على مدى عقدين الزمن, عاثوا في البلاد فسادا, اختلقوا دستورا يكرس الطائفية السياسية, ابتدعوا الكتلة الاكبر بعد ظهور النتائج, ليس ذلك فحسب بل عمدوا الى اشراك الجميع في منظومة الحكم لئلا تكون هناك مراقبة او محاسبة , ينخرون جسد الوطن, اتوا على ايراداته افقروا الشعب, غالبيته تعيش تحت خط الفقر رغم تصدير اكثر من خمسة ملايين برميل من النفط يوميا.

انتفاضة تشرين ضد الفساد لم تؤت اكلها,للاسف الجماهير الّهت بعض الزعماء, انتخابات العام الماضي التي اجريت قبل موعدها لكن من يسمون انفسهم بالمستقلين والعابرين للطوائف لم يكن عددهم بالكم الذي يسمح لهم بإحداث شرخ في جدار السلطة, فقرر هؤلاء الالتحاق بالركب الفاسد علهم يتحصلون على بعض المكاسب.

التيار الصدري ومن معه ارادوها فئة تحكم واخرى تعارض لتستقيم الامور,لكن جهابذة الحكم رفضوا ذلك وارادوا الاستمرار في نفس النهج ,الصدريون لم يؤمنوا النصاب اللازم لاختيار الرئيس, كان عليهم افساح المجال للأخرين ليحكموا ويبقوا هم في المعارضة, انسحابهم من البرلمان تم تعويضه بالكتل الاخرى واصبحت لهم الاغلبية ومن حقهم تشكيل الحكومة واختيار الرئيس وفق الاطر الدستورية.

لكن ما اقدم عليه الصدريون ومن معهم من احتلال مبنى البرلمان يعد عملا شعبويا مخالفا للوائح والنظم المعمول بها في كافة انحاء العالم, انه تصرفا مستهجنا(عليّ وعلى اعدائي) لن يوصل الى نتيجة بل يساهم في تفاقم الازمة , ليس للتيار الصدري حق الاعتراض على شخص رئيس الحكومة المرتقب حتى وان كان ممثلا بالبرلمان ناهيك عن خروجه من البرلمان.

المؤكد انهم(الصدريون) يريدون استمرار الكاظمي في الحكم لفترة انتقالية وحل البرلمان والدعوة الى انتخابات برلمانية مبكرة, انها مجرد عملية تدوير لمنظومة الحكم القائمة, فلن يستطيع أي مكون سياسي ان ينال الاغلبية التي تؤهله لتشكيل حكومة بمفرده.

في ظل الوضع القائم تنتهك سيادة العراق من قبل تركيا من خلال اقامة سدود اجحفت بحق العراق في مياه النهرين, حيث قل منسوب المياه ببعض المناطق, إضافة الى الانتهاك المستمر لشمال العراق بحجة وجود مناوئين لنظام اردوغان, ساسة العراق لم يحركوا ساكنا وفي افضل الاحوال يكتفون بعبارات الشجب والاستنكار والتنديد لانهم مشغولون بتحقيق مصالحهم الشخصية. لاتزال هناك قواعد امريكية تعتبر انتهاكا لسيادة العراق, هل العراق في حاجة الى اتفاق امني واستخباراتي مع الامريكان بشان القضاء على تنظيم داعش؟ساسة وشعب العراق يدركون ان امريكا هي من اسست تنظيم داعش لتدمير المنطقة واذلال شعوبها ,على عهد النظام السابق الذي يصفونه بالديكتاتوري لم يكن لداعش أي وجود على كامل التراب العراقي, ولم يستطع الاتراك سلب العراق نصيبه من مياه دجلة والفرات ولم تتشجع أي من دول الجوار على انتهاك حرمته.

لقد جرب العراقيون النظام البرلماني الممزوج بالطائفية السياسية على مدى عقدين من الزمن, والنتيجة انها كارثية بكل المقاييس, اعتقد انه صار لزاما على الخيرين من ابناء الوطن كتابة دستور جديد بعيدا عن المحاصصة الطائفية والمذهبية, واستحداث نظام رئاسي بمهل محددة (فترات رئاسيتان مثلا)لتبديد مخاوف العودة الى نظام الحكم الشمولي.

ميلاد عمر المزوغي