التي تأسست من قِبل فرنسا؛ لذلك لم يتمكن المنتخب من المشاركة في المونديال.[8]

 

بسبب الاحتلال توقفت الرياضة بشكل كامل في فلسطين حتى عام 1973، عندما بدأت الفرق الفلسطينية التي تكونت خارج البلاد في العودة للملاعب تحت رعاية المجلس الفلسطيني الأعلى للشباب.

 

في عام 1994 ومع عودة السلطة الوطنية الفلسطينية، بدأ إعادة إنشاء الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم ومحاولة عودة عضويته للاتحادين الآسيوي والدولي مرة أخرى، وهو ما تحقق في عام 1998، حينما اعترف فيفا بالاتحاد الفلسطيني لكرة القدم المستقل الجديد، والذي يحمل هوية فلسطين ويحمل اسم الدولة التاريخي دوليا حول العالم.وفي نفس العام انتظمت المسابقات الرسمية الفلسطينية وعادت الأندية والمنتخبات للمشاركة في البطولات القارية مرة أخرى، وكانت المشاركة القارية الأولى في تصفيات كأس العرب والتي أقيمت في لبنان.وشارك منتخب فلسطين في الدورة العربية التي أقيمت في الأردن عام 1999 وتمكن من الحصول على الميدالية البرونزية، في أفضل مشاركاته بكأس العرب.[9]

 


 

الانتهاكات "الاسرائيلية" بحق كرة القدم الفلسطينية: 

 

 

 
  • لم تموّل الحكومة الإسرائيلية بناء وتجهيز أي ملعب للفرق العربية. وقد ربطت وزيرة الثقافة والرياضة ميري ريجف، بين الحصول على الدعم وبين قبول يهودية الدولة. وطالبت فريق أبناء سخنين بإلغاء كل المظاهر العربية ورفْع العلم الإسرائيلي فوق أسوار النادي، من أجل الحصول على الدعم، علماً بأن كل الاتحادات الرياضية اليهودية،سواء المكابي أو البيتار أو هبوعيل، يُسمح لها بتأكيد الهوية الخاصة بها، والحفاظ عليها.
  • استهداف اللاعبين الفلسطينيين من خلال الاعتقال أو القتل أو المنع من السفر والمشاركة في البطولات الرياضية.
  • استهداف الملاعب الفلسطينية من خلال القصف والتدمير.
  • تشكيل فرق "اسرائيليه" تمثل المستوطنات واقامة ملاعب كرة قدم في المستوطنات التي يعتبر وجودها مخالف للقانون الدولي.
  • إعاقة "تنقلات الأندية واللاعبين بين غزة والضفة.
  • معيقات البنى التحتية وتأخير تنفيذ المشاريع الرياضية.
 


 

كيف لكرة القدم ان تساهم في ابراز القضية الفلسطينية:

 

يمكن ان تساهم الرياضة بشكل عام، وكرة القدم بشكل خاص في ابراز عدالة القضية الفلسطينية، بل ومخاطبة العالم اجمع بلغة جديده لغة الرياضة، وتحويل ملاعب كرة القدم الى ميادين ومسارح لابراز الحق الفلسطيني و الحديث عن الجرائم المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني.

 

مطلوب تبني اللاعبين –وخاصة المؤثرين-  للقضية الفلسطينية والحديث عنها ورفع شعارات ترمز لفلسطين وقضيتها.

 

ان تقوم الجماهير العربية والاسلامية بالتضامن مع القضية الفلسطينية وخاصة في المباريات الدولية من خلال رفع اعلام فلسطين وتكثيف الصيحات المتضامنه مع القضية.